الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أنباط) جمع نبطيّ.
* * *
[باب في منع الماء]
(لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ) قال الخطابي: هذا في الرجل يحفر البئر في الأرض الموات فيملكها بالإحياء وحول البئر أو بقربها موات فيه كلأ، ولا يمكن الناس أن يرعوه إلَّا بأن يبذل لهم ماءه، ولا يمنعهم أن يسقوا ماشيتهم منه، فأمره صلى الله عليه وسلم أن لا يمنعهم فضل مائه لأنّه إذا فعل ذلك وحال بينه وبينهم، فقد منعهم الكلأ لأنّه لا يمكن رعيه والمقام فيه مع منعه الماء، وإلى هذا ذهب مالك والأوزاعي واللّيث، وحملوا النهي في الحديث على التحريم، وقال غيرهم ليس على التحريم لكنه من باب المعروف والاستحباب، وهذا يحتاج إلى دليل يجوز معه ترك الظاهر، وأصل النهي على التحريم. انتهى.
وقال في النهاية: هو نفع (1) البئر المباحة، أي: ليس لأحد أن يغلب عليه ويمنع الناس منه حتى يحوزه في إناء ويملكه.
(1) في النهاية مادة - فضل -: "نَقْع".
وقال الشيخ تقيّ الدين السبكي في شرح المنهاج: مفهوم الحديث يقتضي أنّه لا يحرم إذا لم يمنع به الكلأ، فلا يجب بذله للزّرع ويجب للماشية.
قال: وفي حديث آخر: "من منع الماء ليمنع به الكلأ منعه الله فضل رحمته يوم القيامة"، وفيه إشارة إلى أن الكلأ من رحمة الله، فكما منعه بمنعه الماء كذلك يمنعه الله رحمته، وفيه إشارة إلى تحريمه لأنّ رحمة الله لا يمنعها إلَّا معصيته، فلمّا كان منع الماء مانعًا من الرّحمة كان معصية، وفيه إشارة إلى أنّه كالحمى الذي ليس إلّا لله ولرسوله وهو منع الكلأ، ومن منع الماء ليمنع الكلأ (فكأنّه)(1) قد حمى الكلأ، والماشية لا ترعى الكلأ إلَّا إذا لم تجد الماء، فهو بمنعه الماء مانع لها من الرعي في الكلأ. قال الشافعي: وفي منع الماء الذي يمع به الكلأ الذي هو من رحمة الله عام يحتمل معنيين؛ أحدهما: أنّ ما كان ذريعة إلى منع ما أحلّ الله لم يحلّ، وكذلك ما كان ذريعة إلى إحلال ما حرّم الله. قال الشافعي: ولو كان هذا هكذا ففي هذا ما يثبت أن الذرائع إلى الحلال والحرام يشبه معاني الحلال والحرام. ويحتمل أن يكون منع الماء إنّما يحرم لأنه في معنى تلف ما لا غنى به لذوي الأرواح الآدميين وغيرهم، فإذا منعوا فضل الماء منعوا فضل الكلأ.
قال: والمعنى الأوّل أشبه.
(1) في أ: "فكان".
(رجل منع ابن السبيل فضل ماء) بالمدّ والتنوين (عنده) قال الشيخ تقي الدّين السبكي في شرح المنهاج: هذا إنّما يقتضي ذمّ منع ابن السبيل، فلا يدخل فيه الزّرع، ولا يلزمه بذل ما فضل عن حاجته من الماء للزّرع (1) بل أقول إنّه مقيد بالطريق وهي مظنّة الحاجة، فلا يدخل فيه الحضر لأن في بعض ألفاظه:"رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل" والظّاهر أنّ الحديث واحد والمختصَر (بعض)(2) المطول فالأخذ بالمطوّل أولى. انتهى.
(ما الشيء الذي لا يحلّ منعه؟ قال: الملح) قال الخطّابي: معناه: إذا كان في معدنه في أرض أو جبل غير مملوك، فإنّ أحدًا لا يمنع من أخذه، فأمّا إذا صار في حيّز مالكه فله منعه.
(1) هنا في ب ورد: "قال".
(2)
في أ: "بعد".