الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} أي ليكون منذرا لهم بالعقاب ومحذرا من العذاب، وهو معطوف على محذوف أي لينتصحوا ولينذروا بهذا البلاغ.
{وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ} أي وليستدلوا بما فيه من الحجج والدلالات على أنه لا إله إلا هو.
{وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ} أي وليتذكر ويتعظ به ذوو العقول أي أن لهذا البلاغ ثلاث فوائد: وهي التخويف من عذاب الله، والاستدلال به على وجود الخالق ووحدانيته، والاتعاظ به وإصلاح شؤون الإنسان.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
وجود يوم القيامة بنحو مؤكد مقطوع به، أما تأخير العذاب الشديد ليوم القيامة فلحكمة إلهية يعود نفعها إلى مصلحة العباد، كيلا يعجل بعقابهم وتترك الفرصة لهم لإصلاح أحوالهم، فليس تأخير العذاب للرضا بأفعالهم، بل سنة الله إمهال العصاة مدة. وفي هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عما ساءه من إعراض المشركين عن الإيمان بدعوته، قال ميمون بن مهران: هذا وعيد للظالمين، وتعزية للمظلوم.
2 -
يسيطر على يوم الحساب الحيرة والدهشة، والخوف والفزع، والاضطراب والقلق، فترى المجرمين حيارى لا تغمض أعينهم من هول ما يرونه في ذلك اليوم، ويسرعون في الخروج من القبور إلى مكان دعاء الداعي لهم بالتجمع في موقف الحساب، ناظرين من غير أن يطرفوا، ورافعي رؤوسهم ينظرون في ذل واستكانة، لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر، فهي شاخصة النظر، وأفئدتهم خاوية خربة ليس فيها خير ولا عقل، ولا وعي ولا فهم من شدة
3 -
لا مناص من العذاب يوم القيامة ولا مفر منه، ولا أمل ولا رجاء في العودة إلى الدنيا لإصلاح الاعتقاد والأقوال والأفعال.
4 -
ما أكثر المواعظ والعبر وأقل الاتعاظ والاعتبار!! فقد سكن الناس في مساكن الظالمين، في بلاد ثمود ونحوها، ولم يعتبروا بمساكنهم، بعد ما تبين ما فعل الله بهم، وبعد أن ضرب الله لهم الأمثال في القرآن للعظة والعبرة.
5 -
لا جدوى من مكر الكافرين الشديد بالشرك بالله وتكذيب الرسل والمعاندة، فعند الله العلم التام بمكرهم، وهو مجازيهم عليه. ومكرهم حقير مهين لا يؤدي إلى شيء، من إزالة جبال الأرض، وإزاحة الإسلام والقرآن الثابتين ثبوت الجبال الراسيات، وقد حفظ الله رسوله صلى الله عليه وسلم من ألوان مكرهم.
6 -
الله تعالى منجز وعده لرسله وأوليائه لا محالة، ولن يخلف الله وعده بنصر أهل الحق وعقاب المبطلين، والله تعالى قوي غالب منتقم من أعدائه، ومن أسمائه: المنتقم الجبار.
7 -
تتبدل الأرض والسموات يوم القيامة، وتبدل الأرض في رأي الأكثرين: عبارة عن تغير صفاتها، وتسوية آكامها، ونسف جبالها، ومدّ أرضها. وتبدل السموات: انتثار كواكبها وتصدعها وانشقاقها وتكوير شمسها وخسوف قمرها.
8 -
للمجرمين في النار صفات كئيبة، فهم مقيدون بالأغلال والقيود، وتطلي جلودهم بالقطران، وتضرب الناس وجوههم فتغشّيها وتحيط بها وبجميع أجسادهم.
9 -
إن حشر الناس يوم المعاد لإنصاف الخلائق وإقامة صرح العدل المطلق بينهم، ومجازاة كل امرئ بما عمل، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
10 -
القرآن وما فيه من عظات تبليغ للناس وعظة، وإنذار وتخويف من عقاب الله عز وجل، ومصدر للعلم بوحدانية الله بما تضمنه من الحجج والبراهين، وموعظة يتعظ به أصحاب العقول. روى يمان بن رئاب أن هذه الآية {هذا بَلاغٌ لِلنّاسِ.} . نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وسئل بعضهم، هل لكتاب الله عنوان؟ فقال: نعم؛ قيل: وأين هو؟ قال: قوله تعالى: {هذا بَلاغٌ لِلنّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} إلى آخرها.
11 -
هذه الآية الأخيرة من السورة دالة على أنه لا فضيلة للإنسان ولا منقبة له إلا بسبب عقله؛ لأنه تعالى بيّن أنه إنما أنزل هذه الكتب، وإنما بعث الرسل لتذكير أولي الألباب.
12 -
أول هذه السورة مقرون بآخرها ومطابق له في المعنى، فأولها:
{لِتُخْرِجَ النّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ} يدل على أن المقصود من إنزال الكتاب إرشاد الخلق كلهم إلى الدين والتقوى ومنعهم عن الكفر والمعصية، وآخر السورة:
{وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ} يدل على أنه تعالى ذكر هذه المواعظ والنصائح لينتفع الخلق بها، فيصيروا مؤمنين مطيعين، ويتركوا الكفر والمعصية.