الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الكراهية
الكراهية بتخفيف الياء: مصدر: كالطواعية، وهي ضد الإرادة والرضا.
قوله: (كل مكروه في كتاب الكراهية: فهو حرام عند محمد) نص محمد رحمه الله: أن كل مكروه حرام، وإنما لم يطلق لفظ الحرام: لأنه لم يجد فيه نصاً قاطعاً، وعندهما: هو إلى الحرام أقرب.
قوله: (فلهذا) أي فلكون كل مكروه حراماً عند محمد (عبرنا عن أكثر المكروهات بالحرام).
قوله: (ويحرم الأكل والشرب والادهان والتطيب في آنية الذهب والفضة) لقوله عليه السلام: "لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة" رواه البخاري ومسلم وأحمد.
وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي عليه السلام قال في الذي يشرب في إناء فضة: "كأنما يجرجر في بطنه نار جهنم" رواه أحمد وابن ماجة.
فإذا ثبت في الشرب والأكل: ثبت في التطيب ونحوه، لأنه مثله في الاستعمال.
ومعنى يجرجر: يردد، من جرجر العجل: إذا ردد صوته في حنجرته.
قوله: (للرجال والنساء) لإطلاق ما روينا.
قوله: (وكذا يحرم كل استعمال: كالأكل بملعقة الفضة، والاكتحال بميلها) أي بميل الفضة (واتخاذ المكحلة، والمرآة، والأدوات من الفضة) وما أشبه ذلك من الاستعمال.
قوله: (وتحل آنية الزجاج والبلور والعقيق والنحاس والرصاص ونحوها) مثل الصفر وغيره.
وقال الشافعي: يكره جميع ذلك، لوقوع التفاخر بها.
قلنا: لا نسلم، ولئن سلمنا: فهي ليست في معنى الذهب والفضة، فلا يلحق بهما.
قوله: (ويحل الشرب في الإناء المفضض) بالضاد المعجمتين (والمضبب) بالضاد المعجمة، والباءين المنقوطتين من تحت بنقطة واحدة: بمعنى المشعب بالفضة.
قوله: (بشرط اتقاء موضع الفضة في الكل) بأن يتقي موضعها بالفم في الإناء، وقيل: بالفم واليد في الأخذ، وفي غير الإناء يتقي موضع الجلوس.
قوله: (وكذا اللجام) يعني وكذا يحل اللجام (المفضض، والركاب المفضض، والثغر المفضض) بشرط أن يتقي موضع الفضة عند الإمساك، ووضع الرجل، وكذا في نصل السيف، أو السكين، أو قبضتهما، بشرط أن لا يضع يده على موضعها، وكذا حلقة المرآة، وكذا الثوب إذا كان فيه كتابة بذهب أو فضة، وهذا كله عند أبي حنيفة.
وقال أبو يوسف: يكره ذلك كله، ومحمد مضطرب.
قوله: (وهذا) أي هذا الحكم (مع التفصيل والخلاف فيما يخلص منه شيء عند الإذابة، فأما التمويه الذي لا يخلص منه شيء: فمباح مطلقاً) يعني سواء اتقى موضع الفضة أو لا، لأنه مستهلك، فلا عبرة ببقائه لوناً.
قوله: (كالعلم في الثوب) فإنه مباح مطلقاً بالإجماع، وكذلك مسمار الذهب في فص الخاتم، وكذا العمامة المعلمة بالذهب.
قوله: (ويحل تذهيب السقف) لأنه ليس باستعمال، ولكنه إسراف وتزيين، فتركه أولى.
قوله: (والسيف) أي يحل تذهيب السيف أيضاً، وهذا عند أبي حنيفة، وكرهه أبو يوسف، لما فيه من زي العجم، والتشبه بهم حرام.
قوله: (ومن دعي إلى ضيافة فوجد ثمة لعباً أو غناءً) يعني بعد حضوره وجد لعباً أو غناء (يقعد ويأكل ولا يترك ولا يخرج) لأن إجابة الدعوة سنة، قال عليه السلام:"من لم يجب الدعوة فقد عصا أبا القاسم"، فلا يتركها لما اقترنت البدعة بغيره، كصلاة الجنازة لا يتركها لأجل النائحة.
قوله: (ومنع إن قدر) لأجل إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن لم يقدر: يصبر.
قوله: (وإن كان قدوة) أي وإن كان المجيب ممن يقتدى به: كالقاضي والمفتي ونحوهما (بمنع) لأنه يقدر على المنع (ويقعد، فإن عجز عن المنع: يخرج ولا يقعد) لأن في ذلك شين الدين، وفتح باب المعصية على المسلمين.
قوله: (وإن كان ذلك على المائدة) أي وإن كان اللعب والغنى على المائدة، أو كانوا يشربون الخمر (خرج وإن لم يكن قدوة) لقوله تعالى:{فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68].
قوله: (وإن علم قبل الحضور) يعني: وإن علم قبل أن يحضر أن هناك غناء أو لعب أو شرب خمر (لا يحضر في الوجوه كلها) يعني سواء قدر على المنع أو لم يقدر، وسواء كان قدوة أو غير قدوة، لأنه حينئذ لا يلزمه إجابة الدعوة.
وقال علي رضي الله عنه: "صنعت طعاماً فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فرأى في البيت تصاويرن فرجع" رواه ابن ماجة.
ودلت المسألة على أن الملاهي كلها حرام.
واختلفوا في المغنى المجرد، قيل: حرام مطلقاً، والاستماع إليه معصية، ولو سمع بغتة: فلا إثم عليه، وقيل: لا بأس بأن يغنى ليستفيد به فهم القوافي والفصاحة، وقيل: يجوز لدفع الوحشة إذا كان وحده، ولا يكون على سبيل اللهو، وإليه مال السرخسي.
ولو كان في الشعر حكم أو عبر أو فقه: لا يكره، ولو كان فيه ذكر امرأة غير معينة، وكذا لو كانت معينة وهي ميتة، وإن كانت حية: يكره.
قوله: (ويحرم شرب لبن الأتن) لأن اللبن يتولد من اللحم، فصار مثله.
قوله: (وأبوال الإبل) أي يحرم شرب أبوال الإبل (لأجل التداوي) وهذا عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف: يباح للتداوي، وعند محمد: يباح مطلقاً. وقد مر في كتاب الطهارة.
قوله: (وأكل) أي يحرم أكل (لحم الإبل والبقر الجلالة) لأنها تتغير، وكذا يحرم شرب لبنها، لأن لبنها يتولد من لحمه.
وفي المنتقى: الناقة والبقرة إنما تكون جلالة: إذا تغيرت ونتنت، فوجدت منها رائحة منتنة.
قوله: (بخلاف الدجاج المخلاة) يعني لا يحرم أكل الدجاجة المخلاة، لأنها لا تتغير.
قوله: (فإن حبست) أي الإبل الجلالة والبقر الجلالة إن حبست (في مكان طاهر وعلفت: حلت) وكان أبو حنيفة لا يوقت بحبسها. ويقول: تحبس حتى تطيب ويذهب نتنها، وهو قولهما. كذا في التتمة.
وقيل: يقدر في الإبل: بأربعين يوماً، وفي البقر: بعشرين يوماً، وفي الشاة: بعشرة أيام، وفي الدجاجة: بثلاثة ايام.
قوله: (ولو رضع جدي لبن الخنزير: فهو كالجلالة) لتغيره: فيحرم، إلا إذا حبس وعلف عشرة أيام.
قوله: (والحطب الموجود في الماء: حلال) أي إن لم يكن له قيمة، لأن إلقاء مثل هذا يدل على إباحته، فيحل الانتفاع به، حتى إذا كانت له قيمة: لا يحل.
قوله: (والثمر الساقط تحت الشجر: لا يحل في المصر) لأنه لم يخرج من ملك صاحبه، سواء كان مما يتسارع إليه الفساد أو لا.
قوله: (وأما خارج المصر) أي وأما الثمر الساقط تحت الشجر في خارج المصر (فإن كان مما يبقى كالجوز واللوز ونحوهما: لا يحل) لانعدام الإذن في أخذه (وإن كان مما لا يبقى: كالمشمش والخوخ: حل) لعدم النهي فيه عادة، حتى إذا نهى عنه صاحبه: لا يحل.
قوله: (ويحل الثمر الموجود في الماء الجاري وإن كثر) لأنه يعدم بجريان الماء، فأخذه أولى من تركه، بخلاف ما إذا كان في الماء الواقف.
وقوله: (ولو وقع ما نثر من السكر والدراهم في حجر رجل، فأخذه غيره: حل) لأنه مباح، والمباح لمن سبق يده إليه. إلا أن يكون الأول قد تهيأ له، أو ضمه إلى نفسه، لأنه بذلك يملكه، فيحرم لغيره أن يأخذه.
ثم النهبة هل هي جائزة؟
فعن محمد: أنها جائزة إذا كان أذن فيها صاحبها، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم: نحر يوم النحر خمسة أبعرة، وقال:"من شاء فليقطع".
قوله: (وكذا لو وضع طشتاً على سطحه فاجتمع فيه ماء المطر، إن وضعه لذلك) أي لاجتماع ماء المطر (فهو له) ولا يجوز لغيره أن يأخذه (وإن لم يضعه لذلك: فهو لمن أخذه) لأنه مباح.
قوله: (ويحرم أكل التراب والطين) لورود النهي فيه، ولأنه يورث الاصفرار ووجع المثانة.
وقيل: لم يكن فرعون قط إلا وهو آكل الطين، ثم قيل: أنه يحرم مطلقاً، وقيل: إلا الطين الأرمني والنيسابوري، لأنه يؤكل للدواء، ويميل إليه الطبع، وفيه نظر: لأن العلة إذا كان أكله للتداوي: فالجميع كذلك عند الحاجة، وإن كان ميلان الطبع إليه: فمن الطبائع طبيعة تميل الجميع.
قوله: (ويحل خضاب اليد والرجل للنساء، ما لم يكن فيه تماثيل) أي صور، لأن ذلك من أجل الزينة، فيجوز لهن بشرط أن يمتنعن عن المحرم.
قوله: (ويحرم للرجال) أي يحرم خضاب اليد والرجل للرجل (والصبيان مطلقاً) يعني سواء كانت فيه تماثيل أو لم تكن، لأنهم ممنوعون عن مثل هذه الزينة، إلا لأجل التداوي.
قوله: (ولا بأس بخضاب الرأس واللحية بالحناء والوسمة للرجال والنساء) لقوله عليه السلام: "إن احسن ما غيرتم به الشبب: الحنا والكتم" رواه ابن ماجة.
والوسمة بفتح الواو وسكون السين المهملة: ورق النيل.
والكتم بفتح الكاف والتاء ثالث الحروف: نبات يخلط مع الوسمة للخضاب.