الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك المعصيةُ إذا قدِّرت عليك، وفعلتَها بالقدَر، فادفَعْ موجَبَها بالتَّوبة النَّصوح، وهي من القدَر.
فصل
و
دفعُ القدر بالقدر نوعان:
أحدهما: دفعُ القدَر الذي قد انعقدت أسبابُه ولمّا يقَعْ بأسبابٍ أخرى من القدر مقابِلةٍ
(1)
، فيمتنع وقوعه، كدفع العدوِّ بقتاله، ودفع البرد والحرِّ ونحوه.
والثّاني: دفعُ القدَر الذي قد وقع واستقرَّ بقدَرٍ آخر يرفعه ويزيله، كدفع قدَر المرض بقدَر التّداوي، ودفعِ قدَرِ الذَّنبِ بقدَرِ التّوبة، ودفعِ قدَرِ الإساءةِ بقدَر الإحسان.
فهذا شأن العارفين وشأن الأقدار، لا الاستسلامُ لها وتركُ الحركة والحيلة، فإنّه عجزٌ، والله تعالى يلوم على العجز. فإذا غُلِبَ وضاقت به الحيل، ولم يبق له مجالٌ، فهنالك الاستسلامُ للقدر، والانطراحُ كالميِّت بين يدي الغاسل يقلِّبه كيف شاء، وهنا ينفع الفناءُ في القدَر علمًا وحالًا وشهودًا. وأمّا في حال القدرة وحصول الأسباب، فالفناء النّافع: أن يفنى عن الخلق بحكم الله، وعن هواه بأمر الله، وعن إرادته ومحبّته بمحبة الله تعالى
(2)
، وعن حوله وقوّته بحول الله وقوّته وإعانته. فهذا الذي قام بحقيقة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} علمًا وحالًا. والله المستعان.
(1)
ع: "تقابله"، وفي سائر النسخ بالميم ومضبوط بكسر آخره في م.
(2)
ع: "بإرادة الله ومحبته".