الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
هذا الفصل في بيان ما يعمل
مع أهل الذمة وبيان مصارف الجزية ونحوها
قوله: (ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام) لقوله عليه السلام: "لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة" أي لا يخصى إخصاء، ولا تحدث كنيسة في موضع لم يكن فيه، وبيت النار كالكنيسة، والبيعة: لليهود، والكنيسة: للنصارى.
قوله: (ويعاد ما انهدم كما كان) لأنه جرى التواتر من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا: بترك الكنائس في أمصار المسلمين، ولا يقوم البناء دائماً، فكان دليلاً على جواز الإعادة.
قوله: (ولا ينقل) أي لا تنقل البيعة أو الكنيسة (من مكان إلى مكان) لأنه إحداث في ذلك الموضع في الحقيقة.
قوله: (ويميز أهل الذمة عن المسلمين في زيهم ومراكبهم وسروجهم وقلانسهم) إظهاراً للصغار عليهم، فلا يلبسون ما يختص بأهل العلم والزهد والشرف، ولا يلبسون طيالسة المسلمين، ولا أردية مثل أرديتهم.
قوله: (ولا يركبون الخيل) لأنهم ليسوا من أهل الجهاد، وإن ركبوا لضرورة من سفر أو مرض: نزلوا في مجامع المسلمين، ولذلك لا يحملون السلاح.
قوله: (ويجعل على أبوابهم علامة) حتى لا يقف عليها سائل، كيلا يدعو بمثل المغفرة والرحمة.
قوله: (ويميز نسائهم عن نسائنا في الطرق والحمامات: بعلامة) لأن في تركها ذلاً لنساء المسلمين.
قوله: (ويؤمر الذمي بشد الزنار من الصوف الغليظ) لأن في ذلك إهانة لهم.
قوله: (دون إبريسم) أي يمنع من شد الزنار من الإبريسم، لأنه لا إهانة في ذلك، ولا يمنع من الكستح: وهو الخيط الغليظ.
قوله: (ومنع من لباس يختص به أهل العلم والزهد والشرف) كالصوف، والفرجية، والعمامة المدورة، والعذبة، والدراعة، والطيالسة ونحوها.
قوله: (ولا يبدأ بالسلام) أي ولا يبدأ الذمي بالسلام، لأن فيه إكراماً له.
قوله: (ولا بأس برد سلامه) يعني إذا سلم الذمي على المسلم: لا بأس للمسلم أن يرد سلامه، ولا يزيد على قوله: وعليكم، لقوله عليه السلام:"إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: وعليكم" رواه ابن ماجة.
قوله: (ولو قال في جوابه: والسلام على من اتبع الهدى: جاز) لورود الأثر بذلك.
قوله: (ولو قال للذمي: أطال الله بقائك: لم يجز) لأن فيه التمادي على الكفر (إلا إذا نوى به) أي بهذا الدعاء (إطالة بقائه لأجل أن يسلم، أو لمنفعة الجزية) لأن الدعاء فيهما لا يرجع إلى الذمي.
قوله: (ويضيق عليه الطريق للإهانة، ولا ينتقض عهد الذمة إلا أن يلتحق بدار الحرب) لأنه بذلك صار حرباً علينا، فينتفي المقصود من بقاء العهد، وكذلك إذا غلبوا على موضع وحاربوا.
قوله: (فعند ذلك هم كالمرتدين في حل قتلهم ودفع مالهم لورثتهم) لأنهم التحقوا بالأموات بتباين الدارين.
قوله: (إلا أنهم يسترقون) يعني صيرورتهم كالمرتدين: ليست من جميع الوجوه، لأنهم يسترقون، ولا يجبرون على قبول الذمة، بخلاف المرتدين، حيث لا يسترقون، ويجبرون على الإسلام، لأن كفرهم أغلظ، فأوجب الزيادة في العقوبة.
قوله: (ومال الخراج والجزية وهدايا أهل الحرب تصرف
…
إلى آخره) لأنه مأخوذ بقوة المسلمين، فيصرف إلى مصالحهم.
والثغور: جمع ثغر، والقناطر: جمع قنطرة، والجسور: جمع جسر، والقنطرة تستلزم الجنس من دون عكس، لأنها ما يبنى من الحجر، بخلاف الجسر، فإنه من الحجر والخشب وغير ذلك، والقضاة: جمع قاض، والغزاة: جمع غازي.
اعلم أن ما يجيء إلى بيت المال أنواع أربعة:
أحدها: هذا الذي ذكرناه مع مصرفه.
والثاني: الزكاة والعشر، ومصرفهما: ما ذكره الله تعالى من قوله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] وقد مر.
والثالث: خمس الغنائم والمعدن والركاز، ومصرفه: ما ذكرهم الله في قوله {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41].
والرابع: اللقطات والتركات التي لا وارث لها، وديات مقتول لا ولي له، ومصرفها: الفقراء الذين لا أولياء لهم، يعطون منه نفقتهم وأدويتهم، ويكفن به موتاهم، ويعقل به جنايتهم.
وعلى الإمام أن يتقي الله، ويصرف إلى كل مستحق قدر حاجته من غير زيادة، فإن قصر في ذلك: كان الله عليه حسيباً.
قوله: (مع أولادهم) يعني يصرف إليهم بقدر ما يكفيهم ويكفي أولادهم، لأنهم لو لم يعطوا هكذا: لاحتاجوا إلى الاكتساب، فتتعطل مصالح المسلمين.
قوله: (والعمال) بضم العين: جمع عامل، وهو الذي يقبض الزكوات والعشورات والخراجات والجزى.
قوله: (ومن مات قبل القبض: سقط نصيبه) لأنه صلة، فلا يملك قبل القبض، وعلى هذا قيل: إن الإمام، أو المؤذن، أو المدرس، إذا مات قبل أن يقبض معلومه: ليس لورثته أن يأخذ ذلك.