المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل هذا الفصل في أحكام المرتدين قوله: (ومن ارتد عرض عليه الإسلام) - منحة السلوك في شرح تحفة الملوك

[بدر الدين العيني]

الفصل: ‌ ‌فصل هذا الفصل في أحكام المرتدين قوله: (ومن ارتد عرض عليه الإسلام)

‌فصل

هذا الفصل في أحكام المرتدين

قوله: (ومن ارتد عرض عليه الإسلام) والعرض مروي عن عمر رضي الله عنه، وهو: مستحب وليس بواجب، لأن الدعوة قد بلغته، غير أنه يحتمل أنه اعتراه شبهة، فيعرض عليه ليزاح ويعود للإسلام، لأن عوده مرجو.

قوله: (وحبس ثلاثة أيام استحباباً، وقيل وجوباً) وهو قول الشافعي، لأن ارتداده يكون عن شبهة ظاهراً، فلا بد من مدة يمكنه أن يتأمل فيها، فقدرت بالثلاث، لأنها مدة ضربت لأولي الأعذار.

قوله: (فإن لم يسلم: قتل) لقوله عليه السلام: "من بدل دينه فاقتلوه" رواه أحمد والبخاري وغيرهما.

قوله: (فإن قتله رجل مسلم قبل عرض الإسلام عليه: كره) لأن فيه تفويت الغرض المستحب، وقال صاحب الهداية: معنى الكراهة هنا ترك المستحب.

قوله: (ولا شيء) يعني لا يجب شيء (على القاتل) لأنه مباح الدم بالحديث.

قوله: (والمرتدة لا تقتل، بل تحبس حتى تسلم) لأن المبيح للقتل: كفر المحارب، وقال الشافعي: تقتل، ولو قتلها: لا شيء عليه للشبهة.

ص: 357

قوله: (وكذا الصبي المميز) أي وكذا لا يقتل الصبي المميز إذا ارتد، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف وزفر والشافعي: ارتداده ليس بارتداد.

قوله: (ويزول ملك المرتد عن أمواله زوالاً موقوفاً) هذا عند أبي حنيفة، وعندهما: لا يزول، لأن تأثير الردة يظهر في إباحة دمه لا في زوال ملكه، وله: أن الملك يكون بالعصمة، وقد زالت بالردة، غير أنه يدعى إلى الإسلام بالإجبار عليه، ويرجى عوده إليه، فلم يتم سبب الزوال، فيتوقف.

قوله: (فإن أسلم) تفصيل لما قبله، أي فإن أسلم المرتد (عاد ملكه، وإن مات على الردة أو قتل عليها: فكسب إسلامه: لورثة المسلمين، وكسب ردته: فيء) أي غنيمة، وعندهما: كلاهما لورثة المسلمين، وعند الشافعي: كلاهما فيء.

قوله: (ويعتق مدبروه وأمهات أولاده) لأن هذه أحكام معلقة تتنجز بالموت.

قوله: (والمرتدة كسبها لورثتها) إذ لا حراب منها، فلم يتحقق سبب الفيء، (ويرثها زوجها المسلم إن ارتدت وهي مريضة) لقصدها إبطال حقه بعد تعلق حقه بمالها فصارت فارة، وإن كانت صحيحة: لا يرثها زوجها، لأن ردتها ليست سبباً لهلاكها، لأنها لا تقتل، فلم يتعلق حقه بمالها.

قوله: (وإلحاقه بدار الحرب مع الحكم به) أي باللحاق: كالموت، لأنه باللحاق: صار من أهل الحرب، وهم أموات، ولكن لا يستقر إلحاقه إلا بحكم الحاكم، لاحتمال أنه يعود إلينا، وفيه خلاف الشافعي، وفائدة كون إلحاقه بالموت: أن يصير مثل

ص: 358

الميت، حتى تحل ديونه، ويعتق مدبروه، ومكاتبوه، وأمهات أولاده، لما مر.

قوله: (وتصرفات المرتد أقسام: نافذ) أي الأول: تصرف نافذ (كالطلاق، والاستيلاد، وقبول الهبة، وإسقاط الشفعة) لأنها لا تستدعي الولاية، حتى تصح هذه التصرفات من العبد أيضاً، وكذلك الحجر على عبده المأذون.

قوله: (وباطل) أي القسم الثاني: تصرف باطل (كالنكاح والذبح) لأنه يعتمد الملة، ولا ملة له، وكذلك الإرث.

قوله: (وموقوف) أي القسم الثالث: تصرف موقوف (كالمفاوضة، والبيع، والشراء، والرهن، والإجارة، والهبة، والإعتاق، والتدبير) ومعنى كونه موقوفاً: أنه إن أسلم: نفذ تصرفه، وإن هلك: بطل. أما مفاوضته: فهي موقوفة اتفاقاً، وكذلك تصرفه على ولده الصغير، ومال ولده، لأنها تعتمد المساواة، ولا مساواة بين المسلم والمرتد ما لم يسلم، وأما غيرها فكونها موقوفة: مذهب أبي حنيفة، وعندهما: نافذة، عاد إلى الإسلام أو لم يعد.

قوله: (ولا تصح ردة مجنون) لأن إقراره لا يدل على اعتقاده فلا يعتبر، وكذا الصبي والسكران اللذان لا يعقلان.

قوله: (ويصح إسلام الصبي المميز) خلافاً لزفر والشافعي، ولنا: أنه عليه السلام "صحح إيمان علي رضي الله عنه وقد كان آمن صبياً"، وافتخاره بذلك معروف، وذكر أبو جعفر: أنه أسلم وهو ابن خمس سنين.

ص: 359

وذكر القتبي: أن عمره كان سبع سنين، وعن عروة أنه قال:"أسلم علي وعمره ثمان سنين" أخرجه البخاري.

مسألة

الساحر يقتل ولا يستتاب، ولا يقبل قوله: إني أترك السحر وأتوب منه، إذا شهد شهود أنه الآن ساحر أو أقر بذلك.

وقيل: إن اعتقد أنه خالق لما يفعل، ثم تاب عن ذلك وقال: الله خالق كل شيء، وتبرأ عما اعتقد: تقبل توبته ولا يقتل.

والمرأة الساحرة تقتل أيضاً، لأن عمر رضي الله عنه "كتب إلى نوابه: أن اقتلوا الساحر والساحرة" رواه أحمد وأبو داود والبخاري.

وعن جندب أنه عليه السلام قال: "حد الساحر ضربه بالسيف" رواه الدارقطني.

والزنديق: يقتل أيضاً ولا تقبل توبته، وهو بكسر الزاي: كالقرامطة والمانوية ونحوهما.

ص: 360