الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليرى مكانه مَن في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (1) فالصدق في الإخلاص مِن أشق الأمور على النفوس فمن هنا يتضح: أن الإخلاص والصدق بينهما تلازم، فكل مخلص صادق، وكل صادق مخلص.
(1) صحيح البخاري 4/ 51، كتاب الخُمُس، باب:(10) من قاتل للمغنم هل ينقص من أجره، وصحيح مسلم 3/ 1512، كتاب الإمارة، باب (42) من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، الحديث (149)، بلفظ قريب منه.
المطلب الثالث: الصدق في المحبة
لمحبة الله تعالى حقيقتها، والصادق فيها هو المحقق لحقيقتها، البالغ غايتها، وإن لتلك الحقيقة علامات ذكرها الله تعالى بقوله:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قال ابن كثير: [هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله (1) (2)]. فالمحبة ليست كلمة تقال، ولا هيامًا بالوجدان، إلا أن يصاحبه الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهنا نقطة التقاء المحبة بالصدق، التقاء المحبة بالابتاع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والسير على هديه،
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/ 358.
(2)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/ 358. ') ">
والقيام بدعوته، وتحقيق منهجه في الحياة، وإذا خلت من هذه الأمور فإنها دعوى عارية عن الصدق ومجردة عن الحقيقة. ومتى ما حقق المؤمن الصدق في المحبة فإنه يُقَدّم ما أحبه الله تعالى على من سواه، كما قال تعالى:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} ، قال السعدي:[محبة الله ورسوله يتعين تقديمهما على محبة كل شيء، وجعل جميع الأشياء تابعة لهما](1) ثم قال: [وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله، وعلى تقديمهما على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله، وعلامة ذلك أنه إذا عُرِض عليه أمران، أحدهما يحبه الله ورسوله، وليس لنفسه فيه هوى، والآخر تحبه نفسه وتشتهيه، ولكنه يُفَوِّتُ عليه محبوبًا لله ورسوله، أو ينقصه، فإنه إن قدَّم ما تهواه نفسه، على ما يحبه الله، دل على أنه ظالم
(1) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (332). ') ">