الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهج التحقيق
مضينا في تحقيق هذا الكتاب على المنهج الذي شرحناه في إصداراتنا التي سبقته لكتب الإمام ابن القيم رحمه الله.
واعتمدنا في إخراج هذا الكتاب على عشر نسخ خطية، ليس منها نسخة كاملة إلا نسخة تشستربيتي، والنسخةُ الحلبية تمثل ثلثي الكتاب فقط، وبقية النسخ تمثل المجلد الأول أو الثاني من الأصل. وكانت عمدتنا في إخراج نصه على النسخ القديمة التي نسخت في حياته أو في عصره، ونزلنا إلى النسخ المتأخرة عند الحاجة خاصة في المجلدين الثالث والرابع من المطبوع، لفقدان كثير من أصول الكتاب الخطية في هذا القسم.
وقد وجد في بعض النسخ زيادات كما في نسخة دار الكتب المصرية المرموز لها بـ (ع)، فتعاملنا مع هذه الزيادات بحذر، ولم ندرجها جميعًا في متن الكتاب، إلا إذا اقتضاه النص، لأننا نرجح أن بعض الزيادات على الأقل من تصرف الناسخ مما وجده مهمّشا على طرر النسخة فظنه منها، كما سبق شرحه عند الحديث عن النسخ الخطية.
والكتاب شرح لكتاب الهروي منازل السائرين، فصدرناه حين ينقله المؤلف في أول الكلام في قوسين كبيرين () وغمّقنا الخط، فإذا ما نقل منه في أثناء الكلام وضعناه كذلك بخط غامق ليتميّز عن كلام المؤلف، وعزوناه إلى كتاب الهروي بتحقيق المستشرق دي لوجييه دي بوركي الدومنكي المنشور في مطبعة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية سنة 1962 م. وإذا اختلف ما نقله المؤلف عما في هذه الطبعة أثبتنا ما ذكره المؤلف وأشرنا إلى الخلاف
في الهامش إذا كان مهمًّا.
رجعنا إلى مصادر المؤلف لتوثيق النقول، وإلى شروح المنازل خاصة شرح التلمساني الذي نقل منه المؤلف في مواضع وردّ عليه في مواضع كثيرة.
وثَّقنا كلمات أهل التصوف من مصادرها، ولم نكتف بعزوها إلى «الرسالة القشيرية» فقط وإن كانت مورد المؤلف في كثير من كلماتهم. وكان اعتمادنا على طبعة دار المنهاج لها، وقد صدرت حديثًا.
أثبتنا الآيات الكريمة على قراءة حفص مع تغيير الكلمات الفرشية إلى قراءة أبي عمرو بن العلاء، لورودها كذلك في النسخ الخطية ولأنها القراءة التي كانت معروفة في عصر المؤلف.
واعتنينا ببقية مطالب التحقيق العلمي التي شرحناها مرارًا.
وقدَّمنا للكتاب بمقدمة شرحنا فيها كل ما يتعلّق بالكتاب وتوثيقه وموضوعه، ثم ختمنا الكتاب بفهارس لفظية وعلمية. والحمد لله رب العالمين.
* * * *
الثّاني
(1)
: إثبات رحمته ورحمانيَّته ينفي ذلك، إذ لا يمكن اجتماع هذين الأمرين قطُّ: أن يكون رحمانًا رحيمًا ويعاقبَ العبد على ما لا قدرة له عليه ولا هو من فِعله، بل يكلِّفه ما لا يطيقه ولا له عليه قدرةٌ البتّة، ثمّ يعاقبه عليه. وهل هذا إلّا ضدُّ الرّحمة ونقضٌ لها وإبطالٌ؟ وهل يصحُّ في معقول أحدٍ اجتماعُ ذلك والرَّحمةِ التّامّةِ الكاملةِ في ذاتٍ واحدةٍ؟
الثّالث
(2)
: إثباتُ العبادةِ والاستعانةِ لهم ونسبتُها إليهم بقولهم: "نعبد، ونستعين"، وهي نسبةٌ حقيقيّةٌ لا مجازيّةٌ. واللهُ لا يصحُّ وصفه بالعبادة والاستعانة التي هي من أفعال عبيده، بل العبد حقيقةً هو العابد المستعين، واللهُ المعبودُ المستعانُ.
فصل
في بيانِ تضمُّنها للرّدِّ على القائلين بالمُوجِب بالذّات بدون الاختيار والمشيئة، وبيانِ أنّه فاعلٌ مختارٌ
وذلك من وجوهٍ:
أحدها: من إثبات حمده، إذ كيف يُحمَد على ما ليس مختارًا لوجوده ولا هو بمشيئته وفعله؟ وهل يصحُّ حمدُ الماء على آثاره وموجَباته، أو النّار والحديد وغيرها في عقلٍ أو فطرةٍ؟ وإنّما يُحمَد الفاعلُ المختارُ بقدرته ومشيئته على أفعاله الحميدة. هذا الذي ليس في العقول والفِطَر سواه، فخلافُه خارجٌ عن الفطرة والعقل. وهو لا ينكر خروجَه عن الشّرائع
(1)
ع: "الوجه الثاني".
(2)
ع: "الوجه الثالث".
والنُّبوّات، بل يتبجَّح بذلك ويعُدُّه فخرًا.
الثّاني: إثباتُ ربوبيّته تعالى يقتضي فعلَه بمشيئته واختياره وتدبيره وقدرته. وليس يصحُّ في عقلٍ ولا فطرةٍ ربوبيّةُ الشَّمس لضوئها، والماءِ لتبريده وللنّبات
(1)
الحاصل به، ولا ربوبيّةُ شيءٍ أبدًا لما لا قدرة له عليه البتّة. وهل هذا إلّا تصريحٌ بجحد الرُّبوبيّة؟ فالقوم كنَوا للأغمار، وصرَّحوا لأولي الأفهام!
الثّالث: إثبات ملكه. وحصولُ ملكٍ لمن لا اختيار له ولا فعل ولا مشيئة غيرُ معقولٍ، بل كلُّ مملوكٍ له مشيئةٌ واختيارٌ وفعلٌ أتمُّ من هذا الملك وأكمل. {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: 17].
الرّابع: من كونه مستعانًا، فإنَّ الاستعانةَ بمن لا اختيار له ولا مشيئة ولا قدرة محالٌ.
الخامس: من كونه مسؤولًا أن يهدي عبادَه، فسؤالُ من لا اختيار له محالٌ
(2)
. وكذلك كونُه منعمًا.
فصل
في بيانِ تضمُّنِها للرّدِّ على منكري تعلُّقِ علمِه تعالى بالجزئيّات
وذلك من وجوهٍ:
أحدها: كمالُ حمده، إذ كيف يستحقُّ الحمدَ من لا يعلم شيئًا من العالم
(1)
ج، ش:"والنبات"، وكذا غيِّر في ل، م.
(2)
العبارة: "الخامس
…
محال" ساقطة من ع لانتقال النظر.
وأحواله وتفاصيله، ولا عدد الأفلاك، ولا عدد النُّجوم، ولا مَن يطيعه ممَّن يعصيه، ولا مَن يدعوه ممَّن لا يدعوه!
الثّاني: أنّ هذا مستحيلٌ أن يكون إلهًا وأن يكون ربًّا، فلا بدَّ للإله المعبود والرَّبِّ المدبِّر من أن يعلم عابدَه ويعلم حالَه.
الثّالث: من إثبات رحمته، فإنّه يستحيل أن يرحم من لا يعلمه.
الرّابع: إثباتُ ملكه، فإنّ ملكًا لا يعرف أحدًا من رعيّته البتّة، ولا شيئًا من أحوال مملكته البتّة، ليس بملكٍ بوجهٍ من الوجوه.
الخامس: كونُه مستعانًا.
السّادس: كونُه مسؤولًا أن يهدي سائلَه ويجيبه.
السّابع: كونُه هاديًا.
الثّامن: كونُه منعِمًا.
التّاسع: كونُه غضبان
(1)
على من خالفه.
العاشر: كونه مُجازيًا يدين النّاسَ بأعمالهم يوم الدِّين.
فنفيُ علمه بالجزئيّات مبطلٌ لذلك كلِّه.
فصل
في بيانِ تضمُّنِها للرّدِّ على منكري النُّبوّات
وذلك من وجوهٍ:
أحدها: إثباتُ حمده التّامِّ، فإنّه يقتضي كمالَ حكمته، وأن لا يخلق
(1)
غيِّر في ل إلى "يغضب". وفي ج: "غضبانًا".