الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة يس
بسم الله الرحمن الرحيم وأما الغل
[سورة يس (36) : آية 8]
إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)
قال الفراء: حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله. وقال أبو عبيدة: منعناهم عن الايمان بموانع. ولما كان الغل مانعا للمغلول من التصرف والتقلب كان الغل الذي على القلب مانعا من الايمان.
فإن قيل: فالغل المانع من الايمان هو الذي في القلب، فكيف ذكر الغل الذي في العنق.
قيل: لما كان عادة الغل أن يوضع في العنق ناسب ذكر محله والمراد به القلب. كقوله تعالى: 17: 13 وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ومن هذا قولهم: اثمي في عنقك. وهذا في عنقك. ومن هذا قوله:
17: 29 وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ شبه الإمساك عن الإنفاق باليد إذا غلت إلى العنق. ومن هذا قال الفراء: إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا:
حبسناهم عن الاتفاق. قال أبو إسحاق: إنما يقال للشيء اللازم: هذا في عنق فلان، أي لزومه كلزوم القلادة من بين ما يلبس في العنق. فقال أبو علي: هذا مثل قولهم: طوقتك كذا وقلدتك. ومنه: قلده السلطان كذا، أي صارت الولاية في لزومها له في موضع القلادة، ومكان الطوق.
قلت: ومن هذا قولهم: قلدت فلانا حكم كذا وكذا. كأنك جعلته طوقا في عنقه. وقد سمى الله التكاليف الشاقة أغلالا في قوله: 7: 157 وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فشبهها بالأغلال لشدتها وصعوبتها. قال الحسن: هي الشدائد التي كانت في العبادة. كقطع أثر البول والنجاسة، وقتل النفس في التوبة. وقطع الأعضاء الخاطئة. وتتبع العروق من اللحم. وقال ابن قتيبة: هي تحريم الله سبحانه عليهم كثيرا مما أطلقه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعلها أغلالا لأن التحريم يمنع، كما يفيض الغل اليد.
وقوله: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ قالت طائفة: الضمير يعود إلى الأيدي، وإن لم تذكر لدلالة السياق عليها. قالوا: لأن الغل يكون في العنق فتجمع إليه اليد. ولذلك سمي جامعة. وعلى هذا فالمعنى: فأيديهم، أو فأيمانهم مضمومة إلى أذقانهم. وهذا قول الفراء والزجاج.
وقالت طائفة: الضمير يرجع إلى الأغلال. وهذا هو الظاهر. وقوله:
فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ أي واصلة وملزوزة إليها، فهو غل عريض قد أحاط بالعنق حتى وصل إلى الذقن.
وقوله: فَهُمْ مُقْمَحُونَ قال الفراء والزجاج: المقمح: هو الغاض بصره بعد رفع رأسه. ومعنى الإقماح في اللغة رفع الرأس وغض البصر. يقال: أقمح البعير رأسه، وقمح. وقال الأصمعي: بعير قامح إذا رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب. قال الأزهري: لما غلت أيديهم إلى