الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في إزالة النجاسة
لما فرغ عن بيان النجاسة الحكمية، شرع في بيان النجاسة الحقيقية، وإزالة النجاسة: إثبات الطهارة في محلها.
قوله: (النجاسة المرئية تطهر بزوال عينها) أي يطهر المحل الذي أصابته النجاسة، لأن عين النجاسة لا يطهر أبداً، وأراد بالمرئية: التي لها جرم، وبغير المرئية: التي لا جرم لها، سواء كان لها لون أو لم يكن، نص عليه، هكذا في التتمة.
قوله: (بكل مائع طاهر) احترز عن مائع نجس، فإنه لا يزيل النجاسة.
قوله: (مزيل) احترز به عن نحو الدبس والدهن والعسل، فإنه مائع ولكنه غير مزيل. والمائع المزيل: كالخل وماء الورد، وعند محمد وزفر والشافعي: لا يجوز رفع النجاسة بالمائع المزيل.
وأما الماء المستعمل: فيجوز به إزالة النجاسة الحقيقية بالاتفاق.
قوله: (والأثر الذي يشق إزالته: عفو) للحرج والضرورة، سواء كان الأثر من لون أو طعم أو ريح.
قوله: (وغير المرئية) أي النجاسة الغير مرئية (تطهر بالغسل) الذي يغلب به على ظن الغاسل زوالها، لأن غلبة الظن دليل شرعي، وعند الشافعي: المرة كافية.
ثم غلبة الظن تقدر بالثلاث، لأنها تحصل عند هذا العدد غالباً، وقيل: بالسبع، دفعاً للوسوسة، كما في الاستنجاء. ولابد من العصر في كل مرة فيما ينعصر، ويبالغ في المرة الثالثة، حتى لو عصر بعده لا يسيل منه الماء، ويعتبر في كل شخص قوته، وفي رواية غير الأصول: يكتفي بالعصر مرة، وهو أرفق، وعن أبي يوسف: العصر ليس
بشرط. ذكره في المستغني.
وأما حكم ما لا ينعصر بالعصر: فالتثليث بالجفاف، حتى لو موه السكين بماء نجس، يموه بالماء الطاهر ثلاثاً، ويجفف في كل مرة، بأن ينقطع التقاطر، ولا يشترط اليبس فيه، لأن التجفيف يؤثر في استخراج النجاسة كالعصر، وقال محمد: ما لا ينعصر بالعصر إذا تنجس: لا يطهر أبداً.
بساط تنجس: فجعل في نهر، وترك فيه يوماً وليلة، وجرى عليه الماء: طهر، نص عليه في الكافي.
وسئل الفقيه أحمد بن إبراهيم: عن الحصير إذا تنجس قال: إن كان من قصب: فإنه يطهر إذا غسل بماء طاهر بلا خلاف، وإن كان من بردي: فإنه يستنقع في ماء طاهر ثلاث مرات، ويجفف في كل مرة، ويطهر عند أبي يوسف، خلافاً لمحمد.
تور كان فيه خمر، فتطهيره: أن يجعل الماء فيه ثلاث مرات، كل مرة لساعة إن كان التور جديداً، نص عليه في المنتقى، وفيه عن أبي يوسف:"لو طبخت الحنطة بخمر حتى تنتفخ وتنضج، فطبخت بعد ذلك ثلاث مرات، وانتفخت في كل مرة، وجفت بعد كل طبخة: فلا بأس بأكلها، وفيه أيضاً: الدقيق إذا أصابته خمر لم يؤكل، وليس لهذا حيلة".
قوله: (وكل شيء صقيل كالمرآة والسيف والسكين ونحوها: يطهر بالمسح) لأن النجاسة لا تتداخله، وعند الشافعي: يغسل.
قوله: (والمني نجس) وعند الشافعي: طاهر، لأنه أصل الآدمي المكرم، وليس من الكرامة تنجيس أصله، ولنا: قوله عليه السلام: "لا يغسل الثوب إلا من خمس
…
" وعد منها المني، وإيجاب الطهارة لا يكون إلا بخروج النجس.
قوله: (يجب غسله رطباً) أي يجب غسل المني حال كونه رطباً، ويكفي بفركه حال كونه يابساً، لقوله عليه السلام:"يا عائشة إذا رأيت المني رطباً فاغسليه وإ، رأيته يابساً فافركيه".
ولو أصاب المني البدن: لا يطهر إلا بالغسل رطباً أو يابساً، ذكره في الأصل.
قوله (ولو ذهب أكثر النجاسة عن الأرض بالشمس: جازت الصلاة على مكانها) أي مكان النجاسة، كالخمر إذا تخللت.
وقال زفر: لا يجوز، قياساً على التيمم، وبه قال الشافعي.
وفي المنتقى: "أرض أصابها بول أو عذرة، ثم أصابها ماء المطر، إن كان المطر غالباً قد جرى ماؤه عليه: فذلك مطهر له، وإن كان قليلاً لم يجر ماؤه عليه: لم يطهر".
قوله: (دون التيمم منه) أي من مكان النجاسة، وهذا بالاتفاق، وذلك لأن النص شرط التيمم بالصعيد الطيب.
قوله: (وإذا أصاب الخف أو النعل نجاسة لها جرم، فجفت فدلكه بالأرض: يطهر) هذا عند أبي حنيفة، لما روى الطحاوي في شرح الآثار بإسناده إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعله، فإن كان فيهما أذى أو قذر فليمسحهما ثم ليصل فيهما" والمراد بالأذى: النجاسة العينية اليابسة، لأن الرطبة تزداد بالمسح انتشاراً أو تلوثاً.
وعند أبي يوسف: يطهر مطلقاً، لإطلاق الحديث، وعند محمد: لا يطهر إلا بالغسل مطلقاً، قياساً على الثوب، وبه قال زفر والشافعي ومالك.
قوله: (بخلاف المائعة) أي بخلاف النجاسة المائعة إذا أصابت الخف، حيث لا يطهر إلا بالغسل عندهما، وعند أبي يوسف: يطهر بالدلك أيضاً لما مر.
قوله: (والثوب) أي وبخلاف الثوب إذا أصابته نجاسة، فجفت، فدلكه بالأرض: حيث لا يطهر بالاتفاق، ولابد من الغسل، وهو القياس، وأما المني: فقد خص بالنص عن القياس.