الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: دلالات السورة على توحيد العبادة
المبحث الأول: تعريف توحيد العبادة
…
المبحث الأول: تعريف توحيد العبادة
هو إفراد الله ـ تعالى ـ بأفعال عباده التي تعبدهم بها كالنحر، والنذر، والدعاء والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والإنابة، والخشوع والخشية والإستعاذة، والإستعانة، والإستغاثة وغير ذلك من أنواع العبادة التي شرعها الله وأمر بها عباده1.
ومعناه: بعبارة أخرى: أن يعتقد الإنسان الإعتقاد الجازم بأن الله ـ سبحانه ـ هو الإله الحق، ولا إله غيره، وإفراده ـ سبحانه ـ بالعبادة وبيان ذلك أن الإله هو المألوه2 أي المعبود. والعبادة في اللغة هي الإنقياد والتذلل، والخضوع يقال: طريق معبد أي: مذلل3 وقد عرفها بعض أهل العلم "بأنها كمال الحب مع كمال الخضوع والخوف"4.
قال العلامة ابن القيم:
وعبادة الرحمن غاية حبه
…
مع ذل عابده هما قطبان
بالأمر قال الله قال رسوله
…
لا بالهوى والنفس والشيطان5
فلا بد في عبادة الله من أن يجتمع الأمران، فلا يكفي أحدهما في عبادته، بل يجب
1- انظر الحسنة والسيئة لشيخ الإسلام ابن تيمية ص126، مجموعة التوحيد لشيخ الإسلام والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهما: الرسالة الأولى ص4، تيسير العزيز الحميد ص20، كشف الشبهات ضمن مجموعة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره ص217، تطهير الإعتقاد ص9، الدين الخالص 1/62، شرح الطحاوية ص76، لوامع الأنوار البهية 1/129.
2-
القاموس المحيط: 4/282، مختار الصحاح ص22، المصباح المنير 1/19.
3-
مختار الصحاح ص408، المخصص لابن سيده 13/96، لسان العرب 3/271، النهاية 3/170.
4-
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/76.
5-
القصيدة النونية مع شرحها توضيح المقاصد وتصحيح القواعد 1/253.
على الإنسان، أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء، بل لا يستحق المحبة، والذل التام إلا الله وكل ما أحب لغير الله فمحبته فاسدة، وما عظم بغير أمر الله فتعظيمه باطل1.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تعريفه الشامل لمعنى العبادة:
"العبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة، والظاهرة، فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان للجار اليتيم والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله، والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضاء بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك هي من العبادة لله" اهـ2.
ومن هذا التعريف الجامع لمعنى العبادة التي هي حق الله على عباده يتبين أنه لا بد للعبادة من أمرين:
الأمر الأول: هو أن يلتزم العبد بما أمر الله به ودعت إليه رسل الله الكرام عليهم الصلاة والسلام بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، وبهذا الأمر يكون معنى العبادة الطاعة والخضوع إذ الذي لا يستسلم لأمر الله ويحرم ما حرم الله فلا يكون عبداً ولا عابداً لله ـ تعالى ـ.
الأمر الثاني: أن يكون هذا الإلتزام صادراً عن قلب ممتلئ بمحبة ـ الباري سبحانه ـ إذ أنه ليس في هذا الوجود من يستحق المحبة الكاملة إلا الله ـ جل وعلا ـ لأنه ـ سبحانه ـ هو الذي خلق الإنسان ولم يكن شيئاً مذكوراً وسخر له ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه وأسبغ عليه النعم الظاهرة والباطنة وتوحيد الإلهية أساسه إخلاص العبادة لله وحده في باطنها وظاهرها بحيث لا يكون شيء منها لغيره ـ سبحانه ـ فيجب على المرء أن يخلص لله جميع أنواع العبادة من المحبة، والخوف، والرجاء، والدعاء، والتوكل، والطاعة، والتذلل، والخضوع، وأن يتوجه بها لله وحده دون سواه.
1- العبودية لشيخ الإسلام ص44.
2-
المصدر السابق ص 38.