الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب القسمة
لا تجوزُ قِسْمَةُ الأملاك التي لا تَنْقَسِمُ إلا بضررٍ، أو رَدِّ عِوَضٍ إلا بِرِضَا الشُّركاءِ كالدُّورِ الصِّغارِ، والحَمَّامِ والطَّاحُونِ الصَّغيرين، والأرضِ التي لا تتعدَّل بأجزاء، ولا قيمةَ لبناءٍ أو بئرٍ في بعضها، فهذه القِسْمةُ في حُكْمِ البيع، ولا يُجْبَرُ من امتنع من قِسْمَتِها.
وأما ما لا ضررَ ولا ردَّ عِوَضٍ في قِسْمَتِه كالقرية، والبستانِ، والدارِ الكبيرةِ، والأرضِ، والدكاكينِ الواسعةِ، والمكيلِ والموزونِ من جنسٍ واحدٍ كالأدهانِ، والألبانِ ونحوهما، إذا طلبَ الشريكُ قِسْمَتَها أُجبر الآخرُ عليها، وهذه القسمةُ إفرازٌ لا بيعٌ.
ــ
= بينهم الكلامُ، ويؤخذ منه أن مجردَ الدعْوَى لا توجبُ إحضارَ المدَّعَى عليه، لأن في إحضارِه مَشْغَلَةً عن أشغالِه وتضييعاً لمالِه من غير مُوجِبٍ ثابتٍ لذلك، أما لو ظَهَرَ ما يُقَوِّي الدَّعْوَى من شُبهةٍ ظاهرةٍ، فهل يسوغ استحضارُ الخصم أو لا؟ محلُّ نَظَرٍ، والراجحُ أن ذلك يَخْتلفُ بالقُرْبِ والبَعْدِ وشدةِ الضَّرَرِ وخِفَّتِهِ، وفيه الاكتفاءُ بالمكاتبةِ وَبِخَبَرِ الواحدِ مع إمكانِ المشافهة اهـ.
وقال في الاختيارات في كتاب الإقرار: والتحقيقُ أن يُقالَ: إنَّ المُخبِر إنْ أَخْبَرَ بما على نفسِه، فهو مُقِرٌ، وإنْ أَخبرَ بما على غيرِه لنفسِه، فهو مُدَّعٍ، وإن أخبرَ بما على غيره لغيره، فإنْ كان مُؤْتَمناً عليه، فهو مُخْبِرٌ وإلا فهو شاهد، فالقاضي والوكيلُ والكاتبُ والوصيُّ والمأذونُ له، كلُّ هؤلاء ما أَدَّوهُ مُؤْتَمَنُونَ عليه، فإخبارُهم بعد العَزْلِ ليس إقراراً، وإنما هو خبرٌ مَحْضٌ اهـ.
ويجوز للشركاءِ أن يتقاسَموا بأنفسِهم وبقاسمٍ يُنصِّبونه أو يسألوا الحاكِمَ نَصْبَهُ، وأُجْرَتُهُ على قدرِ الأملاكِ، فإذا اقتسَمُوا أو اقْتَرعُوا لَزِمَتِ القِسْمَةُ، وكيف اقتَرَعُوا جازَ (*).
ــ
(*) قال في الاختيارات (1): وما لا يمكن قِسْمةُ عينِه إذا طَلبَ أحدُ الشركاءِ بَيْعَه بِيْعَ وقُسِمَ ثمنُه، وهذا هو المذهبُ المنصوصُ عن أحمدَ في رواية الميموني، وذكره الأكثرون من الأصحاب، وقد نصَّ أحمدُ على بيعِ الشائعةِ في الوقفِ والاعتياضِ عنها، ومن تأمَّل الضَّرَر الناشيءَ من الاشتراكِ في الأموالِ الموقوفةِ لمْ يخْفَ عليه هذا. ولو طَلَبَ أحدُ الشريكين الإجارةَ أُجبر الآخر معه، ذكره الأصحابُ في الوقف، ولو طلبَ أحدُهما العُلُوَّ لم يُجَبْ، بل يُكْرَى عليهما على مذهب جماهير العلماء، كأبي حنيفة ومالك وأحمد، وإذا طَلَبَ أحدُ الشركاءِ القسمةَ فيما يُقسم لزم الحاكمَ إجابتُه، ولو لم يَثْبُتْ عنده مِلْكُهُ كبيعِ المرهون والجاني، وكلامُ أحمد في بيع ما لا ينقسمُ وقَسْمُ ثَمنِه عامٌّ فيما يَثْبُتُ عنده أنه مِلْكُه وما لا يَثْبُتُ، وقد نصَّ أحمدُ في روايةِ حَرْبٍ فيمن أقامَ بيِّنةً بسهمٍ من ضيعةٍ بيدِ قومٍ بعداء منه [فهربوا منه] تُقسَمُ عليهم ويُدْفَعُ إليه حَقُّه، فقد أَمَرَ الإمامُ أحمدُ الحاكمَ أن يَقْسِمَ على الغائبِ إذا طَلَبَ الحاضرُ، وإن لم يَثْبُتْ مُلْكُ الغائبِ اهـ ملخصاً.
قال في المقنع: وهذه القسمةُ إفرازُ حَقِّ أحدِهما من الآخرِ في ظاهرِ المذهب وليست بيعاً فتجوزُ قِسْمَةُ الوَقْفِ، وإن كان نصفُ العَقَارِ طلقاً ونصفُه وقفاً جازت قسمتُه، وتجوز قسمةُ الثمارِ خصوصاً، وقسمةُ ما يُكال وزناً وما يُوزَنُ كَيْلاً، والتفرقُ في قِسْمةِ ذلك قبلَ القَبْضِ اهـ. =
(1) ص 597، 598، 600، 601.