المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌فصل في البئر

‌فصل في البئر

لما فرغ عن بيان إزالة النجاسة، شرع في بيان مسائل البئر.

قوله: (النجاسة المائعة ينجسها) أي البئر فلا يطهر إلا بنزح جميع ما فيها.

قوله: (والجامدة) مبتدأ، أي النجاسة الجامدة كالبعر والروث والخنثي، وقوله:(قليلها) مبتدأ ثان وقوله: (عفو) خبره، وهذا المبتدأ مع خبره، خبر عن المبتدأ الأول، والقليل: بعرة وبعرتان.

قوله: (لا كثيرها) أي لا يعفى كثيرها، وهو ما يأخذ ثلث وجه الماء، وقيل: ربعه، وقيل: ما يغطي وجه الماء كله، وقيل: ما لا يخلو كل دلو عن بعرة، والصحيح أن الكثير ما يستكثره الناظر، على ما اختاره المصنف.

قوله: (والرطب واليابس والصحيح والمنكسر سواء) لشمول الضرورة، وبعضهم يفرق ويقول: أن الرطب والمنكسر يفسد، لا اليابس، والصحيح والظاهر ما قاله المصنف، وكذا لا فرق بين آبار الحضر والفلوات في الصحيح.

مسألة: شاة تبعر في المحلب بعرة أو بعرتين: يرمى البعر ويشرب اللبن، وكذا عن علي رضي الله عنه.

قوله: (فإن ماتت فيها) أي في البئر (عصفورة أو فأرة أو نحوهما: يطهر بنزح عشرين دلواً) لما روي عن أنس رضي الله عنه قال: "ينزح في الفأرة عشرون دلواً" ويستحب الزيادة إلى ثلاثين، والفأرتان كفأرة، والثلاثة كالدجاجة.

قوله: (بدلوها) أي بدلو تلك البئر، لأن المعتبر هو الدلو الوسط، وهو المستعمل في الآبار، وقيل: ما يسع صاعاً.

ص: 85

قوله: (بعد إخراج الواقع) لأن النزح لا يفيد ما دام الواقع فيها.

قوله: (وفي الحمامة والدجاجة والهرة ونحوها: أربعون) أي ينزح أربعون دلواً، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه هكذا، ويستحب الزيادة إلى خمسين في الأظهر، وإلى ستين للاحتياط، والهرتان: كالواحدة، والثلاث: كالشاة، وعن أبي يوسف في الهرة: ينزح الكل، وعن أبي حنيفة: الأوز والسخلة والجدي: كالدجاجة، وعنه: كالشاة، وهو الأصح.

قوله: (وفي الآدمي) أي وفي وقوع الآدمي (والشاة ونحوهما: ينزح الكل) أي جميع الماء، لأن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم: أفتيا بنزح ماء البئر كله حين مات الزنجي في بئر زمزم.

قوله: (وإن انتفخ الواقع أو تفسخ: نزح الكل مطلقاً) أي سواء كان الواقع صغيراً كالفأرة، أو كبيراً كالشاة ونحوها، لأنها لا تخلو عن بلة، وتلك البلة نجسة كقطرة من خمر، ولهذا لو وقع ذنب الفأرة: ينزح الكل، لأن موضع القطع منه لا ينفك عن النجاسة.

ص: 86

قوله: (وإن لم يمكن نزح الماء كله لنبع الماء: نزح حتى يغلبهم الماء) هذا رواية عن أبي حنيفة، وعن محمد: ينزح مائتا دلو إلى ثلثمائة، لأن الغالب في الآبار نحو ذلك، والأصح أن يؤخذ بقول رجلين لهما بصارة في أمر الماء، فأي مقدار قالا أنه في البئر: ينزح ذلك القدر، وهو أشبه بالفقه، ولا يطهر ما دام الدلو الأخير في هواها، حتى لم يجز لأحد أن يتوضأ منها إلا بعد انفصالها، وقال محمد: يجوز. والله أعلم.

ص: 87