الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
هو: جملة القواعد والأسس التي يعرف بواسطتها الإنسان معيار الخير والشر في سلوك ما.
ثانيا: أقسام الأخلاق
1 -
تنقسم الأخلاق من حيث ذاتها إلى قسمين: أخلاق جِبِلّية وأخلاق مُكتسبة (1)(2)
أ - أخلاق جِبِلّية: كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشجِّ عبد القيس: «إن فيك خَلتين يحبهما الله الحِلْم والأناة" قال: يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: " بل الله جبلك عليهما" قال: الحمد لله الذي جبلني على خَلتين يحبهما الله ورسوله» (3) قال ابن القيم: [فدل على أن من الخُلق ما هو طبيعة وجِبِلّة، وما هو مكتسب (4)]
ب - أخلاق مُكتسبة: لما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن أناسًا
(1) انظر مدارج السالكين 2/ 315، والمنهج الأخلاقي وحقوق الإنسان في القرآن الكريم (16).
(2)
انظر مدارج السالكين 2/ 315، والمنهج الأخلاقي وحقوق الإنسان في القرآن الكريم (16). ') ">
(3)
سنن أبي داود 5/ 395، 396، كتاب الأدب، باب:(161)، بابٌ في قبُلة الرِّجْل، الحديث (5225)، وأصل الحديث في مسلم 1/ 48، 49، كتاب الإيمان، باب:(6) الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين، الحديث (25، 26).
(4)
مدارج السالكين 2/ 315. ') ">
من الأنصار سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فلم يسأله أحد منهم إلا أعطاه حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين نفد كلُّ شيء أَنفَق بيديه: " ما يكن عندي من خيرٍ لا أَدَّخِرْهُ عنكم، وإنه مَن يَستعف يُعِفّه الله، ومَن يتصبر يُصَبِّرْهُ الله، ومَن يَستغْنِ يُغْنِه الله، ولن تُعطَوا عطاءً خيرًا وأوسع مِن الصَّبْر» (1) قال ابن القيم:[فإن قلت: هل يمكن أن يقع الخُلق كسبيًا أو هو أمر خارج عن الكسب؟ قلت: يمكن أن يقع كسبيا بالتخلق والتكلُّف، حتى يصير له سجيةً وملكة](2)
2 -
تنقسم الأخلاق من حيث علاقتها إلى قسمين:
أخلاق في حق الله تعالى، وأخلاق مع عباد الله تعالى، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن» (3) قال الحافظ ابن رجب: [فهذه الوصية وصية عظيمة جامعة لحقوق الله وحقوق
(1) صحيح البخاري 7/ 183، كتاب الرقاق، باب (20)، الصبر عن محارم الله. وانظر صحيح مسلم 2/ 729، كتاب الزكاة، باب:(42)، فضل التعفف والصبر. الحديث (1053).
(2)
مدارج السالكين 2/ 315. ') ">
(3)
سنن الترمذي 4/ 355، كتاب البر والصلة، باب:(55)، ما جاء في معاشرة الناس، الحديث (1987)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
عباده] (1) وقال: [قوله صلى الله عليه وسلم: «وخالق الناس بخلق حسن». هذا من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به، وإنما أفرده بالذكر للحاجة إلى بيانه، فإن كثيرا من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده، فنصَّ له على الأمر بإحسان العشرة للناس، فإنه كان قد بعثه إلى اليمن معلِّمًا لهم ومفقِّهًا وقاضيًا، ومن كان كذلك فإنه يحتاج إلى مخالقة الناس بخلق حسنٍ ما لا يحتاج إليه غيره ممن لا حاجة للناس به ولا يخالطهم، وكثيرًا ما يغلب على مَن يعتني بالقيام بحقوق الله والانعكاف على محبته وخشيته وطاعته إهمالُ حقوقِ العباد بالكلية أو التقصير فيها. والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز جدًا لا يقوى عليه إلا الكمَّل من الأنبياء والصديقين](2)
وقال ابن القيم: [حسن الخلق قسمان: أحدهما: مع الله عز وجل وهو أن تعلم أن كل ما يكون منك يوجب عذرًا، وكل ما يأتي من الله يوجب شكرًا، فلا تزال شاكرًا له معتذرًا إليه سائرًا إليه، بَيْن مُطالعةِ مِنَّتِه وشهودِ عيب نفسك وأعمالك.
والقسم الثاني: حسن الخلق مع الناس، وجماعه أمران: بذل
(1) جامع العلوم والحكم 1/ 398. ') ">
(2)
جامع العلوم والحكم 1/ 454. ') ">
المعروف قولا وفعلاً، وكف الأذى قولاً وفعلاً] (1)
ثالثًا: ترغيب الإسلام في الأخلاق الفاضلة
الأخلاق الفاضلة لها فضائل عظيمة، وثمار نبيلة في الدنيا والآخرة، ولذلك أمرنا الله تعالى بها فقال سبحانه:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وقال عز وجل: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} ، فهي شرف كبير اختص الله بها من شاء من عباده الذين حملوا هذا الدين، وقاوموا به من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ثم مَن تبعهم بإحسان. فهي مِن أعظم الأمور التي دعا الإسلام إلى التحلي بها، ومن أعظم مقاصد بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام لما يترتب عليها مِن تزكية النفوس، وتهذيب الأخلاق، قال تعالى:{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} قال ابن كثير: [يُذكّر تعالى عباده المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليهم يتلو عليهم آيات الله مبينات، يزكيهم، أي:
(1) تهذيب السنن 7/ 161، 162. ') ">
يطهرهم من رذائل الأخلاق، ودنس النفوس، وأفعال الجاهلية، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويعلمهم الكتاب، هو القرآن، والحكمة، وهي السنة، ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون، فكانوا في الجاهلية الجهلاء يسفهون بالقول الفرى، فانتقلوا ببركة رسالته، ويُمْن سفارته إلى حال الأولياء، وسجايا العلماء، فصاروا أعمق الناس عِلمًا، وأبرّهم قلوبًا، وأقلّهم تكلفًا] (1) وقال تعالى:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} قال ابن كثير: [{وَيُزَكِّيهِمْ} أي: يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، لتزكو نفوسهم، وتطهر من الدنس والخبث، الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم](2) وقال الله تعالى ممتدحا نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما أي: إنك على دين عظيم، وهو الإسلام (3) «ولما سأل سعد بن هشام رضي الله عنه أُمَّ المؤمنين
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 1/ 195، 196. ') ">
(2)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 1/ 424. ') ">
(3)
انظر جامع البيان عن تأويل آي القرآن 29/ 18. ') ">
عائشة رضي الله عنها عن خُلُق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت فإن خُلُق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن» (1)
قال ابن رجب: [يعني: أنه يتأدب بآدابه، فيفعل أوامره ويتجنب نواهيه، فصار العمل بالقرآن له خُلُقا كالجبلة والطبيعة لا يفارقه، وهذا من أحسن الأخلاق وأشرفها وأجملها](2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» (3) قال ابن عبد البر: [ويدخل في هذا المعنى الصلاح والخير كله، والدين والفضل والمروءة والإحسان والعدل، فبذلك بعث ليتمِّمَه صلى الله عليه وسلم، وقد قال العلماء: إن أجمع آية للبر والفضل ومكارم الأخلاق قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (4) وعن
(1) صحيح مسلم 1/ 513، كتاب صلاة المسافرين، باب:(18) جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض، الحديث (139).
(2)
جامع العلوم والحكم 2/ 99. ') ">
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/ 381، والبخاري في الأدب المفرد 273، والحاكم في المستدرك 2/ 613، وقال صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (207).
(4)
التمهيد 24/ 332. ') ">
عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا» (1) وكان يقول: «إنَّ من خياركم أحسنكم أخلاقًا» (2)
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم. فقال: " البرُّ حُسْنُ الْخلق، والإثم ما حَاكَ في صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَن يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» (3) فالمراد بالبر هنا: ما يكون من الصلة واللطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة والطاعة، وهذه الأمور هي مجامع حسن الخلق (4) فمما سبق يتبين حرص الإسلام على تزكية النفوس. قال ابن القيم:[فإن تزكية النفوس مسلَّم إلى الرسل، وإنما بعثهم الله لهذه التزكية وولاهم إياها، وجعلها على أيديهم، دعوةً وتعليمًا وبيانًا وإرشادًا، لا خَلقًا ولا إلهامًا، فهم المبعوثون لعلاج نفوسهم الأمم] ولما كانت الأخلاق في الإسلام بهذه المنزلة العظيمة، وقد ورد ذكرها في مواطن كثيرة من كتاب
(1) صحيح البخاري الْأَدَبِ (6029)، صحيح مسلم الْفَضَائِلِ (2321)، سنن الترمذي الْبِرِّ وَالصِّلَةِ (1975).
(2)
صحيح البخاري 4/ 166، كتاب المناقب، باب:(23) صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وصحيح مسلم 4/ 1810، كتاب الفضائل، باب:(16) كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، الحديث (68)، بلفظ قريب منه.
(3)
صحيح مسلم 4/ 1980، كتاب البر والصلة والآداب، باب:(5) تفسير البر والإثم، الحديث (14).
(4)
انظر صحيح مسلم 4/ 1980. ') ">