الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في أثمان الكلاب]
(فاملأ كفّه ترابًا) قال الخطّابي: معناه الحرمان والخيبة كقوله: "وللعاهر الحَجَر".
* * *
[باب في ثمن الخمر والميتة]
(أجملوه) قال في النّهاية: جملت الشّحم وأجملته إذا أذبته واستخرجت دهنه، وجملت أفصح من أجملت. وقال الخطابي: معناه أذابوها حتى تصير وَدكًا فيزول عنها اسم الشّحم، وفي هذا إبطال كلّ حيلة يتوصّل بها إلى محرّم وأنّه لا يتغير حكمه بتغيّر هيئته وتبديل اسمه.
(لعن الله اليهود إنّ الله حرّم عليهم الشّحوم فباعوها) قال الشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام في أماليه: فيه إشكال لأنّ التحريم إذا أضيف إلى الأعيان فإنّما يتعلّق بما هو المقصود الأهم منها، فنقول في قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} معناه: وطء أمهاتكم، وإذا قلنا حرّمت عليك الخمر فمعناه شربها، أو الطعام فمعناه أكله، أو القدّوم فمعناه التجارة بها، وإذا تعيّن متعلّق التحريم في هذه الأشياء فيكون ما عداه ليس بمحرّم، كما أنّه لمّا حرّم شرب الخمر لم يحرّم النظر إليها، ولما حرّم وَطء الأمهات لم تحرّم فحادثتهنّ، إذا تقرر ذلك فنقول:
المتبادر إلى الأفهام من تحريم الشّحوم إنّما هو تحريم أكلها لأنّها من المطعومات، فتحريم البيع مشكل لأنّه غير متعلّق التحريم.
قال: والجواب أنّه عليه السلام كما لعن اليهود لكونهم فعلوا غير الأكل دلّنا ذلك على أنّ المحرّم عموم منافعها لا خصوص أكلها.
(من باع الخمر فليشقّص الخنازير) قال الخطابي: معناه فليستحلّ أكلها، والتشقيص يكون من وجهين؛ أحدهما: أن يذبحها بالمشقص وهو نصل عريض، والآخر: أن يجعلها أشقاصًا وأعضاء بعد ذبحها كما تفصل (1) أجزاء الشاة إذا أرادوا إصلاحها للأكل، ومعنى الكلام إنّما هو توكيد التّحريم والتغليظ فيه، يقول: من استحلّ بيع الخمر فليستحلّ أكل الخنزير فإنّهما في الحرمة والإثم سواء، أي: إذا كنت لا تستحل أكل لحم الخنزير فلا تستحلّ ثمن الخمر.
وقال في النهاية: وهذا لفظ أمر معناه النهي، تقديره: من باع الخمر فليكن للخنازير قصّابًا.
(لمّا نزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأهنّ علينا وقال: حرّمت التجارة في الخمر) قال القاضي عياض: يحتمل أن يكون هذا متّصلًا بعد تحريم الخمر ومنها فهم أو أوحي إليه بمنع بيع الخمر بظاهر الحديث، لأنّ سورة المائدة التي فيها تحريم الخمر من آخر ما نزلت من القرآن، وآية الرّبا آخر ما نزل، ويحتمل أن يكون هذا بعد بيان النبي صلى الله عليه وسلم تحريم الخمر، فلمّا نزلت آية الرّبا وقد اشتملت على تحريم ما عدا البيع الصّحيح، أكّد تحريم ذلك وأعلم أن التجارة في الخمر من جملة ذلك، كما كرّر تحريمه والإعلام بذلك عام الفتح تأكيدًا.
قلت: قد وقفت في بعض طرق الحديث على ما يزيل الإشكال،
(1) في معالم السنن: "تعضى".