الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ".
(الأرواح جنود مجندة): قيل: أشار إلى معنى التشاكل في الخير والشر؛ فإن الخيِّر من الناس يحنُّ إلى شكله، وكذا الشرير.
وقيل: إنه إخبار عن تردد الأرواح في حال الغيب قبل خلقِ الأجسام، وكانت (1) تلتقي، فلما التقت بالأجسام، تعارفت بالذِّكْرِ الأولِ (2).
* * *
باب: قَولِ الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [هود: 25]
1812 -
(3340) - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، وَقَالَ: "أَناَ سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَلْ تَدْرُونَ بِمَنْ يَجْمَعُ اللهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، إِلَى مَا بَلَغَكُمْ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ! أَنْتَ أَبُو الْبَشَر، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدهِ، وَنفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، أَلَا
(1) في "ع": "فكانت".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 727).
تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّي غَضِبَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَنَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحاً، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ! أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللهُ عَبْداً شَكُوراً، أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا؟ أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِي نَفْسِي، ائْتُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَيَأْتُونِي، فَأَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ".
(في دَعوة): قال القاضي: بالفتح: هي الطعام المدعُوُّ إليه، وفي النسب: الدِّعوة -بالكسر-، هذا عند أكثر العرب (1) إلا عديَّ الرَّباب؛ فإنهم يعكسون، فيفتحون في النسب، ويكسرون في الطعام (2).
(فرُفع إليه الذراع): ببناء "رُفع" للمفعول، ثم حكى الزركشي أنه قيل: صوابه: رُفِعَتْ؛ لأن الذراع مؤنثة (3).
قلت: وهو خَبْطٌ (4)؛ لأن هذا إسنادٌ إلى ظاهر غير الحقيقي، فيجوز لك التانيثُ وعدمُه، بل أقول: لو كان التأنيث هنا حقيقياً، لم يجب اقترانُ الفعل بعلامة التأنيث؛ لوجود الفاصل؛ كقولك: قامَ في الدار هندٌ.
(1) في "ع": "أهل العرب".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 727).
(3)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(4)
في "ع": "ضبط".
(فنَهَسَ منها): -بسين مهملة-، وهو أخذُ اللحم من العظم بمقدَّم الفم.
وفي رواية أبي ذر بالشين المعجمة، فقيل: هما بمعنى، وقيل: هو بالمعجمة: الأخذ بالأضراس، وبالمهملة: بأطراف الأسنان (1)(2).
(فيقولون: يا نوح! أنت أولُ الرسل): قال الداودي: هذا هو الصحيح.
وروي: أن آدم نبي مرسل، وروي في ذلك حديث مرفوع (3)، وقيل: هو نبي وليس برسول، وقيل: رسول وليس بنبي (4)، وردّ بأن من لازمِ الرسالةِ النبوةَ، فلا يكون الرسولُ إلا نبياً (5).
(فيقول: ربِّ!): قال الزركشي: كذا وقع، وصوابه:"ربي"(6).
قلت: وكذا هو فيما رأيتُه من النسخ.
(فأسجدُ تحت العرش): جاء في "مسند أحمد": "قَدْرَ جُمْعةٍ"(7).
* * *
(1) في "ع": "الإنسان".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 728).
(3)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(361)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(4)
في "ع": "نبي".
(5)
انظر: "التوضيح"(19/ 306).
(6)
انظر: "التنقيح"(2/ 728).
(7)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 4) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.