المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌فصل في الوتر

‌فصل في الوتر

المناسبة بين الفصلين: من حيث أن كلاً من التراويح والوتر ثابت بالسنة، ومن حيث أن كلاً منهما مشروع بالجماعة في رمضان.

قوله: (وهو) أي الوتر (واجب) عند أبي حنيفة علماً، وفرض عملاً، وسنة سبباً، وعندهما: سنة، لأن الزيادة على الخمس زيادة على النص بالرأي.

وله: قوله عليه السلام: "الوتر حق على كل مسلم" رواه أبو داود، وقال الحاكم: هو على شرطي البخاري ومسلم.

وقوله عليه السلام: "اجعلوا آخر صلاتكم وتراً" اتفقا عليه في الصحيحين.

والأمر وكلمة (على، وحق) للوجوب.

وفائدة هذا الخلاف في مسألتين: الأولى: إذا تذكر في صلاة الوتر فريضة فائتة: فسدت صلاة الوتر عنده، خلافاً لهما، والثانية: إذا صلى العشاء بغير طهارة وهو لا يعلم، أو حاملاً للنجاسة، أو غير متوجه إلى القبلة، وصلى الوتر مستجمعاً لشرائط الصحة، ثم تذكر بعد أداء الوتر أن العشاء غير صحيحة، ثم أعاد العشاء، لا يلزمه إعادة الوتر عنده، خلافاً لهما.

قوله: (ثلاث ركعات) أي الوتر ثلاث ركعات متصلة عندنا، وعند الشافعي في قول: ركعة واحدة، وفي قول: ثلاث بقعدة، وفي قول: ثلاث بتسليمتين، وفي قول: كمذهبنا، لكن من غير قنوت في جميع السنة إلا في النصف الأخير من رمضان.

ص: 152

قوله: (يقنت في الثالثة) أي في الركعة الثالثة (سراً قبل الركوع) كل السنة، وعند الشافعي: القنوت بعد الركوع فيما يقنت، لأنه صلى الله عليه وسلم:"قنت في الفجر بعد الركوع"، ولنا: أنه عليه السلام "قنت شهراً يدعو على قوم من العرب ثم تركه" رواه البخاري ومسلم.

وقوله: (سراً) أي إخفاء، لأنه دعاء، وخير الدعاء ما خفي. وقيل: الإمام يجهل، والأول أصح.

قوله: (ولا يقنت في الفجر) خلافاً للشافعي، وقد مر.

قوله: (وإن قنت إمامه فيه) صورته: حنفي اقتدى بشافعي يقنت في الفجر، يسكت الحنفي ولا يتابعه في القنوت، وإذا لم يتابعه: قيل: يقف ساكتاً ليتابعه في الباقي، وقيل: يقعد تحقيقاً للمخالفة. والأول أصح. وقال أبو يوسف: يتابعه لأنه مجتهد فيه، وقد التزم متابعته، ولهما: أنه منسوخ.

ثم اقتداء الحنفي بالشافعي هل يجوز؟ قال شمس الأئمة الحلواني: لا يجوز إذا كان يعلم أنه لا يرى الوضوء من الحجامة، والوتر ثلاثاً بتسليمة واحدة. وقال ركن الإسلام علي السغدي: ما لم يستيقن بالمفسد: يصلي خلفه.

ص: 153

وهكذا أجاب شيخ الإسلام الأوزجندي.

وسئل شيخ الإسلام: عن الصلاة خلف من يشك في إيمانه؟ قال: هذا من ضعف الفهم والرأي. وقال ركن الإسلام: من شك في إيمانه لا يكون مؤمناً. وقيل: إن قال: أنا مؤمن إن شاء الله: لا يصح الاقتداء به، وإن قال: أموت مؤمناً إن شاء الله: يصح الاقتداء به.

قوله: (ولو فات يقضى) وهذا بالإجماع. والأصل في ذلك: أن الوتر دائر بين الوجوب والسنة، فبالنظر إلى جانب لوجوب: يقضى فواته، ولا يجوز قاعداً من غير عذر ولا راكباً.

وبالنظر إلى جانب السنة: لا يكفر جاحده، ولا أذان له ولا إقامة، ولا وقت له غير وقت العشاء.

قوله: (وليس فيه) أي في الوتر (دعاء معين) كذا ذكره في المحيط. فعلى هذا يجوز له أن يدعو بما شاء من الأدعية المأثورة. وعمل كافة الناس اليوم على قراءة "اللهم إنا نستعينك" إلى آخره، ومن لا يعرف القنوت يقول: يا رب ثلاث مرات، ثم يركع، كذا ذكر في فتاوى سمرقند.

وفي شرح الطحاوي يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

ص: 154

قوله: (وفي جامع الأصول عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في وتره: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك") قلت: هذا الحديث أورده أبو داود والنسائي.

ص: 155