الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشهدون بالحقّ ويعرفونه، منهم عبد الله بن سلام، والجارود، وتميم الدّاري، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم.
وذلك كما دلّت آية أخرى: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ، وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة 146/ 2].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
إنّ مهمّة الرّسول مقصورة على إبلاغ الرّسالة للأمّة، وليس عليه هداهم وصلاحهم.
2 -
الله تعالى هو الذي يحقّق الأحداث والوقائع، فينجز الوعد والوعيد، وينزل العقاب الشّديد متى شاء، وقد يكون ذلك في حال حياة النّبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته.
3 -
الله تعالى هو المتكفّل القائم بحساب العباد على ما قدّموا من خير أو شرّ.
4 -
إن امتداد رقعة الإسلام واتّساع الفتوحات الإسلامية، وانحسار الكفر وتضييق رقعة بلاد الكافرين بيد الله تعالى وحده.
5 -
إن الأرض ليست تامّة الكروية، وإنما هي مفلطحة بيضاوية ناقصة الأطراف والتّكوير.
6 -
لا رادّ لقضاء الله تعالى ولا معقّب لحكمه، ولا يستطيع أحد تعقيب حكمه بنقص أو نقض أو إبطال أو تغيير.
7 -
الله تعالى سريع الحساب من العباد، أي الانتقام من الكافرين، سريع الثّواب للمؤمن.
8 -
تخيب أو تفشل كلّ مخططات الأعداء الكافرين ومكائدهم أمام تدبير الله
تعالى، ولا يضرّ مكرهم إلا بإذنه تعالى، وفي هذا تسلية للنّبي صلى الله عليه وسلم، وشدّ من عزيمته، وبيان أن النّصر في النّهاية له، وأنّ الدّائرة ستدور على الكفار.
9 -
يعلم الله ما تعمل به كلّ نفس من خير وشرّ، فيجازي عليه.
10 -
سيتحقق الكفار لمن العاقبة المحمودة، أي عاقبة دار الدّنيا ثوابا وعقابا، أو لمن الثّواب والعقاب في الدّار الآخرة، وهذا تهديد ووعيد.
11 -
إن إنكار مشركي العرب واليهود رسالة النّبي صلى الله عليه وسلم وقولهم له: لست بنبيّ ولا رسول، وإنما أنت متقوّل، لما لم يأتهم بما اقترحوا من الآيات، إن إنكارهم لا يغض من الحقيقة شيئا، ولا يغيّر من الواقع، وكفى بالله شهيدا على صدقه، وحسبه شهادة مؤمني أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الدّاري، والنّجاشي وأصحابه.
لكن قال ابن جبير: السّورة مكيّة، وابن سلام أسلم بالمدينة بعد هذه السّورة، فلا يجوز أن تحمل الآية على ابن سلام، فمن عنده علم الكتاب جبريل، وهو قول ابن عباس. وقال الحسن ومجاهد والضّحّاك: هو الله تعالى.
وأما من قال: إنهم جميع المؤمنين فصدق؛ لأن كلّ مؤمن يعلم الكتاب، ويدرك وجه إعجازه، ويشهد للنّبي صلى الله عليه وسلم بصدقه. والكتاب على هذا هو القرآن الكريم
(1)
.
ويجوز أن يكون المراد به: الذي حصل عنده علم التّوراة والإنجيل، يعني:
أن كلّ من كان عالما بهذين الكتابين، علم اشتمالهما على البشارة بمقدم محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا أنصف ذلك العالم ولم يكذب، كان شاهدا على أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم رسول حقّ من عند الله تعالى
(2)
.
(1)
تفسير القرطبي: 336/ 9 - 337
(2)
تفسير الرّازي: 70/ 19