الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: إن «الأبواب» بدل اشتمال. فبدل الاشتمال قد صرح هو وغيره: أنه لا بد فيه من الضمير. وإن نازعهم فيه آخرون، ولكن يجوز أن يكون الضمير ملفوظا به. وأن يكون مقدرا. وهاهنا لم يلفظ به. فلا بد من تقدير، أي الأبواب منها. فإذا كان التقدير: مفتحة لهم هي الأبواب منها:
كان فيه تكثير للاضمار وتقليله أولى.
[سورة ص (38) : آية 75]
قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (75)
إن لفظ اليد جاء في القرآن على ثلاثة أنواع. مفردا، ومثنى، ومجموعا.
فالمفرد: كقوله: 68: 1 بِيَدِهِ الْمُلْكُ والمثنى كقوله: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ والمجموع كقوله: عَمِلَتْ أَيْدِينا.
فحيث ذكر اليد مثناة. أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد، وعدى الفعلى بالباء إليهما، وقال: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ.
وحيث ذكرها مجموعة أضاف الفعل إليها، ولم يعدّ الفعل بالباء.
فهذه ثلاثة فروق: فلا يحتمل «خلقت بيدي» من المجاز ما يحتمله عَمِلَتْ أَيْدِينا فإن كل أحد يفهم من قوله: عَمِلَتْ أَيْدِينا ما يفهمه من قوله: عملنا وخلقنا، كما يفهم ذلك من قوله: فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وأما قوله: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ فلو كان المراد منه مجرد الفعل لم يكن لذكر اليد بعد نسبة الفعل إلى الفاعل معنى فكيف وقد دخلت عليها الباء؟ فكيف إذا ثنيت؟
وسرّ الفرق أن الفعل قد يضاف إلى يد ذي اليد، والمراد الإضافة إليه. كقوله: بِما قَدَّمَتْ يَداكَ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وأما إذا أضيف إليه الفعل، ثم عدي بالباء إلى اليد مفردة أو مثناة، فهو مما باشرته يده.
ولهذا قال عبد الله بن عمر «إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثا خلق آدم بيده، وغرس جنة الفردوس بيده، وكتب التوراة بيده» فلو كانت اليد هي القدرة لم يكن لها اختصاص بذلك، ولا كانت لآدم فضيلة بذلك على كل شيء مما خلق بالقدرة.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن «أهل الموقف يأتونه يوم القيامة، فيقولون:
يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده»
وكذلك قال آدم لموسى في محاجته له
«اصطفاك الله بكلامه، وخطّ لك الألواح بيده»
وفي لفظ آخر «كتب لك التوراة بيده»
وهو من أصح الأحاديث. وكذلك
وهذا التخصيص إنما فهم من قوله «خلقت بيديّ» فلو كان مثل قوله:
مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا لكان هو والأنعام في ذلك سواء. فلما فهم المسلمون أن قوله: 38: 75 ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ يوجب له تخصيصا وتفضيلا بكونه مخلوقا باليدين على من أمر أن يسجد له، وفهم ذلك أهل الموقف حين جعلوه من خصائصه: كانت التسوية بينه وبين قوله:
36: 71 أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً خطأ محضا.