الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالزبيرِ بنِ العَوَّامِ قد حفظَ ما حفظتُ، فشهدَ عندَه، فتركه، وأسلم الهرمزانُ، وفوض له (1).
ومقصود الترجمة: أن المعتبر المقاصدُ بأدلتها كيفما كانت الأدلةُ، لفظية أو غيرَها، على وَفْق (2) لغةِ العرب أو غيرِها (3).
وحديثُ عمر الذي سقناه أصلٌ في أن القاضي إذا حكم بشيء، ونسيَهُ، فشهدتْ عنده بحكمه ذلك بَيِّنَةٌ، قَبِلَها، ونفذ الحكم.
وفيه: سَعْيُ أحدِ الشاهدين في شاهد آخرَ تكمُلُ به البينةُ، ولا يكون ذلك قدحًا في شهادته إذا انتفتِ الريبة.
* * *
باب: الْمُوَادَعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَإِثْمِ مَنْ لَمْ يَفِ بِالْعَهْدِ
وَقَوْلِهِ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61].
(باب: الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال (4) وغيرِه): قال ابن المنير: قد استشار الإمامُ أصحابَ مالك [على أن لا يقبل منه، وذكر](5) أن الطَّاغية بذل مئة ألف دينار على المتاركة عشرَ سنين، فأجمعَ رأيُ أصحابِ
(1) رواه أبو عبيد في "الأموال"(ص: 149)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(33401).
(2)
في "ع": "وقف".
(3)
انظر: "المتواري"(ص: 199).
(4)
"بالمال" ليست في "ع".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
مالك على أن لا يُقبل منه، وقالوا: بالمسلمين الآن قوةٌ، وِيعَدُوِّهم ضعفٌ، ونخشى أن يكون هذا المال سبباً لثبط (1) الغزاة والمرابطين بالسواحل، وتَفَلُّل جموعِهم، فيجد العدوُّ حينئذ القوةَ والفرصةَ، فرجع إلى رأيهم هذا إذا بذل العدوُّ المالَ للمسلمين؛ فإن (2) انعكست القضية، ودعت الضرورة، وظهرت المصلحة، فالظاهر الجوازُ، وقد بذل النبي صلى الله عليه وسلم لغطفان ثلثَ ثمر المدينة لينصرفوا بمن معهم إبقاءً على أهل المدينة؛ لأن العربَ رمتهم عن قوس واحدة، فقال له سعد: يا رسول الله! أهذا شيء تصنعه؛ لأن الله أمركَ به، أو لأنك [تحبه، فتصنعه لأجل ذلك، أم شيء تصنعه لأجلنا؟ فقال: "بل لأجلكم"، فقالوا](3): واللهِ! ما نعطيهم تمرةً واحدة، وقد كنا في الجاهلية وقبلَ أن يُعزنا الله بالإسلام لا يَصلون (4) إليه إلا بشراءٍ أو قِرًى، فترك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن العقد انبرمَ فيه.
وليس في ترجمة البخاري تعرض؛ لأن المال المبذول من جهة المسلمين، أو من جهة الكفار، إلا أنه ساق حديثَ موادعةِ اليهود، ولم يكن بمال أصلاً، وأما الديةُ التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم، فليست عن اليهود؛ لأن أصحاب الحق نكلوا (5) عن اليمين، والناكلُ ليس له إلا (6) استحلافُ المتهمين،
(1) في "ع": "ليثبط".
(2)
في "ع": "فإذا".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(4)
في "ع": "تصلوا".
(5)
في "ع": "تكلموا".
(6)
"له إلا" ليست في "ع".
فامتنعوا أيضاً من استحلافهم، وقالوا (1): لا نقبل أيمانَ قوم كفار.
وما كان البخاري أرادَ إلا جوازَ الأحوالِ كلِّها بحسب المصلحة، بمال أو غيره، من أَيِّ الجهتين كان المال، وقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية، وكان الحَيْفُ من المشركين على المسلمين، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: لِمَ نُعطي الدنيةَ في ديننا؟ فقال: "سيجعلُ اللهُ لكم فَرَجاً ومَخْرَجاً"(2).
* * *
1733 -
(3173) - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ -هُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ-، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبي حَثْمَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ، وَهْيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلٍ وَهْوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمٍ قَتِيلاً، فَدَفَنَهُ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةَ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ:"كَبِّرْ كَبِّرْ"، وَهْوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ، فَسَكَتَ، فَتَكَلَّمَا، فَقَالَ:"أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ، أَوْ صَاحِبَكُمْ؟ "، قَالُوا: وَكَيْفَ نَحْلِفُ، وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ:"فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ؟ "، فَقَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟! فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ.
(مُحَيصة): بضم الميم وفتح الحاء وسكون الياء، وقد تشدد مكسورة.
(1) في "ع": "فقالوا".
(2)
رواه مسلم (1784).