الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن حاجة في نفس يعقوب قضاها، أي مجرد شيء في نفسه أظهره، وهي شفقته عليهم، وإظهارها بما قاله لهم ووصاهم به.
وإنه أي يعقوب لذو علم بأن الحذر لا يمنع القدر، لتعليمنا إياه بالوحي.
وقال قتادة والثوري: لذو عمل بعلمه، وهذا ثناء من الله على يعقوب عليه السلام.
ولكن أكثر الناس وهم المشركون أو الكفار لا يعلمون ذلك أي مثل ما علم يعقوب، أو لا يعلمون أن يعقوب بهذه الصفة والعلم، فإنهم لا يعلمون كيف أرشد الله أولياءه إلى العلوم التي تنفعهم في الدنيا والآخرة. ومن تلك العلوم الأخذ بالأسباب الظاهرة وتفويض الأمر لله تعالى.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
قول يعقوب لأولاده: {لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ} دليل في رأي جمهور المفسرين على التحرز من العين، والعين في الظاهر حق، ومرد النتيجة في الحقيقة إلى الله وحده، وتكون العين مجرد سبب،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد بسند صحيح «العين حق» أي شيء ذو أثر موجود عند الناس، وذكر النسفي:«إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر»
وكان صلى الله عليه وسلم يتعوّذ فيقول: «أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامّة»
وكان يعوّذ الحسن والحسين فيقول: «أعيذ كما بكلمات الله التّامة من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامة» ويقول: وهكذا كان يعوّذ إبراهيم إسماعيل وإسحاق صلوات الله عليهم.
وروى عبادة بن الصامت قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول النهار، فرأيته شديد الوجع، ثم عدت إليه آخر النهار، فرأيته معافى، فقال: إن
جبريل عليه السلام أتاني فقال فيما أخرجه أحمد عن عائشة وعبادة. «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن كل عين وحاسد، الله يشفيك» .
وعلى كل مسلم أعجبه شيء أن يبرّك، فإنه إذا دعا بالبركة، صرف المحذور لا محالة،
لقوله صلى الله عليه وسلم لعامر: «ألا برّكت» فدل على أن العين لا تضر إذا برّك العائن. والتبريك أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه.
ويقال: إن العين أسرع إلى الصغار منها إلى الكبار.
والعائن إذا أصاب بعينه ولم يبرّك، يؤمر بالاغتسال، ويجبر على ذلك إن أباه، لأن الأمر على الوجوب، وقد أمر صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أمامة العائن بالاغتسال للمعين، وأمر بالرقية.
ومن عرف بالإصابة بالعين، منع من مداخلة الناس، دفعا لضرره.
2 -
دل قوله تعالى: {وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} على أن الحذر لا ينفع مع القدر، فدخول أولاد يعقوب مصر من أبواب متفرقة ما كان ذلك التفرق يغني من الله من شيء. قال ابن عباس: ذلك التفرق ما كان يرد قضاء الله ولا أمرا قدره الله.
3 -
الحكم لله، أي الأمر والقضاء لله وحده، وعلى المؤمن الاتكال على الله، أي الاعتماد عليه والثقة به وحده، لأن حصول كل الخيرات ودفع كل الآفات من الله تعالى.
4 -
إن وصية يعقوب لأولاده بالدخول من أبواب متفرقة مجرد خاطر خطر بقلبه،. وتحرز ظاهري، مع أنه عليم من طريق الوحي بأمر دينه، وأكثر الناس لا يعلمون ما يعلم يعقوب من أمر دينه. وقيل: المقصود بالعلم هنا العمل، أي لذو عمل بعلمه، فإن العلم أول أسباب العمل، فسمي بما هو بسببه.