الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: تعريف الاختلاف والفرق
بينه وبين الخلاف والجدل والشقاق
معنى الاختلاف:
أن ينهج كل شخص طريقًا مُغايرًا للآخر في حاله أو قوله.
أما الخلاف، فهو أعم من الضد لأن كل ضدين مختلفان وليس كل مختلفين ضدين.
والاختلاف بين الناس يُفضي إلى التنازع، قال تعالى:{فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} ، {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} ، {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} فالخلاف يُراد به مطلق المغايرة في القول أو الرأي أو الحالة أو الهيئة أو الموقف.
أما علم الخلاف:
فهو عمل يُمكن من حفظ الأشياء التي استنبطها إمام من الأئمة وهدم ما خالفها دون الاستناد إلى دليل مخصوص. فلو استند إلى الدليل لأصبح مجتهدًا وأصوليًا والمفروض في الخلافيّ ألا يكون باحثًا عن أحوال أدلة الفقه، بل حسبه أن يكون متمسكًا بقول إمامه لوجود مقتضيات الحكم - إجمالاً - عند إمامه كما يظن هو. وهذا
يكفي عنده لإثبات الحكم ويكون قول إمامه حجة لديه لنفي الحكم المُخالف.
المرحلة الثانية يأتي الجدل: إذا اشتد اعتداء أحد المُخالفين أو كليهما بما هو عليه من قول أو رأي أو موقف وحاول الدفاع عنه وإقناع الآخرين به أو حملهم عليه سميت تلك المحاولة بالجدل.
الجدل في اللغة:
المفاوضة على سبيل المنازعة والمُغالبة.
أما علم الجدل:
فهو علم يقوم على مقابلة الأدلة لإظهار أرجح الأقوال الفقهية (1)(2)
وعرَّفه بعض العلماء: بأنه علم يُقتدر به على حفظ أي وضع يُراد ولو باطلاً وهدم أي وضع يُراد ولو حقًا، إذًا هو قدرة أو مَلَكة يؤتاها الشخص ولو لم يحظ بشيء من الكتاب والسنة (3)
قال تعالى {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} فليس العلم أن تمتلك أدوات العلم إنما العلم أن تمتلك آدابه.
رأي العلماء في الخلاف:
حذر العلماء من الاختلاف بكل أنواعه، قال تعالى:
(1) مفتاح دار السعادة، 2/ 599، ط دار الكتب الحديثة / مصر.
(2)
مفتاح دار السعادة، 2/ 599، ط دار الكتب الحديثة / مصر. ') ">
(3)
انظر الجرجاني: التعريفات، 66، ط الحلبي. ') ">
{وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} ، قال عليه الصلاة والسلام:«هلكت بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم .. » (1)
والاختلاف على ثلاثة أقسام:
1) الاختلاف في الأصول وهذا حرام وبدعة وضلال.
2) الاختلاف في الآراء والحروب وهذا حرام لما فيه من تضييع المصالح.
(هذان النوعان قال فيهما ابن مسعود "الخلاف شر" (2)) - كما سيأتي -
3) الاختلاف في الفروع كالاختلاف في الحل والحرمة فيما ليس فيه أصل ونحو ذلك.
ويكفي لمعرفة خطر الاختلاف أن نبي الله هارون عليه السلام عدَّ الاختلاف أكبر خطأ وأشدّ ضررًا من عبادة الأوثان. فجعل من
(1) والحديث بتمامه عن أبي هريرة رضي الله عنه ** ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ** رواه أحمد في مسنده، 2/ 313، 482 وغيرها، وانظر جمع الأوائل للهيثمي 1/ 158.
(2)
ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث، 22. ') ">