الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ينكره من لم يعرف لزوم ذلك، ولا عرف حقيقة الحياة ولوازمها، وكذلك سائر صفاته. فإن اسم «العظيم» له لوازم ينكرها من لم يعرف عظمة الله ولوازمها. وكذلك اسم «العلي» واسم «الحكيم» وسائر أسمائه. فإن من لوازم اسم «العلي» العلو المطلق، بكل اعتبار. فله العلو المطلق من جميع الوجوه: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات. فمن جحد علو الذات فقد جحد لوازم اسمه «العلي» .
وكذلك اسمه «الظاهر» من لوازمه: ألا يكون فوقه شيء، كما
في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «وأنت الظاهر، فليس فوقك شيء»
بل هو سبحانه فوق كل شيء، فمن جحد فوقيته سبحانه فقد جحد لوازم اسمه «الظاهر» ولا يصح أن يكون الظاهر هو من له فوقية فقط، كما يقال: الذهب فوق الفضة، والجوهر فوق الزجاج. لأن هذه الفوقية لا تتعلق بالظهور، بل قد يكون المفوّق أظهر من الفائق فيها. ولا يصح أن يكون ظهور القهر والغلبة فقط، وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة، لمقابلة الاسم ب «الباطن» . وهو الذي ليس دونه شيء، كما قابل «الأول» الذي ليس قبله شيء، ب «الآخر» الذي ليس بعده شيء.
وكذلك اسم «الحكيم» من لوازمه ثبوت الغايات المحمودة المقصودة له بأفعاله ووضعه الأشياء في مواضعها، وإيقاعها على أحسن الوجوه. فإنكار ذلك إنكار لهذا الإسم ولوازمه. وكذلك سائر أسمائه الحسنى.
فصل
إذا تقرر هذان الأصلان: فاسم «الله» دال على جميع الأسماء الحسنى، والصفات العليا بالدلالات الثلاث، فإنه دال على إلهيته المتضمنة لثبوت صفات الإلهية له، مع نفي أضدادها عنه. وصفات الإلهية: هي صفات الكمال المنزهة عن التشبيه والمثال، وعن العيوب والنقائص
ولهذا يضيف الله تعالى سائر الأسماء الحسنى إلى هذا الاسم العظيم، كقوله تعالى: 7: 180 وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ويقال: الرحمن والرحيم، والقدوس والسلام، والعزيز والحكيم: من أسماء الله. ولا يقال: الله، من أسماء الرحمن ولا من أسماء العزيز، ونحو ذلك.
فعلم أن اسمه «الله» مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى، دال عليها بالإجمال. والأسماء الحسنى تفصيل وتبيين لصفات الإلهية التي اشتق منها اسم «الله» واسم «الله» دال على كونه مألوها معبودا، تألهه الخلائق محبة وتعظيما وخضوعا، وفزعا إليه في الحوائج والنوائب. وذلك مستلزم لكمال ربوبيته ورحمته، المتضمنين لكمال الملك. والحمد وإلهيته وربوبيته ورحمانيته وملكه مستلزم لجميع صفات كماله. إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحي ولا سميع ولا بصير، ولا قادر، ولا متكلم، ولا فعال لما يريد، ولا حكيم في أفعاله.
فصفات الجلال والجمال أخص باسم «الله» وصفات الفعل والقدرة، والتفرد بالضر والنفع، والعطاء والمنع، ونفوذ المشيئة وكمال القوة، وتدبير أمر الخليقة أخص باسم «الرب» .
وصفات الإحسان والجود والبر، والحنان والمنة والرأفة واللطف، أخص باسم «الرحمن» وكرر إيذانا بثبوت الوصف، وحصول أثره، وتعلقه بمتعلقاته.
فالرحمن: الذي الرحمة وصفه. والرحيم: الراحم لعباده. ولهذا يقول تعالى: 33: 43 وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً 9: 117 إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ولم يجيء رحمان بعباده، ولا رحمان بالمؤمنين، مع ما في اسم «الرحمن» الذي هو على وزن فعلان من سعة هذا الوصف، وثبوت جميع معناه الموصوف به.
ألا ترى أنهم يقولون: غضبان: للممتلئ غضبا، وندمان وحيران