الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة:
إن القرآن الكريم كتاب التوحيد فقد تضمنت آياته الكريمة من أول سورة الفاتحة إلى خاتمة سورة الناس الدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى وتوجيه العباد إلى الإخلاص في عبادته وقد وجهت هذه الدعوة من خلال الاستدلال على التوحيد من الآفاق والأنفس، وبمختلف الأساليب والطرائق، والحجج والبراهين التي تدخل الطمأنينة إلى كل قلب ينبض بالحياة ويستهدف الحقيقة، وتقنع كل عقل استنار بنور الحق وتغلب على هوى النفس.
وقد رأينا نماذج من أبرز الأدلة القرآنية في المحاجة والاستدلال والشرح والبيان ولعل من أجمع الآيات التي سيقت للاستدلال على توحيد الله سبحانه وتعالى وتضمنت أنواع الأدلة آيات سورة النمل الخمس:
1-
وهو دليل الخلق والإبداع من خلال الآفاق.
وجاءت فاصلة الآية الكريمة مقررة لمضمونها ومؤيدة لدليل الإبداع، لأن كل عاقل، مكلف يدرك أنه لم يخلق السماوات والأرض ولم ينزل المطر من السماء.
ورغم إقرارهم بهذه الحقيقة الواضحة يعدلون عن عبادة الله إلى عبادة آلهة مزيفة باطلة.
2-
وفي هذه الآية تقرير لدليل العناية، فهو الذي جعل الأرض بهذه الكيفية وثبتها بالجبال وأجرى فيها الأنهار وجعل بين البحرين حاجزًا. ولولا هذه العناية الربانية وهذا التقرير المحكم لما هيئت الأرض للحياة والاستقرار.
وجاءت الفاصلة القرآنية ملائمة أيضًا لدليل العناية، فإن إدراك سنن الله الكونية في المخلوقات ومنها الأرض وإدراك أنظمة جريان الأنهار ومعرفة دور الجبال في إرساء الأرض وحفظ توازنها، والبحث عن سر الحاجز بين البحرين لا يدركه إلا العلماء أهل الاختصاص فجاءت الفاصلة "بل أكثرهم لا يعلمون".
3-
وهذا دليل الفطرة، فلا ملجأ ولا ملاذ للمخلوقات عند وقوع الضر بهم إلا التوجه إلى الواحد الأحد الفرد الصمد والفاصلة ملائمة ومؤكدة للدليل، فإن الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى عند الشدة أمر فطري راسخ في النفس البشرية، إلا أن الناس يغفلون عن ذلك في حالة السراء، فلا يحتاج الأمر إلا إلى تذكرهم، وإن لم تهيأ الظروف المذكرة لهم بذلك فإن الشدة تفرض عليهم الذكرى وتزيل الغشاوة عن الفطرة وصفائها فختمت الآية بـ {تَذَكَّرُونَ} .
4-
وفي الآية إشارة إلى صفات الكمال التي اتصف بها المولى جل جلاله وتقدست أسماؤه، وعلى رأس هذه الصفات صفة الرحمة والهداية إلى المصالح المادية والمعنوية.
وجاءت الفاصلة مؤكدة لمضمون الدليل، فهو المتفرد بصفات الكمال والمنزه عن صفات النقص:{تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
5-
وهذا ما أطلقنا عليه البراهين العقلية الإقناعية، لأن الدليل هنا يتعلق بأمر عقلي تجريدي، ويستخدم القياس والبدهيات العقلية، فمن آمن بأن الله بدأ الخلق وأوجده من العدم، يلزمه عقلًا وتفرض عليه البديهة أن يؤمن أنه قادر على الإعادة بل الإعادة أهون عليه، لذا ختمت الآية بفاصلة في منتهى الوضوح والدلالة {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .
فإن أنكرتم النتيجة والبدهيات فهاتوا برهانكم على ما تزعمون.
إنها آيات الذكر الحكيم، أنزلها الذي يعلم السر في السماوات والأرض، على قلب رسوله ليكون للعالمين نذيرًا.
فيا عجبًا كيف يُعصى الإله
…
أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية
…
تدل على أنه الواحد