الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ} الكافر الجاهل، والمؤمن العالم العاقل {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ} الكفر والإيمان؟ لا.
{أَمْ جَعَلُوا} بل أجعلوا، والهمزة للإنكار {خَلَقُوا كَخَلْقِهِ} صفة لشركاء داخلة في حكم الإنكار {فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} أي خلق الله بخلق الشركاء، أي ما اتخذوا لله شركاء خالقين مثله، حق يتشابه عليهم الخلق، فيقولوا: هؤلاء خلقوا كما خلق الله، فاستحقوا العبادة كما استحقها، ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الناس، فضلا عما يقدر عليه الخالق.
وهو استفهام إنكاري، أي ليس الأمر كذلك، ولا يستحق العبادة إلا الخالق {قُلِ: اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} أي لا خالق غيره، فيشاركه في العبادة، فهو لا شريك له في الخلق، فلا شريك له في العبادة، أي أنه جعل الخلق يستوجب العبادة ويلزم منه ذلك، ثم نفاه عما سواه ليتوصل إلى الآتي وهو قوله:{وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهّارُ} أي هو المتوحد بالألوهية، الغالب على كل شيء.
المناسبة:
بعد أن بيَّن الله تعالى أن كل من في السموات والأرض ساجد له، خاضع لقدرته وعظمته، عاد إلى الرد على عبدة الأصنام، لإثبات الوحدانية، وحدانية الألوهية ووحدانية الربوبية، حتى لا يجدوا مناصا من الاعتراف بها.
التفسير والبيان:
قل للمشركين أيها الرسول: من خالق السموات والأرض؟ ثم أجب عنهم الجواب المتعين الذي لا مناص منه، وهو الذي يقرون به؛ لأنهم كانوا يقرون بأن الله هو الخالق كما قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ: مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ؟ لَيَقُولُنَّ اللهُ} [لقمان 25/ 31] وقل لهم إذن: الله خالقهما وربهما ومدبرهما.
قال الزمخشري: وقوله: {قُلِ: اللهُ} حكاية لاعترافهم وتأكيد له عليهم؛ لأنه إذا قال لهم: من رب السموات والأرض؟ لم يكن لهم بد من أن يقولوا: الله.
ثم قل لهم بعد أن ثبت هذا لديكم: فلم اتخذتم لأنفسكم من دون الله معبودات
هي جمادات، وإذا كنتم مقرين بوجود الله، فما بالكم اتخذتم من دونه نصراء عاجزين وأولياء تعبدونهم، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا؟! وإذا كانت تلك الآلهة لا تملك لنفسها النفع والضر، فهي لا تملك لعابديها بطريق الأولى نفعا ولا ضرا. فهل يستوي من عبد هذه الآلهة مع الله، ومن عبد الله وحده لا شريك له، فهو على نور من ربه؟ لهذا قال:{قُلْ: هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ.} ..
أي قل لهم مبينا لهم سوء اعتقادهم: هل يتساوى الأعمى الذي لا يبصر شيئا، والبصير الذي يدرك الحق ويهدي الأعمى إليه؟ أم هل تتساوى الظلمات والنور؟ جمع الظلمات وأفرد النور؛ لأن طريق الحق واحدة، وطرق الباطل والكفر متعددة.
والمراد: هل يمكن لأحد الحكم بتساوي الكافر والمؤمن، وتساوي الكفر والإيمان، فالكافر كالأعمى، والكفر كالظلمات، والمؤمن كالبصير، والإيمان كالنور؟ {أَمْ جَعَلُوا} بل جعلوا أي جعل هؤلاء المشركون مع الله آلهة تناظر الرب وتماثله في الخلق، وحينئذ تشابه خلق الشركاء بخلق الله عندهم، فحينما جعلوا لله شركاء موصوفين بالخلق مثل خلق الله، تشابه ذلك عليهم، فيعبدونهم، مع أنهم لا يخلقون شيئا وهم يخلقون، فكيف يشركون في العبادة، أفمن يخلق كمن لا يخلق؟! وهذا بمعنى قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً، وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج 73/ 22].
والمراد: ليس الأمر على هذا النحو، فإنه تعالى لا يشابهه شيء، ولا يماثله شيء، ولا ندّ له، ولا وزير له، ولا ولد له ولا صاحبة، وهؤلاء المشركون عبدوا آلهة، وهم معترفون أنها مخلوقة لله، وهم عبيد له، كما صرحوا في تلبيتهم: