الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: فِي النُّجُومِ
وَقَالَ قَتَادَةُ {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك: 5]: خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {هَشِيمًا} [الكهف: 45]: مُتَغَيِّراً. وَالأَبُّ: مَا يَأْكُلُ الأَنْعَامُ، الأَنَامُ: الْخَلْقُ، {بَرْزَخٌ} [الرحمن: 20]: حَاجِبٌ.
(برزخ: حاجب): وفي نسخة: "حاجز"(1).
* * *
باب: صِفَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
{بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5]: قَالَ مُجَاهِدٌ: كَحُسْبَانِ الرَّحَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لا يَغدُوَانِهَا. حُسْبَانٌ: جَمَاعَةُ حِسَابٍ مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ. {ضُحَاهَا} [النازعات: 29] ضَوْءُهَا. {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} [يس: 40]: لا يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ. {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40]: يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَانِ.
{سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40]: يتطالبان حثيثين: في "الانتصاف": يؤخذ من هذه الآية: أن النهار تابعٌ لليل (2)؛ إذ جعلَ الشمسَ التي (3) هي آيةُ النهار غيرَ مدركةٍ للقمر الذي هو آيةُ الليل، فبقي الإدراك الذي يمكن أن يقع، وهو
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 709).
(2)
في "ع": "الليل".
(3)
"التي" ليست في "ع".
يستدعي تقدمَ القمر، وتبعيةَ الشَّمس؛ فإنه لا يقال: أدركَ السابقُ اللاحقَ، لكن يقال: أدركَ (1) اللاحقُ السابقَ، فالليلُ إذن متبوعٌ، والنهارُ تابعٌ.
فإن قيل: فالآية مصرحة بأن الليلَ لا يسبق النهار؟
فجوابه: أنه مشترك الإلزام؛ إذ الأقسامُ المحتملة ثلاثةٌ: إما تبعيةُ النهارِ لليلِ كمذهب الفقهاء، أو عكسُه؛ وهو المنقولُ عن طائفة من النُّحاة، أو اجتماعُهما، فهذا القسم الثالث منفيٌّ بالاتفاق، فلم يبقَ إلا تبعيةُ النهارِ لليل، وعكسُه، والسؤالُ وارد عليهما، لاسيما من قال: إن النهارَ سابقُ الليل، يلزم من طريق البلاغة أن يقول: ولا الليل يدرك النهار؛ فإن المتأخر إذا نُفِي (2) إدراكُه كان أبلغَ من نفي سَبْقِه، مع أنه ناءٍ عن قوله:{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} [يس: 40].
فأما ظاهراً: فالتحقيقُ أن المنفيَّ: السبقيةُ الموجبةُ لتراخي النهار عن الليل، وتخلُّل زمنٍ آخرَ بينهما، فيثبتُ التعاقبُ، وحينئذ يكون القولُ بسبق النهارِ الليلَ مخالفاً لصدر الآية؛ فإن بين عدم الإدراك -الدالِّ على التأخر والتبعية- وبين السبق بَوْناً بعيداً، ولو كان الليلُ تابعاً متأخِّراً؛ لكان حَرِيّاً أن يوصَف بعدم الإدراك، ولا يُبلغ به عدمُ السبق، فتقدمُ الليلِ على النهار مطابقٌ لصدر الآية صريحاً، ولعَجُزِها بتأويلٍ حسنٍ.
* * *
1748 -
(3199) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ
(1) في "ع": "إدراك".
(2)
في "ع": "بقي".
الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: "تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟ ". قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ، فَيُؤْذَنَ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38].
(حتى تسجدَ تحت العرش، فتستأذنَ (1)): سجودُ الشمسِ أنكره قومٌ من أهل الغفلة اقتداءً بالملحدة؛ وسجودُها صحيحٌ ممكنٌ لا يُحيله العقلُ.
وقيل: هو عبارةٌ عن التذللِ والخضوع، واسئئذانُها إن كانت ممن يعقل، فعلى ظاهره، وإلا فَمِنَ الموكَّلين بها، أو يكون ذلك على لسان حالها.
قال ابن الجوزي: ربما أشكلَ هذا الحديث على بعض الناس من حيث أَنا نراها تغيب في الأرض، وقد أخبر القرآن أنها تغيب في (2) عين حَمِئَة، فأين هي من العرش؟
والجواب: أن الأرضين السبعَ في ضرب المثال كقطبِ رحًى، والعرش لعظم ذاته بمثابة الرحى، فأينما سجدت الشمسُ، سجدت تحت (3) العرش، وذلك مستقرُّها (4).
(فلا يؤذَن لها): أي: في المسير إلى مطلعها.
(1)"فتستأذن" ليست في "ع".
(2)
في "م": "من".
(3)
"تحت" ليست في "ع".
(4)
انظر: "التوضيح"(19/ 38 - 39).
1749 -
(3200) - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ الدَّانَاجُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
(الداناجُ): -بدال مهملة فألف فنون فألف فجيم-: هو بالفارسية: العالمُ.
(الشمسُ والقمر مُكَوَّرانِ يوم القيامة): قيل: يذهبُ نورُهما، وقيل: يُلَفَّان كما يُلَفُّ الثوبُ.
ووقع في بعض نسخ "أطراف أبي مسعود الدِّمشقي" زيادة: "في النار"، وكذا رواية ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والإسماعيلي في "مستخرجه".
وإنما روى أبو داود الطَّيالِسي في "مسنده" عن الرقاشي، عن أنس يرفعه:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ في النَّارِ"(1): -بالثاء المثلثة-، وإنما (2) يجتمعان في جهنم؛ لأنهما عُبدا من دون الله، ولا تكون النار عذاباً لهما؛ لأنهما (3) جماد؛ وإنما يُفعل ذلك بهما زيادة تبكيت الكفار وحسرتهم (4).
* * *
1750 -
(3201) - حَدَّثَنَا يَحْيَىَ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ،
(1) رواه الطيالسي في "مسنده"(2103).
(2)
في "ع": "وأنهما".
(3)
"لأنهما" ليست في "ع".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 710).