الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصية غصن الناصر:
وصلتنا وصية لغص الناصر السالم كتبها عبد الله بن محمد العويصي وهو كاتب معروف نقلنا في هذا الكتاب عددًا من كتاباته، وخطه ليس بذاك، وكذلك إملاؤه، ولكنه فيما يظهر ثقة، وأن الناس كانوا يقصدونه لغرض أن يكتب لهم.
والمؤسف في كتابته لوصية غصن الناصر هذه أنه لم يؤرخها، فلا نعرف ما إذا كانت قبيل وفاته أم كانت قبل ذلك، إذ عادة بعض الموصين أن يغيروا في وصاياهم فيعتمدوا الأخيرة.
ويدلنا على أنها قديمة أنه ذكر أن الوكيل هو الصالح من عياله، وقال: والآن الوكيل بعد عبد المحسن بن سيف ما يدل على أن أبناءه كانوا صغارًا عندما أملى وصيته تلك.
وربما دل على ما قلناه من صغر أبنائه أنني عرفت له اثنين منهم هما عبد الله وإبراهيم، وكل واحد منهما عرفته رجلًا قويا مكتملا ثم عرفته في شيخوخته.
ووصية غصن الناصر تنبغي كتابتها بحروف الطباعة ونقل صورتها لأن بعض القراء من الجيل الجديد لا تسهل عليه قراءة الخط والإملاء الذين كتبت بهما.
"الحمد لله
هذا ما أوصى به غصن بن ناصر السالم في حال صحة من عقله وبدنه وبعدما شهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور أوصى في سديس الذي جاه من ملك علي الناصر في أعمال البر له ولوالديه ومن غدا من عياله، وأوصى لأمه في شقروين في ملكه المسمى (فيد الحمزه) معروفات
قابضتهن تجدهن، والمخازن اللي بالمجلس فيهن نصف صاع ودك يعطى جامع بريدة ليلة سبع وعشرين من رمضان وہ مخرجهن قبل الوصية، والمكتومية اللي على بركة حمزة المسماه هدبا القبلية لابوه في ضحية دوام، وما فذ من الضحية تجمع لبوه بحجة، وعمارتها ربعها بارد من النوائب، والشقرا اللي تحت زرنوق القليب شمال عنه، لبنته منيرة في ضحية دوام والشقرا اللي بالجنوب طلوعة ما للعمارة منها شي وهي لإخوته صالح ومحمد وعبد الله رحمهم الله في ضحية دوام والوكيل على ذلك بعد الوكيل الصالح من عياله، وذلك الوصايا بعد موته، والوكيل اليوم عبد المحسن بن سيف، وبعده مبارك السالم، وبعده صالح السليمان السالم، وبعده علي الخراز شهد على ذلك كاتبه عبد الله بن محمد العويصي وصلى الله على محمد وآله. انتهى.
وهذه صورتها:
وفي هذه الوصية نواقص كثيرة بعضها من الكاتب بدون شك مثل الغلطات الإملائية وسقوط بعض الحروف، وبعضها من الموصي مع أن بعض الموصين يوصون بالمعنى أي يطلبون من الكاتب أن يصوغ ما يريدونه أن يقوله فيصوغها بعبارته.
وقولها: أوصى في سديس الذي جاه من ملك علي الناصر في أعمال البر فهذا فيه إبهام وغموض بالنسبة لنا ولمن جاء قبلنا فما هو ذلك الذي جاءه بمعنى أنه صار له من ملك أخيه علي الناصر، وأخوه علي الناصر هو الثري الوجيه الذي كان يملك أملاكا كثيرة، ومات قتيلا في عام 1265 هـ فهل المقصود نخل أم دور أو مال نقدي؟
المعروف أنهم يعبرون بكلمة (مُلْك) عن النخل خاصة وإذا كان المراد النخل خاصة، ففي أي مكان كان؟ وعلى أية صفة؟ وما هو مقدار ما جاءه من ذلك الملك؟ حتى يعرف ما أوصى به من سديسه الذي هو سدسه بمعنى واحد من ستة منه.
وقولها: له ولوالديه ومن (غدا) من عياله.
المراد بها من كان مات من عياله، فغدى معناها: مات، وهذا لفظ عامي لا يزال مستعملًا، إذ يعبرون بلفظ (غدا) عن لفظ (مات) بالنسبة للأطفال والصبيان ولا يقولون ذلك في موت من مات من الرجال الكبار إلَّا نادرًا.
وقولها: في ملكه المسمى (فيد الحمزة) وفيد هنا معناه: نصيب، والمراد بها ملك الحمزة أي حائط النخل الذي درج عليه من (آل حمزة) ولا نعرف أحدًا من الأسر في بريدة وما حولها اسمها (الحمزة) إلَّا أسرة واحدة هي التي ذكرناها في حرف الحاء، والظاهر أنهم منهم.
وذكر شيئًا غامضًا بالنسبة إلى الشقراوين وهما تثنية (شقراء) والمراد بها النخلة المسماة الشقراء، وذكرت الوصية أنهما معروفتان وأن أمه كانت تجدَّهن أي تأخذ ثمرتهن من التمر، ولا ندري أذلك كان في حياتها أم إنها كانت موجودة عند كتابة وصية غصن هذه، والظاهر أن الأول هو الصحيح.
ثم ذكر المخازن التي في المجلس، والمخازن هي الدكاكين (جمع مخزن) وهو الدكان، وقد أوضح أنهن بالمجلس، والمجلس هو سوق البيع والشراء، ومفهوم المكتوب هنا أنها دكاكين له كان قد أوقفهن على أعمال البر قبل ذلك.
ولم يوضح أمر تلك الدكاكين مع أنها يظهر أنهن ثمينات فهن دكاكين في سوق البيع والشراء في بريدة ولم يذكر عددها، وإنما نص هنا على ما يظهر أنه لم ينص عليه في وقفية تلك الدكاكين وهو أن فيهن نصف صاع ودك يعطي مؤذن جامع بريدة ليلة سبع وعشرين رمضان.
ولا أدري لم خصص ذلك بليلة سبع وعشرين رمضان الذي تعتقد العامة أنها ليلة القدر.
ثم كتب كاتب الوصية ما يفهم منه أن عدد الدكاكين المذكورة خمسة ولكن بالأرقام (5) وليس ذلك من عادة الكتبة عندهم، وقد يفهم منه أن (5) هو هاء وأراد هو مخرجهن قبل الوصية أي قد أخرجهن من ماله مخرج الوقف أو الوصية قبل ذلك.
وكل هذا سببه غموض التعبير.
وذكر في وصيته أن المكتومية التي على بركة حمزة لأبيه ضحية دوام، أي يباع ما يحصل منها من تمر ويشترى به أضحية دائمة، وقال: وما فذ من الضحية تجمع لأبيه بحجة، و (فذ) هنا معناها: بقي، يريد ما زاد عن ثمن الأضحية من غلة هذه المكتومية وهي النخلة من المكتومي يجمع ويكون في حجة لوالده.
ثم قال: وعمارتها ربعها بارد عن النوائب، والعمارة كما سبق أن أوضحت هي نصيب الفلاح الذي يفلح النخل ويقوم على إصلاحه، وقوله: ربعها بارد عن النوائب، هذا بمثابة الشرط الذي كان يشترطه أرباب الوصايا والأوقاف بأن تكون هذه النخلة وأمثالها لها معاملة خاصة وفق ما ذكر، ولو كانت غيرها من النخل له معاملة أخرى، والنوائب: سبق أن ذكرت أنها مثل الضرائب التي يفرضها الحكام والمقدار من التمر الذي يرى أهل البلد أو القرية أنه لازم لصيانة نخلهم مثل مكافحة الدبا أو مثل أجرة العامل الذي يقوم على النخل يصلحه في مقابل أجرة من تمر أو نحوه.
ومن الغموض أيضًا ما ذكره عن الشقراء التي تحت زرنوق القليب شمالًا عَنَهْ أي عنها لبنته منيرة، وذكر أن الشقراء المذكورة (طلوعة) ما للعمارة منها شيء، أي إنها كلها وقف لا يأخذ الفلاح الذي يقوم على ملك النخل من ثمرتها شيئًا، وهذا هو معنى الطلوعة.
وقد يتساءل متسائل من القراء الكرام الذين لا يعرفون مثل هذه الأمور وعن إمكانية قبول الفلاح لكون مثل تلك النخلة (طلوعة) ليس للفلاح من ثمرتها شيء، الجواب: أنه يأخذ ذلك من بقية النخل، فإذا كان حائط النخل فيه خمسمائة نخلة في المعدل يأخذ الفلاح من ثمرتها ثلثيها في المتوسط، فإنه لا يكون لديه مانع أن يترك نخلة واحدة مشروطا عليه أن لا يأخذ من ثمرها شيئًا.