الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: إحاطة النار بأهلها وشدة عذابها
لقد دلت السورة على شدة عذاب جهنم وهوله، وأن عذاباً يحيط بالكافرين من كل الجهات وجميع الجوانب.
هذه الآيات من السورة فيها بيان لشدة عذاب جهنم الذي أعده الله للخاسرين الذين كفروا بربهم وظلموا أنفسهم بتكذيبهم رسله، وإشراكهم مع الله غيره في العبادة ولم يخضعوا له بالعبادة، والطاعة وحسن الإنقياد، والإذعان لما أمرهم الله به، والإبتعاد عما نهاهم عنه، فآثروا المعاصي وارتكاب المآثم على طاعة الله ـ تعالى ـ فكان جزاؤهم أن يحيط بهم عذاب جهنم من جميع الجهات، كما صرحت بذلك الآيات المتقدمة.
فالآية الأولى: من تلك الآيات هي قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} هذه الآية فيها بيان أن عذاب جهنم يحيط بالكافرين من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، فيكون العذاب، فوقهم، وكهيئة الظل المبنية من النار، ومن تحتهم من النار ما يعلوهم حتى يصير ما يعلوهم منها من تحتهم
ظللاً1. جاء في تفسير البغوي حول هذه الآية {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ} أي: "أطباق وسرادقات من النار ودخانه {وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} فراش ومهاد من نار إلى أن ينتهي إلى القعر سمي الأسفل ظللاً لأنها ظلل لمن تحتهم" أ. هـ2.
وأما الآية الثانية والثالثة: من مجموعة الآيات المتقدمة وهما قوله تعالى: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} .
فهاتان الآيتان: فيهما بيان أن الأمم السابقة كذبت الرسل الذين أرسلهم الله إليهم كما فعل الكافرون من قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله بهم ألواناً من العذاب في الحياة الدنيا من الخسف والمسخ والإغراق، والتدمير، وجاءهم ذلك العذاب من جهة ما كانت تخطر على بالهم، وبسبب لم يكونوا يتوقعون أن يصل بهم إلى تلك النتيجة المؤلمة"3.
ثم فصل الله ذلك العذاب الذي أنزله بهم في الدنيا، وما سيحل بهم من العذاب الشديد في الأخرى.
فقال تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بما أنزله بهم من العذاب والنكال والذل والهوان وتشفي المؤمنين بهم. وفي هذا تحذير شديد لمن كذب خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
وأما العذاب الذي سيلحقهم في الأخرى فقد بينه بقوله تعالى: {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ} أي: ولعقاب الله لهم في الدار الثانية الباقية أكبر وأشد وأنكى وآلم وأبقى.
قال ابن جرير عند قوله تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} .
يقول تعالى ذكره: "فعجل الله لهؤلاء الأمم الذين كذبوا رسلهم الهوان في الدنيا، والعذاب قبل الآخرة ولم ينظرهم إذا عتوا عن أمر ربهم ولعذاب الآخرة أكبر".
1- جامع البيان 23/205.
2-
معالم التنزيل على حاشية "تفسير الخازن" 6/59، وانظر زاد المسير لابن الجوزي 7/169، وانظر روح المعاني للألوسي 23/251.
3-
تفسير البيضاوي ص 610.
قول: "ولعذاب الله إياهم في الآخرة إذا أدخلهم النار فعذبهم بها أكبر من العذاب الذي عذبهم به في الدنيا لو كانوا يعلمون: يقول لو علم هؤلاء المشركون من قريش ذلك"1.
وأما الآية الرابعة والخامسة: من مجموعة الآيات المتقدمة قريباً، وهما قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} .
فقد بين ـ تعالى ـ فيهما أن للمشركين والكافرين يوم القيامة ـ سوء العذاب ـ وهو أشده وأفظعه لأنهم أصروا على الكفر الذي ليس بعده ذنب وأنهم على الفرض والتقدير لو كان لهم ما في الأرض جميعاً من ذهبها وفضتها وحيواناتها وأشجارها وزروعها وجميع أوانيها وأثاثها، ومثله معه، ثم بذلوه يوم القيامة ليفتدوا به من العذاب، وينجوا منه، ما قبل منهم ولا أغنى عنهم من عذاب الله شيئاً، وحينئذ يظهر لهم من سخط الله وغضبه وانتقامه وبطشه ما لم يمر لهم على بال، أو يدور بخلد.
وهناك يتضح لهم قبائح أعمالهم، وتحيط بهم خطيئآتهم ويحدق بهم العذاب الذي كانوا يسخرون من ذكره أو الإنذار به2 {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} .
وببيان معاني الآيات الخمس المتقدمة من السورة تبين وجه دلالة السورة على شدة عذاب جهنم وهوله وأن عذابها لا يقادر قدره، ولا يخطر على بال.
وقد وردت آيات كثيرة في معنى تلك الآيات التي تقدم ذكرها وكلها تبين شدة عذاب جهنم وإحاطته بالكافرين من جميع الجهات والجوانب.
قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} 3.
1- جامع البيان 23/212.
2-
مستفاد من "جامع البيان" 24/11 ـ 12، وتفسير القرآن العظيم 6/98 ـ 99، ومعالم التنزيل للبغوي على حاشية تفسير الخازن 6/66.
3-
سورة الأعراف آية: 41.
قال محمد بن كعب القرظي {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ} . قال: الفراش {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} قال: اللحف. وكذا قال الضحاك بن مزاحم والسدي".
وقال ابن جرير: وأما قوله: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} فإنه يقول: "وكذلك نثبت من ظلم نفسه فأكسبها من غضب الله ما لا قبل لها به بكفره بربه وتكذيبه أنبياءه"1.
وقال البغوي رحمه الله: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ} أي: فراش {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} أي: "لحف وهي جمع غاشية يعني ما غشاهم وغطّاهم يريد إحاطة النار بهم من كل جانب" أ. هـ2.
وفي هاتين الآيتين: يبين الله ـ تعالى ـ أن عذاب جهنم محيط بالكافرين ويغشاهم عذابها من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ويقول الله لهم: ذوقوا ما كنتم تعملون في الدنيا من معاصي الله وما يسخطه فيها.
ومعنى هاتين الآيتين: "لو يعلم هؤلاء الكفار المستعجلون عذاب ربهم ماذا لهم من البلاء حين تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون فلا يكفون عن وجوههم النار التي تلفحها، ولا عن ظهورهم فيدفعونها عنها بأنفسهم {وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} يقول: ولا لهم ناصر ينصرهم، فيستنقذهم حينئذ من عذاب الله لما أقاموا على ما هم عليه مقيمون من الكفر بالله، ولسارعوا إلى التوبة منه، والإيمان بالله، ولما استعجلوا لأنفسهم البلاء" أ. هـ5.
1- جامع البيان 8/182.
2-
معالم التنزيل على حاشية "تفسير الخازن" 2/189.
3-
سورة العنكبوت آية: 54 ـ 55.
4-
سورة الأنبياء آية: 38 ـ 39.
5-
جامع البيان عن تأويل آي القرآن /28.
وقال تعالى مبيناً شدة النار التي أعدها للظالمين {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} 1.
قال ابن عباس: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} قال: "حائط من نار"2.
وقال تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ وَاقٍ} 3.
وقال ابن كثير حول هذه الآية "ذكر ـ تعالى ـ عقاب الكفار وثواب الأبرار فقال: بعد إخباره عن حال المشركين وما هم عليه من الكفر والشرك {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي: بأيدي المؤمنين ـ قتلاً وأسراً ـ {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ} أي: المدخر مع هذا الخزي في الدنيا "أشق" أي: من هذا بكثير كما قال صلى الله عليه وسلم: للمتلاعنين "إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة"4. وهو كما قال صلوات الله وسلامه عليه فإن عذاب الدنيا له انقضاء وذاك دائم أبداً في نار هي بالنسبة إلى هذه سبعون ضعفاً، ووثاق لا يتصور كثافته وشدته" أ. هـ5.
وقال تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} 6.
قال ابن عباس: ظل من دخان.
وقال مجاهد: ظل من دخان جهنم وهو السموم.
وقال أبو مالك: اليحموم ظل من دخان جهنم.
وقال الحسن وقتادة: في قوله: {لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} 7 لا بارد المدخل ولا كريم المنظر.
1- سورة الكهف آية: 29.
2-
تفسير القرآن العظيم 4/384.
3-
سورة الرعد آية: 34.
4-
رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما 2/1131 والدارمي في سننه 2/151.
5-
تفسير القرآن العظيم 4/97 ـ 98.
6-
سورة الواقعة آية: 41 ـ 44.
7-
سورة الواقعة آية: 44.
والسموم: هو الريح الحارة قاله قتادة وغيره.
وهذه الآية: تضمنت ذكر ما يتبرد به في الدنيا من الكرب والحر وهو ثلاثة: الماء، والهواء، والظل.
فهواء جهنم: السموم وهو الريح الحارة الشديدة الحر.
وماؤها الحميم: الذي قد اشتد حره، وظلها:"اليحموم وهو قطع دخانها أجارنا الله من ذلك كله بكرمه ومنِّه"1.
وقال تعالى: {وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} 2.
هذه الآية بين الله ـ تعالى ـ فيها أن حرارة جهنم لا يمكن أن تقاس بالمقاييس التي يعرفها البشر بالنسبة لدرجات الحرارة لأنها نار اليوم الذي يفصل الله فيه بين الخلائق، وهي نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة. فلا يستطيع أحد أن يقيسها بنار الدنيا.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم شدة ارتفاع حرارة جهنم بقوله: "ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم".
قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال: "فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها"3.
وقوله عليه الصلاة والسلام "ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم" يعني أنه لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها ابن آدم لكانت جزءاً من أجزاء جهنم المذكور، وبيانه أنه لو جمع حطب الدنيا فأوقد كله حتى صار ناراً لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءاً أشد من حر نار الدنيا كما بينه في آخر الحديث".
وقولهم: "وإن كانت لكافية" إن هنا مخففة من الثقيلة عند البصريين نظيره {وَإِنْ
1- التخويف من النار "لابن رجب" ص82.
2-
سورة التوبة آية: 81.
3-
رواه البخاري ومسلم صحيح البخاري 2/219، صحيح مسلم 4/2184، واللفظ له وكلاهما من حديث أبي هريرة.
كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ} 1 أي: "إنها كانت كافية فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنها كما فضلت عليها في المقدار والعدد بتسعة وستين وفضلت عليها أيضاً: في شدة الحر بتسعة وستين ضعفاً"2.
وروى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشتكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير"3.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن شدة الحرارة في الصيف وشدة البرد في الشتاء إنما ذلك بسبب تنفس جهنم أعاذنا الله منها.
وروى مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة. فيصبغ في النار صبغة4 ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟.
فيقول: لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤساً5 في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مرّ بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط. ولا رأيت شدة قط 6.
وروى البخاري من حديث النعمان بن بشير قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل على أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل7 والقمقم" 8 9.
1- سورة البقرة آية: 143.
2-
التذكرة للقرطبي ص395.
3-
صحيح البخاري 2/219.
4-
"فيصبغ في النار صبغة" أي: يغمس غمسة.
5-
"بؤساً" البؤس: هو الشدة.
6-
صحيح مسلم 4/2162.
7-
المرجل: قدر من نحاس، ويقال: لكل إناء يغلي فيه الماء من أي صنف كان "الفتح" 11/431.
8-
القمقم: إناء من آنية العطار، ويقال: هو إناء ضيق الرأس يسخن فيه الماء يكون من نحاس وغيره "الفتح" 11/431.
9-
صحيح البخاري 4/138.
وهذان الحديثان فيهما بيان لشدة عذاب جهنم، وأن عذابها أليم، لا يقادر قدره، ويجب الفرار منه بطاعة الله عز وجل.
ثم من المتعارف عليه عند الناس في هذه الحياة الدنيا أنهم يوقدون لما يحتاجون إليه من طعام وغيره بالحطب من الأشجار، وبما استجد من الغازات في عصرنا هذا وغير ذلك مما هو صالح استعماله للوقود.
أما وقود جهنم فإنه الناس والحجارة. كما قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} 1.
قال ابن جرير: "فإن قال قائل: وكيف خصت الحجارة فقرنت بالناس حتى جعلت لنار جهنم حطباًَ؟ قيل: إنها حجارة الكبريت وهي أشد الحجارة فيما بلغنا حرّاً إذا أحميت.
وروى بإسناده إلى ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} قال: "هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السموات والأرض في السماء الدنيا يعدها للكافرين".
وفي رواية ثانية عنه أنه قال في قوله: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} قال: حجارة الكبريت جعلها الله كما شاء.
وقال ابن عباس وغيره: في قوله {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} .
أما الحجارة فهي حجارة في النار من كبريت أسود يعذبون به مع النار2.
قال القرطبي في شأن هذه الحجارة: "وخصت بذلك لأنها تزيد على جميع الحجارة بخمسة أنواع من العذاب.
1ـ سرعة الإيقاد.
2ـ ونتن الرائحة.
3ـ وكثرة الدخان.
4ـ وشدة الإلتصاق بالأبدان.
1- سورة البقرة آية: 24.
2-
انظر هذه الروايات في جامع البيان 1/168 ـ 169.
5 ـ وقوة حرها إذا حميت.
وقيل: المراد بالحجارة الأصنام لقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} 1 أي: حطب وهو ما يلقى في النار مما تذكى به" اهـ2.
1- سورة الأنبياء آية: 98.
2-
التذكرة ص407.