الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27]
قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، وَالْحَسَنُ: كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ. هَيْنٌ وَهَيِّنٌ مِثْلُ لَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ، وَضيْقٍ وَضَيِّقٍ.
(كتاب: بدء الخلق).
(الربيع بن خُثَيم): بخاء معجمة مضمومة وثاء مثلثة مفتوحة.
(هَيِّنٌ وهَيْنٌ مثلُ لَيِّنٍ ولَيْنٍ): وقال ابن الأعرابي: العربُ تمدح بالهَيْنِ اللَّيْنِ، وتذمُّ بالهيِّن الليِّن، مثقلاً (1).
1741 -
(3190) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعِ ابْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"يَا بَنِي تَمِيمٍ! أبْشِرُوا". قَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَتَغيَّرَ وَجْهُهُ، فَجَاءَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ، فَقَالَ:"يَا أَهْلَ الْيَمَنِ! اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ". قَالُوا: قَبِلْنَا، فَأَخَذَ
(1) انظر: "التوضيح"(19/ 11).
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ بَدْءَ الْخَلْقِ وَالْعَرْشِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ! رَاحِلَتُكَ تَفَلَّتَتْ، لَيْتَنِي لَمْ أَقُمْ.
(صفوان بن مُحْرِز): بإسكان الحاء المهملة وكسر الراء بعدها زاي، وقد مر.
(قالوا: قد بَشَّرْتَنا فأَعْطِنا): قيل: قاله الأقرعُ بنُ حابس، كان فيه بعضُ أخلاقِ البادية.
قال السفاقسي: ورُوي أنه حين ردَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سبيَ هوازنَ، قال الأقرعُ وعُيَيْنَةُ: ما نطيبُ بذلك، وأنهما أخذا حِصَّتَهما من ذلك، فوقع لأحدهما: جمل أجربُ، ويقال: إنه كان فيمن نادى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم من وراء (1) الحجرات (2).
* * *
1742 -
(3191) - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ: أنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ، فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ:"اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ". قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ:"اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ". قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالُوا: جئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، قَالَ: "كَانَ اللهُ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكتَبَ فِي الذِّكْرِ
(1)"وراء" ليست في "ع".
(2)
انظر: "التوضيح"(19/ 14).
كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ". فَنَادَى مُنَادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا بْنَ الْحُصَيْنِ، فَانْطَلَقْتُ، فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ، فَوَاللهِ! لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا.
(اقبلوا البشرى يَا أهلَ اليمن؛ إذ (1) لم يقبلوها (2): ويروى: "أَن" -بالفتح-؛ أي: من أجلِ تركِ بني تميمٍ لها.
* * *
1743 -
(3192) - وَرَوَى عِيسَى، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَاماً، فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ.
(وروى عيسى عن رقية (3)): قال الجياني: هكذا في النسخ كلها عن البخاري.
وقال أبو مسعود الدمشقي: إنما رواه عيسى -يعني: ابن موسى الغُنجار البخاري-، عن أبي حمزة، عن رقية، وفي "مستخرج أبي نعيم": ولا يعرف لعيسى عن رقية نفسه شيء (4).
(1) في "ع": "إذا".
(2)
نص البخاري: "إذ لم يقبلها بنو تميم".
(3)
نص البخاري: "رَقَبَة"، وقد وقع هكذا؛ أعني:"رقية" في "التنقيح" للزركشي (2/ 707).
(4)
انظر: "التوضيح"(19/ 17).
1744 -
(3194) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا قَضَى اللهُ الْخَلْقَ، كَتَبَ فِي كِتَابِهِ، فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي".
(لما قضى [اللهُ] الخلقَ): قال ابن عرفة: قضاءُ الشيء: إحكامُه وإمضاؤه، والفراغُ منه، وبه سمي القاضي؛ لأنه إذا حكم، فقد فرغَ مما بينَ الخصمين (1).
(فهو عنده فوق العرش): قيل: المراد: دونه؛ كقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]؛ أي: دونها؛ استعظاماً أن يكون شيء من المخلوقات فوقَ العرش.
وقيل: الكلام على حقيقته، والمراد: علمُ ذلك عندَ الله لا يُبدل (2).
(إن رحمتي غلبتْ غضبي): أشار لسَعَةِ الرحمةِ وشمولها (3) الخلقَ، فكأنها الغالبة؛ يقال: غلبَ على فلانٍ الكرمُ؛ أي: هو أكثرُ أفعاله، وإلا فغضبُ الله ورحمتُه صفتان من صفات ذاته، فالغضبُ: إرادةُ العقاب، والرحمةُ: إرادة الثواب، والصفاتُ لا توصف بالغلبة (4)، ولا يسبق بعضُها بعضاً، لكن جاء هذا على الاستعارة. ولا يمتنع أن تجعل الرحمة والغضب من صفات الفعل لا الذات، فالرحمة: هي الثواب والإحسان، والغضب:
(1) المرجع السابق، (19/ 19).
(2)
وهو الصواب.
(3)
في "ع": "ومشمولها".
(4)
في "ع": "بالعلية".