الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامس عشر: أنهم لم يماروه صلوات الله وسلامه عليه على رؤية ربه، ولا أخبرهم بها لتقع مماراتهم له عليها. وإنما ماروه على رؤية ما أخبرهم من الآيات التي أراه الله إياه. ولو أخبرهم برؤية الرب تعالى لكانت مماراتهم له عليهم أعظم من مماراتهم على رؤية المخلوقات.
السادس عشر: أنه سبحانه قرر صحة ما رآه. وأن مماراتهم له على ذلك باطلة بقوله: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ولو كان المرئي هو الرب سبحانه وتعالى والمماراة على ذلك منهم: لكان تقرير تلك الرؤية أولى، والمقام إليها أحوج. والله أعلم.
[سورة النجم (53) : آية 12]
أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (12)
والمأوى مفعل عن أوى يأوي، إذا انضم إلى المكان وصار إليه، واستقر به وقال عطاء عن ابن عباس: هي الجنة التي يأوي إليها جبريل والملائكة.
وقال مقاتل والكلبي: هي الجنة تأوي إليها أرواح الشهداء.
وقال كعب: جنة المأوى جنة فيها طير خضر، ترتع فيها أرواح الشهداء وقالت عائشة رضي الله عنها وزرّ بن حبيش: هي جنة من الجنان.
والصحيح: أنه اسم من أسماء الجنة، كما قال تعالى:
79: 40، 41 وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى وقال في النار: 79: 39 فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى وقال:
وَمَأْواكُمُ النَّارُ.
[سورة النجم (53) : آية 32]
الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَاّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (32)
اللمم: طرف من الجنون. ورجل ملموم. أي به لمم. ويقال أيضا: أصابت فلانا من الجن لمّة. وهو المس، والشيء القليل. قاله الجوهري.
قلت: وأصل اللفظة من المقاربة. ومنه قوله تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ.
وهي الصغائر. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة رضي عنه «إن العين تزني، وزناها النظر، واليد تزني، وزناها البطش والرجل تزني، وزناها المشي، والفم يزني وزناه القبل» .
ومنه. ألمّ بكذا. أي قاربه ودنا منه. وغلام ملمّ، أي قارب البلوغ
وفي الحديث «إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم»
أي يقرب من ذلك قول الله تعالى:
53: 59- 61 أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سامِدُونَ.
قال عكرمة عن ابن عباس: السمود: الغناء في لغة حمير، يقال:
اسمدي لنا، أي غنّي لنا. وقال أبو زبيد:
وكأن العزيف فيها غناء
…
للنّدامى من شارب مسمود
قال أبو عبيدة: المسمود: الذي غنّي له. وقال عكرمة: كانوا إذا سمعوا القرآن تغنّوا. فنزلت هذه الآية.
وهذا لا يناقض ما قيل في هذه الآية من أن السمود: هو الغفلة والسهو عن الشيء.
قال المبرد: هو الاشتغال عن الشيء بهمّ أو فرح يتشاغل به. وأنشد:
رمي الحدنان نسوة آل حرب
…
بمقدار سمدن له سمودا
وقال ابن الأنباري: السامد اللاهي، والسامد: الساهي. والسامد:
المتكبر والسامد: القائم.
وقال ابن عباس في الآية: وأنتم مستكبرون.
وقال الضحاك أشرن بطرون.
وقال مجاهد: غضاب مبرطمون. وقال غيره: لاهون غافلون معرضون. فالغناء يجمع هذا كله ويوجبه.