الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في عهدة الرقيق]
(عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عهدة الرّقيق ثلاثة أيام) هذا قول أهل المدينة ابن (1) المسيب والزهري، وبه أخذ مالك، وضعّف أحمد بن حنبل الحديث وقال: لا يثبت في العهدة حديث، وقالوا: لم يسمع الحسن من عقبة بن عامر شيئًا، والحديث مشكوك فيه، فمرّة قال عن سمرة، ومرّة قال عن عقبة.
* * *
[باب فيمن اشترى عبدًا فاستعمله ثمّ وجد به عيبًا]
(ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان) قال في النهاية: يريد بالخراج ما حصل من غلّة العين المبتاعة عبدًا كان أو أمةً أو ملكًا، وذلك أن يشتريه فيستغلّه زمانًا ثمّ يعثر منه على عيب قديم لم يُطلعه البائع عليه أو لم يعرفه، فله ردّ العين المبيعة وأخذ الثمن ويكون للمشتري ما استغلّه لأنّ المبيع لو كان تلف في يده لكان في ضمانه ولم يكن له على البائع شيء.
(1) في ج: "وابن".
والباء في "بالضمان" متعلّقة بمحذوف تقديره الخراج مستحقّ بالضمان أي بسببه.
وقال الخطّابي: لفظ الحديث مبهم يحتمل أن يكون معناه أنّ ملك الخراج بضمان الأصل، ويحتمل أن يكون المعنى أنّ ضمان الخراج بضمان الأصل، واقتضاء العموم من اللّفظ المبهم ليس بالبيّن الجواز، والحديث في نفسه ليس بالقوي إلَّا أن أكثر العلماء استعملوه في البيوع، والأحوط أن يتوقّف عنه فيما سواه. قال البخاري:"هذا حديث منكر ولا أعرف لمخلد بن خفاف غير هذا الحديث".
وقال الزركشي في القواعد: هو حديث صحيح، ومعناه: ما خرج من الشيء من عين أو منفعة أو غلّة فهو للمشتري عوض ما كان عليه من ضمان الملك، فإنّه لو تلف المبيع كان من ضمانه فالغلّة له، ليكون الغُنم في مقابلة الغُرم، وقد ذكروا على هذا (التقرير) (1) سؤالين؛ أحدهما: أنّه لو كان الخراج في مقابلة الضمان (لكان الزائد)(2) قبل القبض للبائع، تمّ العقد أو انفسخ، إذ لا ضمان حينئذٍ ولم يقل أحد بذلك؟ وأجيب بأنّ الخراج يعلّل قبل القبض بالملك وبعده بالضمان والملك جميعًا، واقتصر في الحديث على التعليل بالضمان لأنّه أظهر عند البائع وأقطع لطلبه، واستبعاده أن الخراج للمشتري يبذله (3) أنّ الغنم في مقابلة الغرم. الثاني: لو كانت العلّة بالضمان لزم أن تكون الزوائد للغاصب لأنّ ضمانه أشدّ من ضمان غيره، ومتى كانت العلة أشدّ كان الحكم فيها أولى، وبهذا احتجّ لأبي حنيفة في أنّ الغاصب لا يضمن منافع المغصوب، وأجيب بوجهين، أحدهما أنّه صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بضمان الملك وجعل الخراج لمن هو مالكه إذا تلِف تلف على ملكه وهو المشتري، والغاصب لا يملك المغصوب، والثاني أنّ
(1) في أ: "القدير".
(2)
في ب: "لكانت الزوائد".
(3)
في ب: "يبدله".
الخراج هو المنافع، جعلها لمن عليه الضمان ولا خلاف أنّ الغاصب لا يملك المنافع بل إذا أتلفها فالخلاف في ضمانها عليه ولا يتناول موضع الخلاف، وهذا جواب الشافعي.
وقال في التّخريج: هذا الحديث صحّحه الترمذي وابن حبّان، والحاكم وابن القطّان، والمنذري والذهبي، وضغفه البخاري وأبو حاتم وابن حزم، وقال البخاري: لا أعرف لمخلد بن خفاف غير هذا الحديث، وكذا قال الترمذي: لا يعرف بغير هذا الحديث، وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: لم يروه عن مخلد غير ابن أبي ذئب وليس هذا إسناد تقوم بمثله الحجّة، وقال الأزجي (1): مخلد بن خفاف ضعيف لكن وثّقه محمد بن وضّاح، وقال ابن عدي: كنّا نظنّ أن هذا الحديث لم يروه عن مخلد غير ابن أبي ذئب فيما ذكره البخاري، حتى وجدناه من رواية يزيد بن عياض عن مخلد.
(فاقتويته) بالقاف والمثناة الفوقية، قال الخطّابي: معناه: استخدمته.
قال الزمخشري: هو افعلّ من القَتْو الخِدْمة كارعَوى من الرَّعْوى، قال: إلَّا أن فيه نظرًا لأنّ افعلّ لم يجئ متعديًا، قال: والذي سمعته اقتوى إذا صار خادمًا، قال: ويجوز أن يكون معناه افتعل من الاقتواء بمعنى الاستخلاص، فكنى به عن الاستخدام لأنّ من اقتوى عبدًا لا بد أن
(1) في أ: "الكرحي".