الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن العربي: وقالت الصوفية: كما أن كونَه عليه السلام بينَ أَظْهُرهم مانعٌ من عذابهم، فالإيمانُ الذي في القلوب يمنع من تعذيب أبدانهم، والله أعلم (1).
* * *
باب: ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ
وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات: 165]: الْمَلَائِكَةُ.
(باب: ذكر الملائكة، و (2) قال أنس: قال عبدُ الله بنُ سَلامٍ للنبي صلى الله عليه وسلم: إن جبريل عدو اليهود من الملائكة): هذا التعليق رواه البخاري عن قريبٍ مسنَداً مطوَّلاً عن محمد بن سلام، عن مروان بن معاويةَ، عن حُميد، عنه.
1752 -
(3207) - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكٍ بْنِ صَعْصَعَةَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ -وَذَكَرَ: بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ-، فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُلِيءَ حِكْمَةً وَإِيمَاناً، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِيءَ حِكْمَةً وَإِيمَاناً،
(1) انظر: "عارضة الأحوذي"(12/ 140). وانظر: "التوضيح"(19/ 50).
(2)
الواو ليست في "ع".
وَأُتِيتُ بِدَابَّهٍ أَبْيَضَ، دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ: الْبُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَباً بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ مِنِ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قِيلَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَباً بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى وَيَحْيَى، فَقَالَا: مَرْحَباً بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَباً بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ يُوسُفَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: مَرْحَباً بِكَ مِنْ أخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قِيلَ: نَعمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيس، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَباً مِنْ أخٍ وَنبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَباً بِهِ، وَلَنِعْمَ الْمَجيءُ جَاءَ، فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَباً بَكَ مِنْ أَخٍ وَنبِيٍّ، فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءَ السَّادِسَةِ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قيلَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ مَرْحَباً بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ مِنْ أَخٍ وَنبِيٍّ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ، بَكَى، فَقِيلَ: مَا أَبْكَاكَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ! هَذَا الَغُلامُ الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أمُّتِي، فَأَتِيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ:
وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ مَرْحَباً بِهِ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ مِنِ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَرُفِعَ لِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا، لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ، وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نبَقُهَا كَأَنَّهُ قِلَالُ هَجَرٍ، وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ، فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ، فَفِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ، النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ، عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ، فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ، فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، ثُمَّ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، فَجَعَلَ عَشْراً، فَأَتَيْتُ مُوسَى، فَقَالَ مِثْلَهُ، فَجَعَلَهَا خَمْساً، فَأَتَيْتُ مُوسَى، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا خَمْساً، فَقَالَ مِثْلَهُ، قُلْتُ: سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ، فَنُودِيَ: إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي، وَأَجْزِي الْحَسَنَةَ عَشْراً".
(إلى مَرَاقّ (1) البطن): -بتشديد القاف-[وأصلُه: مراقِق؛ فأدغمت القاف](2) الأولى في الثانية، وسُميت بذلك؛ لأنها موضعُ رِقَّةِ الجلد (3).
(بدابةٍ أبيضَ): ولم يقل: بيضاء؛ نظراً إلى المعنى؛ أي: بمركوبٍ، أو بُراقٍ.
(1) في "ع": "مطراق".
(2)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(3)
انظر: "التنقيح"(2/ 711).
(البراقُ): بالرفع، خبر مبتدأ محذوف، وبالجر على البدل.
(هذا الغلام): الإشارة للتعظيم، والعرب تسمي الرجل المُجْتَمِعَ السنِّ: غلاماً.
قيل: وإنما بكى موسى عليه السلام لأن أمته حين قصر عددُهم عن (1) عددِ أمةِ محمد عليه السلام، أشفق عليهم، وتمنى لهم الخير.
(فأتينا السماءَ السابعةَ): كذا وقع هنا، ولكن في أول كتاب الصلاة: أنه في السادسة (2)، وكذا اختُلف في موسى، وإذا حُمل الإسراءُ على التعدد، فلا اختلافَ.
(فنودي: إني أمضيتُ فريضتي، وخففتُ عن عبادي): تقدم في كتاب الصلاة: أن ابن المنير رحمه الله قال: إن هذا يلزم عليه النسخ قبل البلاع، وأنه يرد على أهل السنة والمعتزلة، وصرح في "الصبح الصادع": بأن ذلك من مبتكراته.
قلت: وهو عجيب؛ فإن السهيليَّ نقل في "الروض الأُنف" عن أبي جعفر النحاس: أنه أنكر كونَ حطِّ الخمسِ والأربعين صلاةً نسخاً لوجهين:
أحدهما: أن العبادة لا يجوز نسخُها قبلَ العمل [بها؛ لأن ذلك من البداء، وهو محال على الله تعالى.
الثاني: أن العبادة، وإن جاز نسخها قبلَ العمل بها] (3) عندَ من يراه، فليس يجوزُ عندَ أحد نسخُها قبل وصولها إلى المخاطَبين.
(1)"عددهم عن" ليست في "ع".
(2)
رواه البخاري (349) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
قال أبو جعفر: وإنما هي شفاعة شفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته (1) عند ربه؛ ومثلُه لا يسمى نسخاً.
وردَّ السهيلي قولَه بلزوم البداء في النسخ بما هو مقرر في كتب الأصول.
ثم قال السهيلي: وقولُنا في الخمس والأربعين صلاةً الموضوعةِ عن محمدٍ وأمته أحدُ وجهين:
إما أن يكون نُسخ ما وجب على النبي صلى الله عليه وسلم من أدائها، ورُفع عنه استمرارُ العزم واعتقادُ الوجوب، وهذا قد قدمنا أنه نسخ على الحقيقة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونُسخ عنه ما وجب (2) عليه من التبليغ؛ فقد كان في كل مرة عازماً على تبليغ ما أُمر به، وقولُ أبي جعفر: إنما كان شافعاً ومراجِعاً لا ينفي النسخَ؛ فإن النسخ قد يكون عن سبب معلوم، فشفاعته عليه الصلاة والسلام لأمته كانت سبباً للنسخ، لا مبطلةً له، ولكن المنسوخ ما ذكرناه من حكم التبليغِ الواجبِ عليه قبل النسخ، وحكم الصلوات الخمس في خاصته، وأما أمته، فلم يُنسخ عنهم (3) حكم؛ إذ لا يُتصور نسخُ الحكم قبل وصوله إلى المأمور، وهذا كله أحدُ الوجهين المذكورين في الحديث.
قلت: لم يَرفع الإشكالَ أصلاً، فإن فرض الصلاة لم يكن خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم، بل كان شاملاً له ولأمته، ولذلك قال موسى عليه السلام:"إنَّ أمتك لا تُطيق ذلك"، فهو صريح في أن الأمة مفروضةٌ عليهم الخمسون.
وما أحسنَ قولَه: "إن أمتك لا يطيقون ذلك"، ولم يقل: إنك وأمتك
(1)"لأمته" ليست في "ع".
(2)
"عنه ما وجب" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "عليهم".
لا تطيقون؛ لأن العجزَ عن ذلك (1) مقصورٌ على الأمة، لا يتعداهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهو لما رزقه الله من الكمال يطيقُ ذلك، [و] أكثرَ من ذلك، وكيف لا وقد جُعلت قرةُ عينه في الصلاة؟!
وأيضاً: فالسهيلي (2) قد اعترف بأن الأمة فُرضت عليهم الخمسون صلاة حيث قال: نُسخ عنه عليه السلام حكمُ التبليغِ الواجبِ عليه، وإلا، فلو لم يكن ثَمَّ فرض لذلك عليهم، لم يكن ثَمَّ نسخٌ لوجوب تبليغ ذلك إليهم، والإشكال (3) إنما ورد باعتبار الأمة خاصة، ولم يجب عنه بشيء.
ثم قال: والوجه الثاني: أن يكون هذا خبراً لا تعبداً، وإذا كان خبراً، لم يدخله النسخ، ومعنى الخبر: أنه عليه السلام أخبره ربُّه أن على (4) أمته خمسين صلاة، ومعناه: أنها خمسون في اللوح المحفوظ، ولذلك قال في آخر (5) الحديث:"هي خمسٌ، وهي خمسون، والحسنةُ بعشرِ أمثالها"، فتأوله رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنها خمسون بالفعل، فلم يزلْ يراجعُ ربه حتى بين (6) له أنها في الثواب، لا بالعمل (7). فتأمله.
وبالجملة: فالمسألة بحالها، ولم يصنع في رفع الإشكال شيئاً، وبالله التوفيق.
(1)"عن ذلك" ليست في "ع".
(2)
في "ع": "قال السهيلي".
(3)
"والإشكال" ليست في "ع".
(4)
"على" ليست في "ع".
(5)
"آخر" ليست في "ع".
(6)
في "ع": "تبين".
(7)
انظر: "الروض الأنف" للسهيلي (2/ 207 - 208).
1753 -
(3208) - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، قَالَ:"إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكاً، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَاّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ. وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَاّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ".
(إن أحدكم يُجمع خَلْقُه في بطن أمه أربعين يوماً): قال الخطابي: جاء في (1) تفسيره عن ابن مسعود: أن النطفة إذا وقعت في الرحم، فأراد الله أن يخلق منها بشراً، طارت في بَشَرِ (2) المرأة تحت كل (3) ظفر وشعر، ثم تمكث أربعين ليلة، ثم تنزل (4) دماً في الرحم، فذلك (5) جمعها (6).
وفيه دليل على (7) أن مصير الأمور في العاقبة إلى ما سبق به القضاءُ،
(1)"جاء في" ليست في "ع".
(2)
في "ع": "بشرة".
(3)
"كل" ليست في "ع".
(4)
في "ج": "تتنزل"، وفي "م":"يتنزل".
(5)
في "ع": "فكذلك".
(6)
انظر: "أعلام الحديث" للخطابي (2/ 1482).
(7)
"على" ليست في "م".
وجرى به القدرُ، وأن الأعمال أمارات، وليست بموجبات، ولا التفاتَ لإنكار عمرِو بن عُبيد من المعتزلة لهذا الحديث (1).
* * *
1754 -
(3209) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَهَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَتَابَعَهُ أبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَهَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَبْدَ، نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ الله يُحِبُّ فُلَانًا، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ الله يُحِبُّ فُلَانًا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ".
(إن الله يحب فلاناً فحبَّه): وفي رواية: "فَأَحِبَّهُ".
قال القاضي: يقولونه بفتح الباء، ومذهب سيبويه ضمها (2).
ويروى: "فَأَحْبِبْهُ" على الفَكِّ (3).
* * *
1755 -
(3210) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 712).
(2)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 178).
(3)
انظر: "التنقيح"(2/ 712).
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ -وَهْوَ السَّحَابُ-، فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءَ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ، فَتَسْمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِئَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ".
(ثنا محمد، ثنا ابن أبي مريم): محمدٌ هذا هو البخاري مؤلفُ الكتاب، قاله أبو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، قال الزركشي: ولهذا سقطت من أكثر النسخ (1).
* * *
1756 -
(3214) - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ، زَادَ مُوسَى: مَوْكِبَ جِبْرِيلَ.
(في سِكَّة بني غَنْم): السِّكَّةُ -بكسر السين-، وغَنْم: بفتح الغين المعجمة، وسكون النون.
(موكبُ جبريل): بالرفع: خبر مبتدأ مضمر؛ أي: هو، وبالنصب: مفعول بفعل محذوف؛ أي: كأني أنظر.
* * *
1757 -
(3221) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُمَرَ ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ، فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ، قَالَ:
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 712).
سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "نَزَلَ جِبْرِيلُ، فَأَمَّنِي، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ". يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ.
(فصلى أمامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم): قال ابن مالك: لا إشكال في فتح همزة "أَمام"، بل في كسرها؛ لأن إضافة أمام محضة، فهو معرفة؛ والموضعُ موضع حال، فوجب جعلُه نكرة بالتأويل كغيره من المعارف الواقعة أحوالاً؛ كـ "أرسلَها العراكَ"(1).
* * *
1758 -
(3222) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَهَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ لِي جِبْرِيلُ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً، دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوْ: لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ، قَالَ: وَإِنْ زَنَىَ وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ".
(دخل الجنةَ): وهذا أمرٌ مقطوعٌ به.
(أو لم يدخل النار): ظاهرُه متروك؛ لثبوت (2) أن طائفةً من عُصاة هذه الأمة لا بدَّ من دخولهم النارَ، لكنهم لا يُخلدون فيها، فيحتاج إلى تأويل قوله:
(1) انظر: "شواهد التوضيح"(ص: 193). وانظر: "التنقيح"(2/ 713).
(2)
في "ع": "الثبوت".