المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السابع: انقسام العبودية إلى عامة وخاصة - مباحث العقيدة في سورة الزمر

[ناصر بن علي عائض حسن الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: دلالة السورة على الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: دلالة السورة على توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: تعريف توحيد الأسماء والصفات

- ‌المبحث الثاني: إثبات صفة العلو والفوقية

- ‌المبحث الثالث: القرآن كلام الله منزل غير مخلوق

- ‌المبحث الرابع: إثبات صفة العزة

- ‌المبحث الخامس: إثبات صفة الحكمة

- ‌المبحث السادس: تنزيه الله تعالى من نسبة الولد إليه

- ‌المبحث السابع: إثبات صفتي الوحدانية والقهر

- ‌المبحث الثامن: إثبات صفتي الرحمة والمغفرة

- ‌المبحث التاسع: إثبات صفة الغنى لله تعالى

- ‌المبحث العاشر: إثبات صفة الرضا

- ‌المبحث الحادي عشر: إثبات صفة العلم

- ‌المبحث الثاني عشر: بيان معنى اسمه تعالى "الوكيل

- ‌المبحث الثالث عشر: إثبات صفة اليدين

- ‌الفصل الثاني: دلالات السورة على توحيد العبادة

- ‌المبحث الأول: تعريف توحيد العبادة

- ‌المبحث الثاني: وجوب إفراد الله تعالى بتوحيد العبادة

- ‌المبحث الثالث: أهمية الإخلاص في توحيد العبادة

- ‌المبحث الرابع: عبودية الدعاء

- ‌المبحث الخامس: عبودية الخوف

- ‌المبحث السادس: عبودية الرجاء

- ‌المبحث السابع: انقسام العبودية إلى عامة وخاصة

- ‌المبحث الثامن: الإسلام دين جميع الأنبياء والرسل

- ‌المبحث التاسع: بيان الطاغوت الذي أوجب الله على عباده أن يجتنبوه

- ‌المبحث العاشر: عبودية الإنابة

- ‌المبحث الحادي عشر: عبودية التوكل

- ‌المبحث الثاني عشر: الشفاعة نوعان: منفية ومثبتة

- ‌المبحث الثالث عشر: الرسل بعثوا للدعوة إلى توحيد الله بتوحيد العبادة

- ‌الفصل الثالث: دلالة السورة على توحيد الربوبية

- ‌المبحث الأول: تعريف توحيد الربوبية

- ‌المبحث الثاني: دلائل توحيد الربوبية من السورة

- ‌المبحث الثالث: إقرار المشركين الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم بوجود الله

- ‌المبحث الرابع: الإقرار بتوحيد الربوبية يستلزم الإقرار بتوحيد الألوهية

- ‌الفصل الرابع: ما جاء في السورة بشأن الشرك

- ‌المبحث الأول: تعريف الشرك في اللغة والإصطلاح

- ‌المبحث الثاني: أنواع الشرك

- ‌المبحث الثالث: أصل الشرك في بني الإنسان

- ‌المبحث الرابع: ذم الإنسان على جعله أنداداً لله تعالى

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المشرك والموحد

- ‌المبحث السادس: التحذير من الشرك وبيان أنه محبط للعمل

- ‌الباب الثاني: دلالة السورة على وجوب الإيمان بالملائكة والكتب، والرسل والقدر وفيه

- ‌الفصل الأول: دلالة السورة على وجوب الإيمان بالملائكة

- ‌المبحث الأول: تعريف الملائكة، ومن أي شيء خلقوا

- ‌المبحث الثاني: ذكر بعض أعمال الملائكة التي أنيطت بهم

- ‌الفصل الثاني: دلالة السورة على وجوب الإيمان بالكتب

- ‌المبحث الأول: كيفية الإيمان بالكتب السابقة

- ‌المبحث الثاني: كيفية الإيمان بالقرآن

- ‌الفصل الثالث: دلالة السورة على وجوب الإيمان بالأنبياء والرسل

- ‌المبحث الأول: تعريف النبي والرسول والفرق بينهما

- ‌المبحث الثاني: كيفية الإيمان بالأنبياء السابقين

- ‌المبحث الثالث: كيفية الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: ما يجب للرسل، وما يجوز عليهم

- ‌المبحث الخامس: موضوع الرسالات السماوية

- ‌الفصل الرابع: دلالة السورة على وجوب الإيمان بالقدر

- ‌المبحث الأول: تعريف القضاء والقدر ومعنى الإيمان به

- ‌المبحث الثاني: بيان المبتدعة الذين نازعوا في القدر والرد عليهم

- ‌المبحث الثالث: مراتب القدر

- ‌المبحث الرابع: ما يتعلق بالهداية والضلال

- ‌الباب الثالث: دلالة السورة على وجوب الإيمان باليوم الآخر

- ‌الفصل الأول: مباحث في اليوم الآخر قبل دخول الجنة والنار

- ‌المبحث الأول: النفخ في الصور

- ‌المحبث الثاني: بعث الموتى من قبورهم

- ‌المبحث الثالث: عناية القرآن بإثبات البعث

- ‌المبحث الرابع: أرض المحشر

- ‌المبحث الخامس: كتاب الأعمال

- ‌المبحث السادس: جزاء الأعمال يوم القيامة

- ‌الفصل الثاني: النار دار الكافرين

- ‌المبحث الأول: كيفية دخول أهل النار النار

- ‌المبحث الثاني: أبواب جهنم

- ‌المبحث الثالث: خزنة جهنم

- ‌المبحث الرابع: إحاطة النار بأهلها وشدة عذابها

- ‌المبحث الخامس: صفات أهل النار

- ‌المبحث السادس: أبدية النار ودوام عذابها

- ‌الفصل الثالث: الجنة دار المتقين

- ‌المبحث الأول: كيفية دخول أهل الجنة الجنة

- ‌المبحث الثاني: أبواب الجنة

- ‌المبحث الثالث: خزنة الجنة

- ‌المبحث الرابع: أرض الجنة

- ‌المبحث الخامس: صفات أهل الجنة

- ‌المبحث السادس: غرف الجنة، وقصورها وأنهارها

- ‌المبحث السابع: أبدية الجنة ودوام نعيمها

- ‌المبحث الثامن: وجوب الإيمان بالعرش، وهو سقف الجنة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث السابع: انقسام العبودية إلى عامة وخاصة

‌المبحث السابع: انقسام العبودية إلى عامة وخاصة

لقد جاء في السورة ذكر العبودية العامة، والخاصة في عدة آيات منها:

فالعبودية العامة:

هي عبودية أهل السموات والأرض جميعهم عبيده ـ تعالى ـ برهم، وفاجرهم مؤمنهم وكافرهم وهذه العبودية هي عبودية القهر والملك وهذه العبودية أشار إليها الله في السورة بقوله ـ تعالى ـ {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} .

وقوله ـ تعالى ـ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} الآية.

فلفظ "العباد" في هاتين الآيتين يتناول العبودية العامة والخاصة مثل قوله ـ تعالى ـ {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَاّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} 1. فهذه يدخل فيها كل عباده مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم.

العبودية الخاصة:

وأما العبودية الخاصة فهي عبودية الطاعة والمحبة واتباع الأوامر والبعد عن النواهي وقد جاء في السورة في عدة آيات قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} الآية.

وقوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} الآية.

وقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} فالعبودية المذكورة في هذه الآيات هي

1- سورة مريم آية: 93.

ص: 243

عبودية أهل طاعته وولايته وهم عبيد إلهيته الذين أخلصوا له كل أنواع العبادة فلم يصرفوا منها شيئاً لسواه قط.

ولا يجيء في القرآن إضافة العباد إليه على سبيل الإطلاق إلا لهؤلاء.

وأما وصف عبيد الربوبية فلا يأتي إلا على أحد خمسة أوجه:

الوجه الأول: أن يأتي منكراً مثل قوله ـ تعالى ـ: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَاّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} 1

الوجه الثاني: أن يكون معرَّفاً باللام كقوله ـ تعالى ـ: {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} 2.

الوجه الثالث: أن يكون مقيداً بالإشارة كقوله ـ تعالى ـ: {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ} 3.

الوجه الرابع: أن يذكروا في عموم العباد فيندر جوامع أهل طاعته في الذكر كقوله ـ تعالى ـ: {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} .

الوجه الخامس: أن يذكروا موصوفين بفعلهم كقوله تعالى ـ تعالى ـ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} .

هذه الآية من السورة قد يقال فيها:

إنما سماهم الله "عباده" إذ لم يقنطوا من رحمته وأنابوا إليه بالطاعة واتبعوا أحسن ما أنزل إليهم من ربهم، فيكونون من عبيد الإلهية والطاعة والسر في انقسام العبودية إلى عامة وخاصة لأن أصل معنى اللفظة "الذل والخضوع" يقال "طريق معبَّد" إذا كان مذللاً بوطء الأقدام و"فلان عبَّده الحب" إذ ذلَّلَه لكن أولياء الله خضعوا له وذلوا طوعاً واختياراً، وانقياداً لأمره ونهيه، وأما أعداؤه فخضوعهم له إنما كان قهراً ورغماً4.

1- سورة مريم آية: 93.

2-

سورة غافر آية: 32.

3-

سورة الفرقان آية: 17.

4-

مدارج السالكين 1/105 ـ 106، العبودية لشيخ الإسلام ص47، 51.

ص: 244

وتحقيق العبودية هو الكمال ولقد كان للأنبياء عليهم الصلاة والسلام النصيب الأوفر من ذلك وكلما كان الإنسان أكثر تحقيقاً للعبودية لله تعالى كلما كان أكثر رقياً في سلم الكمال الإنساني، وكلما ابتعد عن تحقيق العبودية كلما هبط وانحدر. والرسل حازوا قصب السبق في هذا الميدان فقد كانت حياتهم انطلاقة جادة في تحقيق هذه العبودية. وهذا خاتم الرسل وسيد الأولين والآخرين يثني عليه ربه في أشرف المقامات بالعبودية فيصفه بها في مقام الوحي.

قال تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} 1 وأثنى عليه بها في مقام إنزال الكتاب {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} 2.

وأثنى عليه بها في مقام الإسراء قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} 3.

وبهذه العبودية التامة استحق عليه الصلاة والسلام التقديم على الناس في الدنيا والآخرة ولذلك يقول عيسى عليه السلام للناس إذا طلبوا منه الشفاعة بعد طلبها من الرسل من قبله يقول: "ائتوا محمداً عبداً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" 4 فالسعادة كل السعادة في أن يتحلى الإنسان بتحقيق العبودية الخاصة فيدين لله بالطاعة، والمحبة وامتثال الأوامر والاجتناب عن النواهي.

1- سورة النجم آية: 10.

2-

سورة الفرقان آية: 1.

3-

سورة الإسراء آية: 1.

4-

رواه البخاري في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه 4/279.

ص: 245