المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في السنن الرواتب وغيرها - منحة السلوك في شرح تحفة الملوك

[بدر الدين العيني]

الفصل: ‌فصل في السنن الرواتب وغيرها

‌فصل في السنن الرواتب وغيرها

لما فرغ عن بيان الفرائض شرع في بيان السنن، والرواتب جمع راتبة، والسنة الراتبة: هي السنة المؤكدة، وقوله:(وغيرها) أي وفي بيان غير السنن الرواتب أيضاً، وهي السنن غير المؤكدة.

قوله: (وهي) أي السنن الرواتب (ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء) فهذه اثنتي عشرة ركعة. لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر أربعاً وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وقبل الفجر ركعتين" رواه أبو داود ومسلم وابن حنبل.

قوله: (وأربع قبل العصر) وهذا غير مؤكد، لعدم المواظبة عليه، ولهذا جعلها في الأصل حسناً.

قوله: (أو ركعتان) أي قبل العصر، يعني يخير المصلي بين الركعتين والأربع قبل العصر، لاختلاف الآثار، والأربع أفضل.

قوله: (وأربع قبل العشاء) وهذه أيضاً غير مؤكدة لما قلنا، ولهذا كان مستحباً.

ص: 144

قوله: (وبعدها أربع أو ركعتان) أي بعد العشاء أربع ركعات أو ركعتان، خلاف الركعتين اللتين هما مؤكدتان، وقيل: الأربع قول أبي حنيفة، والركعتان: قولهما، بناءً على اختلافهم في نوافل الليل.

قوله: (وأربع قبل الجمعة) لما روي عن أبي أيوب: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الزوال أربع ركعات، فقلت: ما هذه الصلاة التي تداوم عليها؟ فقال: "هذه ساعة تفتح أبواب السماء فيها فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح"، فقلت: أفي كلهن قراءة؟ فقال: "نعم"، فقلت: ابتسليمة واحدة أم بتسليمتين؟ فقال: "بتسليمة واحدة" رواه الطحاوي وأبو داود والترمذي وابن ماجة، من غير فصل بين الجمعة والظهر، فتكون سنة كل واحد منهما أربعاً.

قوله: (وأربع بعدها) أي بعد الجمعة لما روي عن ابي هريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال: "من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً" رواه مسلم.

قوله: (والسنة لا تقضي إلا سنة الفجر إذا فاتت مع الفجر) لأن الأصل في السنن أن لا تقضى، لأن القضاء تسليم مثل الواجب فيختص به، إلا أن النص ورد في قضاء

ص: 145

سنة الفجر تبعاً للفرض، فبقي ما وراءه على الأصل.

وأما إذا فاتت بغير الفجر هل تقضى؟ فعندهما: لا تقضى، وعند محمد: تقضى بعد طلوع الشمس إلى الزوال.

قوله: (وسنة الظهر أيضاً يقضيها في وقته) يعني إذا فاتت الأربع التي قبل الظهر بسبب شروعه مع الإمام، يقضيها في وقته عند الجمهور، وقيل: لا يقضيها، والأول أصح.

ثم قال أبو يوسف: يصلي الأربع أولاً ثم الركعتين، وقال محمد: بعكسه، وذكر الصدر الشهيد الاختلاف على العكس.

مسألة: ترك سنن الصلوات الخمس: إن لم يرها حقاً: كفر، وإلا أثم.

قوله: (والتطوع بالنهار: ركعتان) بتسليمة (أو أربع) لورود الأثر كذلك (وفي الليل: ركعتان، أو أربع، أو ست، أو ثمان).

قوله: (وتكره الزيادة على ذلك فيهما) أي على الأربع في النهار، وعلى الثمان في الليل.

قوله: (والأربع أفضل فيهما) أي التنفل بأربع ركعات: أفضل في الليل والنهار جميعاً. هذا عند أبي حنيفة، وعندهما: الأفضل هو الأربع بالنهار، والركعتان بالليل.

ص: 146

وعند الشافعي: الأفضل مثنى مثنى فيهما لقوله عليه السلام: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى".

ولهما قوله عليه السلام: "صلاة الليل مثنى" ولأبي حنيفة ما روت عائشة رضي الله عنها: "كان صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل أربع ركعات لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً لا تسأل عن حسنهن وطولهن" رواه مسلم والبخاري.

قوله: (والأفضل في السنن والنوافل: المنزل) لما روى زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة" رواه أبو داود.

ص: 147

قوله: (ويتطوع قاعداً بغير عذر) لأن باب النفل أوسع، ثم قيل: يقعد متربعاً، والصحيح أن يقعد كما في التشهد، لأنه عهد مشروعاً في الصلاة.

قوله: (إلا سنة الفجر) لأنها في قوة الواجب، فلا تجوز قاعداً إلا من عذر.

قوله: (ولو شرع قاعداً) أي لو شرع في التطوع قاعداً (وأتمه قائماً أو بالعكس) وهو أن يشرع قائماً وأتمه قاعداً: صح، فالأولى: اتفاقية، والثانية: فيها خلاف، فعند أبي حنيفة: يجوز ويكره كما في الابتداء، وعندهما: لا يجوز إلا عند العذر، اعتباراً للشروع بالنذر.

قوله: (ولو شرع راكباً) أي ولو شرع في التطوع وهو على الدابة (ثم نزل: بنى على صلاته) لأن إحرامه انعقد مجوزاً للركوع والسجود على معنى أنه بالخيار، إن شاء نزل وأتمه بركوع، وإن شاء أتمه على الدابة.

قوله: (وفي عكسه استقبل) وهو ما إذا شرع في التطوع وصلى ركعة وهو على الأرض، ثم ركب: لا يبني بل يستقبل، لأن إحرامه انعقد موجباً للركوع والسجود، فلا يقدر على ترك ما لزمه من غير عذر.

قوله: (ويكره التطوع بجماعة إلا التراويح) لورود الأثر في التراويح دون غيرها من النوافل.

قوله: (ومن تطوع بصلاة أو صوم لزمه إتمامه) لأنه وجب عليه بالشروع، حتى يلزم عليه القضاء إن أفسده.

وقال الشافعي: لا يجب بالشروع، فلا يقضى عند الإفساد.

ص: 148