الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - باب مَا أُكْرِمَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَرَكَةِ طَعَامِهِ
43 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (1) بْنِ أَبَانَ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ (2) الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما: " حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعْتَهُ مِنْهُ أَرْوِيهِ عَنْكَ. فَقَالَ جَابِرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفُرُهُ، فَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَطْعَمُ طَعَاماً، وَلَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَعَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ كُدْيَةٌ (3) فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ كُدْيَةٌ قَدْ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ، فَرَشَشْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ أَوِ الْمِسْحَاةَ، ثُمَّ سَمَّى ثَلَاثاً، ثُمَّ ضَرَبَ فَعَادَتْ كَثِيباً أَهْيَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ* ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم * قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي، قَالَ: فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ امْرَأَتِي فَقُلْتُ: ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ فَقُلْتُ قَدْ رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً لَا صَبْرَ لِي عَلَيْهِ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ ، فَقَالَتْ: عِنْدِي صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَعَنَاقٌ (4). قَالَ: فَطَحَنَّا الشَّعِيرَ، وَذَبَحْنَا الْعَنَاقَ وَسَلَخْتُهَا، وَجَعَلْتُهَا فِي الْبُرْمَةِ (5)، وَعَجَنْتُ الشَّعِيرَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَبِثْتُ سَاعَةً ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ الثَّانِيَةَ، فَأَذِنَ لِي فَجِئْتُ فَإِذَا الْعَجِينُ قَدْ أَمْكَنَ (6)، فَأَمَرْتُهَا بِالْخَبْزِ، وَجَعَلْتُ الْقِدْرَ عَلَى الأَثَاثِى، - قَالَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّمَا هيِ الأَثَافِيُّ (7) وَلَكِنْ هَكَذَا (8) قَالَ - ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ عِنْدَنَا طُعَيْماً، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقُومَ مَعِي أَنْتَ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ* مَعَكَ. فَقَالَ:«وَكَمْ هُوَ؟ » قُلْتُ: صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَعَنَاقٌ. فَقَالَ: «ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ وَقُلْ لَهَا لَا تَنْزِعِ الْقِدْرَ مِنَ الأَثَاثِي وَلَا تُخْرِجِ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِىَ» ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: «قُومُوا إِلَى بَيْتِ جَابِرٍ» قَالَ: فَاسْتَحْيَيْتُ حَيَاءً لَا يَعْلَمُهُ إِلَاّ اللَّهُ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي: ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ، قَدْ جَاءَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. فَقَالَتْ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(1) في بعض النسخ الخطية "عمرو" وهو خطأ.
(2)
في (ك) مخلد، وهو خطأ.
(3)
هي الأرض الصلبة (الصحاح 2/ 381) وقد ورد في بعض الروايات تفسيرها (صخرة).
(4)
هي الأنثى الصغيرة من الماعز (الصحاح 2/ 168).
(5)
القدر: والجمع بُرام (الصحاح 1/ 8).
(6)
اختمر، وأصبح صالحا للخبز.
(7)
ثلاثة أحجار توضع عليها القدر (النهاية 1/ 23، والصحاح 1/ 8).
* ت 10/أ.
(8)
القائل شيخ الدارمي، يعني: أنه سمعها كذا من شيخه عبد الرحمن بن محمد المحاربي.
سَأَلَكَ كَمِ الطَّعَامُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ*، فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَدْ أَخْبَرْتَهُ بِمَا كَانَ عِنْدَنَا. قَالَ: فَذَهَبَ عَنِّى بَعْضُ مَا كُنْتُ أَجِدُ وَقُلْتُ: لَقَدْ صَدَقْتِ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ ثُمَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ:«لَا تَضَاغَطُوا (1)» ثُمَّ بَرَّكَ عَلَى التَّنُّورِ وَعَلَى الْبُرْمَةِ، قَالَ: فَجَعَلْنَا نَأْخُذُ مِنَ التَّنُّورِ الْخُبْزَ، وَنَأْخُذُ اللَّحْمَ مِنَ الْبُرْمَةِ، فَنُثَرِّدُ (2) وَنَغْرِفُ لَهُمْ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لِيَجْلِسْ عَلَى الصَّحْفَةِ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ» فَإِذَا أَكَلُوا كَشَفْنَا عَنِ التَّنُّورِ، وَكَشَفْنَا عَنِ الْبُرْمَةِ، فَإِذَا هُمَا أَمْلأُ مِمَّا كَانَا، فَلَمْ [يَزَلْ نَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّمَا فَتَحْنَا التَّنُّورَ، وَكَشَفْنَا عَنِ الْبُرْمَةِ](3) وَجَدْنَاهُمَا أَمْلأَ مِمَّا كَانَا، حَتَّى شَبِعَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ، وَبَقِىَ طَائِفَةٌ مِنَ الطَّعَامِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ النَّاسَ (4) قَدْ أَصَابَتْهُمْ مَخْمَصَةٌ (5)، فَكُلُوا وَأَطْعِمُوا» فَلَمْ نَزَلْ يَوْمَنَا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا ثَمَانَمِائَةٍ، أَوْ قَالَ ثَلَاثَمِائَةٍ. قَالَ أَيْمَنُ: لَا أَدْرِى أَيُّهُمَا قَالَ (6).
[ب 43، د 43، ع 43، ف 44، م 43] تحفة 2216، إتحاف 2608.
44 -
(2) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِىٍّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ عَمْرٍو - عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " أَمَرَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ أَنْ تَجْعَلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً يَأْكُلُ مِنْهُ، قَالَ: ثُمَّ بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: بَعَثَنِي إِلَيْكَ أَبُو طَلْحَةَ* فَقَالَ لِلْقَوْمِ: «قُومُوا» فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ الْقَوْمُ مَعَهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا صَنَعْتُ طَعَاماً لِنَفْسِكَ* خَاصَّةً. فَقَالَ: «لَا عَلَيْكَ انْطَلِقْ» قَالَ: فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ الْقَوْمُ، قَالَ: فَجِيءَ بِالطَّعَامِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ وَسَمَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» قَالَ: فَأَذِنَ لَهُمْ. فَقَالَ: «كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ» فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَامُوا، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ كَمَا صَنَعَ في الْمَرَّةِ الأُولَى*
* ت 10/أ.
(1)
لا يزاحم بعضكم بعضا.
*؟ ؟ ؟ ؟ ؟
(2)
الثرد: تكسير الخبز قطعا صغيرة، وخلطها باللحم والمرق انظر (الصحاح 1/ 154).
(3)
مابين المعقوفين سقط من بعض النسخ الخطية وكتب بعضه لحقا في الهامش.
(4)
ليس في بعض النسخ الخطية.
(5)
مجاعة (الصحاح 2/ 373).
(6)
إسناد حسن، وأخرجه البخاري حديث (4101) وأخرجه مسلم حديث (2039) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1322).
وَسَمَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ، فَقَالَ:«كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ» فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَامُوا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ بِثَمَانِينَ رَجُلاً، وَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُ الْبَيْتِ وَتَرَكُوا سُؤْراً (1).
[ب 44، د 44، ع 44، ف 45، م 44] تحفة 985، إتحاف 1307.
45 -
(3) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ - هُوَ الْعَطَّارُ - حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ: " أَنَّهُ طَبَخَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِدْراً، فَقَالَ لَهُ:«نَاوِلْنِي ذِرَاعَهَا» وَكَانَ يُعْجِبُهُ الذِّرَاعُ، فَنَاوَلَهُ الذِّرَاعَ، ثُمَّ قَالَ:«نَاوِلْنِي ذِرَاعاً» فَنَاوَلَهُ ذِرَاعاً، ثُمَّ قَالَ:«نَاوِلْنِي ذِرَاعا» فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَكَمْ لِلشَّاةِ مِنْ ذِرَاعٍ؟ ، فَقَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَنْ لَوْ سَكَتَّ لأُعْطِيتُ أَذْرُعاً مَا دَعَوْتُ بِهِ» (2).
[ب 45، د 45، ع 45، ف 46، م 45] تحفة 12069، إتحاف 17778.
46 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِىِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِيُقَاتِلَهُمْ فَقَالَ أَبِي: عَبْدُ اللَّهِ: يَا جَابِرُ لَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ فِي نَظَّارِي (3) أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَتَّى تَعْلَمَ* إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُنَا، فَإِنِّي وَاللَّهِ لَوْلَا أَنِّي أَتْرُكُ بَنَاتٍ لِي بَعْدِي لأَحْبَبْتُ أَنْ تُقْتَلَ بَيْنَ يَدَيَّ. قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا فِي النَّظَّارِينَ (4) إِذْ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي وَخَالِي لِتَدْفِنَهُمَا فِي مَقَابِرِنَا، فَلَحِقَ رَجُلٌ يُنَادِي: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرُدُّوا الْقَتْلَى فَتَدْفِنُوهَا في مَضَاجِعِهَا (5) حَيْثُ قُتِلَتْ. فَرَدَدْنَاهُمَا* فَدَفَنَّاهُمَا فِي مَضْجَعِهِمَا حَيْثُ قُتِلَا فَبَيْنَا أَنَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا جَابِرُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ أَثَارَ (6) أَبَاكَ عُمَّالُ مُعَاوِيَةَ فَبَدَا،
(1) رجاله ثقات، وأخرجه البخاريحديث (3578، ومسلم حديث (2040) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1323).
(2)
فيه شهر بن حوشب: متكلم فيه، ونرجح قبول روايته، وأخرجه أحمد حديث (15967).
(3)
الإنظار في الأصل: التأخير والإمهال، والمراد به هنا: الملاحظة والمراقبة، يفسره ما بعده
" فبينما انا في النظارين " قال في (الصحاح 2/ 581): والنظارة: القوم ينظرون إلى الشيء، وانظر (النهاية 5/ 78).
* ك 11/ب.
(4)
في بعض النسخ الخطية" الناظرين " وكلاهما يصح.
(5)
في بعض النسخ الخطية" مضجعها " وكلاهما يصحج.
* ت 11/أ.
(6)
أي أظهره بإزالة التراب عنه.
فَخَرَجَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ. فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي دَفَنْتُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ (1) إِلَاّ مَا لَمْ يَدَعِ الْقَتِيلَ، قَالَ: فَوَارَيْتُهُ، وَتَرَكَ أَبِي عَلَيْهِ دَيْناً مِنَ التَّمْرِ، فَاشْتَدَّ عَلَيَّ بَعْضُ غُرَمَائِهِ (2) فِي التَّقَاضِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي أُصِيبَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَإِنَّهُ تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْناً مِنَ التَّمْرِ، وَإِنَّهُ قَدِ اشْتَدَّ عَليَّ بَعْضُ غُرَمَائِهِ فِي الطَّلَبِ، فَأُحِبُّ أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ، لَعَلَّهُ يُنْظِرُنِي طَائِفَةً مِنْ تَمْرِهِ إِلَى هَذَا الصِّرَامِ الْمُقْبِلِ.
قَالَ: «نَعَمْ آتِيكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَرِيباً مِنْ وَسَطِ النَّهَار» قَالَ: فَجَاءَ وَمَعَهُ حَوَارِيُّوهُ (3)، قَالَ: فَجَلَسُوا فِي الظِّلِّ وَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَأْذَنَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْنَا، قَالَ: وَقَدْ قُلْتُ لاِمْرَأَتِي: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَائِيَّ الْيَوْمَ وَسَطَ النَّهَارِ، فَلَا يَرَيَنَّكِ وَلَا تُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم * فِي شَيْءٍ وَلَا تُكَلِّمِيهِ، فَفَرَشَتْ فِرَاشاً وَوِسَادَةً فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، فَقُلْتُ لِمَوْلًى لِي: اذْبَحْ هَذِهِ الْعَنَاقَ، وَهِيَ دَاجِنٌ (4) سَمِينَةٌ فَالْوَحَا (5)، وَالْعَجَلَ افْرُغْ مِنْهَا، قَبْلَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَكَ فَلَمْ نَزَلْ فِيهَا حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهَا وَهُوَ نَائِمٌ، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَسْتَيْقِظُ يَدْعُو بِطَهُورٍ، وَأَنَا أَخَافُ إِذَا فَرَغَ أَنْ يَقُومَ فَلَا يَفْرُغُ مِنْ طُهُورِهِ حَتَّى يُوضَعَ الْعَنَاقُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَالَ:«يَا جَابِرُ ائْتِنِي بِطَهُورٍ» قَالَ: نَعَمْ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ وُضُوئِهِ (6) حَتَّى وَضَعْتُ الْعَنَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: «كَأَنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ حُبَّنَا اللَّحْمَ، ادْعُ أَبَا بَكْرٍ (7)» ثُمَّ دَعَا حَوَارِيِّيهِ*، قَالَ فَجِيءَ بِالطَّعَامِ فَوُضِعَ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ كُلُوا» فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضَلَ مِنْهَا لَحْمٌ كَثِيرٌ، وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ مَجْلِسَ بَنِي سَلَمَةَ لَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْيُنِهِمْ، مَا يَقْرَبُونَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُؤْذُوهُ، ثُمَّ قَامَ وَقَامَ أَصْحَابُهُ، فَخَرَجُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ:«خَلُّوا ظَهْرِي لِلْمَلَائِكَةِ» قَالَ: فَاتَّبَعْتُهُمْ حَتَّى بَلَغْتُ
(1) وقد مضى على دفنه ما يقارب سبعا وثلاقين سنة، فسبحان من كرمهم.
(2)
أصحاب الدَّين.
(3)
أي أنصاره، قال في (الصحاح 1/ 312): الحواري: الناصر.
(4)
العناق: الأنثى من ولد المعز (الصحاح 2/ 168) والداجن: المعلوفة. * ك 12/أ.
(5)
بالحاء المهملة: السرعة (النهاية 5/ 163) ويفسرها مابعدها أيضا (العجل).
(6)
في بعض النسخ الخطية "طهوره " وكلاهما يصح.
* ت 11/ب.
(7)
فكيف يتجرأ الظلمة المفسدون على القول في أبي بكر وعمر وهما حواريي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكرهما في كل موقف.
سَقْفَة الْبَابِ، فَأَخْرَجَتِ امْرَأَتِي صَدْرَهَا، وَكَانَتْ سِتِّيرَةً، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَليَّ وَعَلَى زَوْجِي. قَالَ:«صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ» ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي فُلَاناً» لِلْغَرِيمِ الَّذِي اشْتَدَّ عَلَيَّ فِي الطَّلَبِ، فَقَالَ:«أَنْسِيْء (1) جَابِراً طَائِفَةً مِنْ دَيْنِكَ*الَّذِي عَلَى أَبِيهِ إِلَى هَذَا الصِّرَامِ (2) الْمُقْبِلِ» قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ. قَالَ: وَاعْتَلَّ وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مَالُ يَتَامَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ جَابِرٌ؟ » قَالَ: قُلْتُ: أَنَا ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: «كِلْ لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَوْفَ يُوَفِّيهِ» فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا الشَّمْسُ قَدْ دَلَكَتْ قَالَ: «الصَّلَاةُ يَا أَبَا بَكْر» قَالَ: فَانْدَفَعُوا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ لِغَرِيمِي: قَرِّبْ أَوْعِيَتَكَ، فَكِلْتُ لَهُ مِنَ الْعَجْوَةِ فَوَفَّاهُ اللَّهُ، وَفَضَلَ لَنَا مِنَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا، وَكِلْتُ لَهُ مِنْ أَصْنَافِ التَّمْرِ فَوَفَّاهُ اللَّهُ، وَفَضَلَ لَنَا مِنَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَجِئْتُ أَسْعَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسْجِدِهِ كَأَنِّي شَرَارَةٌ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَلَّى فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ كِلْتُ لِغَرِيمِي تَمْرَهُ فَوَفَّاهُ اللَّهُ، وَفَضَلَ لَنَا مِنَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَيْنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؟ » قَالَ: فَجَاءَ يُهَرْوِلُ قَالَ: «سَلْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ غَرِيمِهِ وَتَمْرِهِ» قَالَ: مَا أَنَا بِسَائِلِهِ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ سَوْفَ يُوَفِّيهِ (3) إِذْ أَخْبَرْتَ أَنَّ اللَّهَ سَوْفَ يُوَفِّيهِ. فَرَدَّدَ عَلَيْهِ وَرَدَّدَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: مَا أَنَا بِسَائِلِهِ*.
وَكَانَ لَا يُرَاجَعُ بَعْدَ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ غَرِيمُكَ وَتَمْرُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَفَّاهُ اللَّهُ، وَفَضَلَ لَنَا مِنَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا، فَرَجَعْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَقُلْتُ: أَلَمْ أَكُنْ نَهَيْتُكِ* أَنْ تُكَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي؟ ، فَقَالَتْ: تَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُورِدُ نَبِيَّهُ فِي بَيْتِي ثُمَّ يَخْرُجُ وَلَا أَسْأَلُهُ الصَّلَاةَ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي " (4).
[ب 46، د 46، ع 46، ف 47، م 46] تحفة 3117 إتحاف 3794.
(1) أي آخر طائفة من دينك، انظر (النهاية 5/ 44).
* ك 12/ب.
(2)
جداد النخل، انظر (الصحاح 1/ 718) وهو بمعنى الحصاد، سواء النخل أو غيره من الثمار.
(3)
هنا تعرف مكانة عمر رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان حريصا على بشارته بهذه البركة، ومكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عمر رضي الله عنه، إذ أنه عرف أن الله عز وجل سيوفي دين أبي جابر لإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقاتل الله من ينكر فضل أبي بكر وعمر.
* ت 12/أ.
* ك 13/أ.
(4)
فيه نبيح العنزي: الصحيح أنه ثقة، وأخرجه أحمد حديث (15281).