الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الأعراف (7) : الآيات 57 الى 58]
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَاّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)
أخبر سبحانه إنهما إحياء ان، وأن أحدهما معتبر بالآخر مقيس عليه.
ثم ذكر قياسا آخر: أن من الأرض ما يكون أرضا طيبة. فإذا أنزلنا عليها الماء أخرجت نباتها بإذن ربها. فهذه إذا أنزل عليها الماء لم تخرج ما أخرجت الأرض الطيبة.
فشبه سبحانه الوحي الذي أنزل من السماء على القلوب بالماء الذي أنزله على الأرض، لحصول الحياة بهذا وهذا.
وشبه القلوب بالأرض، إذ هي محل الأعمال، كما أن الأرض محل النبات، وأن القلب الذي لا ينتفع بالوحي، ولا يزكو عليه، ولا يؤمن به كالأرض التي لا تنتفع بالمطر، ولا تخرج نباتها به إلا قليلا، لا ينفع.
وأن القلب الذي آمن بالوحي وزكا عليه، وعمل بما فيه كالأرض التي أخرجت نباتها بالمطر.
فالمؤمن إذا سمع القرآن وعقله، وتدبره بان أثره عليه، فشبه بالبلد الطيب الذي يمرح ويخصب، ويحسن أثر المطر عليه، فينبت من كل زوج كريم، والمعرض عن الوحي عكسه. والله الموفق.
[سورة الأعراف (7) : آية 157]
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)
إذا كان لا معنى عند نفاة الحكمة عن الرب، والحسن والقبح
الفطريين- للمعروف: إلا ما أمر به، فصار معروفا بالأمر فقط، ولا للمنكر: إلا ما نهى عنه. فصار منكرا بنهيه فقط فأي معنى لقوله تعالى:
يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ.
وهل حاصل ذلك زائد على أن يقال: يأمرهم بما يأمرهم به، وينهاهم عما ينهاهم عنه؟.
وهذا كلام ينزه عنه كلام آحاد العقلاء، فضلا عن كلام رب العالمين.
وهل دلت الآية إلا على أنه أمرهم بالمعروف الذي تعرفه العقول، وتقر بحسنه الفطر، فأمرهم بما هو معروف في نفسه عند كل عقل سليم. ونهاهم عما هو منكر في الطباع والعقول بحيث إذا عرض أمره ونهيه على العقل السليم قبله أعظم قبول، وشهد بحسنه كما قال بعض الأعراب، وقد سئل:
بم عرفت أنه رسول الله؟ فقال: ما أمر بشيء فقال العقل: ليته ينهي عنه.
ولا نهى عن شيء، فقال: ليته أمر به.
فهذا الاعرابي أعرف بالله ودينه ورسوله من هؤلاء، وقد أقر عقله وفطرته بحسن ما أمر به وقبح ما نهى عنه، حتى كان في حقه من أعلام نبوته وشواهد رسالته.
ولو كان جهة كونه معروفا ومنكرا هو الأمر المجرد لم يكن فيه دليل.
بل كان يطلب له الدليل من غيره.
ومن سلك ذلك المسلك الباطل لم يمكنه أن يستدل على صحة نبوته بنفس دعوته ودينه.
ومعلوم أن نفس الدين الذي جاء به، والملة التي دعا إليها من أعظم براهين صدقه، وشواهد نبوته. ومن يثبت لذلك صفات وجودية أوجبت حسنه وقبول العقول ولضده صفات أوجبت قبحه ونفور العقل عنه، فقد سد على نفسه باب الاستدلال بنفس الدعوة، وجعلها مستدلا عليه فقط.