الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ذكر الله تعالى مصير الكافرين بقوله: {وَيُضِلُّ اللهُ الظّالِمِينَ} أي ويمنع الله الكافرين عن الفوز بثوابه، أو يتركهم وضلالهم لعدم توافر استعدادهم للإيمان، وانزلاقهم في الأهواء والشهوات.
أو يجعلهم يترددون في الجواب ويتلعثمون إذا سئلوا في قبورهم عن دينهم ومعتقدهم؛ روى ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما: «إن الكافر إذا حضره الموت، تنزل عليه الملائكة عليهم السلام يضربون وجهه ودبره، فإذا دخل قبره، أقعد، فقيل له: من ربك؟ لم يرجع إليهم شيئا، وأنساه الله تعالى ذكر ربه، وإذا قيل له: من الرسول الذي بعث إليك؟ لم يهتد له ولم يرجع إليهم شيئا، فذلك قوله تعالى:{وَيُضِلُّ اللهُ الظّالِمِينَ} .
ثم أبان الله تعالى مشيئته المطلقة في الفريقين فقال: {وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ} أي إن شاء هدى، وإن شاء أضل. وإضلالهم في الدنيا: أنهم لا يثبتون في مواقف الفتن، وتزلّ أقدامهم أول شيء، وهم في الآخرة أضل وأزلّ.
والضلال لسوء الاستعداد، والميل مع أهواء النفس.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
الكلمة الطيبة وهي الإيمان أو لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أو المؤمن نفسه: هي الثابتة الخالدة، الطيبة النافعة.
روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة: الإيمان عروقها، والصلاة أصلها، والزكاة فروعها، والصيام أغصانها، التأذي في الله نباتها، وحسن الخلق ورقها، والكفّ عن محارم الله ثمرتها» . والشجرة الطيبة في الأصح: هي النخلة،
ذكر الغزنوي والطبراني فيما رواه ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن كالنخلة، كل شيء منها ينتفع به» .
2 -
الأمثال والتشبيهات، وبخاصة تشبيه المعقول بالمحسوس، فيها ذكرى وعظة وعبرة، وإفهام وإيقاظ للمشاعر والضمائر، ولفت الأنظار، وشد الانتباه إليها.
3 -
الكلمة الخبيثة وهي كلمة الكفر لا قرار لها ولا ثبات، ولا جدوى ولا نفع، ولا تعتمد على حجة مقبولة أو برهان صحيح. والشجرة الخبيثة في الأصح: شجرة الحنظل، كما في حديث أنس، وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
وكذلك الكافر لا حجة له، ولا ثبات، ولا خير فيه، وليس له أصل يعمل عليه.
4 -
المقصود من الآية الدعوة إلى الإيمان، ورفض الشرك.
5 -
يثبّت الله المؤمنين على الحق والإيمان في الدنيا، فلا يتراجعون عنه، ويثبّت نفوسهم، فيلهمها الصواب والنطق بالإيمان في القبر؛ لأن الموتى ما يزالون في الدنيا إلى أن يبعثوا، وكذلك يلهمها الصواب في الآخرة عند الحساب.
6 -
يضلّ الله الظالمين عن حجتهم في قبورهم، كما ضلّوا في الدنيا بكفرهم، فلا يلقّنهم كلمة الحق، فإذا سئلوا في قبورهم قالوا: لا ندري؛ فيقول الملك:
لا دريت ولا تليت، وعند ذلك يضرب بالمقامع (سياط من حديد، رؤوسها معوجة) على ما ثبت في الأخبار.
7 -
يفعل الله ما يشاء من عذاب قوم وإضلال قوم، وقيل: إن سبب نزول هذه الآية
ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصف مساءلة منكر ونكير وما يكون من جواب الميت، قال عمر: يا رسول الله، أيكون معي عقلي؟ قال: نعم، قال:
كفيت إذن؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا} ..