الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَضل:
أسرة من أهل بريدة، عريقة فيها، وقيل: إنهم أو بعضهم كانوا من أهل الخضر أحد خبُوب بريدة الجنوبية، وأنهم تفرقوا منه إلى نواحي بريدة.
عرفت الشيخ صالح بن محمد الفضل تاجرًا في مكة المكرمة، وهو من (الفضل) هؤلاء مولود في بريدة، فكان إذا جاء من مكة نزل في بيت لهم ملاصق لسور بريدة من جهة الغرب، وهو السور الذي بناه صالح الحسن المهنا بعد وقعة البكيرية التي حدثت في عام 1322 هـ.
وقد عجبت من ذلك مع أن الذي خلف السور في ذلك الوقت كان مكانًا غير نظيف، لأن أهل المزارع من أهل الخبوب وغيرهم يجمعون فيه السماد الذي يحصلون عليه من البيوت في بريدة هناك حتى إذا اجتمع بعضه إلى بعض نقلوه إلى مزارعهم.
وكنت أعجب من سكناه هناك مع أنه رجل على غاية النظافة في بدنه وثيابه، بل إن ذلك كان لافتًا للنظر.
وبعد أن كبرت وكان الرجل صديقًا وجليسًا لشيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد فجالسته، وتغديت عنده مرة أو مرتين مع شيخنا في بيته في مكة المكرمة، فسألته عن السبب في ذلك؟ فأجاب لأن هذا البيت يقع في أرض قديمة كانت لأجدادنا قبل أن يبني السور.
وعلمت بعد ذلك من بعض الناس أن الأرض تلك كانت واسعة، وأنها كانت الفضل قبل أن يبيعوها حتى إن مسجد المشيقح في أرضه أو فيما حوله صبرة للفضل.
و(الصبرة) كما سبق تعريفها هي عقد الإيجار الطويل المدى مثل مائة سنة، أو مائتين، وهذا أكثر ما بلغنا من زمن الصبرة في بريدة، إلا ما ندر، أما في عنيزة
فإنها قد تمتد إلى خمسمائة سنة، وقد رأيت أوراقًا فيها ذكر هذه المدة الطويلة.
والفضل لهم أبناء عم في عنيزة من الوجهاء والأثرياء وحتى في الأمصار كالهند، وكان أهل الهند منهم يسلفون الملك عبد العزيز آل سعود في مبدأ أمره النقود، كما كانوا يرسلون زكاة مالهم إلى عنيزة لتوزع على أبناء عمهم (الفضل) في عنيزة.
وقد جهدت في أن أعرف أصل الأسرة من أي المدينتين، أهم من بريدة، والذين في عنيزة هاجر أوائلهم إلى عنيزة أم أن أهل بريدة جاءوا من عنيزة إلى بريدة؟
وفي التجارب الذي عرفناها وشاهدناها أن الهجرة من عنيزة إلى بريدة هي أكثر بكثير من الهجرة من بريدة إلى عنيزة، وأول دليل على ذلك أن الأسرتين اللتين كان لهما الغني في بريدة في وقتين مختلفين وهما أسرة (الربدي) وأسرة (المشيقح) أصولهما جاء أهلها من عنيزة إلى بريدة.
ومع ذلك لا يزال الأمر يحتاج إلى تحقيق بالنسبة إلى الفضل، والمؤكد أن (الفضل) أسرة واحدة بعضها في عنيزة وبعضها في بريدة، وسنذكر هنا أهل بريدة، أما أهل عنيزة فموضع ذكرهم كتاب (معجم أسر عنيزة).
وصالح بن محمد الفضل كان في مكة المكرمة معروفًا، بل مشهورًا عند أهل نجد، لا يأتي أحد من النابهين إليها إلَّا ويتصل به ويدعوه إلى بيته على عشاء أو غداء.
وأكثر تجارته في العطور، كان له دكان في المدعى غير البعيد من المسجد الحرام، قبل التغييرات العمرانية فيما حول المسجد.
مات صالح بن محمد الفضل المذكور في عام 1376 هـ.
ومنهم علي بن محمد الفضل عرفته عندما صار شيخًا فعرفت فيه طيب
الحديث، وحب النكتة ويلقب (العكوة) ولا أدري معناها.
عُمِّر علي بن محمد الفضل مائة سنة ومات وهو قوي البدن سليم الحواس.
مات عام 1371 هـ.
حدثني عبد الله بن محمد العبدان، قال: كان علي الفضل صديقًا لوالدي، ولقيته بعد سنوات عديدة من وفاة والدي فدعوته على القهوة، وكانت الدعوة إلى تناول القهوة مهمة، قال: فلما جلس في القهوة قلت له: أيك أكبر أنت أم والدي؟ فقال: والله ما أدري يمكن أنه أكبر مني قليل.
فقلت له من دون أن ألقي بالًا: لا، الوالد يقول: إنك أكبر منه بسنوات، فقال: الله أعلم.
ثم قلت له: أنت الآن بلغت الثمانين؟
فقال: ما أدري، فقلت له: وأنا لم ألق بالًا لهذه الأسئلة التي هي تقليدية أنت يا أبو محمد حسب قول الوالد لك أكثر من ثمانين؟
قال: فتجهم وجهه، وقال: أنت ما عزمتني تبي تقهوني، أنت تبي تضيق صدري.
قال: وهنا عرفت خطأي فأردت أن استدركه، ولكنه كان أسرع مني إلى الخروج من البيت دون أن يتناول القهوة!
جاء ذكر علي بن محمد الفضل هذا في ورقة مداينة بينه وبين عبد الله بن علي السالم من أسرة السالم الكبيرة القديمة السكني في بريدة، والمداينة مؤرخة في عام 1320 هـ بخط عبد الرحمن الربعي:
ومنهم السفير عبد الله بن صالح الفضل كان يدرس معنا ومعه أخوه إبراهيم وهو أصغر منه في مدرسة الوهيبي عام 1356 هـ ثم في المدرسة الحكومية، وقد التحق بوزارة الخارجية، وهو على خلق عظيم مثل والده الشيخ صالح الفضل في لطف المعشر، والترحيب بمن يقابله، ولين الجانب والفرح بقضاء حاجات ذوي الأقدار من الناس.
وقد تقلب في عدة وظائف سياسية منها سفير المملكة العربية السعودية في دمشق ولا يزال حتى الآن - 1403 هـ.
وهو ابن تاجر العطور الشيخ صالح بن محمد الفضل؟ .
الذي سافر إلى مكة المكرمة للتجارة وفتح له دكانًا هناك فأثرى وسكن في مكة، كما تقدم.
وأكبر أبنائه محمد بن صالح الفضل، ولد في مدينة مكة المكرمة سنة 1344 هـ، وتلقى تعليمه في مدارس مكة المكرمة.
شارك والده في تجارة العطور ومواد التجميل، وكان محلهم بالقرب من الحرم المكي.
وعندما كبر والده أصبح محله كمحل والده يقصده الناس ليعاونهم في أعمالهم التجارية.
ومنهم سليمان بن علي الفضل الملقب (سيام) تصغير أو تخفيف الاسم سلِّيم التي أصلها تصغير سليمان.
اشتهر (سيام) هذا بالقوة الجسدية حتى حكى الناس عنه حكايات تجاوزت المعقول.
ومن ذلك أن سوق بيع الإبل والغنم في بريدة يبدأ مع طلوع الشمس وينتهي في نحو العاشرة والنصف ضحى ولا يبقى فيه إلا الشبان، وقد حدث أكثر من مرة أن يتحدى أناس من الشبان سليمان الفضل هذا أن يستلقي على ظهره ويبسط يديه بجانبه فيقف على إحدى كفيه شخص ويقف على الأخرى آخر فيقوم بهما معًا من غير أن يعتمد على يديه لأنهما مشغولتان.
قال سليمان بن إبراهيم أبو طامي:
كان صاحبنا في هذه السالفة سليمان بن علي الفضل المعروف بلقبه والذي اشتهر به (سيام)، أحد سكان مدينة بريدة.
كان حديث المجالس في حياته وبعد مماته، سجلت هنا بعضًا مما حصلت عليه من قصصه والتي زودني بها مشكورًا ابنه عبد العزيز، أحد رجال الأعمال وبعض من يعرف سيام شخصيًا.
توفي عام 1378 هجرية، على إثر شربة عشبية أعطاها له أحد أصدقائه
لأنه كان دائمًا يشكو من التهاب الزائدة الدودية، ولم يكن هذا الداء معروفًا، فكان يعتقد أن ما يشكو منه رحمه الله ما هو إلَّا مغص.
فشرب تلك الشربة فمات بعدها بساعات رحم الله أبا فهد رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته وأموات المسلمين.
وفيما يلي بعضًا مما استحضره أبو سليمان عبد العزيز وباقي الرواة.
الملك عبد العزيز يتمناه يكون من رجاله:
كان سيام رحمه الله يبيع جمالًا في مدينة الرياض، وكانت الجمال تباع آنذاك بالصفاة بالقرب من قصر الحكم، وكانت جماله منوّخة بانتظار بيعها.
جاء مجموعة من الرجال فضربوا جمال سيام يريدونها تنهض فتَّحُتْ بعرها فيجمعه الرجال ويبيعونه لاستعماله كوقود مثل الحطب قبل وجود الغاز والكهرباء، وكان يسمى (جلَّة)، ومن عادة الجمال أنها عندما تنهض فإنها ثُبعر، فيجمع الباعة الجلة (البعر).
رأي سيام ما يُفعل بجماله من ضرب، فحذر الرجال من فعلهم فضربه أحدهم واحتقره، فدافع سيام عن نفسه ورد الضربة بضربتين فساعد الرجال صاحبهم المضروب فأحاطوا بسيام يضربونه فاستشاط غضبًا وأخذ يصفع الرجال الواحد تلو الآخر ومن صفعه سيام صفعة واحدة سقط على الأرض فلم ينهض بعدها.
علم الملك عبد العزيز رحمه الله بالمشاجرة وكان موجودًا في قصر الحكم، فاستدعاه وسأله من أين هو؟
فأخبره أنه من بريدة. فقال الملك: من بريدة؟ ونعم بأهل بريدة أولاد علي، فطلبه الملك أن يكون من رجاله، فاعتذر سيام لأن له أمًّا لا تستغني عنه.
فدعا الملك عبد العزيز له ولوالدته.
وعندما خرج سيام من عند الملك، قال الملك لمن حوله من رجاله ومراجعين: لو عمل عندي هذا الرجل لكان أفضل، رحم الله الجميع.
يخلص امرأة من الاختطاف:
كان سيام رحمه الله في إحدى مدن دول الخليج في بعض سفراته، وبينما هو يسير في أحد شوارع المدينة، إذ لمح من بعيد رجلين يحاولان سحب امرأة إلى داخل منزلهما بالقوة، وهي تصرخ بأعلى صوتها تستنجد بمن يخلصها لكنهما أدخلاها، فقال سيام لرجل جالس في الطريق: لم لم تساعد المرأة وتخلصها؟ قال الرجل: ومن يقرب هذين الرجلين الشريرين، الكل يخاف منهما.
فما كان من سيام إلَّا أن قرع بابهما فلم يفتحا الباب، مسك سيام الباب بيديه فهزه بقوة حتى خلخله وانكسرت رجل الباب وكان الباب مصنوعًا من الخشب.
دخل عليهما وقابله أحدهما يريد يعاقب سيام فمسكه سيام من حلقه وضغطه إلى الجدار ويزيد في ضغطه ومن قبضته على الرجل حتى جحظت عينا الرجل وكاد يموت.
ورفيقه يضرب بسيام من الخلف فأدخل عقال سيام في رقبته وبدأ يضغط عليه ليخنق سيام، فلما أحس سيام بالخنق ضربه برأسه، فسقط مغمى عليه والآخر المضغوط عليه بالجدار بدأ يتراخي حتى خارت قواه.
فصاح سيام بالمرأة أخرجي فخرجت وهي ترتعش من الخوف والمصارعة، وتدعو لسيام بالخير دعاء مصحوبًا بالبكاء.
فخرج سيام بعد ما رمي الرجلين في حفرة داخل منزلهما كانا يستعملانها لغسيل ملابسهما وأوانيهما فهي مليئة بالمياه الراكدة الكريهة الرائحة.
يوقف جملًا هائجًا وسط السوق:
كانت المواشي تباع في السابق داخل سوق بريدة (الجردة) من جمال وأغنام وأبقار وذلك قبل أن تتسع المدينة.
وصدفة في أحد الأيام هاج جمل فأخذت زبابيده تتطاير من شفتيه فخاف الناس ودخلوا دكاكينهم وأغلقوها عليهم والجمل يصول ويجول لم يجد من يردعه.
إذ حضر سيام فاتجه فورًا إلى بائعي العيش في الجهة الجنوبية من الجردة، وأخذ يد مهراس والجمل يتبعه وعندما انحنى الجمل ليعض سيام مال عنه وضربه مع مؤخرة رأسه بيد المهراس فخر الجمل مغشيًا، ففرح الناس وخرجوا من دكاكينهم والتموا حول الجمل يتفرجون عليه وسيام واقف إلى جواره والجميع يشكره على صنيعه وتخليصهم من شره.
(المهراس) هو ما يدق به العيش، شبيه بالنجر (المهباش) في دق القهوة والهيل والتوابل.
يضغط على جبهة رجل فيستسلم:
كان رجل يسمسر (يحرج) على مجموعة من الأغنام، فقال سيام لرفاقه بالتجارة سوف أضغط على جبهته حتى يبيع غنمه علينا، فإذا قال بعتكم إياها سلموه الدراهم وأنا ضاغط على جبهته، قال الرفاق: أبشر يا أبا فهد.
جاء إليه سيام وضغط على جبهته من الجهتين بيده وكان الثمن واقفًا على سومهم لها، فصرخ الرجل المسكين وسيام يضغط ويضغط، قال له بعنا الغنم؟ قال: نعم، نعم، وهويئن من شدة الضغط.
قال سيام حاسبوه فحاسبوه، قال: استلمت حقك؟ قال: نعم، بس فك يدك عن جبهتي، أحس أن أصابعك دخلت في رأسي.
فاستلم الثمن واستلموا الغنم، والمسكين السمسار ينفض رأسه ليصحو من قوة الضغطة، وينظر إلى سيام، ويقول: ما هذا الحظ الذي رمانا مع هذا الرجل؟ وكان لا يعرفه.
يصرخ ويرمي الريال:
اشتري سيام جملًا من أحد الباعة وسلمه ريال عربونًا للثمن، وكان الجمل أثناء شرائه منوِّخًا.
فلما نهض الجمل وتفحصه جيدًا لم يعجب سيام الجمل، فقال لصاحبه: لقد عدلت عن شراء الجمل، فقال صاحبه: لقد اشتريت وسلمتني العربون، وباقي ثمنه سوف تسلمني إياه متى ما توفر ثمنه لديك.
قال سيام لمن حوله: انظروا إلى الريال أين يسقط، يقول هذا الكلام وصاحب الجمل لا يسمع.
فقرب منه سيام ووضع إصبع رجله على رجل صاحب الجمل فضغط عليه بإصبعه، وهو يقول: عطني ريالي، فصرخ الرجل من شدة الضغط ورمي الريال من غير وعي، وقال: خلاص، خلاص، خذ ريالك، رميته، ابحث عنه.
وكان الحاضرون قد لقطوه من الأرض قبل أن يندفن بالرمل، رماه بعيدًا، فأخذ سيام رياله وانصرف (1).
وقال الأستاذ ناصر بن سليمان العمري:
اشتهر سليمان العلي الفضل بالقوة والشجاعة، وقد سافر إلى مكة المكرمة لاستلام رواتب عسكريين متخلفة لدى القيادة في مكة المكرمة، وكان معه وكالة باستلام الرواتب، ووصل إلى مكة المكرمة واتجه إلى مكتب القيادة في جرول، ودخل المكتب وقدم الوكالة القائد حسني، ولم يحسم الأمر ووقف
(1) من سواليف المجالس، ج 6، ص 24 - 36.
ينتظر ويحاور القائد، وتدخل رجل يقال له أبو كروش وسمع منه سليمان العلي الفضل كلامًا لم يرضه، وقد قطع الصحراء على ناقته من بريدة إلى مكة، فغضب سليمان العلي الفضل ومسك أبا كروش من عنقه بيد واحدة ورفعه من الكرسي وتركهـ معلقًا في يده وقد خنقه حتى كاد أن يموت وبال على ملابسه وعلى فراش المكتب فتركه يسقط على الأرض وأهمله فنفض أبو كروش وهو رجل أسود البشرة ملابسه وهرب وترك المكتب، فقال حسني: يا أخانا من أين جئت أنت؟ فقال: أنا شربت ماءً لم يشربه زميلك غير المؤدب وتحركت أصابع حسني وكتب إلى الصندوق: تصرف الرواتب المستحقة لموكلي سليمان العلي الفضل، فاستلمها وانصرف وعاد إلى بريدة.
أما أبو كروش فقد كانت له تدخلات وتطفلات، وكان يؤذي الناس في ذلك المركز العسكري الكبير فضعفت سلطته وانكمش على نفسه (1).
وقد أورد الأستاذ إبراهيم الطامي في كتابه (فصول في الدين والأدب) الجزء الثاني حكايات عن سليمان الفضل هذا الملقب سيام، فقال:
ثلاثة أبطال من بلدي اعتز بهم بل ويعتز بهم كل عربي، سليمان العلي الفضل الملقب بسيام، لو عددت مواقف الرجل البطولية لملأت ديوانًا غير أنني سأقتصر على ذكر حادثتين أو ثلاث، ركب هو ورفيق له سيارة في سفرة من السفرات، وكان معهما عدد كبير من المسافرين، صبوا على علي وعلى رفيقه كثيرًا من الإهانة، وكانا في مؤخرة السيارة، وكان إذا غضب فقد كل أعصابه ولا يقف أحد في طريقه، ولكن رفيقه كان يهدئه المرة تلو المرة، والسفرة طويلة، وأيامها كثيرة ولما ضاق بهم ذرعًا نزل وجعل يضربهم جميعًا وقدروا سطوته وخافوه وأجلسوه في مقدمة السيارة.
(1) ملامح عربية، ص 325.
قصته مع الجمل:
هاج جمل في مكان بيع الجمال في بريدة وفر من أمامه كل الناس فاشتراه والد سيام لأنه يعلم مبلغ قوة ولده، اقتيد الجمل إلى البيت وواعدوا الجزار لذبحه آخر الليل، وفي الليل هاج الجمل مرة أخرى فأقفلوا الباب في وجهه، وكان يتصل بين ساحة البيت حيث الجمل وبين أفراد العائلة، سمع سيام ذلك فنزل مسرعًا إلى الجمل وأمسك بكفه الأسفل وضربه في مقتل فأسرع الجزار وذبحه.
وقصته مع البدوي:
كان لبدوي عليه ثمن ناقة فراح يطالبه فأمهله سيام ساعات، لكن الأعرابي ادعى أنه مسافر وأصر على طلبه فضغط سيام بإبهام رجله على رجل البدوي فصرخ فضرب سيام بالكف على وجهه، وكانت يد سيام اليمني تمسك بعباءته فرفع يده اليسرى وضرب بها البدوي ضربة أبعدته عنه عشرة أمتار تقريبًا ونزل يرفرف كالطير وبعد أن أفاق سأل الحضور هل هذا سيام؟ قالوا: نعم قال: أشهدكم أنني متنازل عن مالي عنده أنا أحب الشجاع.
سيام وقائد السيارة:
اتفق سيام مع سائق سيارة سوداني أن ينقله من رماح إلى الشمول عن طريق الكويت، وكان مع رعيان له وبعض الصحاب وكان مع السائق معاون له أساء الأدب مع الراكب فأدبه سيام فجزع له السائق وأراد أن يتضامن معه فماذا عمل؟
انحرف عن الطريق المعتاد المتفق عليه بحجة أنه ضل الطريق فاستوقف السائق فلم ينتبه له فقام وحمل طردًا كبيرًا ينوء بحمله عدة رجال وقذف به أمام السيارة فاضطر السائق للوقوف ثم نزل وجذب السائق من مكانه وضربه على عنقه بيده ضربة سقط على أثرها مغشيًا عليه، ثم قال لرفاقه:
علينا بالقهوة وهم يشكون في عودة الرجل للحياة.
وبعد مدة أفاق السائق واعتذر لسيام عما بدر منه وعدل طريقه ثانيًا، إنها قوة سلاح لمن لا يسلك طريق الحق.
قصة سيام مع الجزارين:
كان سيام يتاجر في المواشي بين العراق والكويت، وحدث أن اتفق الجزارون لخلاف بينه وبينهم، اتفقوا على الانتقام منه، وكان يسكن في منزل متواضع بمحلة يقال لها المرقاب وانتظروه وهو خارج كعادته يسمر مع أصدقاء له فباغتوه في شارع ضيق وكانوا قرابة الثلاثين رجلًا، فلما كان منه إلا أن خلع باب إحدى الدور وطاح فيهم وأصابهم جميعًا.
وفي الصباح شكوه للحاكم، ولكن الحاكم خذلهم لأنهم تكاتفوا عليه واستطاع بشجاعته أن ينتصر عليهم جميعًا. انتهى.
ومما يجدر ذكره أن أبناء سليمان بن علي الفضل أسسوا فيما بينهم شركة تجارية وسموها (سيام) على لقب والدهم، اعتزازًا به.
وقد عرفت سليمان هذا (سيام) فعرفته قوي الجسم صافي اللون، تبين القوة على تقاطيع جسمه، بل حتى على تقاسيم وجهه.
توفي عام 1391 هـ.
ومنهم إبراهيم بن علي الفضل اشتهر بالقوة الجسدية الخارقة مع أن جسمه ليس بالضخم بل يميل إلى النحافة.
أبناء محمد بن علي الفضل: يوسف، سليمان، يعملان في مجلس الوزراء.
أبناء عبد الرحمن بن علي الفضل: فيهم الطبيب البيطري يوسف بن عبد الرحمن.
ومن أوائل أسرة (الفضل) البارزين عبد الله بن محمد الفضل، وكنت أظنه من أهل عنيزة غير أنني قرأت في جريدة الجزيرة في عددها الصادر في 17/ 11/ 1424 هـ ترجمة له تذكر أنه ولد في مدينة بريدة عام 1282 هـ.
وهذا نص ما ذكرته الجريدة عنه:
من رجال الشوري، عبد الله الفضل (1282 هـ - 1388 هـ):
عبد الله بن محمد العبد الله الصالح الفضل - ولد في القصيم - مدينة بريدة عام 1282 هـ.
التعليم: تلقى علومه الابتدائية في الكتاتيب وعلى يد علماء عصره في القصيم - تعلم الإنجليزية والأوردية.
الأعمال والوظائف: عمل في مقتبل حياته بالتجارة بمكة المكرمة، وجدة كما عمل في التجارة بالهند، ثم انتقل إلى كراتشي عام 1342 هـ كان أحد مستشاري جلالة الملك عبد العزيز وملازم له منذ عام 1344 هـ رافق الأمير محمد بن عبد العزيز في فتح المدينة المنورة، عين في مجلس الشورى بصفة النائب الأول لرئيس مجلس الشورى نائب جلالة الملك في الحجاز الأمير فيصل بن عبد العزيز وذلك اعتبارًا من عام 1347 هـ - 1368 هـ عين معاونًا للنائب العام في الحجاز الأمير فيصل بن عبد العزيز اعتبارًا من 8/ 10/ 1356 هـ، أحيل إلى التقاعد عام 1368 هـ بناء على طلبه.
مكان وتاريخ الوفاة: توفي في مدينة القاهرة بجمهورية مصر العربية في 3/ 12/ 1388 هـ.
ومن أخبار (الفضل) هؤلاء ما ذكره الأستاذ ناصر بن سليمان العمري بقوله:
آل فضل أسرة معروفة بالقوة والشجاعة في رجالها، وهم من سكان مدينة بريدة ومن أقدم سكانها، وقد نزح قسم منهم إلى الهند فالحجاز، وقد قدم عبد الله الفضل من الأحساء يريد مدينة بريدة، ومعه إبل له، فوجد أناسًا من أهل الحوطة في الطريق معهم بعير واحد يحملون عليه الماء والطعام وبعض الأطفال فتقدم عبد الله بن سعد أبو حمود وسلم على عبد الله الفضل وشكا إليه وضعه ومن معه، وطلب منه أن يحمله ومن معه على إبله إلى بلاده في جهة حوطة بني تميم فاستجاب عبد الله بن فضل لطلبه وقدم إليه هو ومن معه ما يحتاجون لركوبه من الصمان إلى الحوطة، وقد وصلوا إلى بلادهم بالسلامة، قال عبد الله بن سعد أبو حمود هذه القصيدة:
يا ونة ونيت في المهمهية
…
في صحصح الصمان لجت طيورها
حمولة ما عندنا إلا مطية
…
ضاعت هقاوينا بعالي وعورها
ساعة ضربنا الصلب واستاسع الفضا
…
واقفت بنا فرحة توامي شعورها
ليذا صليب الراس عبد الله آل فضل
…
على دارب يوم اعتلى فوق كورها
ساعة لفينا قال يا مرحبا بكم
…
والله انكم أبرك من تعلى بكورها
بعد صلاة العصر تأتون حملتي
…
تخيروا منها وأخذوا تقورها
بالمن والا كان تبغون بالثمن
…
ذي مدة الله والمراجل ندورها
يستاهل البيضا مع المجد والثنا
…
والأجواد تعطى حقها في حضورها
من لابة تثني إلى ضبضب القتر
…
أولاد علي وافيات اشبورها
قال الأستاذ ناصر العمري:
نقلت هذه القصة عن محمد بن عبد الله بن عامر من أهل الحوطة في 12/ 3/ 1406 هـ.
وهذه وثيقة مداينة بين محمد آل فضل - ولم يذكر اسم والده - وبين الثري الورع
الشهير محمد بن عبد الرحمن الربدي، ولم يذكر اسم أبيه في الوثيقة.
كما لم يذكر مقدار الدين، وإنما ذكر الإقرار بالرهن للربدي.
وحتى الشهود وردت أسماؤهم مختصرة، وهم حمد أخوه أي أخو محمد الفضل، وهزاع، والمراد به هَزَّاع الرسيس رأس أسرة الهزاع أهل بريدة وعبد العزيز الفريحي.
والكاتب لبيدان بن محمد، والتاريخ 14 رجب 1267 هـ.
وتحتها وثيقة مداينة أيضًا بين المذكورين، والشهود فيها عبد الله آل محمد، ولم يذكر اسم أسرته، وربما كان (آل أبو عليان) وحسين الهديب، والكاتب نفسه، وتاريخها 1268 هـ.
وهذه مبايعة بين عمر بن سليمان الفضل وبين الثري الشهير راشد السليمان أبو رقيبة، وهذه أول مرة أراه فيها ذكر نفسه بأنه (أبو رقيبة) وكان يكتب في سائر أوراقه (راشد بن سليمان السبيهين).
والمبيع أثل في خب الوجيعان من خُبُوب بريدة الجنوبية، والثمن: ثلاثون ريالًا
فرانسه منهن خمسة أريل بلغنه وخمسة وعشرون ينزلن من الدين الثابت الحالّ في ذمة عمر لراشد، والشاهدان: يوسف العبد الله المزيني، ومحمد العثمان بن عيدان، والكاتب الشيخ محمد بن عبد العزيز الصقعبي، والتاريخ 8 محرم عام 1313 هـ.
وقد حفلت الوثائق بأسماء عدد من أسرة الفضل سواء منها وثائق المبايعات والتملك، ووثائق الأوقاف، والأحباس (الاسبال) وكلها تدل على أنه كانت لهم أملاك قديمة في (البوطة) غربي بريدة وفي خب الخضر من خُبُوب بريدة الجنوبية وفي الوجيعان.
وقد ذكر في تلك الوثائق أشخاص كبار من الفضل أهل عنيزة مما قد يوحي بأن أصلهم كلهم كان من بريدة أو يوحي بأن فريقًا منهم كان في عنيزة
منذ القديم، وأن فريقًا آخر منهم كان ولا يزال من أهل بريدة.
وهذه وثائق عديدة تذكر ذلك.
وهذا كتاب موجه من الشيخ صالح بن أحمد الخريصي رئيس محاكم القصيم إلى محمد بن عبد الرحمن الفضل حول بيت فيه صبرة أو كله صبرة للفضل، والصبرة: الإيجارة لسنوات كثيرة، والبيت في بريدة كما هو واضح.