الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: الأدب والاختلاف وأسباب الاختلاف.
المبحث الأول: تعريف الأدب وفضله.
المبحث الثاني: تعريف الاختلاف والفرق بينه وبين الخلاف والجدل والشقاق.
الفصل الثاني: أهل السنة والجماعة.
المبحث الأول: من هم أهل السنة والجماعة.
المبحث الثاني: أهل السنة والجماعة هم أهل العدل والإنصاف.
المبحث الثالث: قواعد في منهاج أهل السنة والجماعة مع الآخرين.
المبحث الرابع: ضوابط وآداب أهل السنة والجماعة.
الفصل الأول: معنى الأدب والاختلاف
.
المبحث الأول: تعريف الأدب وفضله
.
تعريف الأدب وفضله وقصص من آداب العلماء:
الأدب:
يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل.
قال علماء اللغة والأدب: الظرف وحُسن التناول، وأدّبه: علمه (1)(2) قال ابن حجر: - الأدب استعمال ما يحمد قولاً وفعلاً.
وعبر بعضهم بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق أو الأخذ بالخلق الجميل.
وقيل هو: تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك.
ويقول ابن القيم: هو علم إصلاح اللسان والخطاب، وإصابة مواقعه وتحسين ألفاظه وصيانته عن الخطأ والخلل (3)
اهتمام السلف به قبل العلم:
يقول إبراهيم بن حبيب: "يا بني ائت الفقهاء والعلماء وتعلّم منهم وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذلك أحبُّ إليّ لك من كثير من الحديث ".
وحكى مطرف أن أم الإمام مالك من أول يوم دخل فيه على العلم فقال: " كانت أمي تعممني وتقول لي:
اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه".
يقول العنبري: علم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كروح بلا جسم.
(1) لسان العرب، مادة الأدب.
(2)
لسان العرب، مادة الأدب. ') ">
(3)
انظر مدارج السالكين، 2/ 376، وانظر فتح الباري لابن حجر، أول كتاب الأدب، 10/ 400. ') ">
قال بعض السلف: ناهيك من شرف الأدب أن أهله متبعون والناس تحت راياتهم، فيعطف ربك - تعالى- عليهم قلوبًا لا تعطفها الأرحام، وتجتمع بهم كلمة لا تأتلف بالغلبة، وتُبذل دونهم مهج النفوس (1)
أمثلة من الأدب، وفضل الاختلاف:
يقول الخطيب عن الإمام الثوري: "إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه (2)
أقوال العلماء في سعة الاختلاف:
"كان طلحة إذا ذكر عنده الاختلاف قال لا تقولوا الاختلاف ولكن قولوا السعة"(3)
روى مسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن أبي قيس قال: «سألت عائشة عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يوتر من
(1) انظر فيما سبق، أسامة بن منقذ: لباب الآداب، 228 وما بعدها، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دارة الكتب السلفية، ط2، 1407، وانظر الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، 1/ 201، تحقيق محمود الطحان، مكتبة المعارف بالرياض، 1403 هـ، وجامع بيان العلم وفضله، 1/ 127 ن وقال ابن عبد البر فيه (والأدب وأخبار أهله لا ينتهي الحديث عنها، وقد ألفت فيه الكتب
…
).
(2)
الفقيه والمتفقه، 2/ 69. ') ">
(3)
الفقيه والمتفقه، 2/ 69. ') ">
أول الليل أو من آخره؟ فقالت: كل ذلك كان يصنع، فقال: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. فقلت: كيف كانت قراءته أكان يسر بالقراءة أم يجهر بها؟ فقالت: كل ذلك قد كان يفعل. فقلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. قلت: فيكف كان يصنع في الجنابة: أكان يغتسل قبل أن ينام أو ينام قبل أن يغتسل، قالت: كل ذلك كان يفعل، قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة» (1)
قال سفيان: إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة أما التشديد فيتقنه كل أحد (2)
لا بد أن تكون هذه التوسعة من مليء بالعلم والدين والاستقامة.
قال السيوطي: اعلم أن اختلاف المذاهب نعمة كبيرة وفضيلة عظيمة وله سر لطيف أدركه العالمون وعميَ عن الجهال.
مالك قال له أبو جعفر المنصور: قد أردت أن أجعل هذا العلم - يعني الموطأ - على واحد - أي على رأي واحد وألغي كل المذاهب - فأكتب به إلى أمراء الأجناد وإلى القضاة، فمن خالف قطعت عنقه، فقال له: يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا ويخرج فلم يفتح من البلاد كثيرًا، ثم قام أبو بكر فلم يفتح من البلاد كثيرًا، ث قام عمر ففتحت البلاد على يديه فبعث معلمين
(1) الهيثمي: مجمع الزوائد، 2/ 245، ط دار الكتاب العربي.
(2)
جامع بيان العلم وفضله 2/ 36. ') ">
أخذ عنهم كابرًا عن كابر فإن ذهبت عقولهم إلى ما لا يعرفونه رأوا ذلك كفرًا. لكن أقِر كل بلدة على ما فيها من العلم (1)
قال بعض الناس: أكثر ما يفسد الدنيا نصف متكلم ونصف متفقه ونصف متطبب ونصف نحوي.
سأل مالك بن عوف عائشة رضي الله عنها ما يوجب الغسل؟ فقالت: أتدري ما مثلك يا أبا سلمة؟ مثل الفروج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها (الموطأ).
قال ابن المبارك: قدمت الشام فرآني أحد العلماء فقال لي: يا خراساني من هذا المبتدع الذي خرج بالكوفة يكنى أبا حنيفة؟ فرجعت إلى بيتي فأقبلت على كتب أبي حنيفة فأخرجت منها مسائل من جياد المسائل وبقيت في ذلك ثلاثة أيام، فجئت يوم الثالث، وهو (هذا العالم) مؤذن مسجدهم وإمامهم والكتاب في يدي فقال: أي شيء هذا الكتاب؟ فناولته فنظر في مسألة وقعت عليها قاله النعمان فما زال قائمًا بعد ما أذّن حتى قرأ صدرًا من الكتاب ثم وضع الكتاب في كمه ثم أقام وصلى ثم أخرج الكتاب حتى أتى عليها كلها. فقال لي: يا خراساني من النعمان بن ثابت هذا؟ فقلت: شيخ لقيته بالعراق. فقال: هذا نبيل من المشايخ اذهب
(1) انظر سير أعلام النبلاء للذهبي، 8/ 78. ') ">
فاستكثر منه. قلت: هذا أبو حنيفة الذي نهيت عنه (1)
ثم زاد ابن المبارك ثم التقينا بمكة فرأيت هذا العالم يجاري أبا حنيفة في تلك المسائل والإمام يكشف له بأكثر مما كتبت عنه فلما افترقنا قلت له: كيف رأيته؟ قال: غبطت الرجل لكثرة علمه ووفور عقله وأستغفر الله لقد كنت في غلط ظاهر، الزم الرجل فإنه بخلاف ما بلغني عنه (2)
من روائع أدبهم أنّ الشافعي يلتقي الصفدي (ناظره يومًا) فيأخذه بيده ثم يقول: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة (3)
ومن مظاهر الإنصاف: ما حكاه الذهبي في ترجمة عفان بن مسلم قال الفلاس: رأيت يحيى القطان يومًا فحدث بحديث، فقال له عفان: ليس هو هكذا، فلما كان من الغد أتيت يحيى فقال هو كما قال عفان، ولقد سألت الله ألاّ يكون عندي على خلاف ما قال عفان
(1) محمد زكريا القائد هلوي: أوجز المسالك إلى شرح موطأ مالك، 1/ 88 - 89. ') ">
(2)
محمد زكريا القائد هلوي: أوجز المسالك إلى شرح موطأ مالك، 1/ 88 - 89. ') ">
(3)
سير أعلام النبلاء، 10/ 16. ') ">