المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌طبعات الكتاب طبع الكتاب طبعات كثيرة، نتكلم هنا عن بعض الطبعات - مدارج السالكين - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌تحرير عنوان الكتاب

- ‌توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌تاريخ تأليفه

- ‌موضوع الكتاب وترتيب مباحثه

- ‌منهج المؤلف فيه

- ‌«منازل السائرين» وشروحه

- ‌مقارنة الكتاب بأهم شروح «المنازل»

- ‌تعقبات ابن القيم على الهروي

- ‌موارد الكتاب

- ‌أثره في الكتب اللاحقة

- ‌مختصرات ودراسات عن الكتاب

- ‌نسخ الكتاب الخطية

- ‌طبعات الكتاب

- ‌منهج التحقيق

- ‌نماذج من النسخ الخطية

- ‌ مراتب الهداية الخاصّة والعامّة

- ‌المرتبة الثّالثة: إرسال الرّسول الملكيِّ إلى الرّسول البشريِّ

- ‌المرتبة الرّابعة: مرتبة المحدَّث

- ‌المرتبة السابعة: البيان الخاصُّ

- ‌العبادة تجمع أصلين:

- ‌الاستعانة تجمع أصلين:

- ‌ نفاة الحِكَم والتّعليل

- ‌ القدريّة النفاة

- ‌ لزوم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لكلِّ عبد إلى الموت

- ‌ انقسام العبوديّة إلى عامّةٍ وخاصّةٍ

- ‌رحى العبوديّة تدور على خمس عشرة قاعدةً

- ‌ عبوديّات اللِّسان

- ‌فصلفلنرجع إلى ذكر منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} التي لا يكون العبدُ من أهلها حتّى ينزل منازلها

- ‌ منزلة المحاسبة

- ‌منزلة التّوبة

- ‌ الفرحُ بالمعصية

- ‌ المجاهرةُ بالذّنب

- ‌شرائطُ التَّوبة

- ‌حقائق التّوبة

- ‌دفعُ القدر بالقدر نوعان:

- ‌سرائرُ حقيقة التّوبة

- ‌ التَّوبة من التَّوبة

- ‌لطائف أسرار التّوبة

- ‌النّاس في الأسباب والقوى والطّبائع ثلاثة أقسامٍ:

- ‌توبةُ الأوساط من استقلال المعصية

- ‌توبةُ الخواصِّ من تضييع الوقت

- ‌ المبادرةُ إلى التَّوبة من الذَّنب فرضٌ على الفور

- ‌هل تصحُّ التّوبة من ذنبٍ مع الإصرار على غيره

- ‌ حقيقةَ التّوبة:

- ‌ التَّوبة النَّصوح وحقيقتها

- ‌ الفرق بين تكفير السّيِّئات ومغفرة الذُّنوب

- ‌التّوبةُ لها مبدأٌ ومنتهًى

- ‌ الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌الْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ

- ‌فسقُ العمل

- ‌فسقُ الاعتقاد:

- ‌ توبة المنافق

- ‌ توبةَ القاذف

- ‌ توبة السَّارق

- ‌ الإثم والعدوان

- ‌ الفحشاء والمنكر

- ‌ القول على الله بلا علمٍ

الفصل: ‌ ‌طبعات الكتاب طبع الكتاب طبعات كثيرة، نتكلم هنا عن بعض الطبعات

‌طبعات الكتاب

طبع الكتاب طبعات كثيرة، نتكلم هنا عن بعض الطبعات المعتنى بها دون التجارية منها. وأول ما طبع منه قطعة تحوي باب التسليم من قسم المعاملات وباب الرضا وباب الصبر من قسم الأخلاق، بعناية الشيخ يوسف حسين الخانفوري (ت 1352) في دهلي (الهند) سنة 1312/ 1894 م، في 72 صفحة. ثم طبع قسم منه بآخر «شرح حديث النزول» لشيخ الإسلام ابن تيمية بمطبعة القرآن والسنة بأمرتسر (الهند) سنة 1314/ 1896 م. وكلتاهما طبعة حجرية.

وعندما أراد السيد محمد رشيد رضا طبعه كاملًا بمطبعة المنار ــ لأنه في رأيه «أفضل كتب التصوف وأنفعها» ــ رأى أن ينشر بعض الفصول منه في مجلة المنار تعجيلًا بالفائدة لقرائها ولشدة الحاجة إليها، فنشر منه فصلًا في «بيان الشرك الأكبر والأصغر» في مجلة المنار مج 17 (محرم 1332 هـ/ديسمبر 1913 م) ص 30 - 33، ونشر «معالم المشاهدة وعين الجمع» و «منزلة المعاينة» فيها مج 18 (1333 هـ) ص 372 - 378. وكتب مقالًا بعنوان «التعريف بكتابي «منازل السائرين» و «مدارج السالكين» وترجمة مؤلفيهما، وبيان وجه الحاجة إلى تحرير التصوف ومكانة الكتابين والشيخين منه» (المنار مج 19/ 50 - 58).

1) طبعة المنار

طبع الكتاب كاملًا في ثلاثة مجلدات بمطبعة المنار في مصر سنة 1334 بعناية السيد محمد رشيد رضا، وقد اعتمد فيها أولًا على نسخة جاءته من

ص: 91

الكويت كتبت 1316، وبعد طباعة الجزء الأول من الكتاب وصلته ثلاث نسخ أخرى: إحداها من الخزانة الزكية (مكتبة أحمد زكي باشا التي آلت فيما بعد إلى دار الكتب المصرية)، وهي غير مؤرخة. والثانية بعث بها الشيخ محمد نصيف من الحجاز، وهي مكتوبة سنة 1301. والثالثة جاءته من مكتبة الآلوسي ببغداد، وهي مكتوبة سنة 1115. لم نطلع على هذه النسخ، ولا نعرف مصيرها. ولم نجد هذه الطبعة أثناء تحقيقنا للكتاب لنقابلها على الأصول ونحكم عليها، وإنما اطلعنا على نماذج منها فيها ذكر النسخ المعتمدة.

2) طبعة الفقي

الطبعة الثانية للكتاب هي التي صدرت بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله بمطبعة السنة المحمدية في مصر سنة 1375. ذكر فيها أنها روجعت على أربع نسخ خطية بدار الكتب المصرية، منها نسخة كتبت في سنة 823، وهي برقم 5899 مكتبة طلعت تصوف، ونسخة برقم 874 تصوف، وأخرى برقم 20523، وأخرى برقم 20531. وقد بذل الشيخ جهدًا كبيرًا في تصحيح الكتاب وضبطه ومراجعته، إلّا أنه ــ على منهجه في التحقيق ــ لم يُشِر إلى الفروق بين النسخ، بل لعله لم ينتفع عمليًّا بالمخطوط القديم الذي ذكره، وأثبت ما أثبت بذوقه واختياره، وغيَّر النصَّ وزاد فيه أو نقص بما ينسجم في نظره مع السياق دون الإشارة إلى تصرُّفه. وهذا كله منافٍ للأمانة العلمية والمحافظة على الأصول وإثباتِ النصّ كما تركه المؤلف. وقد أشرنا في الهوامش إلى شيء من هذه التصرفات ولا نريد أن نطيل الكلام بذكرها هنا.

ص: 92

أما تعليقات الشيخ على النص ففي مواضع كثيرة منها جناية على المؤلف والكتاب. ولبعضهم رسالة في نقد الفقي في تعليقاته، وقد كان ينبغي أن تكون التعليقات على المواضع المنقودة بأسلوب علمي بعيد عن التهجُّم والتطاول يؤدّي الغرض وينبِّه القارئ على الأخطاء.

وهذه الطبعة مع مراجعتها على النسخ المذكورة كثيرة التصحيف والتحريف والسقط، وفيها بعض الزيادات التي لا توجد في الأصول المعتمدة، ولا حاجة إلى التنبيه على هذه الأخطاء والتحريفات فهي كثيرة شائعة من أول الكتاب إلى آخره.

3) طبعة دار الكتب المصرية

طبعت منها أربعة مجلدات وبقي الخامس، أولها سنة 1980 م، وآخرها سنة 2002 م. والمجلد الأول بتحقيق محمد كمال جعفر، والثلاثة الباقية بتحقيق عبد الحميد عبد المنعم مدكور.

وقد اعتمدوا فيها على مخطوطات دار الكتب التي توفرت لديهم، وهي مخطوطات متأخرة ما عدا النسخة ذات الرقم [1522 تصوف طلعت] التي كتبت سنة 823، لا سنة 623 كما زعموا في (1/ 18)، فلم يكن المؤلف قد ولد بعدُ.

وقد أُثبتت في هذه الطبعة الفروق بين النسخ، إلّا أنها في الغالب تابعت طبعة الفقي، واعتمدت عليها اعتمادًا كبيرًا في اختيار النص وترجيحه ولو كان خطأ، وأثبتت الصواب في الهامش من نسخ أخرى. وفيها أخطاء وتحريفات كثيرة وزيادات مستفادة من طبعة الفقي بغير إشارة، وترجيحات غير موفَّقة إلى جانب الأخطاء المطبعية الفاحشة.

ص: 93

وهذه الطبعة وطبعة الفقي على طرفي نقيض في التعليقات على الكتاب، فإذا كان الفقي شديدًا في التعقُّب على الكتاب والمؤلف والصوفية، نجد محققي طبعة دار الكتب يقومون بالدفاع عن الصوفية وضلالاتهم وتأويلاتهم في كل موضع، ويتمحَّلون لهم الأعذار، ويترجمون لهم في عشرات الأسطر، ويسبغون عليهم الألقاب ويكيلون لهم المدائح، ويُخرِّجون أقوالهم من المراجع الكثيرة المختلفة مع أن المؤلف اعتمد في الغالب على «الرسالة القشيرية» . أما الأحاديث المرفوعة فلم يعتنوا بتخريجها، وإذا خرَّجوا شيئًا منها لم يكن على الطريقة العلمية بالرجوع إلى المصادر الأصلية، والتمييز بين الطرق، والحكم عليها في ضوء قواعد النقد.

4) طبعة دار طيبة

صدرت سنة 1423 في أربعة مجلدات بتحقيق الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجُليِّل. اعتمد المحقق فيه على طبعة المنار وطبعة الفقي ونسخة خطية واحدة متأخرة كتبت عام 1317 في ثلاثة أجزاء، والثالث منها ناقص قدر الربع. والعجيب أن المحقق ذكر أنه قد وقف على نسخة قديمة في جامعة الإمام يعود تاريخها إلى سنة 830

(1)

، ولكنه لم يعتمدها لأنه لا يوجد منها إلا مجلد واحد، فآثر النسخة المتأخرة «المتكاملة» (كذا، وفيها نقص أيضًا) عليها!

وقد بذل المحقق جهدًا في المقابلة بين المطبوعتين والنسخة الخطية

(1)

ولعلها التي اعتمدنا عليها، ولكن لم يُذكر فيها تاريخ نسخ، وإنما عليها تملك يعود إلى سنة (805) كما سبق في وصفها.

ص: 94

الوحيدة، إلا أنه كثيرًا ما يتابع طبعة الفقي مع مخالفتها للنسخة الخطية وطبعة المنار وكون ما فيهما صوابًا. ومع أنه نفسه قد ذكر في المقدمة (ص 16) أنه ظهر له «أن الشيخ الفقي رحمه الله قد يتصرف من نفسه في بعض الكلمات الموجودة في المخطوطة التي حققها» = نراه أحيانًا يثبت ما في طبعة الفقي في المتن، ويستظهر في الهامش أنه خطأ وأن الصواب ما في طبعة المنار والنسخة الخطية! انظر مثلًا:(2/ 39).

ولم يعتن المحقق بتخريج الآثار والأشعار وتوثيق النقول والأقوال، كما أخلى الكتاب من الضبط تمامًا.

5) طبعة دار ابن خزيمة

صدرت هذه الطبعة بتحقيق الشيخ عامر بن علي ياسين سنة 1424 في ثلاثة مجلدات، وقد اعتمد فيها المحقق على مخطوطة تشسربيتي وطبعة الفقي، فأثبت النصَّ بالاعتماد على المخطوط، ولم يعدل عنه إلّا إذا كان فيه تحريف أو نحوه، فأثبت ما في المطبوع مع الإشارة إلى ما في المخطوط. وجعل زيادات طبعة الفقي بين حاصرتين [] في المتن، ونبَّه على التحريفات والتصحيفات البيِّنة التي وقعت في طبعة الفقي.

واهتمَّ المحقق فيها بضبط النصّ، واستخدام علامات الترقيم، وتخريج الأحاديث المرفوعة. أما الموقوفات والإسرائيليات وأقوال أهل العلم وعبارات الصوفية فلم يجتهد فيها اجتهاده في المرفوع، بل اقتصر على التنبيه إلى المشكل منها وما يشتبه بالمرفوعات. كما علَّق على الكتاب تعقيبًا على قولٍ وتحريرًا لوجه الصواب في مسألة ونحو ذلك، وعقَّب على ابن القيم في مواضع أكثرها محتمل أو بينه المؤلف في مواضع أخرى من الكتاب أو في

ص: 95

كتبه الأخرى، ومع ذلك فقد أغلظ في عباراته، ولم يسلك مع ابن القيم مسلك التأدّب. وقد أحسنَ صنعًا أنه أفرد الكلام على تقويم «المنازل» و «المدارج» والردّ على شبهات الصوفية وآرائهم في بعض القضايا في مقدمة تحقيقه للكتاب، بحيث أغناه عن الكلام عليها في التعليقات.

ومن الملاحظات على هذه الطبعة سقوط عدة صفحات من (2/ 362) بسبب سقوطها من طبعة الفقي ونقص في مصورته من نسخة تشستربيتي.

وبالجملة فهذه الطبعة أفضل من سابقاتها، لاعتماده على نسخة تشستربيتي، وينقُصها توثيقُ النصوص والأقوال والأشعار، وربط الكتاب بكتب المؤلف الأخرى. وبمراجعة الكتاب على المخطوطات الأخرى القديمة ظهرت لنا أخطاء وتصحيفات في نسخة تشستربيتي كما بيناها في تعليقاتنا على طبعتنا هذه.

6) طبعة دار الصميعي

هذه الطبعة صدرت سنة 1432 في خمسة مجلدات والسادس فهارس، وكانت في الأصل رسائل دكتوراه لخمسة من الباحثين قدموها إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وهم: ناصر بن سليمان السعوي، وعلي بن عبد الرحمن القرعاوي، وصالح بن عبد العزيز التويجري، وخالد بن عبد العزيز الغنيم، ومحمد بن عبد الله الخضيري. وقد اعتمدوا في التحقيق على إحدى عشرة نسخة من الكتاب بعضها قديم وأكثرها متأخر وبخط حديث، وأهمها نسختا حلب وتشستربيتي، ونسختا دار الكتب المصرية [1522 تصوف طلعت، 103 تصوف قوله]. وليس من هذه المخطوطات القديمة نسخة كاملة إلا نسخة تشستربيتي.

ص: 96

وقد اهتم الباحثون بإثبات الفروق بين جميع النسخ القديمة والحديثة، ولو أنهم اقتصروا في ذلك على المخطوطات القديمة المذكورة لكان أولى وأجدى من حشد الفروق بين النسخ المتأخرة، وأكثرها فروع عن النسخ القديمة. ومن الغريب أنهم لم يعتمدوا على نسخة جامعة الإمام [8860/خ](التي تحتوي على المجلد الأول إلى أثناء باب الاستقامة)، مع أنها كانت في متناول أيديهم. وهي نسخة قديمة كتبت في القرن الثامن تقديرًا.

واغترَّ المحققون بتاريخ النسخ (سنة 731) المذكور في آخر نسخة حلب، فظنُّوا أنها كتبت قبل وفاة المؤلف بعشرين سنة، وجعلوها الأصل وقد ذكرنا في وصف النسخ أن التاريخ المذكور ليس بخط ناسخ النسخة. وهي وإن كانت قديمة إلا أن فيها أخطاءً صوابها في نسخة تشستربيتي وغيرها من النسخ القديمة، ولكن المحققين أثبتوا النصَّ ــ وإن كان خطأ ــ بالاعتماد على نسخة حلب التي جعلوها الأصل، وذكروا الصواب في الحاشية، وعلى العكس من ذلك خطَّأوا أحيانًا ما في أصلهم وعدلوا عنها مع أن ما فيها صواب، وفي مواضع كثيرة أثبتوا ما في المطبوع ولم يستفيدوا من المخطوطات شيئًا. وليست المجلدات كلها سواء في مستوى التحقيق، والمجلد الأول أفضلها، فالنص فيه سليم في الجملة، وإن لم يخلُ من أخطاء.

و نذكر هنا نماذج متفرقة من الأخطاء:

1/ 244: «فما غفر عن عجز وجهل بجرم الجاني، فأنت لا تغفر إلا عن قدرة تامة وعلم تام

». وفي الهامش (2): «العبارة في جميع النسخ: «فمن» ، والأصوب حسب السياق ما أثبته». قلنا: ما اتفقت عليه النسخ صواب

ص: 97

محض. «من» شرطية، وجوابها محذوف. والمعنى: من غفر عن عجز وجهل بجرم الجاني فليغفر، أما أنت فلا تغفر إلا عن قدرة ....

1/ 291: «فمنها ما يطمس البصر ويسقط الحبل» . وفي الهامش (2): «في الأصل: «يلتمس» ، والمثبت من باقي النسخ الخطية». قلنا: الوارد في الأصل صواب محض، والمؤلف يشير إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها:«اقتلوا ذا الطُّفيتين، فإنه يلتمس البصر ويصيب الحبل» أخرجه البخاري (3308) ومسلم (2232).

1/ 372: «وأنَّ العبادةَ موجَبُ إلهيّته وأثرُها ومقتضاها، وارتباطُها بها كارتباط متعلَّق الصِّفات بالصِّفات وكارتباط المعلوم بالعلم، والمقدور بالقدرة، والأصوات بالسمع، والإحسان بالرحمة، والعطاء بالجود» . قلنا: الواو قبل «كارتباط المعلوم» زادها بعضهم في أصلهم، بل في أصلنا أيضا، وزيادتها خطأ، فإن كل ما ذكر بعده هو من أمثلة ارتباط متعلَّق الصفات بالصفات. وقد خفي السياق على من زاد الواو.

1/ 430: «وقولهم: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} أعجب» . قلنا: في الأصل، ش:«فعجب» ، فخالف المحقق أصله مع صحته ولم يشر إلى فروق النسخ.

1/ 560: «فجعله هاجرا بلا ذنب» . قلنا: سقط كلمة «له» بعد «هاجرا» ، وهي ثابتة في الأصل وغيره.

1/ 568: «ومن أراد رضاي أراد أردت ما يريد، ومن» . قلنا: كذا ورد النص ناقصًا، وقد سقط بعده:«تصرَّف بحولي ألنتُ له الحديد» . وهذا السقط من أخطاء الطبع.

ص: 98

1/ 770: «من خوف من الله، وحياء منه، والإطراق بين يديه» . كذا أثبت «والإطراق» مع أن في الأصل وش: «وإطراق» ، وهو الأنسب للسياق.

1/ 781: «والناس استقبلوا هذا الحديث» . كذا أثبت النص دون إشارة إلى خلاف بين النسخ، مع أن في الأصل:«والناس اشتغلوا بهذا الحديث» وهو موافق لما في أصلنا.

2/ 1191 «والجبروت» . وفي الهامش (3): «في الأصل والجميع: الجبرية، وهو خطأ. وما أثبته من المطبوع» . قلنا: في المعاجم الجِبرياء والجبرية والجبروت كلها بمعنًى. وليس شيء منها خطأ.

2/ 1201 «فيصير عين مراد الرب هو عين مراد العبد» . وعلق على «هو» (1): «هو ساقطة من الأصل وش، وما أثبته من باقي النسخ ولا يستقيم المعنى إلا بها» . قلنا: لا حاجة إلى الزيادة، والمعنى يستقيم بدونها كما لا يخفى.

2/ 1217 «فيعدله إحساسًا بالخلق» . والصواب كما في النسخ: «فبعدُ له إحساس بالخلق» .

2/ 1226 «وهذا أيضًا موضعٌ لا بدَّ من تجريده» . والصواب: «لا بد من تحريره» .

2/ 1238 «يا لله!» . صوابها: «تاللهِ» .

2/ 1240 «ما يبغضه الله» . سقط قبلها: «القسم الثاني من السماع» ، كما في الأصل.

2/ 1258 «بالغناء المقرون بالمعازف والشادن» . والصواب: «الشاهد» كما في الأصول، وهو الأقرب للسياق خلاف ما ادعاه في الهامش.

ص: 99

2/ 1256 «ويسمعونها ويتدارسونها» . في عامة النسخ: «ويَسمعونها ويُسمعونها ويتدارسونها» سقط في المطبوع الفعل الثاني.

2/ 1323 «وكان بعض الصحابة رضي الله عنهم وهو حذيفة» . قلنا: «وهو حذيفة» ليس في الأصل وش وغيرهما. والزيادة من أحد القراء تحت السطر في نسخة دار الكتب (ع). وهو خطأ، فالأثر المذكور عن أبي الدرداء. والمحقق أثبت الزيادة دون أي إشارة.

2/ 1505 «من إقباله عليه» . صوابه: «مراقبًا له» كما في الأصل.

3/ 1776 «وتوكُّله أعظم توكُّلٍ. وقد قال الله: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} ، وفي ذكر أمره بالتوكُّل مع إخباره بأنَّه على الحقِّ

». سقط من المطبوع ما تحته خط.

3/ 1899 «والراحة والتعب والسقم» . سقط «والصحة» قبل «والسقم» .

3/ 1953 «وتضعف القوى» . صوابها كما في الأصل وغيره: «ويعصف الهوى» .

3/ 2122 «وأظن أن هذا مراد المحاسبي

» (الفقرة بتمامها في خمسة أسطر) ليست في الأصل ولا ش. وأثبتها المحقق من نسخة دار الكتب دون الإشارة إلى ذلك.

3/ 2153 «إني لا أُطعم ضيفي البائتَ» . وعلق عليه: «جميع النسخ (ضيفاي)، وما أثبته هو الصحيح لغة» . قلنا: الذي في النسخ: «أضيافي» ، ولا غبار عليه، ففي المعاجم أن الضيف يجمع على أضياف وضيوف وضياف وضيفان.

ص: 100

3/ 2153 «فلما طلع النهار» . وعلق عليه أن الأصل «مَتَع» ، فلماذا غيَّره؟ يقال: مَتَعَ النهار أي بلغ غاية ارتفاعه، وهو ما قبل الزوال.

3/ 2155 «ومن الجود به أن تبذله لمن يسألك عنه» . سقطت «لم» قبل الفعل «يسألك» ، فانقلب المعنى.

3/ 2158 كتب بيتٌ من الشعر بصورة النثر: «لقبوه بحامض، وهو حلو، مثل من لم يصل إلى العنقود» . وهما شطران، والشطر الثاني يبدأ من «مثل» .

3/ 2161 «إنه من جود البذل» . سقطت «أفضل» قبل «من» .

3/ 2200 «وهو منصب في جدول الطبيعة» . الصواب «حدور» بمعنى الدفع من أعلى المجرى إلى أسفله.

3/ 2224 «ويكف من عزمه» . والصواب كما في الأصل: «غَرْبه» . والغَرْب هنا بمعنى الحدّة والنشاط.

3/ 2228 «وقد صنَّف في ذلك ابن عبد البر كتابًا أسماه محن العلماء» . قلنا: الصواب كما في النسخ «ابن زَبْر» ، وهو عبد الله بن زَبْر الربعي، له كتاب «محن العلماء» من مرويات الحافظ ابن حجر في «المجمع المؤسس» (2/ 70)، والروداني في «صلة الخلف» (ص 421).

3/ 2238 «والبخيل والجبار» . صوابه: «والبخيل والجبان» كما في النسخ.

3/ 2274 «عمر بن عثمان المكي» . صوابه: «عمرو» .

3/ 2291 «فالزهد فيها لا يُفِتْكَها» . والصواب: «لا يُفِيْتُكَها» .

ص: 101

3/ 2323 «ولكني أريد به الدُّوينا» . والصواب: «الذَّوِيْنا» .

3/ 2365 «لا تأمروا حتى يأمروا» . والصواب: «

حتى يأمر».

3/ 2369 «كل شقي ومغتر ومدبر» . والصواب: «مُعثَّر» مكان «مغتر» .

وأكبر ما يؤخذ على هذه الطبعة أنه سقط منها شرحُ (منزلة الانبساط أو البسطة) بعد (3/ 2300)، وهي موجودة في جميع النسخ وطبعة الفقي (2/ 354 - 359)، وعلى هذا فهي طبعة ناقصة.

ومما يلاحظ عليها أيضًا أن المحققين لم يهتموا بضبط النص فيها إلا قليلا. نعم، ضبطوا متن المنازل، فبالغوا في ضبطه، ولكن شرح ابن القيم أيضا كان بحاجة شديدة إلى ضبط ما يحتاج إلى ضبطه، فإنه يعين على فهم الكلام.

ومما فاتهم أيضا أن الآيات في الأصل وغيره من النسخ القديمة وردت على قراءة أبي عمرو بن العلاء، ولكنهم أثبتوها على قراءة حفص، حتى في المواضع التي بني فيها المؤلف استدلاله على قراءة أبي عمرو. ومن ذلك أن المؤلف لما ذكر طريقة القرآن في إسناد الخيرات والنعم إلى الله تعالى وحذف الفاعل في مقابله استدل بآيات منها قوله تعالى في سورة النساء:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [23] ثم قوله: {وَأَحَلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [24]، فحذف الفاعل في الآية الأولى، وذكره في الثانية. فلما أثبتت الآية الثانية في طبعة الصميعي (1/ 186) على قراءة حفص بلفظ {وَأُحِلَّ} بطل استدلال المؤلف.

أما تعليقاتهم على الكتاب فهي تختلف من محقق إلى آخر، وقد أطالوا

ص: 102

دون جدوى في تخريج الأحاديث والآثار وأقوال الصوفية، وكان كثير منها غنيًّا عن الإطالة، وكذلك اهتموا بترجمة الأعلام

(1)

، والتعريف بالفرق والبلدان، وشرح المصطلحات الصوفية وتفسير الغريب وغير الغريب من الكلمات، وتوسَّعوا في ذلك حسب منهج التحقيق السائد في الجامعات. وفيما ذكروه أخطاء وأوهام لا نحب أن نخوض فيها. وهناك تقصير واضح في تخريج الشعر، فلم يعرفوا أبياتًا مشهورة في الدواوين والمختارات الشعرية وكتب الأدب، وأحالوا إلى مراجع متأخرة بدلًا من المصادر القديمة.

أما الفهارس فاقتصروا منها على الفهارس اللفظية، ومع ذلك ففيها تقصير كثير، ففهرس الأعلام مثلًا لم يذكروا فيه إلا مكان ترجمة المحققين للعَلَم فقط، ولم يستوعبوا أماكن وروده في الكتاب دون تنبيه على ذلك، والعجيب أنهم ذكروا في الفهرس أماكن ترجمة العلم من كل مجلد، فكأنه فهرس لأماكن الترجمة لا للأعلام، فابن تيمية ــ مثلًا ــ ورد في الكتاب نحو 80 مرة، ولم يذكروا إلا أربعة مواضع، والإمام أحمد ورد أكثر من 50 مرة ولم يذكروا إلا أربعة مواضع، هي التي ترجمَه فيها كلُّ واحد منهم. وقُل مثل ذلك في جميع فهرس الأعلام، وربما تكررت الترجمة في مجلد واحد، وربما أحالوا إلى رقم صفحة من مقدمة الكتاب! هذا نموذج لما وقع في فهرس الأعلام، وقد وقع مثله أو قريب منه في الفهارس الأخرى!

* * *

(1)

لم يحصل بين الباحثين تنسيق عند طبع الكتاب، فتكررت تراجم الأعلام في كل مجلد، فمثلًا (دلف بن جحدر الشبلي) تُرجم له في أربعة مواضع من الهوامش: 1824، 1851، 2575، 3596، وفي كل ترجمة معلومات جديدة ومتناقضة!

ص: 103

بني آدم إلّا بالصُّورة والشّكل.

فإذا قابلت النّفسُ الزَّاكيةُ العُلويّةُ الشَّريفةُ التي فيها غضبٌ وحميّةٌ للحقِّ هذه النُّفوسَ الخبيثة السَّمِّيّةَ، وتكيّفَت بحقائق الفاتحة وأسرارها ومعانيها، وما تضمَّنته من التّوحيد والتّوكُّل، والثّناءِ على الله سبحانه وتعالى، وذكرِ أصول أسمائه الحسنى، وذكرِ اسمه الذي ما ذُكِرَ على شرٍّ إلّا أزاله ومَحَقَه، ولا على خيرٍ إلّا أنماه

(1)

وزاده= دفعت هذه النّفسُ بما تكيَّفت به من ذلك أثرَ تلك النّفسِ الخبيثةِ الشَّيطانيّة، فحصَل البرءُ. فإنّ مبنى الشِّفاء والبرء على دفع الضِّدِّ بضدِّه، وحفظِ الشّيء بمثله، فالصِّحّة تُحفَظ بالمثل، والمرضُ يُدفَع بالضِّدِّ= أسبابٌ ربَطَها بمسبَّباتها الحكيمُ العليمُ خلقًا وأمرًا. ولا يتمُّ هذا إلّا بقوّةٍ من النّفس الفاعلة، وقبولٍ من الطّبيعة المنفعلة. فلو لم تنفعل نفسُ الملدوغ لقبول الرُّقية، ولم تقوَ نفسُ الرّاقي على التّأثير، لم يحصل البرء.

فهنا أمورٌ ثلاثةٌ: موافقةُ الدّواء للدّاء، وبذلُ الطّبيب له، وقبولُ طبيعة العليل؛ فمتى تخلَّف واحدٌ منها لم يحصل الشِّفاء، وإذا اجتمعت حصل الشِّفاء ــ ولا بدَّ ــ بإذن الله تعالى.

ومن عرف هذا كما ينبغي تبيّن له أسرارُ الرُّقى، وميَّز بين النّافع منها وغيره، ورقى الدّاءَ بما يناسبه من الرُّقى، وتبيَّن له أنّ الرُّقية براقيها وقبول المحلِّ، كما أنّ السَّيف بضاربه مع قبول المحلِّ للقطع. وهذه إشارةٌ مطلعةٌ على ما وراءها لمن دقَّ نظرُه، وحسُنَ تأمُّله

(2)

. والله أعلم.

(1)

ع: "نمَّاه".

(2)

وانظر: "زاد المعاد"(4/ 16 - 17، 236 - 238، 243، 254 - 256).

ص: 91

وأمّا شهادة التّجارب بذلك فهي أكثر من أن تذكر، وذلك في كلِّ زمانٍ. وقد جرّبتُ أنا من ذلك في نفسي وفي غيري أمورًا عجيبةً، ولا سيّما مدّةَ المقام بمكّة أعزَّها الله تعالى. فإنّه كان يعرض لي آلامٌ مزعجةٌ، بحيث تكاد تقطع الحركةَ منِّي، وذلك في أثناء الطّواف وغيره، فأبادر إلى قراءة الفاتحة، وأمسح بها محلَّ الألم، فكأنّه حصاةٌ تسقط. جرَّبتُ ذلك مرارًا عديدةً. وكنت آخذ قدحًا من ماء زمزمٍ فأقرأ عليه الفاتحة مرارًا وأشربه، فأجد به من النّفع والقوَّة ما لم أعهد مثله في الدَّواء

(1)

. والأمرُ أعظم من ذلك، ولكن بحسب قوّة الإيمان وصحّة اليقين. والله المستعان.

فصل

في اشتمال الفاتحة على الرّدِّ على جميع المُبطلين من أهل الملل والنِّحل، والرَّدِّ على أهل البدع والضّلال من هذه الأمّة

وهذا يُعلَم بطريقين: مجملٍ ومفصّلٍ.

فأمَّا المجمل، فهو أنّ الصِّراط المستقيم يتضمَّن

(2)

معرفةَ الحقِّ، وإيثارَه وتقديمَه على غيره، ومحبّتَه والانقيادَ له، والدَّعوةَ إليه، وجهادَ أعدائه بحسب الإمكان.

والحقُّ هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما جاء به علمًا وعملًا في باب صفات الرّبِّ سبحانه وتعالى وأسمائه وتوحيده، وأمره ونهيه،

(1)

وانظر: "الداء والدواء"(ص 8)، و"زاد المعاد"(4/ 254، 584)، و"مفتاح دار السعادة"(2/ 713).

(2)

ع: "متضمِّن".

ص: 92

ووعده ووعيده، وفي حقائق الإيمان التي هي

(1)

منازل السّائرين. وكلُّ ذلك مسلّمٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون آراء الرِّجال وأوضاعهم وأفكارهم واصطلاحاتهم. فكلُّ علمٍ أو عملٍ أو حقيقةٍ أو حالٍ أو مقامٍ خرج من مشكاة نبوّته، وعليه السِّكَّة المحمَّديّة، بحيث يكون من ضَرْبِ المدينة، فهو من الصِّراط المستقيم. وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب أو الضّلال. فما ثَمَّ خروجٌ عن هذه الطُّرق الثَّلاث: طريقِ الرَّسول وما جاء به، وطريقِ أهل الغضب وهي طريقُ مَن عرَفَ الحقَّ وعانَده، وطريقِ أهل الضَّلال وهي طريقُ من أضلَّه الله عنه.

ولهذا قال عبد الله بن عبّاسٍ وجابر بن عبد الله

(2)

: الصِّراط المستقيم: هو الإسلام.

وقال عبد الله بن مسعودٍ وعليُّ بن أبي طالبٍ: هو القرآن. وفيه حديثٌ مرفوعٌ في التِّرمذيِّ وغيره

(3)

.

وقال سهل بن عبد الله

(4)

: طريق السُّنة والجماعة.

(1)

ما عدا ع: "بين" ولعله تحريف. كتب بعضهم في م فوق السطر: "هي" مع علامة "ظ".

(2)

"وجابر بن عبد الله" من ش، ع، وزيدت في هامش م أيضًا. وروي القول الآتي عنهما في "تفسير البغوي"(1/ 54) والأقوال الآتية كلها منقولة منه.

(3)

أخرجه الترمذي (2906) والبزار (3/ 71) وابن نصر في "قيام الليل"(ص 173 - المختصر) والبيهقي في "شعب الإيمان"(1788) من رواية حارث الأعور عن علي رضي الله عنه. قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده مجهول، وفي الحارث مقال".

(4)

التُّسْتَري. انظر: "الكشف والبيان" للثعلبي (1/ 121).

ص: 93

وقال بكر بن عبد الله المُزَنيُّ: طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا ريب أنَّه ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه علمًا وعملًا، وهو معرفةُ الحقِّ وتقديمُه وإيثارُه على غيره

(1)

.

فبهذا الطَّريق المجملة نعلم

(2)

أنَّ كلَّ ما خالفه فباطلٌ، وهو من صراط الأمّتين: الأمّة الغضبيّة، وأمّة الضّلال

(3)

.

فصل

وأمّا الطريق المفصَّلة

(4)

، فمعرفة المذاهب الباطلة، واشتمال كلمات الفاتحة على إبطالها، فنقول:

النّاس قسمان: مقرٌّ بالخالق تعالى، وجاحدٌ له. فتضمُّنُ

(5)

الفاتحة لإثبات الخالق تعالى والرَّدِّ على من جحَده: بإثبات ربوبيّته تعالى للعالمين.

وتأمَّلْ حالَ العالم كلِّه: علويِّه وسفليِّه، بجميع أجزائه، تجِدْه شاهدًا بإثبات صانعه

(6)

وفاطره ومليكه. فإنكارُ صانعه وجحدُه في العقول والفِطَر

(1)

في ع بعده زيادة: "فهو الصراط المستقيم، وكل هذه الأقوال المتقدِّمة دالَّة عليه جامعة له".

(2)

ع: "المجمل يُعلم".

(3)

ع: "وأمة أهل الضلال".

(4)

ع، ج:"المفصل"، وكذا كان في الأصل ثم أصلح.

(5)

ضبط في م، ش بضم الميم المشدَّدة، يعني أنه مبتدأ، والخبر:"بإثبات". وفي ق، ج:"فضمن"، وكذا كان في ل ثم زيدت التاء.

(6)

ج: "صفات صانعه".

ص: 94

بمنزلة إنكار العالم وجحده، لا فرق بينهما. بل دلالةُ الخالق على المخلوق، والفعَّالِ

(1)

على الفعل، والصَّانعِ على أحوال المصنوع، عند العقول الزَّاكية المشرقة العُلْويّة والفِطَر الصّحيحة= أظهَرُ من العكس.

والعارفون

(2)

أرباب البصائر يستدلُّون بالله على أفعاله وصُنْعه، إذا استدلَّ النّاسُ بصُنعه وأفعاله عليه. ولا ريب أنّهما طريقان صحيحان، كلٌّ منهما حقٌّ، والقرآن مشتملٌ عليهما.

فأمّا الاستدلالُ بالصّنعة فكثيرٌ. وأمّا الاستدلال بالصّانع فله شأنٌ، وهو الذي أشارت إليه الرُّسل بقولهم لأممهم:{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي} أي أيُشَكُّ في الله حتّى يُطلَب إقامةُ الدّليل على وجوده! وأيُّ دليلٍ أصحُّ وأظهر من هذا المدلول! فكيف يُسْتدَلُّ على الأظهر بالأخفى! ثمّ نبّهوا على الدّليل بقولهم: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10].

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة رضي الله عنه

(3)

يقول: كيف تَطلُب

(4)

الدّليلَ على من هو دليلٌ على كلِّ شيءٍ؟ وكان كثيرًا يتمثَّل بهذا البيت:

وليس يصحُّ في الأذهان شيءٌ

إذا احتاج النّهار إلى دليلٍ

(5)

(1)

ل، ج:"الفاعل".

(2)

ع: "فالعارفون".

(3)

ج: "رحمه الله". وفي ع: "تقي الدين بن تيمية".

(4)

م، ج، ع:"يُطلب".

(5)

البيت للمتنبي في "ديوانه"(ص 334 - ط عزَّام) وقد أنشده المؤلف في غير كتاب له، وسيأتي مرة أخرى في كتابنا هذا. والرواية:"في الأفهام".

ص: 95

ومن المعلوم

(1)

أنّ وجودَ الرَّبِّ تعالى أظهَرُ للعقول والفِطَر من وجود النّهار. ومن لم ير ذلك في عقله وفطرته فليتَّهمها

(2)

.

وإذا بطل قولُ هؤلاء بطل قولُ أهل الإلحاد

(3)

القائلين بوحدة الوجود وأنَّه ما ثَمَّ وجودٌ قديمٌ خالقٌ، ووجودٌ حادثٌ مخلوقٌ؛ بل وجودُ هذا العالم هو عينُ وجود الله، وهو حقيقةُ هذا العالم. فليس عند القوم ربٌّ وعبدٌ، ولا مالكٌ ومملوكٌ، ولا راحمٌ ومرحومٌ، ولا عابدٌ ومعبودٌ، ولا مستعينٌ ومستعانٌ به، ولا هادٍ ومهديٌّ، ولا منعِمٌ ومنعَمٌ عليه، ولا غضبانُ ومغضوبٌ عليه بل الرَّبُّ هو نفسُ العبد وحقيقته، والمالكُ هو عين المملوك، والرَّاحمُ عين المرحوم، والعابدُ نفس المعبود. وإنّما التّغاير أمرٌ اعتباريٌّ بحسَبِ مظاهر الذّات وتجلِّياتها، فتظهر تارةً في صورة المعبود كما ظهرت في صورة فرعون، وفي صورة عبد كما ظهرت في صورة العَبِيد، وفي صورة هادٍ كما ظهرت في صورة الأنبياء عليهم السلام والرُّسل والعلماء. والكلُّ من عينٍ واحدةٍ، بل هو العين الواحدة. فحقيقةُ العابد ووجودُه وإنِّيّتُه

(4)

: هي حقيقة المعبود

(1)

ع: "ومعلومٌ".

(2)

ل: "فليتهمهما".

(3)

ما عدا م، ع:"الاتحاد"، وأشير إليها في هامش نسخة م، ولعله تصحيف.

(4)

ق، ل:"أينيته" ولكنها مغيَّرة فيهما. وفي ش: "أيِّيَّته" نسبة إلى "أيّ". والمثبت من ج. في "تعريفات الجرجاني"(ص 39 - ط فلوغل): "الإنِّيّة: تحقُّق الوجود العيني من حيث مرتبة الذاتية". والوارد في ش، ق ليس غلطًا ولكنه غير مقصود هنا فيما يظهر. قال صاحب "الشفا" في قسم المنطق ــ المدخل (ص 46):"إنَّ الذَّاتيَّ الدالَّ على الماهية يقال له: المقول في جواب ما هو؟ والذاتِيُّ الدالُّ على الإنِّيَّة يقال له: المقول في جواب أيُّ شيء هو في ذاته؟ أو أيُّ ما هو؟ ". الظاهر أن "الإنيَّة" في عبارة "الشفا" هذه تصحيف "الأيِّيَّة". وانظر: "رسائل الكندي الفلسفية"(ص 129) ــ تعليق المحقق. و"المعجم الفلسفي" لجميل صليبا (ص 169 - 171).

ص: 96

ووجوده وإنِّيّته.

فالفاتحة من أوّلها إلى آخرها تبيِّن بطلان قول هؤلاء الملاحدة وضلالهم.

فصل

والمقرُّون بالرَّبِّ تعالى أنّه صانع العالم نوعان:

نوعٌ ينفي مباينتَه لخلقه، ويقولون: لا مباين ولا محايث

(1)

، ولا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا يمينه ولا يساره، ولا خلفه ولا أمامه، ولا فيه ولا بائن عنه. فتضمُّنُ الفاتحةِ للرَّدِّ على هؤلاء من وجهين

(2)

:

أحدهما: إثبات ربوبيّته عز وجل للعالم، فإنَّ الرُّبوبيَّةَ المحضةَ تقتضي مباينةَ الرَّبِّ للعالم بالذّات، كما باينهم بالرُّبوبيّة وبالصِّفات والأفعال. فمَن لم يُثبت ربًّا مباينًا للعالم فما أثبَتَ ربًّا، فإنّه إذا نفى المباينة لزمه أحدُ أمرين لزومًا لا انفكاك له عنه البتّة: إمّا أن يكون هو نفسَ هذا العالم، وحينئذٍ يصحُّ قوله، فإنّ العالم لا يباين ذاته ونفسه. ومن هاهنا دخل أهلُ الوحدة، كانوا معطِّلةً أوّلًا، واتِّحاديّةً ثانيًا. وإمّا أن يقول: ما ثَمَّ ربٌّ يكون مباينًا ولا محايثًا، ولا داخلًا ولا خارجًا، كما قالته

(3)

الدّهريّة المعطِّلة للصّانع.

(1)

ع: "مجانب"، تصحيف.

(2)

لم يذكر المؤلف الوجه الثاني. ومن الغريب أنه لم يتفطَّن لذلك عند قراءة الكتاب عليه، لا هو ولا القراء.

(3)

ع: "قاله".

ص: 97

وأمّا هذا القول الثّالث المشتمل على جمع النّقيضين: إثباتِ الرَّبِّ مغايرًا

(1)

للعالم مع نفي مباينته للعالم، وإثباتِ خالقٍ قائمٍ بنفسه، لا في العالم ولا خارج العالم، ولا فوق العالم ولا تحته، ولا خلفه ولا أمامه، ولا يمينه ولا يساره

(2)

= فقولٌ له خبيءٌ

(3)

، والعقولُ لا تتصوَّره حتّى تصدِّق به. فإذا استحال في العقل تصوُّرُه، فاستحالةُ التّصديق به أظهر

(4)

. وهو منطبقٌ على العدم المحض والنّفي الصِّرف، وصدقُه عليه أظهر عند العقول والفطر من صدقِه على ربِّ العالمين.

فضَعْ هذا النّفيَ وهذه الألفاظَ الدّالّةَ عليه

(5)

على العدم المستحيل، ثمَّ ضَعْها على الذّات القائمة بنفسها، التي لم تحِلَّ في العالم، ولا حَلَّ العالمُ فيها، ثمّ انظر أيُّ المعلومين أولى به؟ واستيقِظْ لنفسك، وقُمْ لله قومةَ مفكِّرٍ في نفسه في الخلوة في هذا الأمر، متجرِّدٍ عن المقالات وأربابها وعن الهوى والحميّة والعصبيّة، صادقٍ في طلب الهدى

(6)

من الله تعالى؛ فاللهُ أكرَمُ من أن يخيِّب عبدًا هذا شأنه.

(1)

ع: "ربٍّ مغايرٍ".

(2)

ع: "يسرته".

(3)

انظر مثله في "الصواعق"(1/ 294). وقد ضبط في م: "خَبْئٌ". والخَبْءُ والخبيء والخبيئة: الشيء المستور. يعني نفي الذات.

(4)

ع: "أظهر وأظهر".

(5)

"عليه" ساقط من ش، م.

(6)

ع: "الهداية".

ص: 98

وهذه المسألة لا تحتاج إلى أكثر

(1)

من إثبات ربٍّ قائمٍ بنفسه مباينٍ لخلقه، بل هذا نفس ترجمتها.

فصل

(2)

ثمّ المثبتون للخالق تعالى نوعان: أهل توحيدٍ، وأهل إشراكٍ.

وأهل الإشراك نوعان:

أحدهما: أهل الإشراك به في ربوبيّته وإلهيّته كالمجوس ومن ضاهاهم من القدريّة، فإنّهم

(3)

يُثبتون مع الله خالقًا آخر، وإن لم يقولوا: إنّه مكافئٌ له. والقدريّةُ المجوسيَّةُ تُثبِت مع الله خالقِين للأفعال، ليست أفعالهم مقدورةً لله ولا مخلوقةً له

(4)

، وهي صادرةٌ بغير مشيئته، ولا قدرة له عليها، ولا هو الذي جعل أربابها فاعلين، بل هم الذين جعلوا أنفسهم شائين مريدين فاعلين! فربوبيَّةُ العالم الكاملة المطلقة الشّاملة تُبطِل أقوال هؤلاء كلِّهم، لأنّها تقتضي ربوبيَّتهَ لجميع ما فيه من الذّوات والصِّفات والحركات والأفعال.

وحقيقة قول القدريّة المجوسيّة: أنّه تعالى ليس ربًّا لأفعال الحيوان، ولا تناولتها ربوبيَّتُه، إذ كيف تتناول ما لا يدخل تحت قدرته ومشيئته وخلقه؟ مع أنّ في عموم حمده ما يقتضي حمدَه على طاعات خلقه، إذ هو المعين عليها والموفِّق لها، والذي شاءها منهم، كما قال في غير موضعٍ من كتابه: {وَمَا

(1)

ج: "لأكثر" وكذا كان في ق، ل ثم أصلح فيهما. وفي ش:"إلا" ثم بياض بقدر كلمة.

(2)

بإزائه في هامش الأصل: "بلغ مقابلة وقراءة على مصنفه".

(3)

يعني: المجوس.

(4)

ع: "لهم"، تحريف.

ص: 99

تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30، التكوير: 29]. فهو محمودٌ على أن شاءها لهم، وجعلهم فاعليها

(1)

بقدرته ومشيئته، فهو المحمود عليها في الحقيقة. وعندهم أنّهم هم المحمودون عليها، فلهم الحمدُ على فعلها، وليس لله حمدٌ على نفس فاعليّتها عندهم، ولا على ثوابه وجزائه عليها. أمّا الأوّل، فلأنّ فاعليّتها بهم، لا به. وأمّا الثّاني، فلأنّ الجزاء مستحَقٌّ عليه استحقاقَ الأجرة على المستأجِر، فهو محضُ حقِّهم الذي عاوضوه عليه.

وفي قوله: {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

(2)

ردٌّ ظاهرٌ عليهم، إذ استعانتهم به إنّما تكون على شيءٍ هو بيده وتحت قدرته ومشيئته، فكيف يستعين مَن بيده الفعلُ وهو موجده ــ إن شاء أوجده، وإن شاء لم يوجده ــ بمن ليس ذلك الفعلُ بيده، ولا هو داخلٌ تحت قدرته

(3)

ولا مشيئته!

وفي قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أيضًا ردٌّ عليهم، فإنّ الهدايةَ المطلقةَ التَّامَّة هي المستلزمة لحصول الاهتداء، ولولا أنّها بيده تعالى دونهم ما

(4)

سألوه إيّاها. وهي

(5)

المتضمِّنة للإرشاد والبيان والتّوفيق والاقتدار

(6)

(1)

في الأصل: "شاءها لهم منهم لهم فاعليها" مع الضرب على "لهم" الأولى. وكذا "منهم

" في ل، م، ش، فغيِّر في ل إلى "منهم فهم فاعلوها" كما في ج. وغيِّر في ش إلى "منهم فجعلهم فاعليها"، ونحوه في م والمثبت من ع.

(2)

كذا في الأصل وغيره دون الواو قبلها. وفي ش وردت الآية كاملة.

(3)

ش: "تصرُّفه"، وأشير في هامش م إلى هذه النسخة.

(4)

ع: "لما".

(5)

ل: "فهي".

(6)

ع: "الإقدار".

ص: 100

وجَعْلِهم مهتدين. وليس مطلوبُهم مجرَّدَ البيان والدِّلالة كما ظنّته القدريّة، لأنّ هذا القدر وحده لا يُوجِب الهدى، ولا ينجي من الرَّدى، وهو حاصلٌ لغيرهم من الكفّار الذين استحبُّوا العمى على الهدى، واشتروا الضَّلالة بالهدى.

فصل

النّوع الثّاني: أهل الإشراك به في إلهيّته. وهم المقرُّون بأنّه وحده ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه وخالقُه، وأنّه ربُّهم وربُّ آبائهم الأوّلين، وربُّ السَّماوات السَّبع وربُّ العرش العظيم. وهم مع هذا يعبدون غيرَه ويعدِلون به سواه في المحبّة والطّاعة والتّعظيم، وهم الذين اتّخذوا من دونه أندادًا. فهؤلاء لم يوفُّوا {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} حقَّه، وإن كان لهم نصيبٌ من "نعبدك"، لكن ليس لهم نصيبٌ من {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} المتضمِّن معنى: لا نعبد إلّا إيّاك حبًّا وخوفًا ورجاءً وطاعةً وتعظيمًا.

فـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تحقيقٌ لهذا التّوحيد وإبطالٌ للشِّرك في الإلهيّة، كما أنّ {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تحقيقٌ لتوحيد الرُّبوبيّة وإبطالٌ للشِّرك به. وكذلك قوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فإنّهم أهل التّوحيد، وهم أهل تحقيق {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . وأهلُ الإشراك هم أهلُ الغضب والضّلال.

فصل

في تضمُّنها الرّدّ على الجهميّة معطِّلة الصِّفات

وذلك من وجوهٍ:

أحدها

(1)

: من قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ، فإنّ إثبات الحمد الكامل له

(1)

والوجوه الأخرى ما يليه من إثبات صفات الرحمة، والربوبية، والإلهية.

ص: 101

يقتضي ثبوتَ كلِّ ما يُحمَد عليه من صفات كماله ونعوت جلاله؛ إذ مَن عدِمَ صفاتِ الكمال فليس بمحمودٍ على الإطلاق، وغايتُه أنّه محمودٌ من وجهٍ دون وجهٍ. ولا يكون محمودًا بكلِّ وجهٍ وبكلِّ اعتبارٍ لجميع

(1)

أنواع الحمد إلّا مَن استولى على صفات الكمال جميعها، فلو عدِمَ منها صفةً واحدةً لنقَصَ من حمده بحسبها.

وكذلك في إثبات صفة الرّحمة له ما يتضمَّن إثباتَ الصِّفات التي تلزمها

(2)

من الحياة والإرادة والقدرة والسّمع والبصر، وغيرها. وكذلك صفة الرُّبوبيّة تستلزم جميعَ صفات الفعل، وصفةُ الإلهيّة تستلزم جميعَ أوصاف الكمال ذاتًا وأفعالًا، كما تقدَّم بيانه

(3)

.

فكونُه محمودًا إلهًا ربًّا رحمانًا رحيمًا ملكًا معبودًا مستعانًا هاديًا منعمًا يرضى ويغضب، مع نفي قيام الصِّفات به= جمعٌ بين النّقيضين، وهو من أمحل المحال.

وهذه الطّريق تتضمَّن إثباتَ الصِّفات الخبريّة من وجهين:

أحدهما: أنّها

(4)

من لوازم كماله المطلق، فإنَّ استواءه على عرشه من لوازم علوِّه، ونزولَه سبحانه كلَّ ليلةٍ إلى سماء الدُّنيا في نصف اللّيل الثّاني من

(1)

متعلِّق بكلمة "اعتبار". ولم ينقط أوله في الأصل، فيحتمل قراءة "بجميع" كما في ع والنسخ المطبوعة.

(2)

ع: "تستلزمها".

(3)

في (ص 49 وما بعدها).

(4)

ج، ش:"أنه"، وكذا كان في غيرهما ما عدا ع ثم أصلح.

ص: 102

لوازم رحمته وربوبيّته. ورضاه وفرحُه وحبُّه وغضبُه وبغضُه

(1)

وسخطُه من لوازم إرادته ومشيئته وملكه وربوبيَّته. وهكذا سائر الصِّفات الخبريّة.

الوجه الثّاني: أنَّ السَّمع ورد بها ثناءً على الله ومدحًا له، وتعرُّفًا منه إلى عباده بها، فجحدُها وتحريفُها عمَّا دلَّت عليه وأُريدَ بها مناقضٌ لما جاءت له.

فلك أن تستدلَّ بطريق السَّمع على أنّها كمالٌ، وأن تستدلَّ بالعقل كما تقدَّم.

فصل

في تضمُّنها الرَّدَّ على الجبريّة

وذلك من وجوهٍ:

أحدها: من إثبات عموم حمده سبحانه، فإنّه يقتضي أن لا يعاقب عبيده على ما لا قدرة لهم عليه، ولا هو من فعلهم؛ بل هو بمنزلة ألوانهم وطولهم وقصرهم. بل هو يعاقبهم على نفس فعلِه بهم، فهو الفاعلُ لقبائحهم في الحقيقة، وهو المعاقِبُ لهم عليها. فحمدُه

(2)

يأبى ذلك أشدَّ الإباء، وينفيه أعظمَ النَّفي. فتعالى مَن له الحمدُ عن ذلك علوًّا كبيرًا. بل إنّما يعاقبهم على نفس أفعالهم التي فعلوها حقيقةً، فهي أفعالهم لا أفعاله، وإنّما أفعاله العدل والإحسان والخيرات.

(1)

"وغضبه" مكتوب في الأصل فوق "وبغضه". وفي هامش ل مع إشارة اللحق: "خ وبغضه". وكتب بعضهم "وغضبه" في هامش م يريد أنه صواب "وبغضه"، ولم يرد "بغضه" في ع. والكلمتان ساقطتان من ش. والمثبت من ج.

(2)

في ع بعده زيادة: "عليها".

ص: 103