الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خط الشيخ ابن فدا:
خط الشيخ عبد الله بن فدا صار معروفًا لنا من كثرة ما وقفنا عليه من كتاباته، مما يبين أن الناس كانوا يقصدونه لذلك الغرض، ومعلوم أن أكثر الناس يبحثون عن طالب علم يكتب وثائقهم والعقود المهمة لهم.
وقد عثرنا على عشرات من كتاباته نقلنا صورها في أماكن عدة من هذا الكتاب.
وما أجدر ببعض طلبة العلم أو أحفاد الشيخ أن يجمعوا ما كتبه من الوثائق وغيرها ويدرسوه في كتاب تشتمل الدراسة فيه على ما يتعلق بتلك الوثائق مع بيان التغير الذي طرأ على ما جاء فيها.
ويمكن من يتصدى لذلك أن يتخذ من بعض ما نقلناه أساسًا لبحثه.
وهذا بعض ما نقلنا عنه بالإضافة إلى ما هو مفرق في الكتاب من عقود ومكاتبات أخرى بين الناس.
ونختم الوثائق التي كتبها الشيخ عبد الله بن فدا بخط يده بهذه الورقة ذات المعنى الخاص لأنها تتعلق ببيت كان يملكه قال:
ليعلم أني قبضت من ناصر بن سليمان بن سيف خمسة عشر ريالًا عوضًا عما دخل لي في البيت الذي بعته على حمد الخضير ولم يكن له، بل هو خارج بانتزاع حسن المهنا ظلمًا.
وقد أعطاه الشيخ ناصر بن سليمان السيف ذلك المبلغ بصفته أي ناصر وكيلًا على قضاء دين حسن المهنا كما سيأتي في حرف الميم.
وقد اقتنع ناصر السيف بما ذكر فصالح الشيخ عبد الله بن فدا بما ذكره.
وتاريخ كتابة الوثيقة غير واضح تمامًا وظني أنه 27 ربيع الأول عام 1327 هـ.
وهذه وثيقة بخط عبد العزيز بن الشيخ الزاهد عبد الله الفدا، كتبها في عام 1318 هـ.
والشاهد والده الشيخ عبد الله بن محمد بن فدا.
وهي واضحة الخط.
والسطران الأخيران منها بخط عبد الله بن إبراهيم المعارك كما هو واضح.
ترجم له الشيخ صالح بن سليمان العمري ترجمة حافلة، قال فيها:
العالم العلامة والورع الزاهد الفهامة الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن مفدا:
بالميم ثم حذفت فصار يشتهر با ابن فدا.
ولد رحمه الله بمدينة بريدة عام 1271 هـ. ونشأ على الصلاح والتقوى والورع، ولازم علماء بريدة وأخذ عنهم وأشهرهم الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم والشيخ محمد بن عمر بن سليم، كما أنه أدرك الشيخ سليمان العلي المقبل وأخذ عنه في بريدة ثم سافر إلى الرياض فترة غير طويلة فأخذ عن عملائها ومنهم العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن والعلامة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وغيرهم.
وقد أم في أحد مساجد بريدة وجلس للتدريس في ذلك المسجد الذي شهر باسمه، ولا زال يعرف باسمه حتى الآن، وقد أقبل عليه الطلبة من كل مكان من القصيم وغيره ونفع الله بعلمه فمن أشهر تلامذته:
- الشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد رئيس القضاة سابقًا.
- الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع مدير المعارف سابقًا، ثم وكيل وزارة المعارف، ثم مفتي قطر في زمنه.
- الشيخ محمد المقبل العلي آل مقبل قاضي البكيرية.
- الشيخ عبد الله الرشيد الفرج.
- الشيخ عبد الرحمن بن غيث.
- الشيخ عبد الله العودة السعوي.
- الشيخ محمد بن عبد الله بن حسين قاضي بريدة وعنيزة.
- الشيخ سليمان بن عبد الله المشعلي.
- ابنه الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فدا وهو الذي خلفه على الإمامة في مسجده.
- ابنه الثاني الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن فدا.
- الشيخ عبد الرحمن بن عبيد بن عبد المحسن آل عبيد.
- والشيخ عبد المحسن بن عبيد بن عبد المحسن آل عبيد.
- الشيخ سليمان الناصر السعوي إمام جامع المريدسية.
- الشيخ عبد العزيز العودة السعودي أحد هيئة النظر في وقته.
- الشيخ سليمان العبد الله بن حميد.
- الشيخ عثمان بن حمد بن مضيان.
- الشيخ عبد الله أبا الخيل.
وغير هؤلاء كثير.
ورعه وزهده:
كان رحمه الله يضرب به المثل في الزهد والورع والتقوى والعفة، والبعد عن الناس، فكان مقتصرًا على العلم والتعليم والعبادة، وفي أول حياته كان له دكان يجلس فيه بعض الوقت، فإذا باع بما يكفي لقوته ذلك اليوم قفل الدكان، وكان يقصد بذلك التكفف والتعفف عن الناس والبعد عن المشتبهات، وكان يحدد للسلعة ثمنًا بربح بسيط، وذات مرة قام لحاجة فباع أحد أصدقائه له سلعة بزيادة عما حدد في السعر فرد الزيادة على المشتري، وقال لصديقه إذا جلست عندي فلا تبع بزيادة عما أحدد من السعر.
وكان لا يزور الملوك والأمراء، ولكنهم كانوا يزورنه غير أنهم إذا
زاروه اقتصرت الزيارة على السلام عليه وهو في المكان الذي هو فيه إن كان يقرا أو يصلي فلا يهتم بزيارتهم، ولا يعمل من الحفاوة ما يعمله الآخرون، بل إذا فرغ مما هو عليه وصافح الزائر منهم، أقبل على نصحه ووعظه حتى يبكيه، ثم يخرج الزائر سواء أكان ملكًا أم أميرًا وهكذا دأبه.
ومن ورعه أنه كان يأمر بتفقد الجماعة للصلاة وخاصة صلاة الفجر، وهو ما يسمى بالعدد، وذات يوم تفقد المؤذن الجماعة ونادي على شخص باسمه، فصادف أن المؤذن ينادي باسم الرجل وهو يدخل إلى المسجد ففهم الشيخ أنه لم يدرك الصلاة، فقال له: ما حملك أن تكلمت وأنت تمشي ولم تدرك الصلاة؟ وكان الرجل عاميًا لكنه تشجع وأجاب الشيخ فقال: يا شيخ الله أرحم منكم أنا ما أدركت الصلاة، وتكلمت خوفًا منكم وعلى جنابة، وسأعود للبيت لأغتسل وأصلي صلاتي لله" فأمر الشيخ المؤذن بعدم العدد مدة حياته بعد هذه الحادثة.
ومرة أخرى وجد غريبًا في المسجد يكاد يموت من شدة البرد فأخذه إلى منزله وأدفأه وأطعمه، ولكنه سأله أين تريد؟ فقال الغريب إنني جئت من بلد كذا أقصد زيارة الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد، فعرف الشيخ سوء معتقد الرجل وقال له: يا بني أذهب إلى القادر وأترك عبد القادر، ثم إنه ندم على سؤاله وكأنه يحب أن يتم إحسانه لذلك الغريب، غير أنه لما عرف سوء عقيدته، ونصحه فلم يقبل لم يستمر في البذل له، وقال: لن أسأل الغريب عن وجهته بعد هذه المرة.
واشترى له أحد أصدقائه كيسًا من البر فقال له صاحبه: وجدنا برًا طيبًا وكيالًا طيبًا فردد الشيخ وكيالًا طيبًا؟ ! وذلك يقول: نعم، فقال الشيخ: أعد البر على صاحبه أنا لا أريد الكيال الطيب، فما كان من صاحب البر إلا أن حضر بنفسه لإقناع الشيخ بأنه راض ومسامح فقال الشيخ: لا أريده إلا أن تأخذ زيادة في الثمن عن هذا الكيل الطيب.
وكان رحمه الله يحب العزلة عن القيل والقال والغيبة، فقد حصل في بريدة فتنة فتحاشا القرب منها وذهب إلى عنيزة وبقي فيها إلى أن تكشفت تلك الفتنة.
ومرة أخرى حصل ما لا يرضيه فرغب البعد عن الناس، وذهب إلى قرية المريدسية من ضواحي بريدة واتخذ له حجرة في مسجدها وجلس هناك حتى زالت الفتنة.
وله كرامات عجيبة وأمور غريبة.
حدثني الشيخ علي المحمد المطلق رحمه الله أنه لما توفي الشيخ عبد الله بن فدا وصلي عليه في الجامع الكبير ببريدة صادف أحد الأهالي يحمل معه لحمًا لضيوف عنده، ولم يعلم بوفاة الشيخ فلما عرف أن الشيخ عبد الله بن فدا المتوفى، لحق بجنازته إلى المقبرة واللحمة معه، وصلى عليه في المقبرة ولما دفن عاد الرجل إلى منزله فقال لامرأته: إنني قد تأخرت باللحمة فأكثري عليها الحطب، فما كان من المرأة إلا أن فعلت ذلك، وأوقدت عليها نارًا قوية وحضر الضيوف للعشاء، وظنت المرأة أن قد نضجت اللحمة وعجب الرجل وأخذ اللحمة على هيئتها للضيوف معتذرًا منهم لئلا يظنوه قد قصر بواجبهم، ثم إنه ذهب للشيخ عبد الله بن محمد بن سليم قاضي بريدة بزمنه وشرح له القصة، ولما أخبر الشيخ بالحقيقة قال له الشيخ بشرك الله بالخير.
إنني أرجو الله تعالى أنه قد حرم على الشيخ النار، وحرمها على من خرج مع جنازته، وأن ذلك قد شمل لحمتك، هذه التي أوقد عليها طويلًا فلم تتأثر بذلك.
وفاته:
توفي رحمه الله عام 1337 هـ وحزن الناس لوفاته حزنًا شديدًا وحضر للصلاة عليه الخاص والعام وأهل القرى المجاورة والضواحي ودفن في المقبرة