المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أبيه». {يُسْقى} أي الجنّات وما فيها. {الْأُكُلِ} ما يؤكل، فمنها - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ١٣

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌2 -النّفس الأمّارة بالسّوء

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل التّاسع من قصّة يوسفيوسف في رئاسة الحكم ووزارة الماليّة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌والخلاصة:

- ‌الفصل العاشر من قصة يوسفأولاد يعقوب يشترون القمح من أخيهم يوسفومطالبته إياهم بإحضار أخيهم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌أضواء من التّاريخ:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الحادي عشر من قصّة يوسفمفاوضة إخوة يوسف أباهم لإرسال أخيهم بنيامين معهم فيالمرة القادمة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الثاني عشر من قصة يوسفوصية يعقوب لأولاده بالدخول إلى مصر من أبواب متفرقة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الثالث عشر من قصة يوسفمعرفة يوسف أخاه بنيامين واتخاذه التدابير لإبقائه لديه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الرابع عشر من قصة يوسفنقاش حادّ بين أولاد يعقوب وبين يوسف وبين أبيهم حولالسرقة المزعومة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الخامس عشر من قصة يوسفتعرّف أولاد يعقوب على يوسف في المرة الثالثة واعترافهمبخطئهم وعفوه عنهم

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل السادس عشر من قصة يوسفإخبار يعقوب بريح يوسف وتأييده ببشارة البشير

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل السابع عشر من قصة يوسفلقاء أسرة يعقوب عليه السلام في مصر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الثامن عشر من قصّة يوسفدعاء جامعيتضمّن تحدّث يوسف بنعم الله عليه وطلبه من ربّه حسن الخاتمة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل التّاسع عشر من قصّة يوسفإثبات نبوّة محمد صلى الله عليه وسلمالإخبار عن المغيبات والإعراض عن التّأمل في الآيات ودعوة النّبي إلى التّوحيد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل العشرون من قصّة يوسفالعبرة من القصص القرآني

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الرعد

- ‌تسميتها:

- ‌ناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السّورة:

- ‌القرآن حق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض مظاهر قدرة الله في السّموات والأرض

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنكار المشركين البعث واستعجالهم العذاب ومطالبتهم بإنزال آيةمادية على النّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض مظاهر علم الله المحيط بكل شيء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مظاهر ألوهية الله وربوبيته وقدرته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وحدانية اللهومثل المؤمن والمشرك تجاه الوحدانية

- ‌لبلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مثل الحق والباطل ومآل السعداء والأشقياء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أوصاف أولي الألباب السعداء وجزاؤهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌1 - الوفاء بالعهد:

- ‌2 - عدم نقض الميثاق:

- ‌3 - صلة الرحم ورعاية جميع الحقوق الواجبة لله وللعباد:

- ‌4 - الخوف من الله:

- ‌5 - الخوف من العذاب:

- ‌6 - الصبر:

- ‌7 - إقامة الصلاة:

- ‌8 - الإنفاق في وجوه الخير:

- ‌9 - مقابلة السيئة بالإحسان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات الأشقياء وجزاؤهم

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الرزق على الله والآيات بيد الله والهداية من الله لمن آمن بالله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌محمد صاحب الرسالة والرسول وبيان عظمة القرآنوقدرة الله الشاملة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفة الجنّة وموقف أهل الكتاب من نبوّة النّبي صلى الله عليه وسلموشبهات المشركين حولها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التّفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مهمة الرّسول تبليغ الشّريعة والله شاهد له ومحاسب وحاكم بينالعباد ومحبط مكر الكفار

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة إبراهيم عليه السلام

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه هذه السّورة:

- ‌الغاية من إنزال القرآن وذم الكافرينوكون الرسول بلسان قومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مهمة الرسول موسى عليه السلام ونصائحه لقومه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض أخبار الرسل السابقين مع أممهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد الكفار لرسلهم بالطرد أو الردة والوحي بأن العاقبة للأنبياء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌دليل وحدانية الله ووجوده وقدرته على معاد الأبدان

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحوار بين الأشقياء يوم العذاب والمناظرة بين الشيطان وأتباعهوظفر السعداء بالجنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مثال الكلمة الطيبة من السعداء ومثال الكلمة الخبيثة من الأشقياء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌كفران النعمة واتخاذ الأنداد وتهديد الكافرين بالتمتع بنعيم الدنياوأمر المؤمنين بإقامة الصلاة والإنفاق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أدلة وجود الله والتوحيد في الكون والأنفس

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌دعاء إبراهيم عليه السلام مستقبل البيت الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ما يدل على وجود القيامة وأوصافهاأو تأخير عذاب القيامة وأحوال المعذبين وتبدل السموات والأرض

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: أبيه». {يُسْقى} أي الجنّات وما فيها. {الْأُكُلِ} ما يؤكل، فمنها

أبيه». {يُسْقى} أي الجنّات وما فيها. {الْأُكُلِ} ما يؤكل، فمنها الحلو ومنها الحامض، ومنها الثّمر ومنها الحبّ، وغير ذلك من الاختلاف شكلا وقدرا ورائحة وطعما، وهو من دلائل قدرته تعالى {إِنَّ فِي ذلِكَ} المذكور {لَآياتٍ} لدلالات {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} يتدبّرون ويستعملون عقولهم بالتفكّر.

‌المناسبة:

بعد أن ذكر الله تعالى أن أكثر النّاس لا يؤمنون، أعقبه ببيان ما يدلّ على التّوحيد والمعاد، بالاستدلال بأحوال السّموات وأحوال الشّمس والقمر، وبأحوال الأرض: جبالها وأنهارها، وبأحوال النّبات من زروع وثمار وأشجار مختلفة الطّعوم والرّوائح والألوان.

وبعد أن بيّن الله تعالى أن القرآن حقّ، بيّن أن من أنزله قادر على الكمال، فانظروا في مصنوعاته لتعرفوا كمال قدرته.

‌التّفسير والبيان:

يخبر الله تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه: أنه الذي خلق السّموات بغير أعمدة، لا نشاهدها بالعين، فهي لا عمد لها أصلا، وقوله:{تَرَوْنَها} مؤكد معنى كونها بغير عمد، لأن المراد إثبات وجود الله تعالى وقدرته، فلو كان لها أعمدة، فلا يكون في الآية دلالة على وجود الله تعالى، فهي تقوم بقدرة الله تعالى وحفظه وتدبيره، وتقوم في الفضاء بإبقائه تعالى، حتى ولو قيل بتوازن قانون الجاذبية بين النّجوم والكواكب، فإن ذلك بخلق الله تعالى.

ثم استوى الله تعالى على عرشه استواء يليق به، والعرش شيء مخلوق، نؤمن به كما أخبر القرآن، وهو أعظم من السّموات والأرض،

جاء في الحديث:

«ما السّموات السّبع وما فيهنّ وما بينهنّ في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، والكرسي في العرش المجيد كتلك الحلقة في تلك الفلاة» ، و

في رواية: «والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل» .

ص: 103

وسخّر الشّمس والقمر، أي ذللهما وجعلهما طائعين لما أريد منهما لمنافع خلقه، من دوران وضياء، وظهور واختفاء، جاء في آيات أخرى ما يبيّن دورة الشّمس حول نفسها، وحركة القمر حول الأرض، فقال تعالى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ. لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ، وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس 38/ 36 - 40].

وكلّ من الشّمس والقمر وغيرهما من الكواكب السّيارة يجري لأجل مسمّى، أي لمدة معيّنة هي نهاية الدّنيا ومجيء القيامة، أو لمدة محددة يتمّ فيها دورانه، فالشّمس تتمّ دورتها في سنة، والقمر يتمّ دورته في شهر.

{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} أي إنّ الله تعالى يدبّر أمر الكون ويصرفه على وفق إرادته ومقتضى حكمته، فيحيي ويميت، ويعزّ ويذلّ، ويغني ويفقر، ويهيء الأسباب للنّتائج والمسببات، ويسيّر الأفلاك في نظام دقيق ثابت لا يخطئ ولا يتغيّر.

{يُفَصِّلُ الْآياتِ} أي يبيّن الدّلائل الدّالّة على وجوده تعالى ووحدانيته وقدرته وحكمته وعلمه ورحمته.

{لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} أي يوضح الآيات والدّلالات الدّالة على أنه لا إله إلا هو، وأنه قادر على أن يعيد الخلق إذا شاء كما بدأه أولّ مرة، رجاء أن تتيقّنوا وتتحقّقوا، أو لتعلموا علم اليقين القاطع الذي لا شكّ فيه أنّ الله قادر على البعث والإعادة، والحساب والجزاء، وإحياء الموتى من القبور في أي مكان دفنوا في البرّ أو البحر أو في أجواف الحيوان.

فالذي قدر على خلق السّموات والأرض وما بينهما وما فيهما، ودبّر نظام الكون والحياة وأمور الخلق بدقة فائقة، لا يبعد عليه ولا يعجزه البعث الجديد، وإعادة الأرواح إلى أجسادها، ثم حساب أصحابها على ما قدّموا في دار الدّنيا.

ص: 104

هذه هي الأدلّة السّماوية على وحدانية الله تعالى وكمال قدرته، أتبعها بالأدلّة الأرضيّة، وهي:{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} أي والله تعالى هو الذي جعل الأرض متّسعة، منبسطة للحياة، ممتدة في الطول والعرض، ليتمكّن الإنسان والحيوان من التّنقل فيها بسهولة، والانتفاع بخيراتها النّباتية والمعدنية كقوله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً} [النّبأ 6/ 78]. ولا يمنع انبساط الأرض للحياة في أجزائها أنها غير كروية أو مسطّحة في حجمها الكلي، فقد أشار القرآن الكريم لكرويتها في آيات أخرى منها:{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ، وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزّمر 5/ 39] والتّكوير: اللف على الجسم المستدير، فهي مبسوطة ممدودة في نظرنا لنعيش عليها.

وأرساها بجبال راسيات شامخات، وأجرى فيها الأنهار والجداول والعيون، لسقاية ما فيها من الثّمرات المختلفة الألوان والأشكال والطّعوم والرّوائح.

وجعل فيها من كلّ صنف من أصناف الثّمار زوجين اثنين أي ذكرا وأنثى، فالشّجر والزّرع لا ينتجان الثّمر والحبّ إلا من عضوين: ذكر وأنثى، وجعل أيضا من كلّ ثمر صنفين، إما من حيث الطّعم كالحلو والحامض، أو من حيث اللون كالأسود والأبيض، أو الطّبيعة كالحار والبارد.

ونظير الآية قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً، وَالْجِبالَ أَوْتاداً، وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً} [النّبأ 6/ 78 - 8].

{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ} أي يغطي الله ضوء النّهار بظلمة الليل، ويطرد ظلام الليل بنور النّهار، كما قال تعالى:{وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً، وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً} [النّبأ 9/ 78 - 11]، وقال تعالى:{أَلَمْ يَرَوْا أَنّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً} [النّمل 86/ 27]، وقال تعالى:{وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [الرّوم 23/ 30].

ص: 105

ثم نبّه الله تعالى في ختام الآية إلى وجوب التّفكّر في تلك الآيات السّماوية والأرضية، فقال:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} أي إن في مخلوقات الله وعجائب خلقه وآلائه وحكمه لدلائل وبراهين لمن يتفكّر فيها ويعتبر بعظمتها، فيستدلّ بها على وجود الله تعالى، وقدرته، وكمال علمه، وإرادته، مما لا يوجد له مثيل في الكون، وذلك يستوجب تخصيصه بالعبادة، والخضوع لسلطانه، والتّزام أوامره.

ومن الآيات الأرضية اختلاف أجزاء الأرض بالطبيعة والماهية، وهي مع ذلك متجاورة فقال تعالى:{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ.} .، أي وفي الأرض أجزاء يجاور بعضها بعضا، ويقرب بعضها من بعض، وهي مع تجاورها مختلفة متغايرة الخواص، فمنها طيب ينبت ما ينفع النّاس، ومنها سبخة مالحة لا تنبت شيئا، ومنها صالح للزّرع دون الشّجر وبالعكس، ومنها الرّخوة ومنها الصّلبة، وتختلف ألوان بقاع الأرض، فهذه تربة حمراء، وهذه صفراء، وهذه بيضاء، وهذه سوداء، وهذه محجرة، وهذه مرملة، وهذه سميكة، وهذه رقيقة، والكلّ متجاورات، وهي مختلفة الصّفات، مما يدلّ على وجود الخالق المختار، الذي لا إله إلا هو، ولا ربّ سواه.

وفيها بساتين من أعناب، وزروع متفاوتة من حبوب مختلفة لتوفير غذاء الإنسان والحيوان، ونخيل صنوان وغير صنوان، والصّنوان: ذو الأصول أو الجذوع المجتمعة في منبت واحد كالرّمان والتّين وبعض النّخيل، وغير الصّنوان:

ما كان على أصل أو جذع واحد كسائر الأشجار.

جاء في الحديث الصّحيح الذي أخرجه التّرمذي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر: «أما شعرت أن عمّ الرّجل صنو أبيه» . وقال البراء رضي الله عنه: الصّنوان هي النّخلات في أصل واحد، وغير لصّنوان: المتفرّقات.

ويظهر التّفاوت العجيب في بقاع الأرض وأصناف النّبات في أن الأرض

ص: 106