الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاريخ تأليفه
لم ينصَّ المؤلف على زمن تأليف الكتاب، إلا أنه أحال عليه في كتاب آخر له في مسألة السماع (ص 100) كما سبق، وقد استفتي في المسألة المذكورة هو وغيره من العلماء سنة 740، وذلك يقتضي أن يكون كتاب «مدارج السالكين» قد أُلِّف قبل هذه السنة.
ومن الكتب التي أحال عليها المؤلف في المدارج مرتين: «مفتاح دار السعادة» ، وفي المفتاح ذكر كتابه «تهذيب السنن» ، وقد ألف الكتاب الأخير سنة 732، وذلك يقتضي أن يكون زمن تأليف المفتاح والمدارج كليهما بعد سنة 732. إذن يمكن أن يقال إن مدارج السالكين أُلِّف فيما بين سنتي 732 و 740.
وهذا أمر تقريبي، إذ يجوز أن يكون المؤلف زاد بعض الإحالات فيما بعد، أو نقل مادة بما فيها من الإحالات من كتاب قديم له إلى كتاب آخر حديث أو بالعكس.
فإن قيل: إن نسخة حلب من كتاب المدارج كتبت سنة 731 حسب تصريح الناسخ في خاتمة المجلد الثاني، فتاريخ هذه النسخة قاطع بأن الكتاب ألف قبل السنة المذكورة.
قلنا: هذا التاريخ مقطوع ببطلانه، فإنه ليس بخط ناسخ الأصل، وقد ألحقَتْ العبارة: «وبه تمَّ الكتاب نسأل الله تعالى
…
في سنة 731» بخط آخر بعد كشط وإخفاء ما كان مكتوبًا على طرة النسخة. وفي العبارة خطأ آخر، وهو زعم الكاتب أن الكتاب قد تم بهذا المجلد، مع أن كلام المؤلف على منزلة المحبة لم يتمَّ بعد، وبقي منه ثلاثة فصول في شرح كلام الهروي، فلم يتمَّ هذا المجلد فضلا عن تمام الكتاب!
أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: 10]. ومنه قول الخضر في شأن الجدار واليتيمين: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} [الكهف: 82]. وقال في خرقه
(1)
السّفينةَ: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79]. ثمّ قال بعد ذلك: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82].
وتأمّل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]، وقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3]، وقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]. ثمّ قال: {وَأَحَلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}
(2)
[النساء: 24].
وفي تخصيصه لأهل الصِّراط المستقيم بالنِّعمة ما دلّ على أنّ النِّعمة المطلقة هي الموجبة للفلاح الدّائم. وأمّا مطلق النِّعمة فعلى المؤمن والكافر، فكلُّ الخلق في نعمةٍ
(3)
. وهذا فصل النِّزاع في مسألة: هل لله على الكافر من نعمةٍ أم لا؟ فالنِّعمة المطلقة لأهل الإيمان، ومطلقُ النِّعمة تكون للمؤمن والكافر، كما قال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34].
والنِّعمة من جنس الإحسان، بل هي الإحسان، والرّبُّ تعالى إحسانه
(1)
ع: "خرق".
(2)
كذا ضبط "وأَحَلَّ" في م، ش، وهي قراءة أبي عمرو وغيره، وعليها بُني الاستدلال. أما الآية الأولى فحذف فيها الفاعل عند المؤلف من أجل ذكر "الرفث". انظر كلامه على هذه المسألة بتفصيل أكثر في "بدائع الفوائد"(2/ 420 - 421).
(3)
ضبط في ع: "نِعَمه".