الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ
ففرق بين تكليم الوحي، والتكليم بإرسال الرسول، والتكليم من وراء حجاب.
فصل
المرتبة الثانية: مرتبة الوحي المختص بالأنبياء. قال الله تعالى:
4: 163 إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وقال:
42: 51 وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ- الآية فجعل الوحي في هذه الآية قسما من أقسام التكليم وجعله في آية النساء قسيما للتكليم، وذلك باعتبارين: فإنه قسيم التكليم الخاص الذي بلا واسطة، وقسم من التكليم العام الذي هو إيصال المعنى بطرق متعددة، والوحي في اللغة: هو الإعلام السريع الخفي، ويقال في فعله: وحى،
وأوحى- قال رؤية
…
وحى لها فاستقرت
وهو أقسام، كما سنذكره.
فصل
المرتبة الثالثة: إرسال الرسول الملكي إلى الرسول البشري. فيوحي إليه عن الله ما أمره أن يوصله إليه.
فهذه المراتب الثلاث خاصة بالأنبياء، لا تكون لغيرهم، ثم هذا الرسول الملكي قد يتمثل للرسول البشري رجلا، يراه عيانا ويخاطبه، وقد يراه على صورته التي خلق عليها، وقد يدخل فيه الملك، ويوحي إليه ما يوحيه، ثم يفصم عنه، أي يقلع. والثلاثة حصلت لنبينا صلى الله عليه وسلم.
فصل
المرتبة الرابعة: مرتبة التحديث. وهذه دون مرتبة الوحي الخاص، وتكون دون مرتبة الصديقين، كما كانت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه كان في الأمم قبلكم محدّثون، فإن يكن في هذه
الأمة فعمر بن الخطاب» .
وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه الله يقول: جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا، وعلق وجودهم في هذه الأمة بإن الشرطية، مع أنها أفضل الأمم لاحتياج الأمم قبلنا إليهم، واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته، فلم يحوج الله الأمة بعده إلى محدث ولا ملهم، ولا صاحب كشف ولا منام فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها.
والمحدّث هو الذي يحدّث في سره وقلبه بالشيء، فيكون كما يحدث به.
قال شيخنا: والصديق أكمل من المحدث. لأنه استغنى بكمال صديقيته ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف، فإنه قد سلم قلبه كله وسره وظاهره وباطنه للرسول فاستغنى به عما منه.
قال: وكان هذا المحدث يعرض ما يحدث به على ما جاء به الرسول.
فإن وافقه قبله، وإلا رده، فعلم أن مرتبة الصديقية فوق مرتبة التحديث.
قال: وأما ما يقوله كثير من أصحاب الخيالات والجهالات: حدثني قلبي عن ربي: فصحيح أن قلبه حدثه، ولكن عن من؟ عن شيطانه، أو عن ربه؟ فإذا قال: حدثني قلبي عن ربي كان مسندا الحديث إلى من لم يعلم أنه حدثه به، وذلك كذب، قال: ومحدث الأمة لم يكن يقول ذلك، ولا تفوّه به يوما من الدهر، وقد أعاذه الله من أن يقول ذلك. بل كتب كاتبه يوما «هذا ما أرى الله أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب. فقال: لا. امحه واكتب: هذا ما رأى عمر بن الخطاب. فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر، والله ورسوله منه بريء» وقال في الكلالة «أقول فيها برأيي.
فإن يكن صوابا فمن الله. وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان» فهذا قول المحدث بشهادة الرسول وأنت ترى الاتحادي والحلولي والإباحي الشطاح، والسماعي: مجاهر بالقحة والفرية. يقول: حدثني قلبي عن ربي، فانظر إلى ما