الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ طَرِيقِ الحُكْمِ وَصِفَتِهِ
إذا حضرَ إليه خَصْمانِ قال: أيُّكما المدَّعِي، فإن سَكَتَ حتى يُبْدأَ جازَ، فمن سبقَ بالدَّعْوَى قَدَّمَه، فإن أقرَّ له حَكَمَ له عليه، وإن أنكرَ قال للمدَّعِي: إن كان لك بينةٌ فأَحْضِرْها إن شئتَ، فإن أحْضَرَها سَمِعَها وحَكَمَ بها، ولا يَحْكُم بعِلْمِه، وإن قال المُدَّعِي: ما لي بَيِّنةٌ، أَعْلَمَهُ الحاكمُ أنَّ له اليَمِينَ على خَصْمِهِ على صِفَةِ جوابِه، فإن سألَ إِحْلافَه أَحْلَفَهُ وخَلَّى سبيله.
ولا يُعْتَدُّ بيمينه قبلَ مسألةِ المُدَّعِي، وإن نَكَلَ قَضَى عليه، فيقول إن حَلَفْتَ وإلا قَضَيْتُ عليك، فإن لم يَحْلِفْ قَضَى عليه، فإن حَلَفَ المُنْكِرُ ثم أَحْضَرَ المُدَّعِي بينةً حَكَمَ بها، ولم تكن اليمينُ مُزيلةً للحقِّ (*).
ــ
= الحَدِّ بعد سَمَاعِ الاعترافِ، أو يُخَرَّجُ على المراسَلَةِ من الحاكمِ إلى الحاكمِ، وفيه روايتان فيُنْظِرُ في قضيتِه خبيراً.
قال أبو العباس: فما وجدتُ إلا واحداً، ثم وجدتُ هذا منصوصاً عن الإمام أحمد في روايةِ أبي طالب فإنه نصَّ فيها على أنه إذا أقام بينةً بالعَيْنِ المُودَعةِ عند رجلٍ سُلِّمتْ إليه وقَضَى على الغائبِ، قال: ومن قال بغير هذا يقولُ له أن ينتظرَ بِقَدرِ ما يَذهبُ الكتابُ ويَجيءُ، فإن جاء وإلا أخذ الغُلامُ المُودَعَ، وكلامُه محتمِل تخييرَ الحاكِمِ بين أن يَقْضِي على الغائبِ وبين أن يكاتبَه في الجواب ا. هـ.
(*) قال في المقنع: ولا خلافَ في أنه يجوزُ له الحكمُ بالإقرارِ والبيِّنَةِ في مَجْلسِه إذا سمعَه معه شاهدانِ، فإن لم يَسَمعْهُ معه أحدٌ أو سَمِعَهُ معه شاهدٌ واحدٌ فله الحكمُ به، نصَّ عليه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وقال القاضي: لا يحكُم به وليس له الحُكْمُ بعلمِه مما رآه وسَمِعَه، نصَّ عليه، وهو اختيارُ الأصحابِ؛ وعنه ما يدلُّ على جوازِ ذلك، سواء كان في حَدٍّ أو غيرِه اهـ.
وقال البخاري: باب من رأى للقاضي أن يَحْكُمَ بِعِلْمِه في أَمْرٍ للناسِ إذا لم يَخَفِ الظُّنونَ والتُّهمةَ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند: (خُذي ما يَكْفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ)(1)، وذلك إذا كان أمراً مشهوراً ا. هـ.
قال في الاختيارات: وإذا كان المُدَّعَى به مما يعلم المدَّعَى عليه فقط مثل أن يَدَّعِيَ الورثةُ أو الوصِيُّ على غريمٍ للميتِ فيزكي قَضَى عليه بالنُّكولِ؛ وإن كان مما يَعْلَمُه المُدَّعِي كالدَّعْوَى على ورثةِ ميتِ حقاً عليه يتعلقُ بِتَركتِه وطلبَ من المدَّعي اليمينَ على الإثباتِ، فإن لم يَحْلِفْ لم يَأْخُذْ، وإن كان كلٌّ منهما يدَّعي العِلْمَ أو طَلَبَ من المطلوبِ اليمينَ على نَفْيِ العِلْمِ فهنا يتوجَّه القولان، والقولُ بالردِّ أرجحُ، وأصلُه أن اليمينَ تُرَدُّ على جهةِ أقوى المُتداعِيَيْنِ المُتَجَاحِدَينِ إلى أن قال: للحاكِمِ أن يُحَلِّفَ المُدَّعي عند الرِّيبَةِ فَعَلَهُ في كلِّ شهادةٍ، وكذلك تغليظُ اليمينِ للحاكمِ أن يفعلَه عند الحاجةِ انتهى. مُلخَّصاً.
وقال أيضاً: ويجبُ أن يُفرِّقَ بين فِسْقِ المُدَّعَى عليه وعَدالتِه، فليس كلُّ مُدَّعَى عليه يُرْضَى منه باليمينِ، ولا كلُّ مُدَّعٍ يطالَبُ بالبينةِ، فإن المُدَّعَى به إذا كان كبيراً والمطلوبُ لا تُعْلَمُ عدالتُه، فمن استحلَّ أن يَقْتُلَ أو يَسْرِقَ استحلَّ أن يَحْلِفَ، لا سيَّما عند خوفِ القَتْلِ أو القَطْعِ، ويرجحُ باليدِ العُرْفيَّة إذا استويا في الخشيةِ أو عَدَمِها، وإن كانت العَيْنُ بيدِ أحدِهما فمن شاهد الحال معه كان ذلك لَوْثاً فيَحْكمُ له =
(1) أخرجه البخاري 3/ 103 في: باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون
…
، من كتاب البيوع، وفي 7/ 85 في: باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، من كتاب النفقات، ومسلم 3/ 1338، 1339 في: باب قضية هند، من كتاب الأقضية.