الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ، مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ! فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ، وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْح فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئهِمْ".
(مُتَعطفًا): -بميم مضمومة وتاء فوقية مفتوحة-؛ أي: متردِّيًا.
* * *
باب: مَنَاقِبِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه
-
2011 -
(3803) - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مُسَاوِرٍ خَتَنُ أَبِي عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ".
(اهتز العرش لموت سعد): قيل: المراد: السرير، والصَّحيح عرشُ الله عز وجل كما وقع مبينًا (1) فى الحديث الذي بعده:"اهتزَّ عرشُ الرحمن"، والمراد: حَمَلَةُ العرش، ومعنى الاهتزاز: السرور والاستبشار، وإلَّا، فأي فخرٍ في اهتزاز سريره هو، وكلُّ سريرٍ يهتز إذا تجاذبته أيدي الرِّجال (2)؟!
(1) في "م": "مبنيًا".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 794).
وقيل: معنى اهتزاز العرش لسعد: أنَّه ارتاح لروحه، واستبشر بصعوده لكرامته، وكل من خف لأمرٍ (1) واستبشر به، فقد اهتزَّ له.
وقيل: قد يكون اهتزازُ العرش حقيقةً، جعله الله علامةً نصبَها لموتِ (2) وليٍّ من أوليائه يُنَبِه له ملائكتَه، ويشعرهم بفضله (3).
* * *
2012 -
(3804) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجدِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ، أَوْ سَيِّدِكُمْ". فَقَالَ: "يَا سَعْدُ! إِنَّ هَؤُلَاءَ نزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ". قَالَ: فَإِني أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ:"حَكَمْتَ بِحُكْم اللَّهِ، أَوْ بِحُكْم الْمَلِكِ".
(فلمّا بلغ قريبًا من المسجد): قيل: ذكرُ المسجد هنا وَهْم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان مجاهدًا لبني قريظة، ولا مسجد هناك، وسعدٌ إنَّما جاء من المسجد، والأشبهُ أن المسجدَ تصحيف، وصوابه: فلما دنا من النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه مسلم، وأبو داود (4).
(1) في "ج": "الأمر".
(2)
في "ع": "للموت".
(3)
انظر: "التوضيح"(20/ 405).
(4)
رواه مسلم (1768)، وأبو داود (5216) لكن بمثل لفظ البخاري. وانظر: =
قلت: هذا من (1) نمط ما تقدم من الإقدام على تخطئة الرواية (2) الثابتة (3) الصحيحة بمجرد خيالٍ يقوم في النفس، إذ لا مانع أن يكون هناك مسجدٌ اختطه النبي صلى الله عليه وسلم.
سلَّمنا أنَّه لم يكن هناك مسجد أصلًا (4)، لكنَّا لا نسلِّم أنَّ قوله: في المسجد متعلِّق بـ: قريبًا (5)، وإنَّما هو متعلِّق بمحذوف؛ أي: فلمَّا بلغ قريبًا من مكان النبي صلى الله عليه وسلم في حالة كونه جائيًا من المسجد، وذلك أنَّه لمَّا أصيب، أقام بمسجد المدينة، فلما طُلب، جاء منه، واستقام الكلام (6)، والحمد لله.
(بحكم الملِك): يروى (7) بكسر اللام؛ والمراد به: اللهُ تعالى، ويروى بفتحها، على أنَّ المراد: المَلكُ النازلُ بالوحي (8).
= "التنقيح"(2/ 794).
(1)
"من" ليست في "ع".
(2)
في "م": "الرواة".
(3)
في "ع": "الثانية".
(4)
بل كان هناك مسجد أعده النبي صلى الله عليه وسلم أيام محاصرته لبني قريظة للصلاة فيه، كما قال الحافظ في "الفتح"(7/ 156).
(5)
في "ع": "تقريبًا".
(6)
قلت: وهذا توجيه متكلف، والصواب ما تقدم عن الحافظ ابن حجر، والله أعلم.
(7)
في "ج": "ويروى".
(8)
انظر: "التنقيح"(2/ 794).