الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الذكاة
لا يباحُ شيءٌ من الحيوانِ المقدورِ عليه بغيرِ ذكاةٍ (1)، إلا الجرادَ والسمكَ وكلَّ ما لا يعيشُ إلا في الماء.
ويُشترطُ للذكاةِ أربعةُ شروط:
أهليَّةُ المُذكِّي: بأن يكون عاقلاً مسلماً أو كتابياً ولو مراهِقاً (*)، أو امرأةٌ أو أقلفَ أو أعمىَ، ولا تباحُ ذكاةُ سَكْرانٍ ومجنونٍ ووثَنِيٍّ ومَجوسِيٍّ ومُرتَدٍّ.
ــ
= سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليلةُ الضيفِ واجبةٌ على كل مسلم، فإن أصبح بِفِنَائِه محروماً كان دَيْناً له عليه إن شاء اقتضاه وإن شاء تَرَكه)(2).
(*) قوله: "ولو مراهِقَاً"، قال في المقنع: ولا تباح ذكاةُ مجنونٍ ولا سَكْران ولا طفلٍ غير مُميِّزٍ. قال في الاختيارات: والقولُ بأن أهلَ الكتابِ المذكورينَ في القرآنِ هم: مَنْ كان أبوه أو أجدادُه في ذلك الدِّين قبل النَّسخِ والتبديلِ، قولٌ ضعيفٌ بل المقطوعُ به بأنَّ كونَ الرجلِ كتابياً أو غير كتابيٍ، هو حكمٌ يستفيده بنفسِه لا بنَسبِه، فكل من تَدَيَّنَ بدينِ أهلِ الكتابِ فهو منهم، سواءٌ كان أبوه أو جدُّه قد دخل في دينهم أو لم يَدخلْ، وسواءٌ كان دخولُه بعد النَّسخِ أو التبديلِ أو قبل ذلك، وهو المنصوصُ الصريحُ عن أحمد، وإن كان بين أصحابه خلافٌ معروف، وهو الثابتُ بين الصحابةِ بلا نزاعٍ بينهم، وذكر الطَّحاوي أن هذا إجماعٌ قديم، والمأخذُ الصحيحُ المنصوصُ عن أحمد في تَحريمِ ذبائحِ بني تغلب أنهم لم يتديَّنوا بدِينِ أهل الكتابِ في =
(1) يقال ذكَّى الشاة تذكية، أي ذبحها، فهي ذبح أو نحر الحيوان المأكول البري بقطع حلقومه ومريئه.
(2)
أخرجه أبو داود في: باب ما جاء في الضيافة، من كتاب الأطعمة بسنن أبي داود 2/ 308، والإمام أحمد في المسند 4/ 130، 132، 133.
الثاني: الآلةُ، فتباحُ الذَّكاةُ بكلِّ مُحدَّدٍ ولو كان مغصوباً من حديدٍ وحجرٍ وقَصَبٍ وغيره، إلا السِّنَّ والظُّفْرَ.
الثالث: قَطْعُ الحُلقومِ والمَرِيء (*)، فإن أبانَ الرَّأْسَ بالذَّبْحِ لم يحرمِ المذبوحُ.
ــ
= واجباتِهم ومحظوراتِهم، بل أخذوا منهم حِلَّ المُحرَّماتِ فقط، ولهذا قال عليٌّ: إنهم لم يتمسَّكُوا من دِيْنِ أهلِ الكتابِ إلا بشُربِ الخَمْرِ، إلا أنا لم نعلم أن آباءَهم دخلوا في دينِ أهلِ الكتابِ قبل النَّسْخِ والتبديلِ، فإذا شكَكْنا فيهم هل كان أجدادُهم من أهل الكتاب أم لا؟ فأخذنا باحتياطٍ فَحَقنَّا دماءَهم بالجِزْيةِ، وحرَّمنا ذبيحتَهم ونساءَهم احتياطياً، وهذا مأخذُ الشافعيِّ وبعضِ أصحابِنا -إلى أن قال: ويحرمُ ما ذبَحه الكِتابيُّ لِعِيْدِه أو ليتقرَّبَ به إلى شيءٍ يُعَظِّمه، وهو روايةٌ عن أحمد. انتهى.
(*) قوله: "الثالث قَطْعُ الحُلْقومِ والمَرِيء"، قال في المقنع: وعنه يُشترط مع ذلك قَطْعُ الوَدجَين، وإن نَحَره أَجْزأَه، وهو أن يَطْعنَهُ بمحدِّدٍ في لُبَّتِه، والمُستَحبُّ أن ينحرَ البعيرَ ويذبحَ ما سواه اهـ.
قال في الاختيارات: وتقطعُ الحلقومُ والمريءُ والوَدَجان؛ والأقوى أنَّ قَطْعَ ثلاثةٍ من الأربعِ يُبيح، سواء كان فيها الحلقومُ أو لم يكن، فإنَّ قَطْعَ الوَدَجَيْنِ أبلغُ من قطعِ الحقلومِ وأبلغُ في إنْهارِ الدمِ ا. هـ.
قال في الشرح الكبير: وإن لم يعلم أسَمَّى الذابحُ أم لا أو ذَكَرَ اسمَ غيرِ اللهِ أوْ لا؟ فذبيحتُه حلالٌ، لأن الله تعالى أباحَ لنا كل ما ذبحَهُ المسلمُ والكِتَابِيُّ، وقد علمَ أننا لا نقفُ على كلِّ ذابِحٍ، وقد رُوي عن عائشةَ أنهم قالوا: يا رسول الله، إن قوماً =
وذكاةُ ما عجز عنه من الصَّيدِ والنَعَمِ المُتوحشةِ والواقعةِ في بئرٍ ونحوها يجرحِه في أيِّ موضعٍ كان من بَدَنِه، إلَّا أن يكونَ رأسُه في الماءِ ونحوه فلا يباحُ.
الرابع: أن يقول عند الذَّبْحِ: بسم الله لا يُجزِئُه غيرُها، فإن تَركها سهواً أُبيحتْ لا عمداً.
ويكره أن يَذبحَ بآلةٍ كالَّةٍ، وأن يحدَّها والحيوانُ يبصرُه، وأن يُوجهَهُ إلى غير القبلةِ، وأن يَكْسرَ عُنقه أو يسلخَه قبل أن يَبْرُدَ.
ــ
= حَديثُوا عهدٍ بِشِرْكٍ يأتونَنا بِلَحْمٍ لا نَدْرِي أَذكرُوا اسمَ الله [عليه] أم لم يَذكُروا؟ قال: "سَمُّوا أنتم وكُلُوا". أخرجه البخاري (1).
(1) في: باب من لم ير الوساوس ونحوها من المشبهات، من كتاب البيوع، وفي باب ذبيحة الأعراب ونحوها، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخاري 3/ 71، 7/ 120.