الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1859 -
(3449) - حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كيْفَ أَنتمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟ ".
(وإمامُكم منكم): أي: رجلٌ منكم؛ يعني (1)؛ أنه لا يتأمر عليكم، ولا يؤمكم كما قد جاء في "مسلم": أنه يقال له: "صَلِّ، فَيَقُولُ: لا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةً لِهَذه الأُمَّةِ"(2).
ويحتج به من يرى عدمَ خلو العصرِ من قائمٍ لله بالحجة.
وحكى الجوزقي عن بعضهم: أن معناه: يحكم بينكم بالقرآن، لا بالإنجيل (3).
* * *
باب: مَا ذُكِرَ عَنْ بَني إَسْرَائِيلَ
1860 -
(3451) - قَالَ حُذَيْفَةُ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أتاهُ الْمَلَكُ لِيقْبِضَ رُوحَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ: انْظُرْ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا، غَيْرَ أَني كنْتُ أُبَايع النَّاسَ فِي الدُّنْيَا، وَأُجَازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ، وَأتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ. فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنةَ".
(1)"يعني" ليست في "ع".
(2)
رواه مسلم (156) عن جابر رضي الله عنهما.
(3)
انظر: "التنقيح"(2/ 748).
(وأُجازيهم): قيل: معناه: أُعاوضهم (1)، آخذُ منهم، وأعطيهم.
قيل: وصوابه أَتجازاهم؛ أي: أَتقاضاهم، يقال: تجازيتُ ديوني: إذا تقاضيتها (2).
* * *
1861 -
(3452) - فَقَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَلَمَّا يئس مِنَ الْحَيَاةِ، أَوْصَى أَهْلَهُ: إِذَا أَنَا مُتُّ، فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا، وَأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا، حَتَّى إِذَا أكلَتْ لَحْمِي، وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي، فَامْتَحَشْتُ، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، ثُمَّ انْظُروا يَوْمًا رَاحًا، فَاذْرُوهُ فِي الْيَمِّ. فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ خَشْيتكَ. فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ".
(فامتُحشت): -بفتح التاء وضمها، على البناء للفاعل والمفعول-؛ أي: احترقت.
(يومًا راحًا): أي: كثير الرياح، كقولهم: كبشٌ (3) صافٍ؛ أي: كثير الصوف.
(فاذروه في اليم): -بوصل الألف-، يقال: ذَرَيْتُ الشيء: وأَذْهَبْتُه، ويقال بقطعها، رباعي (4).
(1) في "ع": "وأعاوضهم".
(2)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(3)
"كبش" ليست في "ع" و"ج".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 748).
1862 -
(3453 و 3454) - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عبدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي مَعْمَر، ويونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبدِ اللَّهِ: أَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاس رضي الله عنهم، قَالَا: لَمَّا نَزَلَ بِرسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ، كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ:"لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"؛ يُحَذِّر مَا صَنَعُوا.
(لما نزل برسولِ (1) الله صلى الله عليه وسلم): ضبطه أبو ذر في أصله: بفتح النون والزاي.
قال الزركشي: وهو الصواب؛ لأن القاضي ذكر في "المشارق" قال: فما (2) نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: منية.
ويروى: "نُزِل": -بضم النون وكسر الزاي، على البناء للمفعول-؛ أي: نزل به الملكُ (3)؛ ليقبض روحه (4).
قلت: كلتا الروايتين صواب، والوجه لكل منهما ظاهر.
* * *
1863 -
(3456) - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ،
(1) في "م": "رسول".
(2)
في "ج": "لما".
(3)
في "ع": "نزل بك الملك"، وفي "م":"نزل الملك".
(4)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 9). وانظر: "التنقيح"(2/ 748).
قَالَ: حَدَّثَنِي زيدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَتتَبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ، لَسَلَكْتُمُوه". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: "فَمَنْ".
(سَنن من قبلكم): -بفتح السين-: السبيل والمنهاج.
(حتى لو سلكوا جحرَ ضَب، لسلكتموه): قال الخليل (1) في كتاب "العين": كنيةُ الضب أبو حُسَيْل، وهو دُوَيبَّة تشبه الورَل تأكله الأعراب، والأنثى [ضَبَّة]، وتقول العرب: هو قاضي الطير والبهائم، يقولون: اجتمعت إليه أولَ ما خُلق الإنسان (2)، فوصفوه له، فقال الضب: تصفون خلقًا يُنْزِلُ الطيرَ من السماء، وُيخرج الحوتَ من الماء، فمن كان له جناح، فليطرْ، ومن كان ذا مخلب، فليحتفرْ، قيل: ومن ثم خَصَّه بالذكر (3).
* * *
1864 -
(3461) - حَدَّثَنَا أبو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّة، عَنْ أَبي كَبْشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
(بلغوا عني ولو آيةٍ): قال ابن حِبَّانَ في "صحيحه": فيه دليل على أن
(1) في "ع": "الخليلي".
(2)
في "ج": "خلق الله الإنسان".
(3)
انظر: "العين"(3/ 139)، وانظر:"التوضيح"(19/ 612).
السنن يقال لها: آي (1).
وفيه نظر؛ إذ لم ينحصر التبليغُ عنه في السنن (2)؛ فإن القرآن مما بلغ عنه، قاله (3) الزركشي (4).
(وحَدِّثوا عن بني إسرائيلَ ولا حرجَ): قال الشافعي معناه: وإن استحالَ مثلُه في هذه الأمة؛ مثل: نزولِ النار من السماء تأكل القربانَ، ونحوِه، وليس المراد أن يحدَّثَ عنهم بالكذب (5).
* * *
1865 -
(3463) - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَسْجدِ، وَمَا نسينَا مُنْذُ حَدثَنَا، وَمَا نخشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا، فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَني عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".
(فجزِع): بكسر الزاي، والجزعُ: نقَيضُ الصبر.
(قال الله عز وجل: بادَرَني عبدي بنفسه، حَرَّمْتُ عليه الجنةَ):
(1) ذكره ابن حبان في "صحيحه"(14/ 149).
(2)
من قوله: "يقال لها" إلى هنا: ليس في "ج"، وإلى قوله:"القرآن" ليس في "ع".
(3)
في "ع": "قال".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 749).
(5)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
قال ابن دقيق العيد: فيه إشكالان أصوليان:
أحدهما: قوله: بادَرَني بنفسه، وهي مسألة تتعلق بالآجال، وأجلُ كلِّ شيء وقتهُ، يقال: بلغَ أجلَه: إذا تم أمرُه، وجاء حينُه، ولا يموت أحدٌ بأي سبب كان إلا بأجله، وقد علم الله أنه يموت بالسبب المذكور، وما عَلِمَه فلا يتغير، فعلى هذا يبقى قوله (1): بادرني (2) بنفسه (3) محتاجًا إلى التأويل، فإنه قد يوهم أن الأجل كان متأخرًا عن ذلك الوقت، فقدم عليه.
والثاني: قوله: "حرمت عليه (4) الجنة"، فيتعلق به (5) من يرى بوعيد الأبد، وهو مؤول عند غيرهم على تحريم الجنة بحالة مخصوصة؛ كالتخصيص بزمن؛ كما يقال: إنه لا يدخلها مع السابقين، أو (6) يجعلونه على مَنْ فعلَ ذلك مستحلًا، فيكفر به، ويكون مخلدًا بكفره، لا (7) بقتله نفسه.
[والحديث أصل كبير في تعظيم قتل النفس، سواء كانت نفس الإنسان، أو غيره؛ لأن نفسه](8) ليست ملكه أيضًا، فيتصرف فيها على حسب اختياره (9).
(1) في "ع": "قبله".
(2)
في "م": "بادر".
(3)
"بنفسه" ليست في "ع" و"ج".
(4)
"عليه" ليست في "ع".
(5)
في "ع" و "ج": "بهن".
(6)
في "ج": "و".
(7)
في "م": "ولا".
(8)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(9)
انظر: "شرح عمدة الأحكام"(4/ 105 - 106).