المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشيخ عبد العزيز بن فوزان: - معجم أسر بريدة - جـ ١٧

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الغين

- ‌الغازي:

- ‌الغافل:

- ‌الغانم:

- ‌وثائق لأسرة الغانم:

- ‌وصية عبد العزيز بن غانم:

- ‌وصية هيا بنت علي الغانم:

- ‌وصية هيلة بنت نصار الغانم:

- ‌الغانم:

- ‌الغَدُّوني:

- ‌عبد الله بن عبد الكريم بن محمد الغدوني:

- ‌الغْدَيِّر:

- ‌الغديِّري:

- ‌وثائق الغديِّري:

- ‌الغْرابي:

- ‌الغْرَيِّب:

- ‌الغْرَيْنة:

- ‌الغِصِن:

- ‌عجلة النجاح النسائية بدأت في الدوران ولن تتوقف:

- ‌هدى الغصن: صناعة البترول ليس تخصصًا رجاليًا:

- ‌التدريب المستمر:

- ‌الغصن:

- ‌وصية غصن الناصر:

- ‌وصية منيرة بنت غصن:

- ‌وفاة الشيخ عبد العزز بن عبد الله الغصن:

- ‌الغصيبي:

- ‌الغْضَيَّة:

- ‌موقف له في الحج:

- ‌الغَفِيص:

- ‌عائلة آل ابن ناصر:

- ‌من أشهر أعلام هذه الأسرة:

- ‌الغفيص والقضاء والقدر:

- ‌الغَلْث:

- ‌ الغلث

- ‌الغُلفص:

- ‌الغْلَيْقه:

- ‌ يوسف بن محمد بن عبد الله الغليقة

- ‌الغَمَّاس:

- ‌الغْمَيْز:

- ‌الغَنَّام:

- ‌الغَنَّام:

- ‌الغنام:

- ‌الغْنيم:

- ‌الغنيم:

- ‌محمد بن عبد العزيز الغنيم

- ‌الغنيمان:

- ‌الغْنيْمان:

- ‌الغنيمان:

- ‌الغَيْثْ:

- ‌أسرة الغيث:

- ‌ ناصر بن فهد الغيث

- ‌ الغيث

- ‌الغَيْثار:

- ‌باب الفاء

- ‌الفاجح:

- ‌الفاضل:

- ‌الفالحي:

- ‌الفايز:

- ‌علي الفايز:

- ‌وثائق للفايز:

- ‌‌‌الفايز:

- ‌الفايز:

- ‌‌‌ الفايز

- ‌ الفايز

- ‌الفايزي:

- ‌أسرة الفايزي:

- ‌الفحيل:

- ‌الفحيل:

- ‌الفَدَّا:

- ‌تاريخ ولادة الشيخ ابن فدا:

- ‌أخبار للشيخ عبد الله الفدا:

- ‌خط الشيخ ابن فدا:

- ‌الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن مفدا (1271 هـ - 1337 ه

- ‌الفَدَّاغي:

- ‌الفدعاني:

- ‌وثائق للفدعاني:

- ‌الفَرَّاج:

- ‌من أعلام أسرة الفراج:

- ‌ الفراج

- ‌الفراج:

- ‌الفَرَّاج:

- ‌من قصص النسا الحلوة:

- ‌الفَرَج:

- ‌عبد الله بن رشيد الفرج:

- ‌خط عبد الله الفرج:

- ‌وثائق للفرج:

- ‌الفَرَج:

- ‌الفرج:

- ‌الفرَج:

- ‌الفَرْحان:

- ‌الفَرْحان:

- ‌الفرحان:

- ‌الفَرَحْان:

- ‌الفُرهود:

- ‌الفْرَيْج:

- ‌الفْرَيح:

- ‌الفْرَيْحي:

- ‌ الفريحي

- ‌الفَضل:

- ‌الفَضْل:

- ‌الفضل:

- ‌الفِضِيلْي:

- ‌الفْعَيْر:

- ‌الفقَيِّر:

- ‌الفَلَّاج:

- ‌الفَلَّاجي:

- ‌الفلاح:

- ‌الفَلَاحي:

- ‌الفليو:

- ‌الفَوَّاز:

- ‌الفوَّاز:

- ‌الفوزان:

- ‌الفوزان:

- ‌الريش وصالح الفوزان:

- ‌الشيخ عبد العزيز بن صالح بن إبراهيم الفوزان:

- ‌الشيخ عبد العزيز بن فوزان:

- ‌الفوزان في الوثائق:

- ‌الفوزان:

- ‌الفْوَيِّز:

- ‌الفوَيْس:

- ‌الفَهَّاد:

- ‌وثائق الفهاد:

- ‌الفهاد:

- ‌الفهد:

- ‌الفْهَدي:

- ‌‌‌الفهيد:

- ‌الفهيد:

- ‌ الفهيد

- ‌الفهيد:

- ‌الفهيد:

- ‌الفهيد:

- ‌الفيروز:

- ‌وصية أحمد بن فيروز:

- ‌العودة إلى ذكر الفيروز:

- ‌الفِيز:

- ‌وقف صالح وعبد الله ابني سليمان بن عبد الرحمن الفيز:

- ‌ أحفاد عبد العزيز الفيز

- ‌إبراهيم الفيز:

الفصل: ‌الشيخ عبد العزيز بن فوزان:

حتى عام 1380 هـ، حيث نقل قاضيًا في محكمة تمييز الأحكام الشرعية بمكة المكرمة فبقي فيها حتى توفي.

وكان المترجَم في كل أعماله في هذه البلدان مثال النزاهة التامة والإخلاص والجد والمثابرة على عمله، فقد زاملته مدة ست سنوات في محكمة التمييز، فكان أول آت للعمل وآخر خارج منه، وكانت بغيته وهدفه الحق في عمله مهما كان الأمر والحال، فالحق عنده مقدم على كل أحد في حال الرضا والسخط.

وكان لطيف العشرة كريم الخلق يقابل بالبشاشة والطلاقة، وفي لإخوانه وأصحابه لاسيما أهل العلم، فكان لا يقطعهم من زياراته ومراسلاته، حتى صار له محبة في القلوب وإجلال وتقدير، وما زال على حالته الحميدة حتى إذا كان بعد صلاة صبح الأربعاء اليوم السابع عشر من شهر ذي الحجة عام 1396 هـ أصيب بنزيف بالمخ أفقده وعيه من ساعته، فنقل إلى مستشفى الزاهر بمكة المكرمة، فاستمر في إغمائه حتى الساعة الثانية غروبي من الليلة الموالية ليوم مرضه، فتوفي وصلي عليه ظهر يوم الخميس في المسجد الحرام، ودفن في مقبرة العدل بمكة المكرمة، رحمه الله تعالى، آمين.

وله عدة أبناء، بعضهم في أعمال حكومية، وبعضهم في أعمال حرة (1).

وقال الشيخ إبراهيم بن محمد بن سيف:

‌الشيخ عبد العزيز بن فوزان:

القاضي الشيخ عبد العزيز بن صالح بن إبراهيم بن فوزان، ولد في مدينة بريدة في 20/ 8/ 1333 هـ ونشأ في بيئة طيبة، وقرأ القرآن الكريم ثم درس على الشيخ العلامة عبد الله بن محمد بن سليم والشيخ عبد العزيز العبادي والشيخ محمد العجاجي والشيخ سليمان المشعلي.

(1) علماء نجد في ثمانية قرون، ج 3، ص 376 - 378.

ص: 479

وأخذ عن العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد وعن العلامة الشيخ فيصل بن عبد العزيز المبارك، فبالإضافة إلى حفظة القرآن عن ظهر قلب أخذ أيضا عن هؤلاء العلماء علوم الشريعة السمحة من توحيد وفقه وحديث وتفسير وفرائض ونحو وصرف حتى تأهل وبرز.

أعماله الوظيفية:

في سنة 1358 هـ عين قاضيًا لدومة الجندل بالجوف إلى عام 1363 هـ، ثم تولى قضاء بلدة ضرية وتوابعها من منطقة القصيم، ثم نقل منه إلى قضاء صبيا من منطقة جازان حتى عام 1373 هـ حيث تولى رئاسة محكمة جازان.

وفي سنة 1380 هـ في جمادى الأولى انتقل إلى محكمة الطائف مساعدًا الرئيسها، وبقي في هذا العمل حتى نقل ليكون عضوًا لمحكمة تمييز الأحكام الشرعية بالمنطقة الغربية ومقرها مكة المكرمة، حتى توفي في ذي الحجة عام 1369 هـ (1).

وقد ذكر الشيخ إبراهيم العبيد والده صالح الملقب العويده، ذكره بهذا اللقب، فقال: وفيها وفاة رجل الدين والخير صالح بن فوزان الملقب (العويدة) وهذه ترجمته: هو صالح بن إبراهيم بن صالح بن فوزان بن راشد بن صالح.

أما آل علي فأربعة بنين فوزان بن علي ومحمد وإبراهيم وعبد الله.

أما ما كان عن المترجم فإن وفاته في شهر ذي القعدة من هذه السنة وكان ذا أصل عظيم ولازم خاله الشيخ عبد الله بن محمد بن فدا العالم المشهور بالزهد، فقد أخذ عنه واستمسك بغرزه وناهيك به من إمام زاهد، رحل المترجم إلى مدينة الرياض للأخذ عن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف فتعلم بين يديه وأخذ عن الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، وكان لهؤلاء العلماء في عقيدته الصالحة أحسن تأثير، وكان يلهج بعقيدة السلف الصالح ومولعا بذكر الصالحين يحن

(1) المبتدأ والخبر، ج 2، ص 429 - 431.

ص: 480

إليهم ويبكي عند ذكرهم، ويحث على التمسك بهدي الصالحين وبكل حال فإنه من أولياء الله الذين ترجى لهم النجاة (1).

ومنهم فوزان بن المحسن الشهير صالح الفوزان، دخل الوظيفة عام 1972 م، عضوًا بهيئة الأمر بالمعروف في خب القبر والصوير، وبعد ذلك كان أميرًا لخب القبر وخضيرا عام 1390 هـ تقاعد عام 1406 هـ من الإمارة وبعدها صار عضوًا في هيئة الأراضي في بريدة وما يتبعها، استقال عام 1418 هـ واشترط في استقالته أنه في حال رغبة أحد من المحتاجين أو القضاة في أن ينظر هو فيها فلا مانع وهكذا كان.

وأمه لؤلؤة بنت إبراهيم بن عبد العزيز أبابطين ابن الشيخ عبد الله أبابطين أي بين أمه والشيخ أبابطين رجلان، فهو عالي النسب من أبيه وأمه.

وفوزان الصالح معاصر لنا إذ ولد في عام 1342 هـ وهو يقتدي بوالده صالح الفوزان في مساعدة الناس على قضاء حوائجهم وفي معاونة من يحتاج إلى معاونة.

ولذلك مدحه عدد من شعراء العامية منهم (سلامة بن عبد الله بن خضير الودينة) قال فيه هذه القصيدة:

حمام يا اللي ناعم الصوت جَرّه

فوق الجرايد صافي تقل مزمار

ذكرتني درب قديم نمره

ودار ربينا به على وقت الإصغار

ترى الحظيظ اللي (اخضيرا) مقره

وقت مضى ما كنه إلا بالأمصار

هي ديرة الفوزان مسكن وجره

انشد هل الديرة، وتعطيك الأخبار

صالح ولد فوزان لله دره

ما كنه الا العرب والدٍ بار

أبو علي من حده الوقت مره

كم ليلة جنه من البعد عِبَّار

يجونه اللي يشتكون المضرة

كم ليلة مقوين ما شبوا النار

(1) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 4، ص 314 - 315.

ص: 481

قال اقلطوا وأبدى الفرح والمسرة

هلَّا ورحَّب قبل ما يشعل النار

جاب القدوع ودلة الهيل جره

دايم معامله بهن بن وابهار

أرَّث لنا اللي تأمن الخلق شره

ريف الضعيف ويكرم الضيف والجار

وإن عاضبت دولاب فكره يفره

من عادته حل المشاكل بالأفكار

فوزان عز اللي نصاه ومبره

دائيم معامله على واهج النار

ماهوب مثل اللي خياله مغره

لي شاف زول مقبل هج للدار

ما ذاق ليعات الليالي ومُرَّه

عن الهوى متذري عشبة الغار

بعض العرب ما غير زول وجرَّه

يشبه لبيرٍ من علاويه منهار

احدِّر الخفرات تسعين مرة

ترى الردي يقلي على الكبد الأمرار

الحر حر والعوالي مقره

وطير العشا لو نَهَّض الريش ما طار

يقول اللي لي بغى القيل فره

يبني المعاني بنية اللبن لجدار

صالة ربي عد نجم المجرة

على النبي محمد سيد الأخيار

وقال سلامة الخضير أيضًا في فوزان الصالح الفوزان:

يالله يا مناع سو المقادير

يا سامع يونس بغياب الأبحار

تفرج لمن ضاقت عليه المعابير

والشيب بان بعارضه والقدم حار

البارحة يوم أدبحن الزواهير

أو نام المريح اللي له الوقت مندار

دكَّت على قلبي هموم وتفاكير

ونقيت من جزل التماثيل واختار

بيوت شعر مثل عد الدنانير

من هاجس لو عاضب القاف مختار

وألفتهن من دون كلفة وتكدير

للصاحب اللي حزة الضيق ما بار

مني لبو صالح سلام وتقدير

سالم احلا من شهاليل الأمطار

والذمن در البكار المناكير

اللي رعن زملوق نوار الأقفار

وضح وضيحيات عفر ومغاتير

حليبهن يجلي عن الكبد الأمرار

عنوى بها فوزان قرم المناعير

الله يعمي عنه الأعدا والأشرار

فوزان لا عدوا هل الفضل والخير

فضله ومعروفه على الضيف والمار

ص: 482

له مجلس تارد عليه المسابير

ديوان للضيفان مارد ومصدار

على ادلال فوق ناره مباهير

صفر وغير لونهن واهج النار

حرقهن البنّ اليماني ابتكرير

وبهارهن هيل ومع الهيل مسمار

قدوعهن من طلع غرس أو مباكير

غرسه ابكفه ما تحرى من الجار

وهي أطول من هذا.

وقال سلامة بن عبد الله الخضير في مدح فوزان بن صالح الفوزان أمير خضيرا لما دفع عنه الذي يطالبه بدين وهو أربعة آلاف ريال ونصف وقد ذكرت قصته في ترجمة سلامة الخضير - حرف الخاء - أما القصيدة فهي هذه:

البارحه سهران همي مجزين

ألوج واهجل ما صفا لي زماني

هيضني الهوجاس والهم والدين

الله لا يبلاك باللي بلاني

الحمد للي بدل العسر يسرين

يوم أن أبو صالح من الما سقاني

يوم راع الدين لأصبحت يشكين

وكُلّ علي أو عيفوني مكاني

عله لبوصالح نهور وبساتين

الله يوسع منزله بالجنان

عله يفوز عند عدّ الموازين

يوم الجوارح ينطقن واللسان

أبوه وأجداده على الطيب ماشين

سلم لهم طول الدهر والزمان

إلى أن قال:

صالح ولد فوزان ريف المقلين

يلقى لي صَدّ الردى والهداني

ناره لهتاش الخلا والمقيمين

والبدو واللي يسكنون المباني

حاش الشرف والعز والعقل والدين

متوفرات به جميع المعاني

قلته وأنا عندي شهود وبراهين

محاسنه عيا يجيده لساني

ارث لنا فوزان عدل الموازيين

كم قالة حله بدون امتحان

قالات عسر حلها بين الاثنين

حله وحاول حلها لين زان

نصر من الله والكبد للمعادين

ومن زل عن درب الشريعة يهان

فوزان مثل الجدي والناس دارين

ماله حليّ الا سهيل اليماني

والله دين القطع دين بعد دين

ما قلت غير اللي يشوفن عياني

ص: 483

كل يبي مثله والانذال عجزين

والطيب ما حدٍّ حصله بالتماني

كثر التمني والبكا يعمي العين

من جاد ساد وخيرة العمر فاني

من وسط غين مستريح وبساتين

من طلعهن ياكل بعيد وداني

في مجلسه تلفي شيوخ ومساكين

كلٍّ الياجا له محل ومكاني

الله يكافيه العدا والشياطين

هل النمايم متعبين اللسان

عسى الردي يفداه حين بعد حين

من لا يكمل واجبات المعاني

العمر يفنى ما تفيد الملايين

يبقى الثنا ومسجلات الحساني

من لامني لمت عليه أم نابين

بأرض خلا ما حوله المودماني

لو صاح ما يسمع نداه المنادين

تنصك عن صوته سموع الأذاني

الشرى ما يوصف على قِرِّيَّ التين

والدوم دوم ولا ربح منه جاني

يقوله اللي يفهم الزين والشين

من عادته يبدع جزيل المعاني

صلاة ربي عد ما جوا ملبين

على نبي للفرائض هداني

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

19/ 2/ 1415 هـ.

وقال سلامة بن عبد الله الخضير أيضًا في فوزان الصالح:

سلام مني عد الأشهر والأيام

وعداد ما يركز على البير قامه

وعداد من صلى الفرايض ومن صام

وعداد من زار الحرم في حرامه

سلامًا أحلى من لبن در الأنعام

وُضْح رعن زملوق نبت العدامه

مني لأبو صالح تراه أبو الأيتام

ذا سلم أبوه وسلم جملة عمامه

أبوه غاب والفتي جوَّد الزام

حاش المراجل كلها بالتزامه

شال الحمول اللي نقيلات ووهام

يخاف من هرجة خطاة الفدامه

هيس ولد هيس إلى من شبع نام

ماله جدًّا كود الخزي والنمامه

فوزان عدٍّ صافي ماه وجمام

حلياه سيل نازل من غمامه

لعل من لامن بفوزان للهام

حضف بنيبانه يجوَّد ابهامه

يأخذ ثمان سنين بالبيت ما نام

مما جرى ينحب نحيب الحمامه

ص: 484

ما طاب لك يا كامل العقل ما دام

ولا كل من يركض يحصل مرامه

عساه بالدنيا بلذات وانعام

وبالآخرة ربي يعزز مقامه

ثم الجواب وكلِّ ما قلت أنا تام

عيب على اللي ما يصدق كلامه

صلاة ربي عد ما تحصي الأقلام

على شفيع الخلق يوم القيامه

19/ 5/ 1418 هـ

وقال فيه ابن عمه محمد بن سليمان الفوزان يمدحه أي يمدح فوزان الصالح الفوزان:

من شوق من ردت ثمانين خطاب

مع كثرهم من مدعين القرابه

غرو لطيف ينقش الكف بخضاب

ناعم وترف كل ملح الملا به

العنق عنق الريم لي خاف وارتاب

يخشى من الصياد يقصف شبابه

نجلا العيون، وعيبها سود الأهداب

والخد نوره بارق من سحابه

غرو صغير السن للعقل نهاب

ينهب فؤاد اللي يشوفه نهابه

والنهد رمان على الصدر جذاب

به حسرة المشتاق لوآ عذابه

حمر الشفايا والعسل به إلى ذاب

بين الشفايا لامعات عذابه

شعره كثيف وأشقر فوق الأصلاب

يشبه الشرطان الذهب بانسيابه

ردف وخصر ما تمدد ولا أنساب

هو غاية المطلوب في كل ما به

دمه خفيف وهرجها يعجب اعجاب

كلامها فيه الحلي والطرابه

وجهه بشوش وهرجها عد واحساب

كل كلمة معناه تحسب أحسابه

ما له شبيه بالعروبة والأجناب

بين الرشاقة والحلي والحبابه

من خف دمه واللطافة والأطراب

ترد للى شاب غاية شبابه

عشر وثمان عمرها عد واحساب

واللي حسب له سنها ما غوى به

مشي الحمامة مشيها مشي الآداب

سبحان رب صوره واعتنى به

إلى مشت له قامة فوق الأعجاب

من حسنها تفقد لبيب صوابه

عذرا نفسها صابغ زين الأسلاب

مسك مع الريحان ريحة أثيابه

ص: 485

ذاله ثمان سنين ما فاضت الباب

ولو تبين قام عنده احرابه

لي جاه زوجه متعبه كل نصاب

شالت اهمومه والزعل والكتابه

في منطق زي العسل خص لي ذاب

إلى صفي لونه ابلذة شرابه

عنده فنون التسلية غيب واكتاب

أسئل وتعطيك الخبر والأجابه

تنسي حزين القلب حزنه إلى انصاب

من هرجه المعسول ينسى صوابه

زوجه إلى جا مرقده مزح والعاب

وامداعبه والصبح باد سرابه

* * * *

قلت أنت يا هاف الحشى أي الأنساب

اللي تريد انمكنك من جنابه

شفك إيشيخ الروم أو شيخ الأعراب

أو واحد تخفيه ما يندري به

يا بنت بارت بك كثيرات الأطباب

قولي هواي فلان ما به معابه

قال هواي بواحد حسن الآداب

شخص جمع بين الكرم والذرابه

عقله ثقيل لو رأي العيب ما عاب

لو شاف شي قاصر ما حكى به

رجل صدوق القول ما هوب كذاب

إلى عطا وعد بشي وفى به

رأيه سديد ولفظة النطق مهذاب

كل كلمة عقباه يحسب حسابه

له ميزة بين الأخلا والأصحاب

واهل المناصب والقضا والرقابه

كل الملا مالي بهم شف واعجاب

إلا إن حصل فوزان يا مرحبا به

أفديه في نفسي ونذلين الأقراب

واللي يلومن فيه يلهم اترابه

عليه من وال القدر ستر واحجاب

من أي مكروه يلسم ايجنابه

إن قبل بشرني بحظي إلى طاب

وان ما قبل ما بحظي إطلابه

فوزان أبو صالح تري بوه ما خاب

ارث كريم فوق ما ينهقي به

ابوه مقدام ولا هوب هياب

قصره مضيف والخدم به ابثابه

قال المثل من قبلنا يوم هو صاب

من جث من خو لقي طلع ما به

حدّثني الأخ فوزان بن صالح الفوزان أمير خب القبر، قال: اشتريت وأنا

ص: 486

صغير من والدك ناصر العبودي ملح بارود بريال فرانسي، وكان الريال آنذاك له قيمة كبيرة عند النّاس، فقال لي: من أنت ولده؟ .

فقلت له: أنا ولد صالح الفوزان.

فقال: صالح الفوزان راعي خضيرا؟

قلت: نعم.

فأخذ يثني عليه ويذكره بخير حتى بكى وهو يدعو له، وأظنه قال: فقبل جبهتي، وقال: قل: آمين، فقلت: آمين، فقال: عساك تصير مثله، أي أسأل الله أن يجعلك مثله.

قال: فقلت له يا عم، أنا أكون مثل أبوي؟ قلت ذلك مستبعدا له، فقال: يا ولدي، الله اللي عطاه، قادر يعطيك مثل ما عطاه.

قال: وما أزال أذكر كلام والدك حتى الآن، وأنا أحاول أن أساعد كل من كان بحاجة إلى مساعدتي.

في آخر جمادى الأولى 1439 هـ توفي فوزان الصالح الفوزان، وكان يعاني من السكر وارتفاع الضغط وعمره 83 سنة، توفي عطشان تعبان لأنه ذهب بسيارته إلى نفود جنوب خضيرا فغرزت في الرمل، وهو وحده فتعب وعطش وذهب وتركها فوجدوه ميتا في النفود رحمه الله.

ومنهم الأستاذ محمد بن سليمان الفوزان شاعر باللغتين الفصحى والعامية نشر ديوانًا من نظمه باللغتين أسماه (حكم وأشعار، ليس فيها شيء مستعار)، أي إنّها كلها من نظمه، وله مؤلف آخر، ويلقب (أبو خديجة).

وقد توفي محمد بن سليمان الفوزان (أبو خديجة) هذا في عيد الأضحى من عام 1425 هـ.

ص: 487

أعاد الأستاذ محمد بن سليمان الفوزان طبع كتابه الذي سماه (حكم وأشعار ليس فيها شيء مستعار) في عام 1405 هـ وجعله ثلاثة أقسام، الأول: شعر عربي في سطور وطبق العروض من سائر البحور.

والثاني: أمثال على السجع هادفة، في حكم متوالية مترادفة.

والثالث: خصومات وهمية حادة جرت بين أشياء متضادة، في قصائد ترفيهية، ليس فيها جهل ولا أذية.

هكذا لفظه في تقسيم كتابه أو ديوانه.

وقد جعل عناوين الكتاب بأقسامه الثلاثة فقرات مسجوعة وهذا تجديد في الكتابة.

ومن قصائد هذا الشعر الفصيح قوله يحكي عن نفسه:

من جدّ في الأعمال. تحققت له الآمال:

تعلمت في بيتي بدون معلم

كتابي إمامي خير هاد ومرشد

لقد كنت منساقا إلى العلم رغبة

لذا رُمتُ أن أقضي دوامي بمفردي

موازين شعر في العروض درستها

بشهر مع الشهرين والبيت معهدي

وما الشعر إلَّا من كلام منسَّقٍ

بوزن دقيق صيغ يومًا لمقصد

إذا كان قلب المرء للدرس واعيًا

وعزم الفتى يمضي بدون تردد

فما شقَّ من درس سيلقاه هينًا

إذا كان ذا حزم كثير التأكد

حريصًا على فهم الدروس بوقتها

ولم يترك الباقي من الدرس للغد

فهذا بلا شي من الشك ناجحٌ

إذا صار منقادًا لأمر محمدِ

سيحظى بفوز حين يجري سباقه

على كل كسلان جهولر مُعقدِ

وما غير صبر المرء شيء بنافع

ومن دام في وهن سيردي مع الردي

وقصيدة أخرى تحكي قصة الحياة قبل التطور الأخير جعل عنوانها ذكر

ص: 488

الماضي من الحياة، في مجموعة من الأبيات.

وهذا نصها:

بعون الله هانحن .. بدأنا في قوافينا

وبعد الحمد لله

على توفيق بارينا

فهاكم نبذة صغرى

لماضينا وتالينا

تُوفي والدٌ برُ

ولا شيء بأيدينا

سعينا نطلب المولى

بعزم ما تأنينا

ففي طعميَّة نحن

زرعنا في اراضينا

إذا غيث السما جاء

شعيب العود يروينا

فعشنا عيشة العز

وبذل الجهد معيينا

وقبل اليوم قد كانوا

ذوي حرثٍ أهالينا

وبعد الحرث سافرنا

لكسب الرزق ساعينا

تركناامسقط الرأس

وفارقنا أهالينا

تركنا الموطن الغالي

وما غالٍ يجافينا

تركنا دار اجداد

وجيران محبينا

فكم فج قطعناه

على الأقدام ماشينا

نسير الليل في برٍ

علي عيسٍ مسارينا

تعرضنا لأخطار

ورب الكون واقينا

وحتى البحر خضناه

لِذا كُنَّ مفادينا

ونحو الشام سافرنا

وفي قدس تمادينا

مصر تجولنا

بما يقضي ويدنينا

بهذا نسأل الباري

لعلَّ الله يغنينا

وبعد البعدذا عدنا

إلى نجدٍ لِتئوينا

رياضٌ كلها خيّر

سكناها مقيمنا

ص: 489

بسطنا نبتغي ربحًا

فأدركنا أمانينا

رغبنا مهنة البزَّ

فما خابت مساعينا

* * * *

وبعد العيش في يُسرٍ

وأمن في أراضينا

الفنا نزهة البرِّ

وماكنا ملومينا

ربيع كلما حلَّ

خرجنا في أهالينا

خيام قد نصبناها

عن الأمطار تحمين

علي روض أقمناها

فرشناها رياحينا

وفي الماضي بلا شكٍ

هنا كانت مراعينا

فذقنا سلسلًا عذبًا

وذقنا علقما شينا

وذا ماضٍ نسيناه

فلا رحنا ولا جينا

* * * *

شبابٌ زال في سهوٍ

بشدِّ العزم مغرينا

وما صعبٌ

بذاك الوقت يثنينا

وهذا اليوم يا صاح

شراك النَّعل يُعيينا

قوانا قد فقدناها

ووهن العظم مزرينا

فبعد الطب في النّاس

طلبنا من يداوينا

توالينا إلى ضعفٍ

ومن ضعفٍ مبادينا

بذلنا الجهد في الماضي

وربي عالمٌ فينا

وما حرص الفتى يجدي

ولو كنا حريصينا

فرزق العبد مضمونٌ

بدون الحرص يأتينا

وكون المرء كسلانًا

فماذا من مبادينا

الكسب الرزق أسبابٌ

لمن يبدون واعينا

ص: 490

كذا الأيام لم تَبْقَ

علي غلظٍ ولا لينا

فدنيانا بأحيانِ

تصافينا وتعطينا

وأحيان تجافينا

وتخلي ما بأيدينا

وهذي سنة الباري

وتصريف القضا فينا

* * * *

فليت اليوم من يدري

بماض هل سينئينا

فنفسي ترغب الماضي

ولو ذا غير مرضينا

لقد كنا كما قلنا

بماض الوقت ساهينا

وبالتالي تفرَّغنا

لما بالعلم يجدينا

فمن عام الثمانينا

لِعام إحدى وتسعينا

ونحن ندرس العلم

بصدق العزم جدينا

دواوينٌ درسناها

وقلب البيت نادينا

وكنا نأخذ دوما

على الفصحى تمارينا

كذا التفسير موجودٌ

لدينا يا محبينا

إذا نحن قرأناه

بحسن اللفظ ينبينا

وهذي منحة الباري

فقد يرضى ويعطينا

وفن الشعر أوزان

حسبناها بأيدينا

بإتقان عرفناها

وما كانت لِتعيينا

عروض قد فهمناه

ونحوٌ ليس خافينا

فصرنا ننظم الشعر

بلا جهدٍ يلاقينا

فلسنا أمة عجمّا

ولا بلهًا بليدينا

وشعر المرء توفيقٌ

ودرسٌ زاد تمكين

فكم علَّامةٍ بحرٍ

بشأن الدين يفتينا

محالٌ نظمه بيتا

بلا أكفا معينينا

ص: 491

حروف ربطها سهلٌ

تفاعيل توافينا

ولكن وزنها صعبٌ

على ناسَ كثيرينا

لجرفٍ ساكن مثلٌ

ولِلثَّاني موازينا

حدودٌ نقتدي فيها

لكي تحلو قوافينا

أخيرا نحن صلينا

على المختار هادينا

وآلٍ بعدهم صحبُ

لمولانا منيبينا

وأهل السلم إن داموا

على الغرَّاء ماشينا

وهذي دعوة منا

فقولو الآن آمينًا

وقال في القصيم أبياتا عنوانها: (دعاء من الصميم بالرجع لأراضي القصيم).

و(الرَّجع) هو المطر والربيع بعده:

سَقى الله وديان القصيم وروضه

وأروى ثراها من ثقيل السحائِبِ

فتلك الأراضي في صباي ألفثها

ففيها مُنى نفسي وفيها أقاربي

فيا لائمي كُفَّ الملام وجافني

فأنت جهولٌ في جميع مَشاربي

إذا كنت من ضمن الجفاةِ بأرضهم

فسيِر أنت في هذا ودَعني بجانبي

فلا يُرخِصُ الأوطان في النّاس عاقلُ

وقد عاش مسرورًا بقرب الحبائب

إذا كان من يأتي لأرض يُحبُّها

يُعابُ ففي هذا تناهت معائبي

ألا إن عيب المرء في طاعة الهوى

وإعراضيه والبعد عن كسل واجب

أما القسم الثاني من الكتاب، وهو الأمثال المسجوعة، فإنه نفيس إلى درجة أنّه لو كان عند قوم من مقدري الآداب حقّ قدرها لحصل على جائزة أدبية، لأنه حكم وأمثال مسجوعة مبتكرة ليس فيها ما هو منقول، إلَّا إذا كان المعنى مطروق ولكن بغير لفظه، وعلى غير طريقة سجعه.

وهذا أنموذج منها:

ص: 492

- الدَّين على رأس الأمين كالحبل المعلق، وعلى رأس المحتال كالكوكب المتألق.

- من تهاون في أموال النّاس فليتوقع الإفلاس.

- خير المال ما كان من كسب حلال وأراح البال وأغني عن السؤال تَسُد به الحاجات بعد أداء الواجبات.

- وخير الأولاد من سلم من الفساد، وكان فيه السداد لتحقيق المراد وتَرَك الفخر بالأنساب والأجداد، وكان عن الشر في ابتعاد وأعدَّ الزاد ليوم المعاد فمن نوع البذر يكونُ الحصاد، هذا ولكل قوم هاد.

- إذا لم يرث الأبناء المجد من الأجداد فمجد الأباء وبالٌ على الأولاد، ولا يفتخر على النّاس، سوى فاقد الشعور والإحساس، الأولاد فلذات الأكباد لهم منا التوجيه والإرشاد وعلى الله التوفيق والسداد.

- وخير الزوجات من تُجيب سؤالك وتحفظ عرضها ومالك، إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك، وإن تحدثت إليك أعجبتك، تلزم الأدب ولا تُلُّح في الطلب ترضى باليسير وتَتَحمَّل التقصير، قصيرة الطرف واللسان، نقية العرض والجنان تعطف على الملهوف وتكرمُ الأقارب والضيوف، إن صنعت طعامًا أتقنته وإن زاد عن الحاجة شيئًا وفرته، لا يكشف سيرُّها ولا يخشى شَرُّها تُؤدي الفرائض والنوافل وتراقب من ليس عن الخلق غافل، قامتُها لطيفة لا بدينة ولا نحيفة، وروحها خفيفة وفي كلامها ظريفة، ليست كلَّة ولا سخيفة وكلّ أعمالها نظيفة، شعرها كثيف وخصرها نحيف نجلاء العينين حمراء الوجنتين، عودها ريان ترفة الكفين صغيرة الثديين والأسنان، بهرَجها ليان وبسرِّها كتمان، طيِّبة النَّفس والرَّائحة، طروبٌ عجوب معاشرة مازحة، ليست مكفهرة ولا كالحة، سلبت من الحمام مشيتها ومن الغزال لفتتها ومن العصافير خِقَّتها.

- وخير المركب ليس ما اشتهر وأعجب، ولكن ما بلغك المأرب وأراح ولا

ص: 493

أتعب، راكب الخير سره يسر، وراكب الشر سيره بطر.

- وخير الجيران من كفَّ عنك شر اليد واللسان وكنت من بواقه في أمان، فالعار كلَّ العار في الأذى والتعدي على الجار.

- وخير الطعام سريع الانهضام والمفيد للأجسام والناضج في القدر أو في الأكمام، تأكله في هدوء وقنع لا في سرعة وجشع ولا على أكل وشبع.

- وشر الطعام، طعام الولائم فإن دعيت إليه فقل إني صائم يدعى إليه الكبير ويحرم منه الفقير.

- بشاشة الوجه وطيب الكلام أحب على الضيف من شهي الطعام.

- إن كنت ذا رأي سديد فاجعل لأكلك أوقاتًا ومواعيد.

- خُذِ العِظَة من أهل الموعظة، برَّ الوالد ولا تعقه وآتِ الفقير والمسكين حقه، ولا تعص والديك فطاعتهما فرض عليك، وإن أخرجاك من أرضك ووطنك وجراداك من مالك وولدك.

- صل رحمك، ولا تظلم من ظلمك.

- أعط المسنين والكبار ما يستحقونه من القدر والوقار، وعَوِّد الطفل على الخير من الصغر يعتد ذلك في الكبر، ولولا العادات لما استمرت الحياة.

- ثلاثة أحذر أن يكن فيك فتكون قاصر عقل بلا تشكيك، الالتفات بدون طلب، والضحك بدون عجب والكلام بدون سبب.

- من ضعفت إرادته غلبت عليه عادته، ومن غلبت عليه عادته قلت سعادته.

- ومن قويت عزيمته صعبت على الغير هزيمته.

- كل يخطئ ويصيب والموفَّقُ من حالفه النصيب.

- لا داعي للعجلة والاستخفاف إلَّا عند الضرورة والاسعاف.

- من تمنى الشر لأخيه الإنسان، دارت عليه دوائر الزمان، ومن دبَّر لأخيه

ص: 494

المكيدة وقع بلا شك في المصيده.

انتهى.

أما القسم الثالث: فإنه أنفس الأقسام لأنه شعر عامي ليس فيه أثر للتقليد حتى التقليد شعراء العامية القدماء الذين يبدعون قصائدهم بوصف الإبل أو الفلاة، وإنما بعضه على هيئة محاورات على ألسنة حيوانات، أو على هيئة مناظرات بين أشياء متضادة كالليل والنهار، والصدق والكذب، والقهوة والشاي، والفقر والغنى.

وما أورده على ألسنة الحيوان والطيور هو فن جديد في الأدب في بلادنا سار عليه عدد من شعراء العامية في بريدة مثل عبد الله العلي الجديعي وعبد العزيز الهاشل، وسلامة بن عبد الله الخضير.

وهذا أنموذج من شعر محمد بن سليمان الفوزان منه:

أم سالم تتبجح بالمكارم:

جيت أم سالم تمترغ بالعثامير

ضافٍ على وجهه غبار الترابِ

تقفز على ذيك العثامير واتزير

واتقول وآويلي تشَدُّد عذابي

تصرخ بصوتٍ فجَّر الراس تفجير

تهجل كما تهجل خلوج الركابِ

صوته وحيش ونقَّر النّاس تنفير

يفزع ويرعب وأعطاه الرعابِ

قلت: أخبريني وش جرى من محاذير

حتى تنوحي وأعطاك الذهابِ

عندك حريقه نتصل بالمناعير

يُطفونها من قبل تَحْدِثْ خرابِ

قالت: إسويلم مِفختٍ فارسه طير

أو ضايع وسط الخلا ما دري بي

أتلى الخبر به طلعة الشمس بُوكير

رَوَّحْت أدوُرْ له طعام وشرابِ

جبت الطعام وجبت مِيَّة إمْنَ البير

من ما قليب الشمّري عند بابي

وردَّيت قلبي مُوجعَنْ يوم انا طير

وطلَّيت في وكرِهْ وبان الردي بي

ص: 495

يا الله يا مَنَّاع سُوَّ المقادير

تَرُدْ سالم يا جزيل الثوابِ

قلت:

الطير ما يسوى إصياح وهو طير

حتى ولو هو من إفروخ العُقابِ

لا تتعبك هلحوقله بالمشاوير

طيرٍ هزيلٍ ضاع بين الشعابِ

لا تندمي ولليْ وخلِّيه للقير

ترى الندم يُحدِث إبقلبك صوابِ

قالت:

حولين حَنَّت خلفةٍ فارقت ظير

ولا شال من يبكي إعياله عتابِ

وِش عَودَّك حُبَّ العيال المصاغير

ما قد بدا قلبك يزيد إلتهابِ

لكن تحسبه جمع عشبٍ وتنشر

ما هو قشيع إربيلةٍ بالصلابِ

هذا إسْويلم به سجايا هَلَ الخير

أبيه ينفعني إلى اقفى شبابي

وابغيه يقضب مهنتي بالمشاجير

يُسْجعْ إيلحن مُعْجبٍ بالطرابِ

يَطْربْ له اللي ما لقي له معابير

ضاقت عليه الواسعة والرِّحابِ

يُنسيه سالم كل هَمٍ وتكدير

بالحانه اللي مثل حِسَّ الرَّبابِ

قلت إصبري والله يُعينَ الصبابير

واللي صبر عند المصيبه يثابِ

قالت ذبحك الطوع خَلَّ الجماهير

هاذاك تقصد وانت تقرا الكتابِ

قلت إسكتي نركب إعيال مداوير

من فوق حِيلٍ ينهبن السَّرابِ

قصَّاصةٍ نعم القروم المناعير

يلقون جرَّة سالمٍ بالترابِ

يُمْسَكْ إيهونٍ ما يجي فيه تعزير

ولا ينتف ريشه إيشيل العذابِ

قالت:

ضَحْكتني يا شوق زين الغنادير

اللي ثِمانَه مثل ضيق السحابِ

عذرًا نظيرٍ مثل زين التصاوير

بكفوفها تلمع إنقوش الخضابِ

ضافٍ على مَتنَه إتلول الدَّعاثير

مثل السفايف فوق بعضَ الركابِ

من روس قوم ووجهها يدعي الخير

مُطوعَتَه للزَّوج شي إعجاب

تِستاهِله يا اللي إتجهز مداوير

تدور سالم والعرب بالوثابِ

ص: 496

قلت أبشري وأبغي جَزا ذا التباشير

سالم يجيك اليوم قبل الغيابِ

وابغي جزا شدِّي إركاب مضامير

من زين ما تلقين ياقصى المغابي

قالت:

أنا أم سالم انثر المال تنشير

أنثر حلال مثل نثر الترابِ

ليتكْ تشوفنْ لي لفون المسايير

أصب من سمن جديدٍ إعرابي

وأبعث إسويلم صوب بعض الجزازير

يعطيه من كومًا إشطوطهْ نوابي

وسالم يقول إمكرمينَنْ إبتوقير

كلٍ إيقدِّرني ويكرم جنابي

حيثه عزيز ما ايجالس مجاعير

حمدت رب ما يحب الخرابِ

ولا قد عزم غير الكبار الموامير

وإلَّا إشيوخ يتعبون الركابِ

أميركم صوبه طلع بالحناتير

سَيَّر على سالم مسير الطرابِ

ترى العشا عندي إلى جيتوا إعصير

تلقون زين الحوف هو والذرابِ

تلقون زاد فوقه السمن والخير .. .عليه لحم الصيد مثل الهضابِ

تري وَعَدْكم فوق ذيك المشاجير

بالصيهد اللي عند مجمع زهابِ

جبنا إسويلم عقب جهدٍ وتدوير

ورجع على أمه عقب طول الغيابِ

جبنا ولدها ثم جابت معاذير

تقول هرج ما قرب للصَّوابِ

تقول سَوَّيت العشا للمداوير

ومن يوم ما جوا له كَلتَه الذيابِ

ومَرٍّ تقول إصخونة بي وتفتير

وازريت أسوِّي من إفتار لجي بي

ثم ادّعت بالفقر من عقب تبذير

تقول أبو موسى وقف لي ببْابي

أنا وسالم معوزين مفاقير

والله ماجَدْ وجبتين حظابي

النملة اللي دايم عندها الخير

تجبي مْنَ الحب الحمر بالطِّيابِ

أنت وجزيتك بنت والربع القير

ما احدٍ إيطالبني إبعمري احسابِ

إن كان ترضيهم كثير المعاذير

وإلَّا دخلت ودونهم حال بابي

يا ناس شوفو كذب ممهونة الصير

تاعد وتكذب ما تهاب العيابِ

وتثني على نَفسَهُ وهي ما بها خير

واصدق وعودَهْ مثل لمع السرابِ

وأكبر إهمُومَه ما يبي عاد تفسير

سجع الغواني بالسهل والشعابِ

ص: 497

ما له من الشغلات غير التزاعير

وشيل الهجيني وأعطاه الذهابِ

طربانةٍ بالعمر ما جاه تكدير

ما نَغَّصوا عَيشه وجيه الذيابِ

ما دَيَّنه بعض الطماميع بالغير

واثقل ظهرها واسود الرَّاس شابِ

ولا وراها عيلة تبي تدبير

زودٍ على المصرف اهموم وعذابِ

لي صار باله ما يجي فيه تفكير

والرّزق صَبَّه له إمثير السحابِ

فلا عليها بالغواني معايير

ولا يلومَه لايم بالعتابِ

وأسعد عَيْنَه بالفضا والمسافير

وشمِّ الرَّوايح من إزهور الرَّوابي

ما تاقع إلّا بأرض خصبٍ معاطير

في ماقع شرح فسيح الرحابِ

ولو تَقلت عِشَّه إطبول ومزامير

يوم القيامة ما عليها حسابِ

ومن الفوزان الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان أستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (فرع القصيم).

رأيت له كتابين مطبوعين أحدهما في النحو وهو: (تعجيل الندى، بشرح قطر الندى) لابن هشام، الطبعة الأولى عام 1419 هـ - 1999 م.

الناشر مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، في الرياض وفرعها في بريدة.

ذكر في مقدمته أن هذا الشرح حصيلة معلومات عامة، إضافة إلى الرجوع إلى بعض كتب النحو، مثل أوضح المسالك وشرح ابن عقيل، والنحو الوافي وشرح الفاكهي على القطر وكتاب النحو الواضح.

وغيرها.

وذكر أنّه كتبه بعد تدريس (القطر) للطلاب في المسجد ابتداء من مساء الثلاثاء 13/ 10/ 1415 هـ إلى مساء الثلاثاء 166/ 11/ 1417 هـ.

ويقع الكتاب في 373 صفحة.

ص: 498

والثاني: (أحكام حضور المساجد) طبع عام 1414 هـ - 1994 م، نشرته دار المسلم للنشر والتوزيع في الرياض، ويقع في 238 صفحة.

ومنهم الدكتور محمد بن صالح بن عبد الله الفوزان، أستاذ في جامعة الإمام في الرياض.

والدكتور عبد العزيز بن فوزان بن صالح الفوزان يعمل في جامعة الإمام في الرياض وهو رئيس قسم الفقة في الكلية، ولد في عام 1318 هـ.

والدكتور محمد بن سليمان بن عبد الله الفوزان دكتور الآن 1423 هـ في جامعة الإمام في القصيم (تخصص حديث).

ومنهم محمد بن حمود بن صالح الفوزان يعمل في الكلية المتوسطة.

والدكتور إبراهيم بن فوزان بن صالح الفوزان يعمل في قسم اللغة العربية

في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، وله مؤلفات عديدة.

ومنهم الشيخ عبد الله بن محمد الفوزان ترجم له الدكتور عبد الله الرميان، فقال:

تولى إمامة هذا المسجد بعد وفاة الشيخ محمد النجيدي، وبقي في إمامته ثلاث سنوات، حيث انتقل إلى القنفذة مدرسًا ومرشدًا فتكون إمامته في هذا المسجد في الفترة (1364 هـ - 1367 هـ).

ولد في بريدة سنة 1344 هـ وتلقى تعليمه على علماء بلده، فقرأ على عدد من المشايخ منهم: عبد الله بن حميد، وعلي الدغيشم، وعلي الغضية، وغيرهم، أم في الهدية سنوات ثم انتقل إلى هذا المسجد.

وفي عام 1367 هـ عينه الشيخ عبد الله بن حميد قاضي بريدة إمامًا وخطيبًا لجامع القنفذة ومدرسا لأهلها، ولبث هناك ثلاث سنوات حيث عاد في عام 1369 هـ، وأم في مسجد الصانع بشارع الخبيب حال تأسيسه، وبقي في

ص: 499

إمامته حتى عام 1376 هـ حيث انتقل إلى بلدة الدليمية إمامًا وخطيبًا لجامعها، ومدرسا ومرشدًا لأهلها.

وبقي هناك سنوات ثم عاد إلى بريدة عام 1383 هـ، وتعين إمامًا في مسجد الرميخاني بشارع الصناعة، وفي عام 1385 هـ طلب أهالي الدليمية عودته إليهم فتعين كاتبًا في محكمة الدليمية وإماما وخطيبًا لجامعها وبقي هناك حتى سنة 1297 هـ، حيث انتقل إلى محكمة بريدة وتعين إمامًا وخطيبًا لجامع الطويان في شارع التغيرة، وبقي فيه مدة عشرين سنة حيث استقال عام 1417 هـ لظروفه الصحية (1).

ومنهم الأستاذ محمد بن عبد العزيز بن حمود بن صالح الفوزان من أهل خضيرا ولد في عام 1382 هـ وله شعر منه قوله:

باسم الذي أوجد الأشياء من عدم

وهو الذي علم الإنسان بالقلم

وهو الذي أرسل المبعوث داعية

يدعو إلى البر والإحسان والكرم

أهدي إليك تحيات تفوح شذا

ما لاح برق على الآفاق في الظلم

يا زائر الخير أهلا في زيارتكم

ومرحبًا بذوي الهيئات والشيم

جئتم لمستودع زادت فضائله

وعم بالفضل محتاجًا وذا ألم

يقوده شيخنا المحبوب في تقة

مع نخبة فضَّلوا الأفعال في الظلم

محبة الخير تجري في عروقهم

أكرم بهم نخبة يرجون ذا النعم

* * * *

يا شيخنا إنكم سرتم على ثقةٍ

بهمة لا تقاس اليوم بالهمم

لما بدأتم وما هانت عزائمكم

في حسن رأي وتدبير مع النظم

يا من بدأتم طريقا يستضاء به

سيروا بعزم بلا ضعف ولا سام

(1) تاريخ مساجد بريدة، ص 134.

ص: 500

أعطى الأرامل والأيتام حاجتهم

كذا المعوق والشاكي من الألم

فكم يتيم بكى من فقد والده

ووالد يشتكي من قسوة العدم

أتى لمستودع الإحسان فاندملت

منه الجراح وزال الفقر بالكرم

به نفاخر أهل الأرض قاطبة

رمز الوفاء لأهل الفضل والشيم

هذا هو الصرح يا من كان يسألنا

هذا الشعار الذي يعلو إلى النجم

* * * *

يا من تبرعت للأيتام في كرم

الله يجزيك في الجنات بالنعم

هذا حصاد لما جدتم به سلفًا

قد بين الدهر أهل الجود والكرم

قد كان بالأمس حلمًا لا وجود له

واليوم من دعمكم يعلو إلى القمم

جدتم بفضل عسى المنان يخلفه

فهو المجيب لمن يدعوه في الظلم

قد سجل النّاس والتاريخ فعلكم

الذكر يبقى وكلِّ الخلق للعدم

والله يعلم ما سطرت من كلم

إلا وشاهده في القلب نبض دمي

وقال في رثاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء:

رضينا بما يقضي الإلهُ على الوري

رضينا بحكم الله أحكم حاكم

فقد كتب الله الفناء على الورى

فليس بباق غير أرحم راحم

ولو كانت الدنيا ستبقى لعالم

لكان البقاء النبي ابن هاشم

فجعنا بموت الشيخ ذي العلم والتقى

إمام الهدى البازي أفضل عالم؟

فقد هدَّ موت الشيخ من كان حاضرًا

وزاد البكا في عربها والأعاجم

بكينا وهل يغني البكاء عن القضا؟

وهل تُرجعُ الأحزانُ فخرَ العوالم

وصرنا كمن في البحر فوق سفينة

يعاني من الأمواج تحت الغمائم

فيا ربَ لطفًا قد تعاظم خطبنا

فأفرغ علينا صبر أهل العزائم

فقدناك يا من كنت للناس رحمة

ويا بحر علم زاخرًا بالمغانم

ص: 501

سنعطيك من أعمارنا ما تريده

وتبقى لنا درعًا قوي العزائم

فقد كنت للإسلام سورًا محصنًا

وسيفًا على الفجار أهل الجرائم

فكم بدعة في الدين أغلقت بابَها

وأظهرتَ نورَ الحق رغم الكواتم

وكم فتنة في النّاس أطفأت نارها

وأحبطتَ كيدَ الغاشم المتغاشم

* * * *

آيا بازنا إن فرَّق الموتُ بينا

فذكرك حيَ في قلوب العوالم

وذكرك بين النّاس عِطرُ حديثها

ثناء وتمجيد لأفضل عالم

وموعدنا الجنات إن شاء ربنا

بفضلك يا منانُ أفضلَ راحم

متى تُنجب الأرحام مثل إمامنا

تقيًا نقيًا صادقًا بالعزائم

يصوم نهارَ الصيف خشية ربَه

وبالليل قوَّامَ كثير المكارم

وأفنى حياةً بالجهاد مليَّة

يصدْ عن الإسلام أهل الجرائم

هنيئًا لقبر ضمَ أعظُم شيخِنا

سقاه إله النّاس وبل الغمائم

إلهَ الوري فاجبر عزانا بشيخنا

وأنزل علينا الصبر يا خير راحم

وقيض لهذا الدين من ينصرونه

على الحق لا يخشون لومة لائم

ويا ربَّنا اجز شيخنا أحسن الجزا

وأسكنه بالفردوس بيت المكارم

ويا ربَّنا اجمعنا به مع نبيِّنا

وبالآل والأصحاب أهل التراحم

وصلِّ إلى النّاس دومًا على الذي

به عوض عن كل شيخ وعالم

وقال:

حرب الحجاب سري من بين أظهرنا

أختاه فاستمسكي بالدين والشيم

ولا تغرنك الدنيا وزخرفها

فكل حي إلى الأجداث والعدم

وكلّ نفس ستجزى بالذي عملت

الشر بالشر والإحسان بالنعم

حجابك اليوم يا أختاه محتضر

يصارع الموت من حرب على القيم

رأيته طاعنًا في السن مكتئبًا

يئن من غُربةٍ يشكو من الألم

ص: 502

فقلت: من أنت يا من جئت زائرنا

أم أنت من شدة الإعياء في وجم

فقال: في لهفة حَرَّى وموجعةٍ

أنا شعار لأهل الفضل والشيم

أنا الحجاب الذي باتت تطاردني

وسائل الشر في قول وفي قلم

قد حاربوني في أهلي وفي سكني

بل حاربوني في حل وفي حرم

فقلت: أبشر فإن الله ناصرنا

مهما أدلهم سواد الليل والظلم

فإن فجرًا سريعًا سوف يعقبه

النصر للدين ليس النصر للصنم

بناتنا اليوم في علم ومعرفةٍ

وصحوةٍ نورها يعلو على النجم

وقد عهدتك ذا بأس وذا جلد

وذا عقاب لمن يعدو على القيم

فقال: ذاك زمان فيه غيرتكم

تحاربون لها بالسيف والقلم

فقلت: إن الحجاب اليوم عزتنا

بل فيه ميزتنا عن سائر الأمم

فقال: قد ضيعوا تاجًا يشرفهم

واستبدلوه بثوب الكفر والعجم

قد ضيعوا أمر رب النّاس واتبعوا

نواعق الغرب أهل الكفر واللؤم

أختاه فاستيقظي فالشر منتبه

وأدركي خطط الأعداء من قدم

شنوا حروبًا بها تمزيق أمتنا

واستخدموك سلاح الفتك بالأمم

حينًا يقولون تحريرًا وقد كذبوا

سيخرجوك من الأعراف والقيم

ثم ادعوا بمساواة وقد كذبوا

بل إنّه الرِّق ثم العيش بالوهم

أختاه دينك قد أعطاك منزلة

فوق السحاب فصوني العرض واحتشمي

صوني الحجاب ففيه العز مرتبطٌ

فما لسافرة في العز من سهم

لا تقبلي بأكاذيب يرددها

أتباع كفر من العلمان والعجم

يعدون للفتك بالأعراض في نهم

عدو الذئاب على مستصغر الغنم

حتى إذا استكملوا منها مآربهم

رموا بها عنوة في موقع وخم

وأسلموها تقاسي الهمَّ في كبدٍ

فريدةً تشتكي من شدة الألم

لما رأت نفسها في البحر غارقة

عضت على كلّها من شدة الندم

لا ينظرون إلى دين ولا خلق

شعارهم كثرة الإفساد في الأمم

حتى ولو أظهروا يومًا توددهم

فالسَّمُّ عندهم قد دس في الدسم

ص: 503

إليك ربي رفعت الكف مبتهلًا

ترد كيد العدا يا خير منتقم

وقال في رثاء أمه:

الحمد لله ذي الإحسان والقدر

وجاعل الموت مقدورًا على البشر

يومَ الثلاثا أتتْ أخبارُ مفزعةٌ

يا بئسَ ما سمِعَتْ أذْناي من خَبَر

سمعتَ موتَ التي بالحب تجمعُنا

أمي لها الفضلُ ذاتُ الخير والطُّهُر

في أول الصُبْح كانت بين أعْيُنِنا

وفي المساء مع الأمواتِ في الحفر

أكذِبُ الموتَ في أمي وأرقبها

وأوهمُ النفسَ أن الأمَ في سفر

وقد حملناكِ نحو القبر في ألم

يسوقنا دافعُ الإيمان بالقدر

ثم انصرفنا وكلٌ فيه مُعظلةٌ

جاء العزاءُ وكَسْري غيرُ منجبر

من موتها ازداد قلبي في تفطُّره

الدمعُ منسكبٌ والقلبُ في سُعر

أمَّاهُ جسمُكِ غاب اليوم عن نظري

وفضلكِ اليومَ فينا غيرُ مستتر

أماه يا شمعة كانت تُضيءُ لنا

وتبعِدُ الهمَّ والأحزانَ بالنظر

أماه يا رحمة كانت تحلَّ بنا

وتجمعُ الشملَ في الآصال والبُكر

أماهُ نفديك بالأرواح إن نَفَعتْ

وبالبنينَ وبالأزواج والدُرر

يا موتُ بالله هل أبقيت لي أحدًا

من بعدِ أمي فعيشي اليومَ في كَدَر؟

الله أكبرُ كمْ كانتْ مصيبَتُنا

وكمْ بكينا من الآلام والكدرِ

وكم بكينا دموعًا لا انقطاعَ لها

وهل تردُ دموعي نافذة القدر؟

والموت حقُّ وكلٌ سوف يُدْركُه

فرضٌ على الخلق من أنثى ومن ذكر

وكل بيت له كاسَ سيشرَبُهُ

من المصائب والأكدار والضرر

والحيُ لو غاب فالأيام تُرجعُه

وغائبُ الموتِ لا يأتي من الحُفَر

قد ماتَ أفضلُ خلق الله كلِّهمُ

الموتُ حقّ كما في سورة الزمَر

أحدِّثُ النفسَ أني سوف أنظرها

فيضربُ القلبُ من شوق إلى النظر

وأغمضُ العينَ كي أحظى بنظرتها

عسى خيالٌ يريحُ القلبَ عن فِكَر

إذا رأيتُ مكانًا فيه قد جلست

تفطر القلبُ من ذكري ومن أثر

ص: 504

وإن نظرتُ إلى أخت تجالسُها

تساقط الدمعُ من عينيَّ كالمطر

ومنظَر لأخَيَّاتي يشيب له

رأسُ الوليد من الآلام والضَّجَر

الله أكبرُ ما أقسى مصيبتَنَا

مُصابُنا عبرةٌ من أعظم العبر

أقابلُ النّاس مسرورًا ومبتسمًا

ويعلم الله ما أخفي من الكدر

أشكو إلى الله جُرحًا لا شفاءً لهُ

في الصبح دمعٌ وأما الدمُّ في السحر

يُجددُ الجُرحَ أطفالي إذا سألوا

عنها فأخبرُ أن الأمَ في سفر

فيذهبُ الطفلُ عند الباب منتظرًا

وقت الرجوع ليحظى الطفلُ بالخبر

فيتعبُ الطفل من طول انتظار لها

وهل يعودُ إلينا ميِّتُ البشر

يا رب لطفًا فما باقٍ لنا جلدٌ

أستغفر الله لا أشكو من القدر

والصابرونَ لهم أجرٌ إذا صبروا

عند المصاب كما قد جاءَ في الأثر

يا والدي فاحتسِبْ أمي فإن لنا

ربًا يجازي جميلَ الصبر بالظفر

يا والدي إنّها الدنيا وكم غدَرتْ

من قبلنا ببيوت العز والفخر

يا والدي ليستِ الدنيا بباقيةٍ

من ماتَ فاتَ ومن يبقى على الأثر

يا إخوتي فاصبروا فالله يرحمها

ويجعلُ القبرَ روضاتٍ من الزهر

وادعوا لها الله رب النّاس يُكْرمُها

فإنه عالمٌ بالسر والجهر

ويستجيب لمن يدعوه في ثقةٍ

وهو المجيبُ لمن يدعوه في السحر

يا رب فاغفر لها واقبلْ تَضرُعَنا

وأجبرْ عزانا بها يا خيرَ مقتدر

ثم الصلاةُ على المختار سيدِنا

محمدٍ صفوةِ الأعرابِ والحضرَ

والآل والصحبِ ثم التابعينَ لهم

ما غرد الطيرُ فوق الماء والشجر

ومنهم أحمد بن فوزان السليمان الفوزان، كان يروي القصص والنوادر نقل عنه الشاعر عبد الله بن علي الجديعي بعض القصص منها الآتية، وهي قصة سعيدان قالها أحمد الفوزان:

كان رجل له ولد شرير وهذا الولد فيه لثغة أي لا ينطق بالراء أبدًا،

ص: 505

أرسله والده يومًا إلى أحد جيرانهم يطلب من الجيران حاجة بسيطة، فذهب سعيدان إلى الجيران وقال: إن الوالد (يدول) ترى العشاء بعد المغرب.

ولما صار بعد المغرب حضر الجار إلى والد سعيدان ومعه أولاده الثلاثة وجلسوا عند والد سعيدان، فقال الجار: ما شاء الله يا أبوسعيدان من أنت عازم؟ .

فقال والد سعيدان: ما عزمت أحد، من قال إني عندي عزيمة؟

فقال: سعيدان، الصبح يقول أبي يقول ترى العشا بعد المغرب.

فقال يخسا، والله ما له طاري كل الذي قلت.

خجل والد سعيدان وخرج الجار من الديوانية وهو خجلان، ولما حضر سعيدان، قال: وراك تعزم الجيران وحنا ما عندنا عزيمة؟ قال سعيدان: والله أني أقول ترى العشاء بعد المغرب ولا قلت تعشوا معنا.

وفي يوم أرسله والده إلى السوق يشتري له رشاء للدلو فذهب إلى السوق ووجد حرمة معها رشاء، فقال كم طوله؟ قالت: سبعة أبواع، فقال: خليك هنا أروح اقيسه على الحسو هو يطول أو لا، جلست الحريمه وراح، وأعاد والده الرشاء، ولما عزل السوق رجعت الحرمة المسكينة على بيتها وأفلست من ثمن الرشاء.

والمرة الثالثة، قال والده: يا سعيدان خذ هذا الثور واعطى الدلال يبيعه حتى نتوسع في ثمنه، فأخذ الثور وراح للجزار وقال: يقول والدي يذبح هذا الثور ويقسمه على الجيران ولا يخلينا لو شوي.

ذبح الجزار الثور وأرسل ولده الصغير في قليل من اللحم إلى أهل الثور، فلما حضر العشاء قال والد سعيدان: منين هذا اللحم؟ فقال سعيدان هذا لحم ثورنا بس ما عطانا الجزار منه إلا شوي.

قال: وذبح الجزار الثور؟ قال سعيدان: نعم وقسمه على الفقراء.

ص: 506

فقال والده: أنا قايل لك رح به للجزار؟ قلت لك رح به لدلال يبيعه، يا خسيس.

فقال سعيدان: الدلال بعيد والجزار قريب والثور عيا يمشي، وقلت صيرته يذبحه الجزار ولا يموت.

وفي المرة الرابعة كان والده يدين له فلاح ذهب سعيدان إلى الفلاح وقال: يسلم عليك الوالد ويقول ترانا وصلنا المبلغ الذي عليه نبيه من الله.

فرح الفلاح لما صار وقت التمر لم يورد على والد سعيدان تمر، فقال والد سعيدان: رح لم الفلاح فلان وقل له: وين التمر؟ ذهب سعيدان إلى الفلاح وقال: يسلم عليك الوالد ويقول يجيب التمر؟ فقال: (هماك) تقول انه يبيه من الله هالحين قضى التمر ولا عندي شيء.

رجع سعيدان إلى والده وقال ما عنده شيء، ويقول: يلقاه عند الله.

ذهب والد سعيدان إلى الفلاح وقال: وين التمر؟ قال: هماك مرسل ولدك سعيدان تقول ما نبي منه شيء نبيه من الله.

التفت والد سعيدان على ولده وقال: أنا مرسلك لم الفلاح تقوله ما نبي تمر؟ فقال سعيدان: لا أنا قلت له يقول الوالد الله الله بزين التمر لا يغضب عليه الله.

علم والد سعيدان أن ولده هو الذي أفسد الأمر.

وكان والد سعيدان في بيت وارثه جدًّا عن جد قام وسجن سعيدان في غرفة قديمة في جانب البيت وصار يعطيه غداه وعشاه وهو مسجون، وبعد ما بلغ كم يوم وهو مسجون فكر أن يحفر من تحت الدار ويهرب حيث أنّه تضايق من هذا السجن وصار كلما حفر بعثر التراب في وسط الغرفة ويجعل منامه على هذه الحفرة.

وفي أثناء حفره وجد كنزًا من الذهب كثيرًا وكانت والدته تجلس عند الباب وتبكي وتقول ما لي حيلة والله إنك في هذه الحالة كنك على كبدي، ولما

ص: 507

وصل إلى النهاية ضبط الذهب وأخذ منه الذي يجعله في جيبه وجعل الباقي قسمين كل قسم يستطيع حمله وبعد ما تأكد أن والده نائم أخرج الذهب ودسه تحت الأرض في مكان خفي ومشى إلى بلد لم يعرفها من قبل وصار يشتري ويبيع مع أهلها وصار غني.

وبعد سنتين اشترى له ذلول ورجع إلى بلده الذي فيه الذهب وفي آخر الليل أخرج الذهب وحمله على الناقة ورجع إلى البلد الذي هو يبيع ويشتري فيها وتزوج وصار له ولدين، وتذكر والدته التي كل يوم تبكي عند الباب، وقال أروح أسلم على أمي وأخبرها أني بخير.

ذهب على ذلوله ولما صار وقت صلاة الجمعة والإمام يخطب دخل على والدته المسكينة وسلم عليها وقال ما ودي يشوفن والدي لكن دوك هذه النيرات وتراي في البلد الفلانية ثلاثة أيام للذلول الطيبة، وسلمي على والدي وقولي له إذا صار يوم القيامة يسأل عني مع أهل عفو الله سبحانه وتعالى.

بكت أمه ولكن ليس لها منه حيلة لأنه شرير.

ركب ناقته ورجع إلى أولاده وبعد الصلاة حضر والد سعيدان وإذا أم سعيدان تبكي فقال وراك تبكين؟

وش فيك؟ قالت أبكي على ولدي سعيدان الذي ما لي غيره لا تلومن عليه، فقال: ويش الذي جاب طاريه عقب سبع طعش سنة فقالت تو هو عندي وارته النيرات، وقالت: إنّه يسلم عليك ويقول إذا صار يوم القيامة يسئل عني في زمرة أهل عفو الله سبحانه وتعالى.

وأخذ والده يبكي ويسترجع، وكان في ضيق من العيش وبعد ما أفاق قال الأم سعيدان: هل أخبرك في بلده الذي هو فيها، قالت: نعم، يقول أنا في بلدة العيون بالأحساء وكانت المسافة ثلاثة أيام أو أكثر.

ص: 508

ذهب والد سعيدان واشترى له ذلول وقال: يا الله ما لنا إلَّا سعيدان على شينه، ومشي حتى وصل إلى بلدة العيون، ولكن من يعرف سعيدان حتى يسأل عنه، وصار والده يمشي وأم سعيدان راكبة على الذلول وهم يمشون في وسط البلد، وإذا هم يرون ولد صغير عمره تسع سنوات تقريبًا قالت أم سعيدان لزوجها: شف هذا الولد، إن كان أنا أم سعيدان وحافظته فهو ولد سعيدان.

وقف والد سعيدان على الولد وقال ويش اسمك؟ قال: إسمي سالم، ويش اسم أبوك؟ قال: أبوي اسمه سعيدان الحزامي، فقال: وين بيتكم؟ قال: هذا.

وفتح الباب ونادى أمه، وقال سالم: هذا شايب معه عجوز عند الباب، قالت أم سالم: ويش أنت؟ فقال والد سعيدان حنا بس والد سعيدان ووالدته، قالت: تفضلوا، وأرسلت سالم إلى والده يخبره بأهله، فلما أخبره، قال لجاره: جب لنا ذبيحة واذبحها وجبها للبيت يمكن أن والدي ووالدتي حضروا.

لما وصل إلى البيت وإذا والده يعانقه ويبكي، فقال لا تبكي يا والدي هذي الدنيا هكذا تفرق الأحباب وتجمعهم، وصار والديه في أعز المقام، والإكرام فقال والده:

اللي يبي النصيحة لا يفرط بالأولاد

ترى العسر يقفاه من الله يسرين

سعيدان بأول عمره وران الأنكاد

واتلا التلاوي صار لي قرة العين

يا اللي تجي من بعدنا دوك الارشاد

خذ النصيحة لا تقولون بعدين

ترى الولد لي تم عشرين أو زاد

ما يتم عقله لين ياصل ثلاثين

عشر أمير وعشرة بها الارشاد

وعشر تميز ما بقى بالتثامين

والي اكبر شوي بالخير يزداد

يجي على المطلوب ويبر الأبوين

هذا ولم يخبر والده بالكنز الذي وجد في غرفة أهله القدامى.

انتهت القصة على خير.

ص: 509