الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئا، إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر».
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يلي:
1 -
إن المقصود من بعثة الأنبياء واحد، وهو أن يسعوا في إخراج الناس من ظلمات الكفر والضلالات إلى أنوار الإيمان والهدايات.
2 -
على الناس الاعتبار والاتعاظ بأيام الله تعالى، أي الوقائع العظيمة التي وقعت فيها، وتذكر نعم الله عليهم.
وذلك جمع بين الترغيب والترهيب والوعد والوعيد، فالترغيب والوعد: أن يذكرهم النبي موسى أو غيره ما أنعم الله عليهم وعلى من قبلهم ممن آمن بالرسل، في سائر ما سلف من الأيام. والترهيب والوعيد: أن يذكرهم بأس الله وعذابه وانتقامه ممن كذب الرسل، ممن سلف من الأمم فيما سلف من الأيام، مثل ما نزل بعاد وثمود وغيرهم من العذاب، ليرغبوا في الوعد فيصدقوا، ويحذروا من الوعيد فيتركوا التكذيب.
3 -
إن في ذلك التذكير والتنبيه دلائل لمن كان صبارا شكورا. ففي حال المحنة والبلية يصبر، وفي حال المنحة والعطية يشكر، وهذا تنبيه على أن المؤمن يجب ألا يخلو زمانه عن أحد هذين الأمرين: الصبر أو الشكر.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما رواه البيهقي عن أنس، وهو ضعيف: «الإيمان نصفان:
فنصف في الصبر، ونصف في الشكر» ثم تلا هذه الآية:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ} .
4 -
لقد تعرض بنو إسرائيل في زمن فرعون للحالتين: المحنة والنعمة، ولكنهم لم يقدروا النعمة ولم يشكروها، ولم يصبروا عند المحنة، وذلك ملحوظ من نصح موسى عليه السلام لهم حينما رأى أمارات الكفر والعناد فيهم.
5 -
إن شكر النعمة سبب لزيادتها، وكفرانها سبب لزوالها، فالآية نص واضح في أن الشكر سبب المزيد، وأن جحود النعمة سبب النقص والزوال، فمن اشتغل بشكر نعم الله، زاده الله من نعمه، ومن كفر بنعمة الله فهو جاهل، والجهل بالله سبب لأعظم أنواع العقاب والعذاب، فالمراد بقوله:{وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ} الكفران، لا الكفر.
والشكر: هو عبارة عن الاعتراف بنعمة المنعم، مع تعظيمه وتوطين النفس على هذه الطريقة.
والخلاصة: الاشتغال بكفران النعم يوجب العذاب الشديد، وحصول الآفات في الدنيا والآخرة، والاشتغال بشكر النعمة يستوجب زيادتها.
6 -
إن منافع الشكر ومضار الكفران لا تعود الا إلى صاحب الشكر وصاحب الكفران. أما المعبود المشكور فإنه متعال عن أن ينتفع بالشكر أو يستضر بالكفران.
والمراد من قول موسى: {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ.} . بيان أنه تعالى إنما أمر بهذه الطاعات، لمنافع عائدة إلى العابد، لا لمنافع عائدة إلى المعبود، بدليل قوله:
{فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} أي لا يلحقه بذلك نقص، بل هو الغني، وهو المحمود في جميع الأحوال.